هل ما زال الإنسان ذلك المجهول

لقد عرف أغلب المفكرين أن معرفة الذات أو النفس هو الأهم, فعندما كتب المفكرون الإغريق على معبد دلفي أعرف نفسك , كانوا يعرفون أن الأساس الذي تبدأ منه المعارف هو معرفة النفس , وأن هذا ليس بالأمر السهل أبداً, وعندما كان يؤكد سقراط على أن السعي لمعرفة النفس هو الأساس لكافة المعارف وكان يعرف أيضاً أن هذا ليس بالأمر السهل, ولكن لابد منه . ونحن أيضاً ما زلنا نسعى لمعرفة نفسنا فما زال أغلبها مجهولاً.
لقد نشر الكسيس كاريل كتابه" الإنسان ذلك المجهول" في بدايات القرن الماضي, الذي لقي رواجاً كبيراً, والكثيرون اعتبروا أن معرفة الإنسان الحقيقية غير ممكنة أو شبه مستحيلة , والإنسان كائن مختلف عن باقي الكائنات , فهو مختلف عن كافة الموجودات.
ولكن الآن هل ما زال الإنسان مجهولاً ؟
لقد تمت معرفة الكثير عن الوجود , وعن الإنسان , وفي أغلب المجالات , وقد توضحت آلاف الأشياء عنه وفي كافة المجالات, وأصبحت الأشياء المجهولة عنه (أصله – عناصره ومكوناته , وبشكل خاص دماغه و خصائصه ) في تناقص مستمر , ويتم هذا بسرعة كبيرة.
فما تمت معرفته لم يكن أحداً يفكر أو يحلم بتحقيقه , والكثيرون الآن يعتبرون معرفة كافة الأشياء الهامة والأساسية عن الإنسان أمر مفروغ منه , ولا يحتاج إلا إلى وقت وهذا الوقت ليس ببعيد .
فهناك من يعتبر الإنسان مثل كافة الموجودات , وهو لا يختلف عن باقي الكائنات الحية إلا في درجة التكيف والتطور. ويمكن تحقيق الكثير مما يعتبر مستحيلاً , فحتى الموت هناك دعوة للتحكم فيه.
إن أغلب المفكرين ورجال العلم الآن يرجعون النفس ( أو الروح ) إلى الوعي . وأن معرفة الوعي وخصائصه وكيفية نشوئه , هو معرفة النفس , و معرفة الوعي تستلزم معرفة كافة أجزاء الدماغ وعمل كل منها, وهذا صعب جداً ولكنه ممكن .
وهناك من يعتبر أن ذلك غير كاف ولا يمكن معرفة الوعي بالطرق الفيزيائية أو الفزيولوجية .
ويظل أهم شيء لكي نفهم أنفسنا , هوفهم عمل دماغنا .


سوف أتوسع لاحقاً

في اعتقادي لم يعد الإنسان مجهول بالقدر الذي كان عليه في عقد مضى على الأقل و لكن لا يزال الكثير مجهولا.. عندما تم حجزي في مستشفى بسبب مشكلة في المعدة .. مشكلة عادية و تبعها ارتفاع في درجة الحرارة و حمي و زيادة نسبة كرات الدم البيضا إلخ لم يصل الأطباء لحل بل آخر ما وصل إليه الطبيب هو أن يسألني في النهاية سؤال مضحك: إنت شاعر أنك لقطت فيروس؟ فقدت الثقة فيهم عندئذ و علمت متيقنا ان هناك الكثير في أبسط البدائيات لا يزال مجهول.. طبعا تبرير هذا المجهول و المعلوم ليس له شأن بالروح و الأحاديث ذات الصلة. هذا شيء و هذا شيء آخر.

كلما عرفنا عن الانسان شيئا جديدا اكتشفنا بان هناك امورا علينا ان نعرفها . لا اعتقد بان الانسان سيتوقف يوما عن دراسة الانسان و يقف نافثا نفسا طويلا ، مرخيا يديا على جنبيه ، " قائلا : خيييييه ... لقد انتهينا بعد ان عرفنا كل شيء عن الانسان ! "

الانسان هو منتوج حضاري ، يتطور باستمرار فقد كان في بداياته مجرد اتحاد لكم معين من المادة الجزيئية الى ان تحول الى مادة حية و منها الى وحيد خلية و منها الى متعضية ثم حيوان ذي دماغ متميز و اخيرا لا نعرف كيف سيصبح بعد قليل ، و القليل الذي أقصده ليس قليلا في سلم التطور و التغير الطبيعي .

طبعاٌ أن معك أخي awarfie
إن ما عرف عن الإنسان حتى الآن هو طبعاٌ قليل جداٌ, ولكن نحن الآن سائرين في الطريق الصحيح أو الطريق الذي سوف يمكننا من معرفة أهم خصائص الإنسان بشكل عام وخصائص الذات أو الأنا البشرية .
وهذا الذي يهمنا أو هو همنا الأول .
من أنا ؟
الماذا أنا كنت أنا بالذات ؟
كيف وجدت ؟
هل هناك طريقة أو إمكانية تسمح بأن لا يحدث فناء لذاتي ؟
إن القضية الأساسية بالنسبة لأغلب المفكرين والعلماء الآن هي :
معرفة كيفية نشوء الوعي الذاتي ( الذي يسميه الكثيرين النفس أو الروح ) .
وهناك فريقين :
الأول وكانوا الأغلبية وأصبحوا أقلية , يعتبرون أن الوعي الذاتي يستحيل معرفته , ولا يمكن إرجاعه إلى أسس مادية أو فيزيائية .
والفريق الثاني يعتبر الوعي هوما يحدث في ساحة الشعور أو سبورة الوعي . وهو يحدث نتيجة التفاعلات الفزييولوجية الكيميائية والكهرابائية التي تجري في الدماغ .
ويمكن من حيث المبدأ الوصول لمعرفته بالتجريب والاختبار , وهم يحققون نتائج ملموسة , حتى وإن كانوا في بداية الطريق . وعلى الأغلب سوف يصلون إلى نتائج حاسمة في وقت ليس ببعيد .