[quote]
ahmed_salem كتب/كتبت
ولو أن الإسلاميين "تعقلنوا" فحينئذ لن يكونوا إسلاميين ، فالإسلامي الحقيقي يؤمن بأن "
الحكم لله وحده"
المسألة مسألة
مرجعية
الزميل المحترم ahmed_salem قد وضع يده على ثاني لبس لفظي كنت أود طرحه.
ألا و هو إستمرار وجود لفظ ما مع تغير مدلوله تغييرا كليا أو جزئيا و إنقطاع مدلوله الجديد مع القديم.
و الأمثلة على ذلك كثيرة و إن كانت تبدو للوهلة الأولى غامضة.
و كنت قد طرحت الفكرة في موضوع:
هل ماتت الفلسفة ؟؟
و المقصود هنا ليس موت اللفظ (فلسفة) بل تغيير محتواه و إنقطاعه وظيفيا عن دلالاته السابقة.
فبينما عبر اللفظ في السابق عن آداة الغرض منها المعرفة و تحري الحقيقة جامعا في معيته كافة العلوم الصورية و التجريبية (مجرد بداياتها) - إنقطع مدلوله الحالي مع السابق و إنتهت و أصبح ما يمكن أن يكون (نظرة عامة أو موقف عام من الحياة و الواقع - يتخذ العلوم بوجه عام كآداة للمعرفة) - كما إنفصل عنها ما كان يوما بمعيتها و هي العلوم بأنواعها.
و نرجع لموضوعنا (الدين) - و لنتساءل:
هل لو إعتمد المجتمع العلوم كخلفية معرفية - و الحرية و الليبرالية تباعا كخلفية أخلاقية - هل سيظل اللفظ (الدين) يعبر عن نفس المدلولات السابقة له؟ أم أنه سيقترب كثيرا من المدلول الحالي للفلسفة (كنظرة عامة و موقف من الحياة) - و هي نظرة ذاتية بطبيعتها و غير ملزمة و غير يقينية.؟
هل يمكننا أن نطلق على مسيحيي أوروبا - مسيحيين - و نحن نقصد نفس ما كان يقصد به أيام عصور الظلام ؟؟
إن الدين كلفظ ينقطع مع مدلولاته السابقة حال فقدانه عنصري اليقين (الموضوعي أو التبادلي على الأقل) - و إتخاذه مرجعية للمعرفة.
و أعتقد هنا أن وضعه هذا غير المستقر مؤقت و في تلاشي بطئ - حسب إعتقادي بعدم إمكانية إستمرار التناقض المنطقي و العقلي طويلا في الفكر الإنساني و العقول الفردية و الجمعية.
و وصول الدين المسيحي لهذا الوضع الذي هو عليه بالغرب الآن و إنقطاعه عما سبق و عبر عنه سابقا لم يأتي للوجود إنبثاقا - و لا إصلاحا بل بطريقة جدلية.
و يمكننا هنا إستعارة معادلات المنطق الجدلي لهيجل (للتوضيح و ليس للإثبات):
قضية + ضد القضية = مركب القضية.
Thesis + Antithesis = Synthesis
و بمثالنا كانت المسيحية + التيارات الإلحادية المعادية للدين و التي نقضت الدين المسيحي بما لا يمكن نهائيا العودة له كمرجع معرفي أو حتى تاريخي كما تفضل السيد بهجت بالطرح خلال مقدمة هذا الشريط) = الوضع الحالي للمسيحية الآن بالغرب.
و لنعد لموضوع الإسلام - لا يمكن أن يتحول الإسلام للوضع المراد له كي يتكيف مع الليبرالية و يكف عن كونه مرجعية معرفية و تشريعية دون المرور على النقد الصريح و الهادم (عملية الهدم هنا هي بناءة).
لن تستطيع أي ثقافة أن تقرأ الدين قراءة جديدة - سوى مرورا على القراءة النقدية - أي الصدام المباشر - لتكوين إما نظرة جديدة أو قراءة جديدة إن أمكن ذلك - أو إعتماد وسيط آخر للقيام بنفس الوظيفة المطلوبة.