اقتباس:كتب غالى:
إذن، الأديان السماوية كلها جاءت برسالة التسامح والرحمة والأخوة والتعاون والتكافل والودّ والإحسان والعدل والأمانة والتقوى. لكن الناس الذين يتبعون الدين لمآرب شخصية أو الذين يرثونه من آبائهم دون فهم لحقيقته وجوهره هم الذين يشوِّهونه عبر الزمن؛ بحيث يصبح تعاليم شكلية خاوية من الروح لا جوهر لها.
للأسف أن الأديان السماوية لم يكن ولن يكون من بينها يوماً الدين الإسلامى .. ومن الطبيعى أن الإسلام لا يحتوى على التسامح ولا الرحمة ولا الأخوة ولا غيرها ..
فالإسلام دين بشرى أرضى غير سماوى قد أتى به صاحبه بغرض المجد الشخصى من المال والسلاح والسطوة والملك والنفوذ والنساء .. أنكر إلوهية المسيح له المجد وأعطى المجد لذاته على حساب الله وجعل تسبيح الله مشروطاً بتمجيده والإيمان بالله مشروطاً بالإيمان به .
أنكر أن الله قد تجسد وتأنس من أجل عظم محبته لجنس البشر الذى خلقه على صورته ومثاله .. أنكر محبة الله لجنس البشر وإستبدلها بالله الباطش المتكبر الذى لا يقبل من بشر طلباً إلا أن يكون مدموغاً بدمغته الخاصة .
أين صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم وباركوا الذين يلعنوكم من العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم ؟
أين أُمرت أن أقاتل الناس جميعاً حتى يشهدواً أن لا اله الا الله وأن محمد رسول الله .. فإن فعلوا عصموا منى دماءهم وأموالهم من أغمد سيفك يا بطرس لأن من يأخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ .. لقد مات أهل وأصحاب صاحب الدعوة الإسلامية بالسيف .. فكما عاشوا به ماتوا به .. والأدهى والأمر أنه كان سيفاً إسلامياً فى كل الأحوال .. وصاحب الدعوة الإسلامية ذاته مات مقتولاً .. فكما أمر بقتل معارضيه غيلة وغدراً مات أيضاً غدراً بالسم .. وما ربك بظلام للعبيد .
اقتباس:كتب غالى:
فقد ورد في الأناجيل:
"وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضًا" (متى 5: 39).
ولطالما ذكر المسيحيون هذا البيان الصادر عن يسوع، واحتجوا به على أنه كان يعلم ويعظ تعليمًا مضادًا للحرب، ولكنا نجد في أناجيل العهد الجديد فقرات مفادها العكس تمامًا، تقول فقرة منه على سبيل المثال، في إنجيل متّى (10: 34): "لا تظنوا إني جئت لألقي سلامًا على الأرض، ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا".
وفي فقرة أخرى يقول: "فقال لهم: ولكن الآن من له كيس فليأخذه ومِزوَد كذلك، ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفًا" (إنجيل لوقا 22: 36).
فإذا كان المسيح قد جاء للحرب، فلماذا يدعو إلى إدارة الخد الآخر؟ من الواضح أنه ينبغي إما التسليم بوجود تناقض في الإنجيل، أو أن علينا تأويل التناقض على وجه مناسب.
لو قرأت يا سيد غالى تكملة الآيات الكريمة من الإنجيل المقدس ستجد أن السيد المسيح جاء ليلقى سيفاً لا سلاماً لأن الإبن يقوم على أباه والأم على بنتها والكنة على حماتها ويسلم الأخ أخاه لإيمانهم بالمسيح .. أى أن السيف الذى يلقيه المسيح هو سيف الحق الذى يفرق بين العائلة وبعضها البعض .. فمن العائلة من يريد أن يبقى على ضلاله من إنكار المسيح ومن العائلة من يريد أن يذهب الى نور المسيح .. ومن الطبيعى وبخاصة فى المجتمعات الإسلامية أنه إذا غير فرد مسلم فى عائلة مسلمة ديانته الى المسيحية فسيكون مصيره القتل .. ولن يتردد الأخ المسلم أن يسلم أخاه المتنصر الى مباحث أمن الدولة لـ "تتاويه" ويخلص من عاره فى وسط المجتمع الإسلامى المتشنج .
أما عن قوله لهم أن يشتروا سيفاً :
في إرساله لهم أولاً لم يسألهم شيئًا سوى التخلي عن كل شيء حتى الضروريات ليكون هو سرّ شبعهم والمدبّر لحياتهم الخاصة وعملهم الكرازي، أما الآن وقد حان وقت الصليب وجّه أنظارهم للجهاد، لا ليحملوا سيفًا ويحاربوا به كما ظن التلاميذ، وإنما ليحملوا سيف الإيمان الحيّ العامل بالمحبة. لهذا عندما قالوا له أنه يوجد سيفان، قال لهم: يكفي. وقد حسبوه أنه يقصد السيفين الماديين.
اقتباس:كتب غالى:
ولسنا معنيين في هذا المقام بقضية ما إذا كانت إدارة الخد الآخر أمرًا قابلاً للتطبيق على وجه الإطلاق، ولكن ما يعنينا هنا أن نشير ونؤكد أن الدول المسيحية كلها طوال التاريخ لم تتردد في الذهاب إلى الحرب ولم يديروا الخد الآخر. وعندما نال المسيحيون الملك والسُلطة لأول مرة، فإنهم دخلوا الحروب مهاجمين ومدافعين.
إنتشار المسيحية الأول كان بقوة الكلمة .. فلم تكن هناك قوة عسكرية ولا سرايا ولا غزوات ولا جيوش كما فى حال الإسلام .. فنحن أمام حالتان بينتان : إنتشار المسيحية تم بقوة سيف الكلمة وإنتشار الإسلام تم بواسطة قوة سيف الحديد .
الحديد قوة مادية والكلمة قوة روحية .. وهذا هو الفرق بين ديانة السماء الروحانية وديانة الأرض المادية .
أما بعد تمكن المسيحية فى العالم بقوة الروح والكلمة دون سيف الحديد فهل هو يدخل فى مبدأ الدفاع عن النفس أم مبدأ الهجوم للتوسع ونشر الدين ؟
تصرف البشر ليس حجة على المسيحية ولكن المسيحية ونصوصها هى الحجة على البشر .
فكما أن النصوص الإسلامية التى تحض على الإرهاب والعنف وسفك الدماء من أجل نشر الإسلام هى دليل الإدانة على إرهاب ودموية الإسلام فهكذا أيضاً فنصوص التسامح ومحبة الأعداء وفعل الخير للجميع فى الإنجيل المقدس هى دليل سماوية وتسامح المسيحية .
اقتباس:كتب غالى:
أما بالنسبة إلى استخدام اللغة القاسية والشديدة ورد أن المسيح قال لأمه: "يا امرأة". بدل أن يناديها بيا أمّاه، فهل هذا هو الأدب الذي كان يريد أن يتعلمه الجميع. ومقابل ذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: من أحق الناس بحسن صحبتي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أمك. ثم كرر السائل سؤاله ثلاث مرات، والرسول يقول له: أمك، ثم قال في الرابعة: ثم أبوك".
المسيح هو إبن العذراء مريم بالجسد .. وهو أيضاً خالقها لأنه الله .. فعندما يقول الخالق لخليقته : يا إمرأة فى موقف ما فمن هو الإنسان الذى يعترض على الخالق ؟
ولا ننسى أن السيد المسيح عند موته على الصليب تناسى آلامه وعذاباته وأوصى يوحنا بأمه قائلاً : يا يوحنا هوذا أمك ..
أما عن محمد فلم تأخذه رحمة لا بإمرأة ولا بأم .. فهو الذى قسم أم قرفة المرأة العجوز والجدة والأم الى نصفين بواسطة ربطها بالجمال .. وهو الذى أمر بقتل إحدى النساء فقُتلت وهى ترضع صغيرها ولم تأخذه شفقة لا بأم ولا برضيع ... فكفى تجميلاً للواقع القبيح . وشتان بين الأقوال والأفعال .
اقتباس:كتب غالى:
وحين طلب المعاندون من المسيح عليه السلام أن يأتي بآية لتكون علامة على صدقه، قال لهم: "جيل شرير يطلب المعجزة، فلا يعطى إلا معجزة يونان النبي". فما مبرر هذه الغِلظة في الردّ على هؤلاء غير المؤمنين.
لم تكن ينقص هؤلاء الأفاعى آية .. فالآيات التى فعلها السيد المسيح كانت علنية وبالآلاف من شفاء المرضى والبرص والعمى والصم والبكم والمفلوجين وإشباع الجموع من خمسة أرغفة وإقامة الموتى وإنشاء عين من التراب من العدم وإخراج الأرواح النجسة .. ولكن هؤلاء الأفاعى لم يكونوا يريدون آية ليؤمنوا ولكن لكى "يجربوه" .. فالمسيح له المجد ليس لاعباً فى سيرك لكى يأتى إليه بعض الأوباش الأشرار طالبين منه آية فيفعلها لهم .
عفواً .. فالمسيح له المجد هو الخالق .. ومن لا يعرف فليعرف .
اقتباس:كتب غالى:
ولا يبدو أن الإنسان الذي اصطفاه الله وأرسله لهداية الضالين يمكن أن يصف أولئك الذين أرسله الله إليهم بأنهم كلاب وخنازير، وليس لهم من جريرة أو ذنب سوى أن نور الإيمان لم يشعّ في قلوبهم بعد. وإنه لمن المستحيل على النبي أن يقول إن آيات الله يجب ألا تُقدّم للكافرين خوفا من أن يدوسوها بأقدامهم.
هناك من الناس قسمان .. قسم مستبيح مستهزئ فاجر لا يقدس شيئاً ولا يقدر مقدساً .. فهذا الكلب الخنزير نحن كمسيحيين يقول لنا المسيح لا تعرضوا عليه درركم الإيمانية لئلا يستهزئ بها ويدوسها ويلتفت ويمزقكم أنتم .
أما القسم الآخر من البشر من الناس الذين عندهم إستعداد للتفاهم والنقاش والفهم والإحترام فهؤلاء نعرض عليهم حقائق الإيمان .. فمن آمن وإعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن .
اقتباس:كتب غالى:
وعندما نقارن بين المسيح الذي تقدمه لنا الأناجيل وبين الرسول صلى الله عليه وسلم نجد أن هناك اختلافا شاسعا بين الاثنين، فإن أحدهما يكاد يقتل نفسه جهدا وحزنا من أجل أولئك الذين لا يريدون أن يكونوا مؤمنين، والآخر الذي ينصرف عنهم ويقول عنهم إنهم كلاب وخنازير، ويأمر تلاميذه بألا يتلوا عليهم آيات الله تعالى.
إن محمداً كان يقتل من لا يؤمن به ولم يكن يقتل نفسه .
أما المسيح فكان يقول لم آتى لأدين أحداً الآن .. ولكننى سأدين فى اليوم الأخير لأننى الخالق والإله والديان العادل .
هذا هو الفرق بين دعوة البشر الذين يفرضون دعوتهم بالقوة والسلاح والقتل على أخوتهم من البشر ودعوة الله الذى يمطر على الأبرار والأشرار ويشرق بشمسه على الفجار والأطهار ويطيل آناته الى أقصى مدى ولا يفرض دعوته على أحد ..
بل يقف من بعيد قائلاً : إنى واقف على الباب أقرع .. من يفتح أدخل وأتعشى معه .. إنها أثمن هبة أعطاها لنا الله الخالق الوحيد وهى "الإرادة الحرة المستقلة" .. والله الذى أعطاها لنا يحترمها الى أقصى حد .. على عكس البشر ودعواتهم الأرضية الذين يغتالون إرادة البشر ويجعلوهم مثل الأنعام المساقين تحت حدود السيوف .
وهكذا نجد تحت عبارة "لا اله الا الله محمد رسول الله" ... نجد السيف البتار الشهير يختال بنصله اللماع مهدداً كل من ينظر الى تلك العبارة ولا يؤمن بها بقطع رقبته .. إنه إغتيال للإنسان وقيمته المتمثلة فى الإرادة الحرة المستقلة .
اقتباس:كتب غالى:
لقد تقدّمت هذه المرأة إلى المسيح بتواضع عظيم، وسقطت على قدميه حسب عادة قومها، ولم تطلب منه سوى أن يدعو لابنتها بالشفاء. ولكن، من كتبوا هذه الأناجيل، يُصوّرون لنا المسيح بأنه قال: "ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب".
كما قلنا أن المسيح هو علام الغيوب .. وهو يعلم عظمة إيمان هذه المرأة .. فإن لم يقل لها هذه العبارة القاسية لم يكن ليظهر عظم إيمان هذه المرأة وتقول له : الكلاب أيضاً يشتهون الفتات الساقطة من مائدة أسيادهم .. فيطوبها السيد المسيح قائلاً : يا أمرأة عظيم إيمانك .. وهكذا أخذت تلك المرأة شهادة من السيد المسيح له المجد على مر العصور وعلى مر الأجيل بأن "إيمانها عظيم" ..