اقتباس:لذلك، يقبل "نادي الفكر العربي"، جميع ألوان النقد الموضوعي بحق الأنظمة والحكومات والشخصيات العامة، ولكنه يمنع منعاً باتاً استعمال السب والشتم والكلمات القذرة والأوصاف والنعوت النابية التي تؤدي إلى الخروج من حيز النقد الموضوعي البناء إلى حيز الإهانة والتجريح.
وثيقة النادي
لو كنت أعلم أنك تتكلم عن المسألة داخل هذا النادي ، كنت أظن أنك تتكلم عن رأيك في المسألة فقط .
اظن هذا الاقتباس كافي ، من وثيقة النادي التي تحتج بها .
بالنسبة لمحمد الطنطاوي " المنطقي " ، فهو يقول :
اقتباس:وساخة الشئ تتحدد بناءً علي قيمته السلبية او الايجابية لتجمع انساني ما . الانسان ليس جزراً منفصلة لكل منها قيمها الخاصة ، الانسان هو مجتمع يكافح -حرفياً- من اجل البقاء في بيئته ، فمادام مجتمع قد اختار قيماً معينة فعلي جميع افراده الالتزام بها ، فمحمد قيمة كبيرة للمجتمع الانساني الذي ا نتمي انا وانت اليه ، ولكن قيمته ليست اكبر من قيمة حرية الرأي التي هي جزء من منهج متكامل اختاره النادي لانه يري انه افضل لهذا المجتمع.
هذا " الباراغراف" ينطلق من هذه الأسس :
- الانسان ليس جزرا بل هو مجتمع .
- إذا اختار مجتمع "قيمة معينة " ، فعلى الكل الالتزام بها .
- المجتمع الإنساني جعل قيمة : " حرية الرأي " أعظم من قيمة " محمد " .
ومن هذا التسلسل ، أصبح انا "سفسطائي" ومارق على " المجتمع الإنساني " ولا أفهم أي شيء . ما علينا .. لنتسائل بعض الأسئلة ، التي أتمنى أن تقابل بأجوبة .. لا مجرد اطلاق التوصيفات :
من هو المعبر المطلق عن " المجتمع الإنساني " بحيث إذا قال أن " حرية الرأي " أهم من "محمد" يتوجب على الكل "الالتزام" بكلامه ؟
ألا ترى ، عزيزي المنطقي المشائيّ ، أن كلامك هذا يجعل كل من سقراط ومحمد وفولتير وموسى وروسو ولوك وواصل بن عطاء وابن حزم وابن تيمية وسيد قطب وطه حسين ...إلخ هذه القائمة من الشخصيات التي جاءت بقيم جديدة تختلف - إن كليا أو جزئيا- عن قيم المجتمعات التي تنتسب إليها ، مما حدى بهذه المجتمعات لنفيها - كفولتير ومحمد وابن تيمية ولوك - أو قتلها - كسيد قطب وسقراط - أو الاكتفاء بتسفيهها وتحقيرها - كطه حسين وواصل ؛ وكل هذا .. فقط ، لأن تلك الشخصيات جاءت بقيم جديدة . من جديد : ألا ترى أن تلك الشخصيات تعتبر مارقة ومدانة ، لأنها خرجت على قيم " المجتمع " ؟
أخيرا : " السوفسطائيون" هي نزعة فلسفية يونانية. فبعد أن انتقلت اليونان من كونها مجموعة دول صغيرة ، إلى امبراطورية كبيرة على عهد بركليز ، تابع هذا الانتقال : انتقال آخر في النظرة إلى سلم القيم ، وتغيرت النظرة إلى " الفضيلة" . بل تبدل كل شيء ، فالمدن التي كان الانتماء إليها مبني على ارتباط النسب ، واعتبار أن الحكم مقصور على أسرة معينة تتوافر فيها ميزات يرثونها كابرا عن كابر ، تحول كل هذا .. ففي الامبراطورية انقطعت جذور الإنسان ، وتوسع هامش " الفردانية" ، وتغيرت النظرة للقائد ، فأصبح لابد أن ينال هذا المنصب من يستحقه ، ولبحث هذا الاستحقاق لا بد من مجموعة من البشر ان تفكر بهذا ، وهذا ما كانه الفلاسفة " السوفسطائيون " .
هذا من ناحية سياسية ، اما من ناحية فلسفية .. فقد كان البحث الفلسفي قبل السوفسطائين مقتصرا على العالم الخارجي ، واعتبار هذا العالم هو المقياس ، ومالإنسان إلا جزء من هذا العالم . نعم ، كان " اكسينوفان " قد ميز الإنسان ، بعض التمييز ، عن الطبيعة ، لكن السوفسطائيين كانوا هم " النقيضة " - إذا شئنا التحدث بحسب ديالكتيك هيجل - للفلاسفة السابقين عليهم .
السوفسطائيين هم من أنعشوا فن الخاطبة وأثروه ، وهم الذين نفوا كل مطلق مؤسسين بذلك لنسبية مطلقة ! و " السوفسطائية " هم " التنويريون الأوائل " - أسلاف فوليتر والموسوعيين - في نقدهم الشديد اللاذع على المعتقدات الشعبية .
نختم بقولة بروتاجوراس " السوفسطائي " : " الإنسان مقياس لكل شيء" .
كل ما هنالك ، أن هذه النزعات الإنتقالية التي تتربع على منعطف من منعطفات الإنتقال الحضاري لحضارة ما ، أنها تكون ضحية دائما من قبل كلا الطرفين .. فالذين يعتبرون استمرار للمرحلة السابقة يرونهم مجموعة " مارقة " ، أما أصحاب المرحلة الجديدة - كأرسطو وأفلاطون يرونهم مجموعة من المتناقضين المتهافتين . لذلك تحولت " السفسطة " للحضارة الإسلامية كسبه أو انتقاص ، أو خلل في التفكير .
هذه هي قصة " السفسطة " التي تزعجني بها في كل رد ترد علي به .
شكرا لك (f)