http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?...ID=15728&Page=1
أحداث الاسكندرية
محمود سلطان : بتاريخ 15 - 4 - 2006
شاءت الأقدار أن يتزامن حادث الاسكندرية الغامض والملتبس والمؤسف والمثير حقا للحزن ، والذي راح ضحيته مواطن قبطي مسكين ، مع حادث آخر شهدته كنيسة "الأنبا أنطونيوس" بالمحلة الكبرى ، حيث قادت الأخيرة تظاهرة من 350 قبطيا طالبت السلطات المصرية ، تسليم "نيرمين ناشد مسعد أندراوس" ـ 18 سنة ـ وهي فتاة كانت مسيحية وأشهرت اسلامها أمام لجنة الفتوى بالأزهر وغيرت إسمها إلى "جهاد محمد أحمد مسعد" وتزوجت شابا مسلما واطلعت النيابة العامة من محاميها على كل المستندات التي تثبت اسلامها بمحض ارادتها .
ما حدث في كنيسة "الانبا أنطونيوس" في المحلة الكبرى .. يذكرنا بسياسة كسر المسلمين واذلالهم التي اتبعتها الدولة في أزمة وفاء قسطنطين ارضاء للكنيسة حين سلمت سيدة مسلمة للأخيرة أمام عيون وابصار الأغلبية المسلمة غير عابئة بخطورة هذا الصنيع على مشاعر المسلمين ، ولتتعرض بعد ذلك للحبس والاذلال والحرمان من أطفالها بعزلها في دير وادي النطرون بعد حلق شعرها كما قيل في مشهد لم يحدث حتى في أسوأ سجون العالم وحشية وهمجية .
وما حدث في الاسكندرية أول أمس يذكرنا بـ"النتيجة" .... نتيجة سياسات اذلال المسلمين التي يتحمل مسؤوليتها النظام والكنيسة معا .
لقد قرأت أكثر من مرة لصديقنا العزيز والسياسي القبطي اللامع جمال أسعد عبد الملاك ... وهو يحذر البابا شنودة من مغبة اسرافه وامعانه في مطالبه الطائفية التي لم تنقطع ... وحذره من محاولات الكنيسة المستمرة لابتزاز النظام والضغط عليه مستغلين الظروف الدولية الراهنة .. وضعف النظام أمام المجتمع الدولي بسبب ديكتاتوريته من جهة وحرصه على تمرير سيناريو التوريث من جهة أخرى .... لحمله على النزول عند "مطالب طائفية" للكنيسة بغض النظر عما ستخلفه من مشاعر كراهية واستفزاز لايحتمله المسلمون ويعرض حياة الجميع للخطر.
لقد حذر اسعد وغيره من مثقفين اقباط وطنيين ومستنيرين وعقلانيين البابا شنودة من خطورة الرهان على القيادة السياسية المصرية وتجاهله للاغلبية المسلمة .. وكأنه يستخدم النظام كـ"عصى غليظة" لقمع المسلمين واخراس السنتهم وهم يرون التوسع العشوائي والغير منضبط وغير الشرعي للكنائس في كل مكان في مشهد لايحتمله أحد ويفوق قدرة حتى العقلاء من المسلمين على كظم غيظهم .
اعلم أن كلامي هذا قد يثير غضب البعض وخاصة من شركائنا الاقباط .. وأنا لن اجامل احدا ايا كانت مكانته على حساب أمن الوطن ومواطنيه ... فالقبطي القتيل والمسلم القاتل ضحيتان من ضحايا هذا الاستفزاز غير المسؤول الذي تمارسه الكنيسة المصرية في حماية وسكوت وتخاذل مؤسسات الدولة التي من المفترض أن تتدخل لحماية الجميع مسلمين واقباطا من هذا السفه الطائفي .
كيف نستأمن ـ نحن المسلمين والاقباط ـ هذين الطرفين (النظام والكنيسة) ، على أرواحنا وسلامنا وأمننا وهما يعبثان بالورقة الطائفية لقاء مكاسب سياسية رخيصة ؟!... ولعلنا نتذكر كيف شارك الطرفان في اجهاض أول حزب اسلامي مدني "حزب الوسط" بالضغط على سبعة اقباط ، ليطعنوا مؤسسيه في مقتل ... وليبدوا الاقباط أمام المسلمين وكأنهم "لا أمان لهم" .. رغم أن السبعة كانوا من عوام الناس الطيبين وشاركوا في تأسيس الحزب بعفوية وببراءة باعتبارهم مواطنين مصريين وحسب بدون أية اعتبارت طائفية للكنيسة .. أو حسابات سياسية للنظام !
قد يزعم السفهاء ومن يستسهلون توصيف المشاكل أو ممن يدعون الاستنارة والعقلانية زورا وكذبا ومرضا .. أن المشايخ في المساجد .... يتحملون جزءا من هذا الشحن الطائفي .. وإذا كان هذا الكلام صحيحا .. رغم أني اشك في صحته.. فان الدولة تتحمل وزره ومسؤليته وجرمه ... لأنه الآن لا يجرؤ أي مواطن على أن يعتلي منابر المساجد بعد تأميمها إلا إذا حصل على تصريح من الجهات المسؤولة .. منها الاوقاف ومباحث أمن الدولة .
مصر الأن لم يعد فيها جماعات أصولية بعد أن تم ضريها وتفكيكها وتجفيف منابعها وحبس قياداتها بعشرات السنين ... لم يعد فيها إلا من اختارتهم وزارة الاوقاف لالقاء الدروس في المساجد ... وجميعهم ضعفاء على المستوى العلمي والمهني والثقافي ويصدر منهم ما يثير الضحك والتهكم والسخرية ... ولايجرؤ واحد منهم على أن يتطرق إلى ما من شأنه اغضاب السادة في الأوقاف أو في أجهزة الأمن .
لابد أن نعترف بالحقيقة ... الساحة الدينية في مصر باتت خالية من النشطاء الاسلاميين ومن العقلاء وأهل الرشادة من الائمة والعلماء والفقاء بعد أن احتل هذه الساحة أمن النظام ... وبات يحدد هو وحده ما يقال في المساجد وما لايقال . ومن ثم فإن اتهام المسلمين أو المشايخ بالشحن الطائفي هو كلام فارغ .... والكل يعلم من هم اللاعبون الحقيقيون بالنار ... وإذا كان من يتصدون لهذه الظاهرة وطنيين حقيقيين فما عليهم إلا أن يعترفوا بالحقيقة وأن يقولوا لـ"الطائفي" يا "طائفي" في عينه .. أيا كانت منزلته الدينية والسياسية فهل هم قادرون علي ذلك؟ نسأل الله تعالى السلامة لمصر ولشعبها بمسلميه وأقباطه.
---------------------------------------------------
:nocomment: