جقل
عضو متقدم
المشاركات: 678
الانضمام: Oct 2004
|
فاسيلي..
فاسيلي..
أستغرقت مؤسسة الإسكان العسكرية عقد الثمانينات كله تقريبا ,لإنجاز محطة توليد كهرباء حرارية تعمل على الفيول المساق من حقول الجزيرة السورية لإنتاج النفط ,موقع المحطة يبعد 50كيلومتر شؤقي دمشق حيث ترفع أبراج تبريدها عاليا لتخفض من درجة حرارة الماء الذي يحرك توربينات التوليد,لم تكن المؤسسة المذكورة مسئولة عن التأخر و لا الإتحاد السوفيتي المسئول عن التوريد و تقديم خبرات التركيب و كذلك لم تكن وزراة الكهرباء المشغلة للمشروع مسئولة عن أي تأخير و كذلك كان المواطن السوري المستفيد من الكيلو واطات المنتجة برئيا من جرم التأخير ,لم يعرف سبب التأخير لأن أحدا لم يسأل عن السبب,لأن السؤال عن السبب فيه هدر للأمكانات و تشتيت للطاقات.... الى آخر هذه الحركات...
فترة الإنجاز الطويلة لا تناسب الإنتاج الضئيل لهذه المحطة الذي يبلغ 400 ميغا واط و يشكل 7% من أنتاج سورية للكهرباء , و لا يتناسب كذلك مع الأسم المهول الذي أطلق عليها و هو محطة تشرين,بنى المحطة أبناء منطقة وديان الربيع التي استضافت هيكلها الضخم الجاثم على مساحة تقدر ب 50000 مترا مربعا,بما يوازي عشرة ملاعب لكرة القدم,و شاركهم مجموعة من المهندسين و الفنيين الروس عندما كانوا سوفييت ,عمل في مشروع المحطة أناس من هنا و هناك و هنالك كالمفرزة الأمنية و حراس المداخل و اشخاص طوال القامة شديدي الغباء يدخلون غرفهم في الساعة السابعة صباحا و لا يغادرونها قبل الثالثة و النصف.
بعض العاملين كان نشيطا حقا, ومعضمهم كان كسولا جدا يعمل بمطنق القطاع العام , و الحال عينه كان ينطبق على العاملين الروس بعضهم كان يتحرك بنشاط و بعضهم الآخر يتحرك بفتور,و حده فاسيلي الذي كان يدور كمحرك الديزل بلا كلل و لا ملل بوجه نصف مقطب و فم متلاصق الشفتين ,يركض على قدمية من أول المشروع الى آخره ثم يعود مرة أخرى دون أن يتخربط تنفسه المنتظم ,و دون أن يزيد إحمرار وجهه الفائف الإحمرار درجة واحدة, يغطيه العرق بشكل كامل عندما يبذل أي مجهود مهما كان صغيرافاسيلي كان ينتهي من تناول طعامه خلال خمس عشرة دقيقة فيتجشأ بصوت عال و يمسح العرق الذي سقط على وجهه بكمه و ينطلق .
نهار فاسيلي يبدأ في الساعة الخامسة صباحا يتفقد كل شيء رغم أن تفقد الأشياء ليس من ضمن مهامه يركز على معدات السلامة بشكل كبير و يتسلق بنفسه على جدار برج التهوية العالى مستعينا بقضبان الحديد ذات القطر 20 ملمتر و الملوية الى أعلى, ينزل بخفة القط رغم كرشة المتدلي المترجرج,خلال عام واحد تعلم فاسيلي الكثير من المفردات العربية حتى أتقن الكثير منها كان يطلق الشتاثم قائلا "يلعن دين",بدون أن نعرف دين من كان يأكل الضمائر المتصلة كثيرا و يذكر المؤنث و يؤنث المذكر, لكنه كان جيدا في التوريات التي يستخدمها العاملون , فمرة سأل رئيس أحد المجموعات العاملة عن موعد أنتهاء المرحلة ,أجابه رئيس المجموعة "أسبوع أو أسبوعين" فنجر فاسيلي عينية و صرخ في وجهه " من تيز".
حضر الرجل بإحترم من نوع خاص و محبة من نوع خاص كذلك, هو ليس ذلك الودود الباسم , لا ذلك الإجتماعي ذو الحضور المميز , و لكن نشاطه و تفانية الصادق و دقة عمله و سرعة ما ينجزه جعلت أحترامه واجبا,و لكن فاسيلي كان مصرا أن ينتهي بطريقة مضحكة لا تناسب المظهر المقطب الذي يغلف نفسه به.
كان يقف وحيدا على سقالة خشبية على أرتفاع 30 مترا داخل برج التبريد عندما هوى أمام الجميع أعترض طريق سقوطه قضيبا معدنيا قطره 20 ملمتر فدخل في ظهره و خرج من رقبته , أنحنى القضيب المعدني نحو الأسفل تحت ثقل فاسيلي فتابع سقوطه الى الأسفل ليستقر على حامل خشبي أرتفاعة نصف متر و كان وجعة جالسا على عارضة الحامل الخشبية و رجلية متدلية الى الأسفل فبدأ و كأنه يركب حمارا, لم يقع فاسيلي على الأرض ظل على وضعيته التي سقط عليها يديه مجموعتان أمام بطنه و ساقيه متدليتان الى الأرض و ظهره و رأسة محني قليلا الى الأمام و شلال من الدماء يندفع من ظهره و رقبته.
لم يبق من فاسيلي النشيط إلا وضعية راكب الحمار التي مات عليها, وقهقهات طربة تنبعث من كل أرجاء المحطة التي ستنير نصف دمشق.
|
|
04-30-2006, 02:11 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
Arabia Felix
عضو رائد
المشاركات: 2,085
الانضمام: May 2002
|
فاسيلي..
اقتباس: جقل كتب/كتبت
كان يقف وحيدا على سقالة خشبية
بعض الكلمات أحبها.. مثل: الحشى، يشي... و... سقالة...
لا أعرف السبب.. فقط أحبها..
لكن،
فاسيلي كان يحب السقالة أكثر!
:wr:
|
|
04-30-2006, 04:14 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
سيد بابل
عضو متقدم
المشاركات: 539
الانضمام: Feb 2005
|
فاسيلي..
اقتباس: Al gadeer كتب/كتبت
مسكين فاسيلي النشيط
(f)
لا و الله يا صاحبي نحن المساكين على الاقل فاسيلي حظي باحترام كبير على الاقل بيننا لكن من قه قه على طريقة موته نال كل احتقار و بغض و ايضا على الاقل بيننا .
لفاسيلي :97:
بالنسبة لموضوع المهندس الذي اصبح جزءا من القبعة لا اعرف ماذا اقول فهل بقاءه بالفعل داخلها افضل من اكرامه و اخراجه منها ؟؟!!
لكل من يتقن عمله :97::hony:
|
|
04-30-2006, 09:00 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
|