لماذا أساء العرب إدارة أزمة الرسوم الدنماركية؟
قضايا السياسة الدولية ..... د. محمد السيد سعيد
http://www.siyassa.org.eg/asiyassa/Index.a...20.htm&DID=8808
لا شك في أن التصعيد المفاجيء لأزمة الرسوم المسيئة لنبي الإسلام محمد (صلي الله عليه وسلم) في جريدة يولاندز بوستين الدنماركية قد أثار دهشة المراقبين العرب والأجانب علي السواء، فقد انفجرت ردود الفعل العربية والإسلامية ضد الدنمارك والنرويج بعد نحو خمسة أشهر من الواقعة في سبتمبر الماضي. وقد ظلت الرسوم المسيئة محاصرة في جريدة صغيرة معروفة باتجاهاتها اليمينية المتطرفة وعدائها الشديد لسياسات الهجرة الليبرالية التي انتهجتها الحكومات الدنماركية المتتابعة، بينما وقع التصعيد العربي والإسلامي ضد الدنمارك ككل: حكومة وشعبا واقتصادا، فيما يبدو كنوع من المخالفة للمبدأ الاسلامي المعروف، والقائل بالمسئولية الفردية المباشرة علي من ارتكب الجرم، وهو هذه الجريدة الصغيرة نفسها.
ولم تكن المطالب العربية واضحة أو ممكنة تماما، فمن المعروف أن القانون الدنماركي يسمح بمثل هذه الرسوم باسم 'حرية الرأي والتعبير'، بل إن هذه الرسوم يسمح بها في معظم الدول الأوربية والغربية، سواء تمت ضد الرموز الاسلامية أو المسيحية أو أي دين آخر. وكانت السلطات الدينية، بما فيها الكنيسة الكاثوليكية القوية، قد أبدت ضيقها مرارا وتكرارا من المعالجات أو الرسوم والصور التي تراها مهينة لشخصيات أو رموز مسيحية كثيرة. وتؤكد الجريدة، بل وأبرزت بالفعل رسوما مشابهة نشرت فيها من قبل لرموز دينية مسيحية ويهودية.
وبطبيعة الحال، فقد أخطأت الحكومة الدنماركية بالفعل في معالجة الأزمة، وتتحمل جانبا من المسئولية عنها وتصعيدها المفاجيء، فقد رفض رئيس الوزراء الدنماركي طلبا قدم له بمقابلة 11 سفيرا عربيا بنية الاحتجاج علي هذه الرسوم، وكذلك رفض أن يعتذر بوضوح عنها، علي الأقل بمعني غسل يد الحكومة الدنماركية من المسئولية عن مثل تلك الاهانات الفظيعة للدين الاسلامي، بينما اضطر لذلك بعد فوات الأوان. ولكن بالمقابل، فان العرب لم تكن لديهم فكرة واضحة عما يطلبونه من هذه الحكومة، إذ إن بوسع أي شخص يعرف القوانين الأوروبية ذات الصلة أن يدرك أن الحكومة لا تستطيع التدخل في ادارة أو تغطيات الصحف والقنوات الاذاعية والتلفزيونية. وحتي لو شاءت الحكومة أن تقاضي المسئولين عن هذه الرسوم، فان الأمر يتطلب وقتا طويلا، ولا يبدو واعدا بالنظر الي القواعد القانونية التي تزداد تحيزا لصالح حرية الصحافة في الدول الأوربية، خاصة تلك التي تنتمي للمنظومة الأنجلو سكسونية، حيث يسود القانون العرفي أكثر من التشريعات الصادرة عن البرلمانات. ونظرا لغياب الوضوح في المطالب العربية علي الأقل في البداية، بدا أن طلب الاعتذار الرسمي مبالغ فيه الي حد ما، وهو بالقطع كان يضعف المركز السياسي للحكومة الدنماركية ورئيسها أمام مجتمعه وأمام الصحافة، وهو ما يفسر تردد رئيس الوزراء في الأخذ بمشورة وزير خارجيته وقطاع من رجال الأعمال بالاعتذار، ومعالجة هذه الأزمة معالجة حكيمة.
وبدا التصعيد العربي شديدا ومبالغا فيه، اذ قفز مرة واحدة الي الدعوة لمقاطعة الدنمارك اقتصاديا وتجاريا، ومشاركة المستهلكين ورجال الأعمال العرب في هذه المقاطعة. وسريعا ما أحاطت المظاهرات الحاشدة بالسفارة الدنماركية في دمشق وقامت بقذفها بالحجارة، ووقع احراق السفارتين الدنماركية والنرويجية في بيروت، في سياق مظاهرة كبيرة، وهو ما أحرج بشدة السلطات اللبنانية، ودفعها لاتهام سوريا بتحريك عناصر فلسطينية وسورية ولبنانية مناصرة لها، وجرت أعمال تظاهر هائلة في عدد كبير من الجامعات والعواصم العربية والاسلامية، وتم سحب عدد من السفراء العرب من الدنمارك. وقام أكثر من وزير خارجية عربي بالإدلاء بتصريحات متشددة ضد الدنمارك، بعضها يتجاوز الحدود المألوفة للتصريحات الدبلوماسية، حتي في أوقات الأزمات. ورغم محاولات الحكومة الدنماركية تهدئة المشاعر الشعبية والحكومية العربية، سواء بتصريحات 'تتفهم' الغضب العربي ضد هذه الرسوم، أو باعتذار الصحيفة نفسها، ومنح رئيس تحريرها المسئول عن هذه الرسوم إجازة مفتوحة، فقد اسرعت جميع القوي السياسة العربية بتسجيل مواقف متشددة، من خلال مؤتمرات واجتماعات ومظاهرات حاشدة، الأمر الذي ضاعف من قوة الدفع نحو التصعيد، بأبعد كثيرا مما كان يبدو منطقيا بعد مواقف التهدئة الدنماركية.
تثير الدهشة ايضا سلسلة الأخطاء في التقدير والحساب السياسي التي أصابت عددا من الحكومات والقوي السياسية العربية، فاعلان مقاطعة الدنمارك قد يكون ممكنا اذا ظلت الرسوم المسيئة محصورة في نطاق صحيفة أو أكثر في هذه الدولة، ولكن ما إن تبدأ الصحف في عدد من الدول الأوربية إعادة نشر الرسوم أو تلجأ لتحدي المقاطعة بنشر رسوم أو بتغطيات مهينة أخري، فسيصبح من المستحيل علي العرب والمسلمين مقاطعتها جميعا، وهذا هو ما حدث بالفعل. أما الخطأ الأكبر في الحساب، فهو أن التصريحات المسيئة للاسلام أو المهينة للعرب والمسلمين كانت قد بدأت وتواترت في الولايات المتحدة، وبعضها صدر عن شخصيات سياسية قوية وإن غير رسمية. ومع ذلك، لم يحدث أن أعلنت دولة مثل السعودية أو مصر أو اية دولة أخري الدعوة لمقاطعة الولايات المتحدة، بل إن الحكومات العربية كانت تكرر مرارا وتكرارا أن الحساب العملي للمقاطعة يضر بالعرب أكثر مما يضر بغيرهم المستهدفين بها.
ويضاعف من سوء التقدير السياسي لردود الأفعال الحكومية العربية أن هذه الحكومات رفضت، وسوف تتابع هذا الرفض لمقاطعة الولايات المتحدة تجاريا، أو استخدام وتوظيف العقاب الاقتصادي ضدها بمناسبة مواقفها الجائرة والعدوانية ضد مصالح استراتيجية وسياسية عليا للعرب والمسلمين، وعلي رأسها تحيزها المطلق لاسرائيل ووقوفها حجرعثرة أمام تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وكذلك غزوها للعراق واحتلالها لهذا البلد العربي الكبير، وانتهاك القانون الدولي والحقوق الأساسية للانسان، فضلا عن تزيد الولايات المتحدة وتطرفها في استخدام آليات العقاب الاقتصادي ضد الدول العربية، بما فيها سوريا في الوقت الراهن. ومن هذا المنظور، يبدو التصعيد المبالغ فيه ضد الدنمارك بمناسبة أزمة الرسوم نوعا من 'الاستئساد' ضد دولة أوروبية صغيرة، إذ لا يمكن تفسير المفارقة بين التشدد غير المبرر مع الدنمارك والنرويج من ناحية، والتساهل مع الولايات المتحدة من ناحية أخري، حول القضية نفسها: أي اهانة الرموز الدينية الاسلامية، فضلا عن التحيز المطلق لاسرائيل واستهداف العرب بمعاملة خاصة وتمييزية علي جميع محاور العلاقات الدولية.
ولكن كل هذا شيء، وفهم الآثار والدلالات الحقيقية لازمة الرسوم المسيئة شيء آخر.
ولا يمكن في الواقع فهم هذه الآثار والدلالات إلا بوضع أزمة الرسوم ضمن سلسلة الأزمات المشابهة، التي تطرق بشدة سياج العلاقات العربية - الأوروبية، فضلا عن توقيت وظروف هذه الأزمة بالتحديد.
ويلاحظ أن الثقافة هي المجال الرئيسي للأزمة في العلاقات العربية - الأوروبية، فقد تتابعت الأزمات الثقافية أو ذات البعد الثقافي في العلاقات الأوروبية - الإسلامية، والأوروبية - العربية منذ أن أطلق الإمام الخميني في إيران دعوته لاغتيال الكاتب البريطاني من أصول هندية سلمان رشدي بتهمة الردة، وهو ما أثار الرأي العام الأوربي ثورة شديدة. ولكن البداية الحقيقية لتلك السلسلة من الضربات والأزمات تمثلت في التفجيرات الارهابية في محطات القطار في مدريد، والتي سميت 11 سبتمبر الأوروبية أو الإسبانية. ولم يكن سقوط عدد كبير من الضحايا هو العلة الكبري وراء الذعر الذي سببته تلك العمليات في إسبانيا وأوربا ككل، بقدر ما كان حقيقة أن من قاموا بهذه التفجيرات شملوا عناصر عربية ومسلمة عاشت في إسبانيا وأوروبا عموما لفترات مختلفة، إذ بدأت بعض الدوائر الأوروبية تردد مقولة 'الطابور الخامس' لوصف المهاجرين العرب والمسلمين في أوروبا. وسريعا ما جاءت عمليات التفجير في الباصات ومحطات المترو اللندنية، لتضاعف من مخاوف الأوروبيين من الشباب العرب، ربما بصورة أكبر كثيرا مما ارتبط في الذهن الأمريكي بأحداث 11 سبتمبر، حيث إن الكثافة النسبية للمهاجرين والمواطنين من أصول عربية ومسلمة في أمريكا تبدو أقل بكثير منها في بعض البلاد الأوروبية. وبسبب سلسلة من الأعمال والتصريحات العنفوية التي أطلقها شخصيات تنتمي لحركة الاسلام السياسي في بريطانيا وأوروبا عموما، بدأت النظرة الأوروبية للعرب والمسلمين تزداد سوءا وتدهورا. كان ذلك هو السياق الذي دفع فرنسا لإصدار قانونها الذي يحرم الطالبات المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس الفرنسية العامة، كجزء من حظر شامل لما سمته السلطات الفرنسية العلامات والرموز الدينية. وقد اثارت هذه الأزمة بدورها ردود فعل واسعة النطاق في العالمين العربي والاسلامي، وضاعفت من الاحتقان الثقافي بين المنطقتين. وما لبثت عملية اغتيال المخرج الهولندي ثيو فان جوخ علي يد شاب مغربي مسلم، بتهمة إساءة فيلم سينمائي من صنعه للإسلام، أن سكبت مزيدا من الزيت علي الحريق الثقافي الذي كان مشتعلا بالفعل. وأخيرا، انفجرت أزمة الرسوم الدنماركية لتجعل قضية العلاقات الأوروبية - العربية - الإسلامية، والصور المتبادلة بين الطرفين موضوعا يناقش في كل بيت أوروبي وعربي علي الاطلاق.
انطلاقا من هذه السلسلة المتتابعة عن قرب زمني واضح، بزغت نظرية أساسية تري أن الحدث/الأزمة قد أشعل فتيل حرب ثقافية بين العرب/المسلمين من ناحية، والغرب من ناحية أخري.
ومن وجهة النظر الغربية، يجري منطق هذه النظرية كما يلي: إن ثمة تعارضا كاملا بين الثقافة الأوربية التي تتعلق أساسا بمبدأ الحرية، والقيم والمباديء العقلية لثورة التنوير من ناحية، والثقافة العربية - الإسلامية التي تعلي الايمان علي أي مبدأ آخر، بما فيه مبدأ الحرية من ناحية أخري. ويشكك الغربيون في قدرة الثقافة العربية الاسلامية علي اسناد التحول الي الديمقراطية، كما يشككون في امكانية انتقال الدول العربية والاسلامية الي حكم القانون وتأمين الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، وعلي رأسها حرية التعبير.
أما من وجهة النظر العربية - الإسلامية، فثمة انقسامات واضحة، فالرسميون العرب مدعومون من فريق لا بأس به من المفكرين والمثقفين، يميزون بين الحرية المسئولة وتلك غير المسئولة، كما يميزون بين التمتع بالحرية بما فيها حرية الرأي من ناحية والعدوان علي الرموز والمعتقدات الدينية من ناحية أخري. ويؤكد هؤلاء أنه لا توجد مشكلة جوهرية في استيعاب العرب لقيم الديمقراطية والحرية المسئولة، وإن كان الانتقال الديمقراطي يجب أن يعكس الخصوصيات الثقافية للشعوب، كما يؤكد هؤلاء المسئولون أن الانتقال الديموقراطي يجب أن يتم تدريجيا وحسب الظروف الخاصة بكل دولة. أما الصراع الثقافي مع الغرب، فيعود - في رأي هذا الفريق من الساسة والمثقفين الرسميين - إلي جذور عميقة من التعالي والغطرسة الثقافية ونزعة الغرب للتفوق وفرض قيمه وثقافته علي الآخرين، بما ينطوي - صراحة أو ضمنا - علي تحقير قيم وثقافات الآخرين، والنظر إليها علي أنها أقل من حيث القيمة والمكانة، وهو ما يقود الي عدوان دائم علي رموز الحضارة العربية والإسلامية، بما فيها الدين الإسلامي ورموزه الكبري نفسها.
والواقع أن انطلاق نظرية 'صراع الثقافات' أو صدام الحضارات لتفسير الأزمة الحالية حول الرسوم الدنماركية ينطوي علي قدر لا بأس به من الزيف والزيغ. فأولا، لا يقف العرب والمسلمون وحدهم ضد هذه الاساءة العمدية للرموز الدينية، وهذا الموقف لا يفصلهم بحائط نهائي عن الثقافة الغربية، فالكنيسة الكاثوليكية وغيرها من المؤسسات الدينية القائمة في العالم الغربي تشاركهم الموقف نفسه. وبتعبير آخر، فالثقافة الغربية ليست بالضرورة ثقافة إلحادية، وليست بالضرورة معادية للأديان.
والواقع أن فكرة واحدية وقومية الثقافة صارت من الأفكار القديمة، ولا علاقة لها بالواقع. ففي كل مجتمع، تتنازع ثقافات متعددة، وقد تكون متناقضة. ولا شك في أن النزاع بين ثقافة اصولية دينية وأخري ليبرالية وعملية في الولايات المتحدة كان أمرا مشهودا منذ البداية، وليس فقط في السنوات الأخيرة التي انتصرت فيها الأولي سياسيا، كما هو واضح في شخص الرئيس الأمريكي بوش الابن. وبالرغم من أن أوروبا لا تعاني المستوي نفسه من الازدواجية الثقافية علي المستوي القومي، فإنه لا يمكن القول إن أي بلد أوروبي يتمتع بتجانس ثقافي. ويمكننا تأكيد أنه رغم نفور أوروبا من ردود الفعل العربية، فيما يتعلق بقضية الرسوم، فان قطاعا كبيرا منها 'يتفهم' الموقف العربي والاسلامي من حيث المضمون. وفي استطلاع للرأي نشرته جريدة 'لاكروا' الكاثوليكية الفرنسية، أكد نحو 54%، مقابل 38% من ألف شخص تم استطلاع آرائهم، أن الرسوم تمثل استفزازا غير مبرر لمشاعر المسلمين. ويمكننا أن نتصور حجم هذا الموقف لو أن تلك الرسوم تناولت شخصيات أو رموزا دينية مسحية أو يهودية تتمتع بنفس الاحترام الذي يتمتع به النبي محمد (صلعم) بين المسلمين. وعلي الجانب المقابل، فان المثقفين العرب أو قطاعا كبيرا منهم علي الأقل لم ير في رواية حيدر حيدر 'وليمة لأعشاب البحر'، التي أثار ضدها التيار الإسلامي الضجة نفسها في مصر، ما يحتم عقاب المؤلف أو حتي اعتذاره. ويعني ذلك أن هناك قطاعا كبيرا من المسلمين والعرب يتفهم بدرجة أكبر بكثير من المتوسط العام للمجتمع ضرورات حرية الرأي والتعبير ويفسرها تفسيرا واسعا، كما هو الأمر في العالم الغربي، خاصة أن هناك تقاليد قديمة من التسامح، حتي مع أدبيات الملاحدة العرب.
أمام هذه الحقائق، يمكن القول إن المغزي الحقيقي لأزمة الرسوم الدنماركية لا يتعلق بصراع الثقافات بقدر ما يتعلق بمصالح سياسية، ويجب أن نفتش عن هذه المصالح التي قادت الي الأزمة.
يبدو الأمر واضحا تماما، من الناحية الشكلية علي الأقل، علي الجانب الدنماركي والأوروبي، فنحن نشهد معركة سياسية عملاقة في جميع دول غرب وشمال أوروبا حول سياسات الهجرة، ونعرف ان قطاعا كبيرا من المجتمعات الأوربية يرفض السياسات الليبرالية للهجرة، سواء من منطلقات عنصرية، تستغل قضية الهجرة للوصول الي السلطة، والترويج لأيديولوجيات متطرفة، أو من منطلقات ثقافية واقتصادية وقومية، حيث يشعر قطاع متنام من المجتمع بأن الهجرة، خاصة من الدول العربية والاسلامية ومن إفريقيا جنوب الصحراء، تهدد ثقافته القومية، وتؤدي الي مشاكل اجتماعية كبيرة، خاصة تجارة المخدرات والجريمة، فضلا عن تكلفتها الاقتصادية، في رأيه. غير أن هناك جانبا آخر للقضية، هو الجانب السياسي والايديولوجي الدولي. فبينما عارضت أغلبية الشعوب الأوروبية، بما فيها الشعوب الاسكندنافية، السياسات الانفرادية الأمريكية التي تتضمن عسكرة العالم وخرق القانون الدولي، شعر قطاع آخر بأن علي أوروبا أن تحتفظ بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة مهما تكن الظروف. ويعتقد هذا التيار المسمي ب- 'الأطلنطي' أن علي بلاده الأوربية أن تعزز الاستراتيجية الأمريكية القائمة علي الحرب ضد الارهاب، إن لم يكن بسبب النفور المشترك من الأصولية الاسلامية أو حتي من الاسلام نفسه، فبسبب الخوف من فوضي عالمية أو من تآكل وانهيار الغرب ذاته. ولا شك في أن هذا القطاع اليميني ينمو في أوربا في السنوات الأخيرة، وانه علي استعداد لتوظيف أي فرصة للقفز الي السلطة من أجل تطبيق سياسات أشد تقييدا للهجرة، وأكثر ارتباطا بالولايات المتحدة، أو بتحالف الأطلنطي عموما علي حساب التيار الاستقلالي والليبرالي والتقدمي في أوروبا. ومن هنا، فهو يحرص علي الافادة القصوي من المخاوف التي تولدها العمليات الارهابية، بل ويعمد الي استفزاز المسلمين، خاصة من المهاجرين، لتحريك سلسلة من الافعال وردود الأفعال التي تقود في النهاية الي أزمات كبيرة تمنحه فرصة الوصول الي السلطة.
وهذا هو تحديدا ما كانت جريدة 'يولاندز بوستين' ذات الاتجاه اليميني المتشدد في الدنمارك تحاول جاهدة القيام به من خلال الرسوم المسيئة، ولا شك أن في المسلمين والعرب قد وقعوا في الفخ بردود أفعالهم التصعيدية.
أما علي الجانب العربي والإسلامي، فقد توافقت مصالح سياسية لعدة نظم وحكومات عربية علي القيام بردود فعل بهذا القدر من التشدد الذي شهدناه خلال شهري يناير وفبراير من عام 2006 . ففي سوريا، دار بخلد الدولة أن إثارة المشاعر الإسلامية بهذا القدر تعزز الخطاب الذي يقول إن استهداف سوريا بالضغوط الأمريكية والأوروبية لا علاقة له بسياسات الحكم، وإنما بالكراهية الثقافية للعرب والمسلمين. وعن طريق المساهمة في تفجير أزمة ثقافية، يمكن أن يحظي النظام بحشد شعبي مؤيد دون أن يتم أي تقدم علي صعيد القضية الديمقراطية والحريات العامة. ونجد دوافع مشابهة في إيران، حيث تشتعل أزمة الملف النووي مع أوروبا والولايات المتحدة، وقد احتفظ الإيرانيون بهدوئهم أمام أزمة الرسوم حتي تم تحويل الملف النووي بالفعل الي مجلس الأمن بسبب التصويت الأوروبي، ومن مصلحة النظام الأصولي الايراني أن يشعل المشاعر الدينية الإسلامية، وذلك كجزء من التصعيد في الموقف من الغرب عموما، بمناسبة السخونة الكبيرة للملف النووي. أما في المملكة السعودية، فقد مثلت أزمة الرسوم استثناء من السياسات الخارجية المعتدلة عموما تجاه الغرب كله، وهو استثناء تفسره الحاجة لتأكيد الزعامة الاسلامية، خاصة بعد أن وقع تحدي هذه الزعامة في سياق المنازعة مع الاتجاهات الأصولية المتشددة داخل المملكة وخارجها.
ورغم أن هذه المصالح تبدو وكأنها عاجلة ومهمة لأصحابها، فإنها قادت الي التضحية بمصالح قومية أعمق وأكثر أهمية بمراحل.
فالأزمة الدنماركية، باعتبارها حلقة مشتعلة في سلسلة من الأزمات الثقافية، أدت إلي حدوث انقلاب في الموقف السياسي الأوروبي من القضايا العربية، وكان بوسع أي مراقب بسيط أن يلاحظ التحول التدريجي في المواقف الأوروبية من القضايا العربية خلال العامين الأخيرين، إذ بدأت أوروبا تفقد موقفها النقدي من الولايات المتحدة وأداءها التوازني حيال القضايا العربية، فقامت بتمرير الاحتلال الأمريكي للعراق، وذلك بالموافقة علي قرارات مجلس الأمن ذات الصلة كما صاغتها الادارة الأمريكية تقريبا وبدون تنازلات كبيرة، واندفعت فرنسا وراء الولايات المتحدة في سياسات العزل الدبلوماسي والسياسي لسوريا، بعد اغتيال الرئيس الحريري، وهو ما قاد الي صدور القرارات المتشددة حيال سوريا من مجلس الأمن. وفي ألمانيا، وقع انقلاب حقيقي في السياسات الخارجية بعد فوز الحزب الديمقراطي المسيحي، بقيادة السيدة ميركل، نحو اعادة التحالف مع الولايات المتحدة، وبعيدا عن المواقف والسياسات النقدية التي أخذت بها الحكومة الاشتراكية بقيادة شرودر. ولا شك في أن الاتجاه العام للسياسات الأوربية نحو تمتين التحالف عبر الأطلنطي تأثر كثيرا بالصور النمطية عن الثقافة العربية والاسلامية والناتجة عن العمليات الارهابية في عدد من الدول الأوروبية، وعن سلسلة الأزمات التي ألمت بالعلاقات الأوروبية - العربية عموما، ويبدو الموقف من القضية الفلسطينية هو الأكثر حساسية لهذا التحول التدريجي. فبينما كانت أوربا تشهد نموا غير مسبوق في المشاعر المؤيدة للفلسطينيين خلال عقد التسعينيات وخلال الأعوام الأولي من الانتفاضة، بدأ تحول مهم يحدث ويقود أوروبا عموما نحو تبني المواقف والسياسات الأمريكية المجحفة. ويعرف المطلعون علي الرأي العام الأوربي أن الأزمة قادت الي تحولات عميقة اضافية في الموقف الشعبي الأوربي من القضية الفلسطينية، خاصة بعد أن اهتمت وسائل الاعلام الأوربية بنشر واذاعة عملية احتلال مكاتب المفوضية الأوربية في غزة، وانتواء الإضرار بها. ويقول كتاب أوروبيون كبار إنه إذا كان هؤلاء هم 'الشعب الفلسطيني'، فعلينا 'إظهار تفهم أكبر للسياسات الاسرائيلية حيالهم'. وتكاد تشترك معظم المقالات التي غطت الأزمة في الصحافة الأوربية حول لوم الثقافة العربية والإسلامية، وإبداء نوع من اليأس من امكانية الالتقاء حول قيم عامة وكونية مشتركة. لقد ضربت الأزمة - كحلقة من سلسلة الأزمات المتتابعة - قاعدة العلاقات الثقافية أو تحديدا الصور الثقافية عن العرب والأوروبيين نحو بعضهم بعضا، وهو ما يتحتم أن يظهر في المجالات الأخري جميعا، وعلي رأسها المجال السياسي.
كان من واجب الدبلوماسية العربية أن تتوقف طويلا أمام هذه المظاهر والتحولات لتقديم علاج ناجع لها، من أجل انقاذ العلاقات العربية - الأوروبية. فأهمية أوروبا بالنسبة للمصالح العربية تتجاوز بكثير الجانب الاقتصادي والنفعي المباشر، إذ إن أوروبا تمسك في الحقيقة بعصا التوازن في النظام الدولي، بل وتمسك بميزان الشرعية الدولية كلها، وذلك مقابل احتكار الولايات المتحدة للقوة العسكرية، والجانب الأكبر من القرار الاقتصادي الدولي، إذ قادت أوروبا التجديدات الكبري في القانون الدولي، وحكمت فعليا بوابات مجلس الأمن ومنظومة الأمم المتحدة عموما، بما فيها أكثرية منظماتها المتخصصة. وتحدد أوروبا - إلي حد كبير - معني 'الشرعية' في الحلول والتصورات المطروحة لأية قضية دولية أو أي صراع دولي، بما في ذلك الصراعات الكبري في المنطقة العربية وفي منطقة الشرق الأوسط.
وتضاعفت أهمية أوروبا بالنسبة للمصالح العربية والاسلامية بعد فوز حماس بالانتخابات البرلمانية الفلسطينية، إذ كان - ولا يزال - من الواضح أن الولايات المتحدة واسرائيل ستحاولان خنق أية حكومة تقودها حماس اقتصاديا، وهو ما لا تستطيع القيام به دون موقف أوروبي متواطئ معها. وقد كشفت جريدة النيويورك تايمز في 14 فبراير عن خطة أمريكية - إسرائيلية للإطاحة بحكومة تقودها حماس في غضون عام واحد عن طريق العزل والعقاب الاقتصادي. وكان من واجب الدبلوماسية العربية أن تهتم بمخاطبة أوربا من أجل إثنائها عن إعلان التحالف مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالعلاقة مع السلطة الفلسطينية، خاصة في سياق تشكل حكومة تقودها حماس.
وفي هذه اللحظة تحديدا، قامت السياسة والدبلوماسية العربية بالعكس تماما، إذ شجعت - أو ربما خططت - علي تفجير العلاقات مع أوروبا بمناسبة قضية الرسوم الدنماركية، فيما يعد كارثة دبلوماسية كبيرة للعالم العربي في هذا التوقيت بالذات.
فلماذا أساء العرب إدارة أزمة الرسوم الدنماركية الي هذا الحد؟
لقد أشرنا بالفعل الي المصالح قصيرة النظر التي دفعت عدة حكومات عربية لتفضيل التصعيد مع الدنمارك وهو ما قاد الي هذه الكارثة الثقافية والدبلوماسية. غير أن هناك عوامل أخري لا تقل أهمية.
أول هذه العوامل أن ثمة قوي عربية، خاصة علي جانب الحركة السلفية، لا تكف أبدا عن افتعال وتوظيف هذه الأزمات بصورة منهجية، بغض النظر عما اذا كانت اساءات قوي أوروبية أو غربية للإسلام، حقيقية أم مفتعلة. وتحفل صور الاعلام والدعاية المستجدة - خاصة الانترنت وجهاز التليفون المحمول برسائله القصيرة والشخصية والمؤثرة بشدة أكثر من غيرها- بحملات متتالية من التحريض، مرة بالادعاء بأن شركة ما وضعت آيات قرآنية في أسفل نعال نوع معين من الأحذية، ومرة بالادعاء بأن نمطا معينا من الكتابة باللغة الانجليزية يظهر اذا ما قريء باللغة العربية باعتباره سبا في الاسلام أو في اسم الله سبحانه وتعالي! ولا يكاد خيال هذه المجموعات النشيطة من السلفيين ينفد دون أن يحرضوا كل يوم بادعاء إساءة ما للإسلام في أوروبا أو أمريكا أو غيرهما من مناطق وثقافات العالم، ولا يكاد يمر يوم دون افتعال طريقة أو وسيلة أو ذريعة لهذا النوع من التحريض الديني. والقصد من هذه الحملات واضح للغاية، وهو استنفار المشاعر الدينية لكراهية الغرب كله كوسيلة لتأكيد قيادة هذه المجموعات للعالم الإسلامي من خلال تعميق الشعور بالشك، والاستهداف والعزلة في العالم. وقد أدت هذه السلسلة التي لا تتوقف من الحملات غرضها بالفعل الي حد كبير، حيث تعيش الشعوب العربية والاسلامية حالة من التشدد الديني والعزلة الثقافية لم تمر عليها من قبل.
إن هذه القوي نفسها تنتعش انتعاشا هائلا بين المهاجرين العرب والمسلمين في شمال أمريكا وأوروبا علي اتساعها، وبصفة أخص في بريطانيا وفرنسا ودول شمال أوروبا، حيث وجدت قيادات نشيطة للحركات الجهادية والأصولية المتطرفة لنفسها ملجأ بعيدا عن سيطرة الحكومات العربية المتشددة في مواجهتهم. وتستغل هذه القوي حالة الاغتراب الطبيعية والشكاوي المعتادة من التمييز وعدم الاندماج المجتمعي في بلاد الهجرة للعمل بين صفوف المهاجرين العرب والمسلمين، مغذية الشعور بالاستهداف والكراهية ضد المجتمعات الأوروبية التي يعيش فيها هؤلاء المهاجرون. ولا شك في أن أزمة الرسوم الدنماركية قد تحركت أصلا بين قطاع صغير نسبيا من المهاجرين العرب والمسلمين الذين يدعمون الأصوليين المتشددين في هذه الدولة. ومن هذا المنظور، فقد لا تتوقف أبدا عمليات التحريض الديني ضد هذه الدولة الأوربية أو تلك، وهو ما يقود في نهاية المطاف الي سلسلة لا تنتهي من الأزمات الدبلوماسية والثقافية. ولا شك أيضا في أن المهاجرين العرب والمسلمين في هذه الدول سيمثلون الضحية الأولي لهذا الاحتقان الثقافي المستمر في العلاقات الإسلامية - الأوروبية.
ومع ذلك، فإن العامل السياسي هو الأكثر أهمية في تفسير فشل الدبلوماسية العربية في التعامل مع أزمة الرسوم الدنماركية. فالدول العربية الأكبر والأكثر تأثيرا في السياسات العربية تتحيز تلقائيا للتحالف مع الولايات المتحدة علي حساب الفرص الأفضل للمصالح العربية مع أوروبا، وذلك لأسباب تتعلق بالعلاقات العسكرية والاستراتيجية، بالرغم من - أو ربما بسبب - التهديدات الأمريكية ببث عدم الاستقرار في النظم السياسية المعنية. وقد تركت هذه الدول العلاقات مع أوروبا تتراجع، حتي لا يتم النظر الي أوروبا باعتبارها مجالا للتوازن في السياسات الخارجية العربية. والواقع أن العلاقات العربية - الأوروبية بدأت بالفعل في التدهور بصورة واضحة، خاصة خلال العام الماضي، حيث انتهي مؤتمر 'قمة برشلونة' المخصصة لتقييم الأداء بعد عشر سنوات من إعلان برشلونة، دون نتيجة تذكر، ولم يحضره رؤساء عرب كثيرون، واكتفوا بإرسال وزراء خارجيتهم فيما مثل رسالة واضحة بتراجع الاهتمام العربي بفلسفة 'البحر متوسطية'، وإنشاء نوع من الوفاق مع أوروبا، كبعد أساسي أو كاستراتيجية للعلاقات الخارجية العربية.
ولا يستبعد كاتب هذا المقال أن يكون وراء اللجوء الي التصعيد مع أوروبا، وفي المجال الثقافي والديني بالذات، سيناريوهات أو حتي مخططات دقيقة وضعتها أصلا دوائر صهيونية أوروبية أو أمريكية أو إسرائيلية أو جميعها. فقد واجهت هذه الدوائر تحديا كبيرا في الميل المتزايد للأوربيين لتأييد قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه، مقابل التبرم المتزايد من السياسات التي تنتهجها سلطات الاحتلال الاسرائيلية. وقد أظهر استطلاع الرأي العام - الذي باشره معهد تابع للمفوضية الأوربية خلال عام 2003 - هذا النفور المتزايد من جانب الأوروبيين نحو إسرائيل، حيث اعتبرت نسبة كبيرة من الأوروبيين إسرائيل التهديد الرئيسي للسلام العالمي. وبدا هذا التحدي هائلا، وربما تكون هذه الدوائر قد فكرت في أن تفجير العلاقات العربية - الأوروبية يبدأ بالاحتقان الثقافي. إن توظيف المشاعر الاسلامية المتفجرة ضد أوروبا هو أقرب وأقصر طريق لإطلاق تفاعلات سلبية تظهر العرب والفلسطينيين باعتبارهم خصوما أشداء وغير قابلين للتهدئة لأسس الحضارة الغربية، ومن ثم استنفار الأوربيين ضد العرب والمسلمين عموما وضد الفلسطينيين خصوصا. ومن المنطقي أن تكون هذه الدوائر قد فكرت في أن إطلاق هذه التفاعلات السلبية سيؤدي الي زيادة 'تفهم الأوربيين' لمنظومة القمع المروعة وغير المسبوقة في أي نظام احتلالي، والتي يستخدمها نظام الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. أما الكيفية التي نجحت فيها هذه الدوائر في التأثير في الإدارة العربية لأزمات من نمط أزمة الرسوم الدنماركية، فتحتاج الي دراسات متعمقة وتتبع دقيق لهذه الدوائر وخططها الدعائية والسياسية.
وفي يقين كاتب هذا المقال أن أفضل طريق لمعالجة وحصار الدعايات العنصرية ضد العرب والمسلمين في أوروبا هو تجاهلها وترك القوي التقدمية والديمقراطية الأوربية تتولي علاجها أو النضال ضدها من خلال التثقيف. إن الإدارة السليمة لمثل هذه الدعايات هي مساهمة العرب والمسلمين في تعليم الشعوب الأوروبية وتثقيفها بالأسس والمباديء الصحيحة للاسلام والثقافة العربية والإسلامية، وكان يجب في كل الأحوال ألا يظهر العرب وكأنهم أعداء أو خصوم لمباديء حرية الرأي والتعبير في أوروبا أو أي مكان آخر. يعلم العرب والمسلمون أن الإسلام لم يهتز إطلاقا، لأن بعض أبناء الشعوب والحضارات الأخري يكنون له الكراهية، وإنما يهتز أو يكون قابلا للاهتزاز عندما يظهر العرب والمسلمون كأنصار للعنف العشوائي أو الإرهاب الديني الدموي، فضلا عن تخلفهم الاقتصادي والاجتماعي، وشيوع الاستبداد والفساد بينهم. ويلفت النظر، في هذا الإطار، أن أزمة الرسوم الدنماركية قد تزامنت مع انطلاق مذابح متبادلة فيما بين الشيعة والسنة في باكستان وفي العراق، وهو ما يعزز الانطباع الأوروبي بأن الثقافة العربية والإسلامية تقوم علي العنف والتطرف، لا فيما يتعلق بعلاقاتهم مع الآخر فقط، وإنما في علاقاتهم المتبادلة أيضا. أما علي المدي الطويل، فإن الأسلوب الصحيح في الدفاع عن الإسلام والثقافة العربية والإسلامية هو صنع مجتمعات قادرة علي التقدم والنهوض علي أساس من المباديء الديمقراطية وحكم القانون والحريات العامة، وتحقيق انطلاق حقيقي في ميادين العلم والمعرفة وفي ميدان التنظيم الاجتماعي، خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة والأقليات، وتمهيد الطريق أمام الأفراد والجماعات للعيش المشترك في سلام، وأمام حاجتهم للسعادة والتقدم الثقافي والأخلاقي.