{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
أفكار وملاحظات على الوعي البشري
نبيل حاجي نائف غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 620
الانضمام: Mar 2006
مشاركة: #1
أفكار وملاحظات على الوعي البشري
أفكار وملاحظات على الوعي البشري
يعرف الوعي الذاتي بأنه ما يحصل في الدماغ الفرد أثناء صحوه أو أثناء الأحلامه , ويتم الشعور والإحساس به
ويطلق على المنطقة التي يحدث فيها الوعي :
ساحة الشعور أو سبورة الوعي أو الذاكرة العاملة
أو النفس أو الروح أو الأنا الواعية أو الذات المدركة.
وهناك فريق من المفكرين والعلماء يعتقدون أن الوعي لا يمكن إرجاعه إلى أسس مادية ( فيزيائية ) لأن له خصائص غير مادية وغير مرتبطة بالمادة وهناك انقطاع وفرق كبير بين الفيزياء أو المادة من جهة , وبين الوعي أو الروح من جهة أخرى .
وهناك فريق آخر يعتبر أن الوعي لا بد أن يكون أساسه ومنشأه فيزيائي , وإن كان في الوقت الحالي غير ظاهر هذا الأساس الفيزيائي بشكل واضح ودقيق
ولا يوجد في الوقت الحاضر ظواهر أو علاقات فيزيائية واضحة تظهر الاتصال بين الوعي وأسسه الفيزيائية ولكن يمكن في المستقبل القريب اكتشاف هذه العلاقات وتوضيحها .
ورأيهم هذا مبني على أن الوعي يحدث نتيجة عمل أجزاء معينة من الدماغ وبتوقفها عن العمل يتوقف الوعي
ولديهم براهينهم وإثباتاتهم التجريبية المادية( الفيزيائية ) الكثيرة , إن كان من ناحية عمل فزيولوجيا وكيمياء الدماغ أو من ناحية قياس التيارات الكهربائية الدماغية(مقاييس موجات الدماغ الكهربائية).
فالوعي في رأيهم مرتبط بمناطق معينة في الدماغ وهي التشكيل الشبكي واللحاء بشكل أساسي , وبتوقف عمل التشكيل الشبكي يطفأ أو يتوقف الوعي الذاتي , ودليلهم على ذلك أن تلف التشكيل الشبكي يوقف الوعي نهائياً , وتثبيط أو كف عمل التشكيل الشبكي يوقف الوعي طالما الكف موجود( أثناء النوم العميق أو أثناء التخدير ).
وكذلك تلف اللحاء أو بعض مناطقه يؤثر على الوعي .
وعمل التشكيل الشبكي لوحده لا يكفي لتشكل الوعي , فلا بد من مرور التيارات العصبية الآتية من مستقبلات الحواس والذاهبة للحاء و كذلك الآتية من اللحاء , عبره ذهاباً وإياباً .
ويتدخل في تشكيل الوعي أيضاً بنيات أخرى دماغية مثل المهاد وغيره تدخلاً مباشراً أو غير مباشر .
ويجب أن ننتبه إلى أن التشكيل الشبكي ليس مركز الوعي , والوعي لا يحدث فيه فهو المتحكم والمنظم للوعي وليس مصدر الوعي , ولتوضيح ذلك نأخذ الفرضيات والأمثلة التالية:
إذا استطعنا بطريقة من الطرق نقل تشكيل شبكي لإنسان معين إلى إنسان آخر, ماذا يحصل؟
من المفروض أن لا تحصل تغيرات أساسية أو جذرية في وعي كل منهما .
والذي يحدث هو تغيرات في التنظيم و التحكم ببث الوعي ( مع أنها تظل تابعة لأوامر اللحاء وباقي بنيات الدماغ) , أي يظل كل منهما هو ذاته , مع حدوث فروقات طفيفة جداً غير ملاحظة
فالذي يرد من اللحاء وخاصة من المناطق الجبهوية - من العلماء من يعتبر المناطق الجبهوية هي مركز الذاكرة العاملة - ومن النتوء اللوزي وقرن أمون وباقي بنيات الدماغ القديم..., هو الذي يقرر ويحدد بشكل أساسي مضمون الوعي .
وهذا معناه أن التشكيل الشبكي هو مركز إدارة وبث ( يتم البث إلى أغلب بنيات الدماغ ) للأمور التي اعتبرت هامة .
أي أن عمل التشكيل الشبكي يكون فقط كمركز لبث الوعي , والذي يقرر الهام وما يجب أن يبث , هو نتيجة معالجة اللحاء وتقييم الدماغ القديم المهاد, والنتوء اللوزي....
وبما أن ما يأتي من اللحاء والدماغ القديم هو تابع لما هو موجود فيهما , والذي هو موروث أو تم تعلمه واكتسابه أثناء الحياة , وهو خاص بكل إنسان , لذلك لن تحدث تغيرات كبيرة وواضحة نتيجة استبدال التشكيل الشبكي لإنسان مع آخر , فهذا بمثابة تغيير أجهزة بث بأجهزة أخرى.
فالذي يحدث في رأيي هو تغيرات طفيفة جداً لن تلاحظ , فهي تغيرات تماثل التغيرات التي تحصل دوما نتيجة تغير أوضاع الجسم والجهاز العصبي أثناء الحياة اليومية.
ويمكن أن يؤثر على عمل التشكيل الشبكي تغير الانفعالات والمزاج والدوافع
الذي أريد قوله هو أن التشكيل الشبكي لدى كل منا متشابه بشكل كبير أن لم يكن متطابقاً , وهو ليس مصدر اختلاف الأنا أو الذات عند كل منا عن الآخر
فالاختلاف راجع إلى ما تعلمناه و تم بناؤه من ذاكرة نتيجة نمو وترابط مشابك ومحاور الخلايا العصبية في الدماغ وخاصة في اللحاء , والذي تم نتيجة حياة كل منا.
لذلك إذا استطعنا تغيير لحاء دماغ إنسان بلحاء دماغ إنسان آخر, فسوف تنتقل ذات كل منهما إلى الآخر, أي يتبدل جسم كل منهما مع الآخر.
وسوف تبقى الانفعالات وبناء المعاني والتقييم الأولي بدون تغير, لأنها ناتجة عن الدماغ القديم , أما المعالجات الفكرية العادية والمنطقية والذاكرة فغالبيتها تتبع اللحاء.

إن الوعي مؤلف من الأحاسيس والمشاعر و الإدراكات فالأحاسيس هي التي تشكل الوعي في الأساس, وبانعدام الأحاسيس الخارجية والداخلية يستحيل تشكل الوعي .
وتنتج الأحاسيس في أول الأمر, في بداية الحياة , عن المستقبلات الحسية وهي الأعضاء أو الخلايا التي تحول أنواع معينة من المؤثرات(الداخلية أو الخارجية) إلى تيارات عصبية ترسلها إلى مناطق معينة في الدماغ وهناك يتم الإحساس
واللحاء هو أكبر وأوسع هذه المناطق , ففيه مناطق متنوعة و متخصصة لاستقبال واردات المستقبلات الحسية
وهناك أيضاً الدماغ القديم وفيه المنطقة الشمية وتحدث فيه أحاسيس أولية أساسية والألم , وهو الذي يبني المعاني و ينتج الانفعالات ويتعامل مع الغدد الصم في إنتاج ظواهرها وتأثيراتها.
ففي تلك المناطق إن كان في اللحاء أو الدماغ القديم يحدث الإحساس
فهذه المناطق هي التي تحول التيارات العصبية الواردة من المستقبلات الحسية إلى أحاسيس ومشاعر وانفعالات .
فالذي نحسه ونشعر به(بشكل أولي) هو ما ينتج عن التيارات العصبية المرسلة من المستقبلات الحسية, بعد تأثيره في المناطق الحسية في الدماغ , وهي التي تنتج الأحاسيس الأولية وأيضاً المركبة و الإدراكات المتطورة .
إذاً المستقبلات الحسية ترسل تيارات عصبية إلى الدماغ نتيجة تأثرها بالمثيرات المتخصصة لاستقبالها , وذلك بعد تحويل هذه المؤثرات إلى تيارات عصبية تناسبها , أي تشفرها(من حيث طبعتها وشدتها وكميتها وزمنها ...) برموز على شكل تيارات كهربائية عصبية
وهي لكي تقوم بذلك بتثبتها, وتحددها, وتعينها, أي تكممها(أي تحولها إلى رموز رقمية) , ويكون ذلك على شكل نبضات كهربائية عصبية ذات خصائص محددة ترسلها إلى الدماغ .
فالدماغ يستقبل تيارات كهربائية عصبية وليس أحاسيساً, وفي الدماغ (اللحاء والدماغ القديم) كما قلنا يتم قرع الأحاسيس والمشاعر بما يناسب تلك التيارات الواردة .
وكل نوع من المستقبلات الحسية يرسل تياراته إلى مناطق محددة في الدماغ وتكون مخصصة لاستقبال هذه التيارات
وهذه التيارات تكون قد شفرت حسب المؤثرات التي تلقاها وتأثر بها المستقبل الحسي , وكل مستقبل حسي يشفر المؤثرات المختص بها بآليات معينة .
من هذا المنظور نحن لا نحس نتيجة تأثراتنا بالواقع إلا ما تتأثر به مستقبلاتنا الحسية , وبالذات ما تنتجه من تيارات عصبية يتم استقبالها في الدماغ
أما الواقع الذي أنتج هذه التأثيرات, فهو معرّف أو يعرف " فقط " بما أنتج من تأثيرات على المستقبلات الحسية , وبالطريقة التي قامت هذه المستقبلات بتشفير هذه المؤثرات , فهذه المستقبلات هي التي تحدد وتعين لنا الواقع بشكل أولي وأساسي
وكل ما لدينا من أحاسيس ومفاهيم ومعارف تم بناؤه من واردات المستقبلات الحسية وبعد تفاعله ومعالجته في بنيات الدماغ .
فالذي يرد من المستقبلات الحسية يعدل ويصحح ويطور, ليصف ويفسر الواقع بشكل أوسع وأشمل وأدق وأصح, وذلك نتيجة عمل ومعالجات الدماغ .
إذاً كل المعارف والمفاهيم يتم بناؤها من واردات المستقبلات الحسية .
فالمعارف الإنسانية المتراكمة الآن كبير بشكل هائل , وقد تم إنتاجه نتيجة واردات الحواس في ملايين العقول , ونتيجة معالجة هذه الواردات فيها , وقد تمت تعديلات وتصحيحات وتطورات كثيرة نتيجة تفاعل تلك العقول مع بعضها .
وهذا ما أنتج وولد هذا الفرق الكبير بين المعلومات الحسية المباشرة والمفاهيم والمعارف الكثير التي نشأت وتطورت في العقول البشرية نتيجة الحياة العملية والاجتماعية والثقافية والفكرية.
وقد كان للتواصل اللغوي الصوتي ثم المكتوب الدور الأساسي في تكون هذه المعارف والمفاهيم الفكرية العامة(البنيات الفكرية أو عالم الفكر) .
وكان لنشوء المفاهيم والمعارف المتطورة والمجردة تأثيره على الوعي البشري الذاتي كبير, فقد أصبح الوعي والشعور بالذات متطور جداً وكذلك الوعي بالوجود
فتأثير الثقافة على الوعي جعل كل إنسان يشعر ويدرك ويعي بأنه عالم أو كون ووجود قائم بذاته
فقد أصبح الإنسان يدرك الزمن و التاريخ (الماضي والحاضر والمستقبل), إن كان بالنسبة للوجود أو بالنسبة لنفسه
وصار كل إنسان يعي ويفهم الكثير من بنيات الوجود بشكل أعمق وأوسع
وأصبح وعيه وإدراكه للآخرين وللمجتمع وبنيات هذا المجتمع عميق وكبير, وهذا ما جعل قضية الوعي الذاتي معقدة وصعبة.
إذاً الوعي الذاتي يحدث في بنيات الدماغ وهو يعتمد في منشئة على خصائصها , فهو الشعور والإحساس الذي تكون نتيجة واردات المستقبلات الحسية التي استقبلت وعولجت في بنيات الدماغ.
فهو ينبثق بالتدرج بعد الولادة وأثناء الحياة , ولكن بعد أن تمر بضعة سنين , يصبح الوعي الذاتي يعتمد بشكل أساسي على ما تم تعلمه وتخزينه في اللحاء والبنيات الدماغية الأخرى , وتنخفض نسبة تأثير و دور المتقبلات الحسية .
ويصبح بإلامكان الوعي والتفكير بالاعتماد على مخزون العقل فقط ودون الاعتماد نهائياً على واردات المستقبلات الحسية
وهذا ما يحدث أيضاً أثناء الأحلام أن كانت أثناء النوم أو إثناء الصحو(أحلام اليقظة) .
فالقدرة على الوعي والمعالجات الفكري والتصورات.., تصبح ممكنة دون الاعتماد على الواقع وتأثيراته.
وهذا ما جعل الوعي والتفكير ذو خصائص غير مادية لأنه يصبح غير مرتبط بالواقع أو المادة بشك مباشر, فهو ناشئ عن الدماغ الذاتي(العقل الذاتي أو النفس أو الروح) فقط .
فالعقل الفردي الذاتي أصبح بإمكانه خلق عالم ووجود وكون ( حسي و فكري خاص فيه) ودون الاعتماد إلا على نفسه , فهو يملك القدرات لعمل ذلك
وهذا شيء عجيب ورهيب ومذهل , فكثير من المفكرين اعتبروا الإنسان بمستوى الآلهة لما يملك من قدرات فكرية ووعي وإدراك وشعور.
ويظل الوعي شيء غير عادي وفوق مستوى باقي أنواع الموجودات التي يعرفها الإنسان , فالأحاسيس والوعي الذاتي الذي يعيشه كل إنسان , يجده يختلف عن أي شيء آخر في هذا الوجود ولا يمكن فهمه كما تفهم باقي الأشياء.

مناقشة " أنا أفكر . إذاً أنا موجود "
أولاً : " أنا " غير معرفة ومحددة بصورة دقيقة , فهي متغيرة متحركة.
هل هي الأنا الواعية أم هي مخزون الذاكرة , وكلاهما متغير متطور
ثانياً : " أفكر " , ماذا يقصد بها ؟
إن ديكارت يقصد الوعي بالتفكير أو المعالجة الفكرية الواعية لأنا الصحو وأنا الحلم
ثالثاً : " موجود " . موجود بالنسبة لمن؟
ديكارت يقصد أنه موجود بشكل مطلق , بينما هو موجود بالنسبة لوعيه فقط
أي أن وعيه موجود بالنسبة لوعيه , وهذا يكون صحيحا بصورة مطلقة .
فهذا الوجود هو وجود مميز ونادر في الوجود .
لأنه وجود بنية بالنسبة لنفسها فهذا لا يوجد في العالم الفيزيائي , أن كل بنية فيزيائية لا توجد إلا بالبنيات التي تؤثر فيها , وهي لا يمكن أن تؤثر في نفسها لذلك يستحيل أن توجد بالنسبة لنفسها .
ولكن عندما يكون غائب عن الوعي (أثناء النوم العميق أو أثناء الغيبوبة.....) لا يعود موجود حتى بالنسبة لنفسه .
ووجوده ليس مطلق في المكان أو الزمان , فهو موجود في مكان وزمان محدد كجسم , وهو موجود كفكرة بالنسبة للآخرين الذين تعرفوا عليه فقط , و خلال أزمان محددة فقط .
ووجود الشعور الذات بالنسبة لنفسها هو أحاسيس ومشاعر ووعي ينعكس على نفسه , لذلك هو ذاتي ومغلق على نفسه وخاص بها , إذا لم ينقل للآخرين .
والتواصل البشري والتشابه الكبير جداً بين البشر " بالشعور بالذات ", هو الذي سمح بنقل مضمون هذا الشعور, أي الأفكار والأحاسيس من ذات إلى أخرى
فكيف لنا أن نعرف ونحس بما يشعر به أو يفكر به الآخر إذا لم يكن هناك تشابه الكبير بيننا( في أحاسيسنا و خصائص جهازنا العصبي).
أن ديكارت كان يقصد "بأنا أفكر إذاً أنا موجود" أنه موجود كفكر( كروح غير مادية) أي كشعور ذاتي, أو وعي ذاتي بالنسبة لذاته , وأن هذا الشعور بالوعي أو بالتفكير هو الأساس والمرجع الأول في كل معرفة ذاتية , وأن كافة الأفكار و المعارف الذاتية مبنية على هذا الوجود, وهي راجعة إلى هذا الوجود الأساسي والأولي , والذي هو ذاتي فردي دوماً .
وهذا الوجود الأولي والأساسي غير قابل للتشكيك لأنه حادث أو يحدث وليس هو تنبؤ احتمالي قابل للخطاء, فهو حادث واقعي فعلي ملموس و محسوس به, ويتم الوعي به
أما باقي المعارف فهي تنبؤات احتمالية قابلة للتشكيك والخطأ .
وما يقوله ديكارت يتضمن أن كافة معارفنا مؤلفة من أحاسيسنا ووعينا بهذه الأحاسيس وبمعالجة عقلنا لما تم الوعي به.

التعرف على الذات
أن التعرف الجديد على "الذات" أو " الأنا " يحدث لنا كلما استيقظنا من النوم , فعندما نستيقظ تفتح مسارات الذاكرة الدائمة مع التشكيل الشبكي , بعد أن كانت كفّت أغلب هذه المسارات عند النوم , وكذلك تفتح المسرات مع باقي بنيات الدماغ القديم التي قد كانت أغلقت أو كفة أثناء النوم .
ويقوم التشكيل الشبكي بعمله في تأمين الاتصالات بين هذه البنيات , ويوقظ أو يحدث الوعي العادي أو وعي الصحو تمييزاً له عن الوعي أثناء الحلم .
ويتم ذلك بالاعتماد بشكل أساسي على مخزون الذاكرة الدائمة , و" الأنا " متضمنة بشكل أساسي في هذه الذاكرة , فإذا غيرنا كما قلنا ذاكرة شخص فسوف تتغير " أناه " و وعيه بذاته حسب هذا التغيير.

الإرادة الواعية
إن الإرادة الواعية هي التحكم بمصادر أو مسببات الأحاسيس ( واردات الحواس ) ، ويتم ذلك عن طريق فتح وغلق المسارات بين ساحة الشعور ( الوعي ) ومصادر الأحاسيس , وكذلك بالتحكم بالأفكار الواردة من اللحاء وباقي بنيات الدماغ .
ويكون هذا التحكم ضمن حدود معينة لا يمكنه تجاوزها ، فيكمن لأي مصدر حسي أي وارد حاسة أو فكرة معينة أن يدخل تياراته العصبية إلى ساحة الشعور في حالات كثيرة ولا تستطيع الإرادة منعه من ذلك ، فتيارات الألم و ارتكاس الاهتداء وكل ما هو هام ، لا يمكن منعها من دخول ساحة الشعور أو التحكم بدخولها إلا في حدود ضيقة جداً ( اليوغا والزن ) وبتمرين كثير متواصل
ويتم التحكم بالتيارات العصبية الداخلة إلى ساحة الشعور بآليات عصبية وبطرق تعتمد على هذه الآليات ، وذلك نتيجة التعلم بالإضافة إلى خصائص آليات الجهاز العصبي الفزيولوجية الأخرى وهي كلها موروثة ، فارتكاس الاهتداء مثلاً مبنى فزيولوجياً وهو موروث ، وكذلك آليات الإحساس وخاصة الإحساس باللذة والألم
والتحكم بالتيارات العصبية ضمن ساحة الشعور هو أيضاٌ معالجتها عن طريق تصنيفها ومقارنتها وقياسها وتقييمها والحكم عليها ، ويتم ذلك بمساعدة باقي بنيات الدماغ .
وتكوٌن البنيات الفكرية اللغوية لدى الإنسان أدى لأن يصبح المعالجات الفكرية لديه تتقدم إلى مستويات عالية من الاتساع والفاعلية .
وقبل بناء البنيات الفكرية اللغوية كانت معالجة البنيات الفكرية الحسي المتخصصة كل لوحده فقط نظر فقط , سمع فقط , لمس فقط , ...
وبنشوء البنيات الفكرية اللغوية صار بامكان العقل معالجة كافة أنواع الأحاسيس معاً نتيجة ترميزها ببنيات فكرية لغوية ، وهذا جعل إرادة ووعي الإنسان متطور عن إرادة ووعي لدى باقي الحيوانات .
نشوء الإرادة لدى الإنسان
إن الإرادة في رأي هي استجابة مختارة من بين عدة استجابات ، ويبدأ تشكل الإرادة بعد الولادة ( وربما قبلها ) فالمولود الحديث يطلق استجاباته العشوائية التي تكون موروثة مثل حركة الرأس والفم ...... وعندما يلاقي أو يتأثر بالدفء والنعومة أو حلمة الثدي يتوقف عندها ( وتبدأ الرضاعة كاستجابة غريزية موروثة ) وتتوقف استجاباته العشوائية . وهذه أبسط أنواع الإرادة البحث العشوائي عن الدفء والنعومة وحلمة الثدي والطعام ، وبعد ذلك يتعلم ربط قرائن - مؤثرات خارجية- تترافق أثناء بحثه مع الدفء والنعومة والطعام ، وذلك بواسطة آليات الإشراط وآليات التصنيف العصبية الفزيولوجية (والتي تعتمد المقارنة والتقييم والتقرير وبالتالي الاستجابة) وكلها آليات فزيولوجية عصبية موروثة
وبعد ذلك تتوسع وتتنوع الاستجابات التي يقوم الطفل بتصنيفها وربطها ، وهنا تنشأ السببية لديه ، وذلك نتيجة توسع قدراته وبحثه ، وبالتالي تحقيق ارتباطات وتصنيفات متعددة وواسعة ، وبالتالي نشوء استجابات جديدة أو مساعدة أو ممهدة لتحقيق استجابات أساسية .
إذاً بعد الولادة تعطى أوامر لاستجابات بحث أغلبها عشوائياً ، وعندما تتحقق أو يترافق تحقق استجابة داخلية مطلوبة مع أحد أو مجموعة من هذه الاستجابات العشوائية عندها يتم ربطها مع بعضها البعض بآلية الاشراط الفزيولوجية العصبية .
ويتم نشوء دوافع داخلية تطلب تحقيق الاستجابة العشوائية التي حققت الاستجابة الأساسية المطلوبة داخلياً ، أي تتحول الاستجابة العشوائية المحايدة إلى استجابة مقيمة .
وتتوسع وتتعقد الارتباطات بين الأنواع الكثيرة من الاستجابات المقيمة ، وبهذه الطريقة تتوسع الاستجابة الداخلية إلى استجابة خارجية .
وبعد نشوء الوعي الفكري المترافق والمتأثر بالاستجابات العصبية ، أي بعد ما نشأ الإحساس المتطور ونما وتطور ، ظهر الفكر الواعي الذي يملك الإرادة الواعية .
إذاً في البدء كان معالجة استجابات ، ثم معالجة استجابات مترافقة مع أحاسيس ، ثم معالجة أحاسيس واستجابات ووعي متطور بهما ، وأصبح التفكير محسوساً وتم الوعي به ، وطبعاً كل ذلك بمساعدة الذاكرة الواعية .
وجود الأنا
إن أنا السمكة وأنا النحلة وأنا الحبار وأنا السلحفاة وأنا التمساح وأنا الفأر وأنا الحصان وأنا الدب وأنا القرد وأنا الإنسان لهم جذر واحد أساسي , ويمكن اعتباره ما يمثل الذات الداخلية المترابطة مقابل العالم أي الذات أو الداخل مقابل الخارج أو العالم .
وتتم قيادة وإدارة هذه الذات كل مترابطة ذات انتماء واحد إدارة فزيولوجية وعصبية مبرمجة سابقاً على حماية هذه الذات ونموها واستمرارها لكي تحقق التوالد واستمرار النوع وهي مبرمجة لكي تموت بعد ذلك .
وقد كانت الإدارة لدى الكائنات الأولية البسيطة (وحيدات الخلية ) فزيولوجية فقط ، ثم نشأت الأجهزة العصبية ثم الحسية لكي تساعد في الإدارة والتحكم والقيادة لتنفيذ البرنامج الموضوع ، وذلك حسب الخيارات المتاحة ثم نشأت الأجهزة الحسية والعصبية المتطورة التي أنتجت الإدراك والوعي .
وقد تسلم الإدراك والوعي مجالات واسعة من القيادة والتحكم ، وكانت تتضارب وتتناقض أحياناً مع مراكز القيادة السابقة الفزيولوجية والغريزية ( أو العصبية المبرمجة ) .
وبعد نشوء المجتمعات البشرية ونشوء اللغة ، نشأ العقل الجماعي العام ، وحدث تداخل بين دوافع وأهداف وخيارت أنا أو ذات الأفراد ، وخيارات البنيات الاجتماعية التي تشكلت .......
الذي أريد قوله هو أن ذات كل كائن حي هي مرجع ومركز متماسك له هوية وانتماء واحد ، ويتم تبادل التأثيرات بينه وبين باقي الوجود ،حسب الداخل الذات والخارج العالم أو الوجود .
أي أن هناك وجود هذه الذات مقابل وجود كل العالم أو الوجود ، ويكون وجود هذه الذات هو كوجود مرجع أو مركز يرصد جزء من الوجود الموضوعي العام .

04-10-2006, 03:15 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
حسن سلمان غير متصل
Psychiatrist
*****

المشاركات: 1,608
الانضمام: Mar 2005
مشاركة: #2
أفكار وملاحظات على الوعي البشري
هذا المقال المكتوب بالعربية لا أكاد أفهم مصطلحاته
لو كتبته بالإنكليزية لفهمته !!!

خلاصة الموضوع
هل تؤمن أن الوعي فيزيائي أم ميتافيزيقي ؟
05-13-2006, 11:51 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
نبيل حاجي نائف غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 620
الانضمام: Mar 2006
مشاركة: #3
أفكار وملاحظات على الوعي البشري

مرحباٌ بالأستاذ حسن بن الهيثم

أنني أؤمن بأن الوعي حتماٌ يمكن ارجاعه إلى أسس فيزيتئية .
وفي رأي هذا سوف يتم قريباٌ جدا, وسوف تكون له نتائج مزلزلة على كافة المجالات الفكرية والاجتماعية الموجودة الأن .

أن ما تقوله صحيح فأنا غالبا لم استعمل المفاهيم والمصطلحات العلمية والأكاديمية , والسبب أنني لست دارس أكاديمي .
وأنا أتوجه في موضوعي إلى الانسان العادي .
وقد قال لي الكثير من الأصدقاء يجب أن توضح مفاهيمك بالمصطلحات العلمية والأجنبية لكي يتوضح ما تقول .


مع تحياتي ومودتي

05-14-2006, 09:30 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
حسن سلمان غير متصل
Psychiatrist
*****

المشاركات: 1,608
الانضمام: Mar 2005
مشاركة: #4
أفكار وملاحظات على الوعي البشري
اقتباس:أنني أؤمن بأن الوعي حتماٌ يمكن ارجاعه إلى أسس فيزيتئية .

أختلف معك
بل إني متأكد أن الوعي هو العقبة الوحيدة التي لم ولن تجد لها تفسير على المستوى المادي

كنت قد كتبت موضوعا في ساحة الأديان عن "اثبات وجود الروح علميا وعمليا "

هناك مثال بسيط أضربه عن "الألم"

مثلا لو أمسكت يدك بجسم ساخن فتألمت
ماذا حدث؟
سيال عصبي عبارة عن أيونات قد مرت من النهايات العصبية في اليد عبر الحبل الشوكي إلى المخ فأحدث تغيرا كيميائيا في جسم الخلية
مجرد تفاعلات كيميائية ولا يوجد ثمة شيء إسنه ألم في الموضوع ؟
أين الألم ؟؟؟؟؟؟؟؟

هناك فارق بين أن نفسر الوعي ماديا
وأن نعرف من الذي يعي أو يشعر

فليس هناك ثمة وعي أو شعور للمادة

تحياتي (f)
05-15-2006, 12:26 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
طنطاوي غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 5,711
الانضمام: Jun 2003
مشاركة: #5
أفكار وملاحظات على الوعي البشري
حتي الالم يمكن تصوره كماده : فالكائنات الحية التي يقصر جهازها العصبي عن استشعار الالم اضعف من الكائنات الحية التي تستشعره وهذا ما ادي الي تفوق هذه علي تلك ، وبالتالي انتشارها في ال niche الجديدة التي اوجدتها .
الالم يمكن رؤيته كأجيال من الكائنات التي لا تستشعر الالم والتي ماتت مفسحة الطريق للكائنات التي تستشعره وهي الاجدر بالوجود.

هناك مرض خللقي تغيب فيه ال Spinothalamic tract وهي الجزء من الجهاز العصبي المسئول عن نقل "سيالات" الالم ، و المريض بهذا المرض لا يشعر بالم ، وهذا ما يعرضه لمضاعفات كثيرة تؤدي لموته قبل اقرانه الذين يشعرون بالم .

الالم ما هو الا ذاكرة النوع الذي تنتمي اليه والذي مازال يتذكر انه عندما يتصرف بالشكل الفلاني (يشعر بالالم) فسوف يزيد هذا من فرص بقاءه ، والكائنات التي تصاب بفقدان هذه الذاكرة تموت كما في حالة غغياب spinothalamic المذكورة اعلاه.

الالم اذن نتاج احداث مادية مرت علي نوعنا ، وليس حادثاً روحنياً نشعر به باختيارنا...

وكذلك اي جزء -مهما صغر - من الوعي : فما هو الا تمثيل لحدث مادي في التاريخ الذي مر بنوعنا البشري منذ بداية التطور: حتي انت ووعيك ! فما انت الا تاريخ نفسك - كما يقول سكينر "الانسان تاريخ نفسه" ، وماكنت انت لتكون انت بدون ان تمر علي تاريخك.

الكائنات الحية -كلها- ماهي الا وحدات ذاكرة صغيرة للطبيعة :سواء علي المستوي الفردي عبر الوعي -في اليشر- و الاقواس المنعكسة -في الكائنات الادني ، ا-وعلي المستوي الجمعي : ففصائل الحيوانات تلك التي تراها ما هي الا ادلة علي تاريخ الطبيعة وبرهان علي ما مر بها من احداث.

تحية
05-15-2006, 04:54 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
حسن سلمان غير متصل
Psychiatrist
*****

المشاركات: 1,608
الانضمام: Mar 2005
مشاركة: #6
أفكار وملاحظات على الوعي البشري
اقتباس:الالم ما هو الا ذاكرة النوع الذي تنتمي اليه والذي مازال يتذكر انه عندما يتصرف بالشكل الفلاني (يشعر بالالم) فسوف يزيد هذا من فرص بقاءه ، والكائنات التي تصاب بفقدان هذه الذاكرة تموت كما في حالة غغياب spinothalamic المذكورة اعلاه.

بصراحة أول مرة أسمع هذا التفسير الغريب !!!!
تربط بين الذاكرة والألم !!!
هل من يصاب بفقد الذاكرة يفقد الإحساس بالألم
وهل يشترط غياب ال spinothalamic tracts لفقد الذاكرة

أنا طلبت سؤال واضح :
أين الألم في مسار السيال العصبي ؟؟؟
05-16-2006, 01:22 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
نبيل حاجي نائف غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 620
الانضمام: Mar 2006
مشاركة: #7
أفكار وملاحظات على الوعي البشري
مرحباً بالأخ حسن بن الهيثم وبالأخ الدكتور محمد الطنطاوي .
لقد قرأت شريطك عن الروح أخي حسن " لا تعليق لي "
أنا في صف الأخ محمد فما يقوله ربما يكون غير واضح ولكنه له أسسه الموضوعية .
وأزيد في توضيح الأحاسيس , وبشلك خاص أحاسيس اللذة والألم بالتالي :
"إحساسنا هو ذكاؤنا الأكثر فورية و عمقاً, فإن تماسه مباشر مع المحيط ويمتد من الصفر إلى اللا نهاية, وشئنا أم أبينا هو دائماً الذي يقرر. إن اختيارنا ينبع دائماً من الداخل , أو بالأحرى يتم الاختيار من داخلنا دون أن يكون لنا حيلة فيه , حتى وإن أردنا بإصرار ما هو عكسه , فلا حول ولا قوة لنا ضد الحياة الداخلية وضد الإحساس الذي يستشعر وينقل الرموز ويراقب ويقرر دون استشارة أي كان , إننا لا نعرف أبداً الأشياء والموجودات بعقلنا, وإنما تبعاً لإحساسنا. والأشياء كلها حيادية, ولكن إحساسنا (يشحنها) بهذه المعاني أو تلك. كافة الناس هم على حق فيما يتعلق بإحساساتهم - من كتاب " علم النفس الجديد وطرقه المدهشة "
الفرق بين الإحساس الخام والإدراك الحسي :
إن الإحساس هو ما يتكون لدينا من خبرة نتيجة تنبه الخلايا العصبية الكائنة في إحدى مناطق الدماغ الحسية.
في حين أن الإدراك الحسي هو الإحساس مضافاً إليه شيء أكثر_ أي تضاف إليه الخبرة الناجمة عن تنبيه الخلايا العصبية الموجودة في المناطق الإرتباطية (في الدماغ).
فالإدراك الحسي , بعبارة أخرى , هو الإحساس المعزز بالذاكرة وبالصور المستمدة من الخبرة الماضية والناشئة عن التداعي. والإدراك الحسي يتأثر كثيراً بما يكون عليه انتباهنا أو تأملنا ورغبتنا وأهدافنا " من كتاب علم النفس الحديث, تأليف ركس نايت ومرجريت نايت
" إن الحواس لا تشبه القنوات أبداً, بل هي بمثابة أجراس كهربائية. فكما أنه لا شبه بين حركة الأصابع المعتمدة على الزر وقرع الجرس, فكذلك لا شبه بين الإثارة التي تهيج طرف العصب وما يداخل الوعي من احساسات من ذلك الطرف. إن عين النملة وعين الحرزون وعين الإنسان إذا وضعت ثلاثتهم بمثاقبة مشهد واحد وهيجت على صورة واحدة. أتت أولاها بإحساسات نملة والثانية بإحساسات حرزون والثالثة بإحساسات إنسان: الشأن في ذلك شأن الآلات الموسيقية الوترية التي تجيء ضربة القوس الواحد عليها بصوت يختلف من آلة لآلة,إذاً فلا عجب أن ندرك بحواسنا عالماً يختلف عن العالم الحقيقي " من كتاب الفلسفة العامة للدكتور حكمت هاشم
اللذة والألم
" المهاد ودوره في الثواب والعقاب
من بين مهام المهاد ضبط وظائف الجسم الهامة للحياة إن كانت شعورية أو لا شعورية- ضبط الضغط الشرياني- توازن سوائل الجسم- محتوى السوائل من الأملاح- التغذية- النشاط المعدي والمعوي- الافرازات للغدد الصم, وله علاقة وثيقة مع الجانب الانفعالي من الإحساسات, مثل اللذة والألم وبالتالي الثواب والعقاب.
" فالتنبيه الكهربائي لمناطق معينة يجلب السرور والرخاء للحيوان, وتنبيه مناطق أخرى يسبب ألماً شديداً أو خوفاً أو دفاعاً أو هرباً, هناك مناطق ثواب وعقاب في المخ وفي المهاد المراكز الأساسية, والمراكز الأخرى في - اللوزة والحاجز والعقد القاعدية وفي لحاء القاعدي للمخ المتوسط - .
إن مراكز الثواب والعقاب تمثل بلا شك أحد أهم الضوابط في نشاط الإنسان , وقد وجد أن الخبرة الحسية التي لا تؤدي إلى أي من الثواب أو العقاب نادراً ما يتم تذكرها على الإطلاق, إن تكرار منبه خلال فترة من الزمن يؤدي إلى انطفاء شبه كامل لاستجابة اللحاء إذا كان هذا المنبه لا يستثير مراكز الثواب أو العقاب فالحيوان يصبح معتاداً على المنبه الحسي, ولكن إذا كان المنبه يؤدي إلى ثواب أو عقاب فإن استجابة اللحاء تصبح تدريجياً أكثر حدة بتكرار المنبه بدلاً من خمود الاستجابة - ويقال في هذه الحالة أن الاستجابة قد تدعمت أو تعززت- وعلى هذا فإن الحيوان يقيم آثار قوية لذكريات الخبرة التي تؤدي إلى الإثابة أو العقاب, فالثواب والعقاب – والانفعالات- لهم علاقة كبيرة بالتعلم.
وفرس البحر- قرن آمون- يلعب دوراً في تقرير درجة انتباه الشخص , وله علاقة بالتعلم. يعتقد أنه يلعب دوراً في ربط الخصائص الانفعالية للخبرات الحسية, ثم يقوم بدوره بنقل المعلومات إلى مراكز الثواب والعقاب وغيرها من المراكز, ويقوم بربط الإشارات الحسية المختلفة الواردة بشكل يؤدي إلى استجابة مناسبة من المهاد " من كتاب علم النفس الفزيولوجي د. عزت سيد إسماعيل .

آليات عمل الحواس
إن آليات عمل الحواس والجهاز العصبي هي آليات مكممة محددة وليست احتمالية, فقد كممت بواسطة العتبة , وكمية, ونوعية, ومصدر التيار العصبي .
فالعتبة هي إما أن التفاعل الناتج عن المؤثر يحدث تياراً عصبياً ذو خصائص محددة ثابتة تابعة للمؤثر أو لا يحدث, أي أن تأثير المؤثر على مستقبلات الحواس إما أن يحدث الإثارة وبالتالي ينشأ تيار عصبي ويكون هذا التيار الناتج محدد الكمية والكيفية والمصدر, أولا يحدث .
وكذلك عمل الخلايا العصبية فهي إما أن تثار وتنتج تياراً عصبياً نتيجة ما يصلها من تيارات عصبية أو لا تثار ولا تنتج أي تيار عصبي- وهذا يشبه عمل الكومبيوتر تيار أو لا تيار, صفر أو واحد - .
إن عمل الحواس والجهاز العصبي هو عمل محدد ومكمم فيزيائياً, فليس هناك احتمال في عمل البنيات التحتية أي الكيميائية الفزيائية لمستقبلات الحواس أو الجهاز العصبي, وهو مثل عمل باقي التفاعلات الفيزيائية أن كانت ميكانيكية أو كهربائية أو غيرها من التفاعلات الفيزيائية, فالإثارة أوالتيارات العصبية إما أن تحدث أو لا تحدث, وهي ذات خصائص محددة في كل مرة .
بينما عمل الدماغ في بنياته العليا , في التعرف وبناء الأحكام والتفكير المتقدم, يمكن أن ينتج معرفة احتمالية- ولا مجال لتوضيح ذلك الآن- , فالتعرف و الدلالة على العالم الخارجي والأحكام التي تبنى أثناء المعالجات الفكرية هي تنبؤية احتمالية, وهذا نتيجة عدم التكميم الكامل للبنيات الفكرية, ولكن عندما تكمم بشكل تام كما في البنيات الفكرية الرياضية, عندها تصبح الأحكام غير احتمالية وذات صحة مطلق .

دور اللذة والألم أو الثواب والعقاب الهام
إن دور اللذة والألم- الثواب والعقاب- هام جداً, وفعال جداً لنمو واستمرار الكائن الحي , وبالتالي استمرار ونمو بنية الحياة ككل, وكذلك هو هام لنمو وتطور البنيات الاجتماعية والمجتمعات البشرية, فدور الثواب والعقاب في تفاعل وتطور البنيات الاجتماعية أساسي وقوي.
فالبنيات الاجتماعية تتشكل وتنتظم حسب خصائصها وآليات تفاعلها مع بعضها , بالإضافة إلى خصائص الأفراد الذين يكونون هذه البنيات الاجتماعية , ومفهوم العقوبة والمكافأة وبالتالي الأنظمة والقوانين والعادات والأعراف وغيرها, مبنية بشكل أساسي على اللذة والألم - المكافأ والعقاب - الذي يحسه الأفراد, بالإضافة إلى طبيعة أوضاع و خصائص البنيات الاجتماعية, والأخلاق والقيم الاجتماعية توجه باللذة والألم الذي يحسه الأفراد, وإذا انتفت اللذة والألم انتفت أغلب القيم الاجتماعية, وبالتالي أنتفت أغلب الأخلاق والعقائد , وكذلك انتفى الفن, وأغلب آليات تفاعل البنيات الاجتماعية.
فاللذة والألم كما هما حافظان ومنظمان للكائن الحي , لهما أيضاً وظيفتهما و دورهما الهامين والأساسيين في تطور ونمو المجتمعات والبنيات الاجتماعية.

وإذا نظرنا إلى باقي الكائنات الحية فإننا نجد أن الحشرات ضعيفة أو شبه معدومة الإحساس باللذة والألم فدور اللذة والألم محدود جداً , فالمحافظة على الذات وعلى مجتمعها تتم بانعكاسات وآليات مبرمجة فزيولوجياً و وراثياً , والأفضلية لحماية واستمرار مجتمعها- في حال كونها تعيش حياة اجتماعية- وهي تضحي بنفسها بكل بساطة وسهولة في سبيل حماية خليتها أو مجتمعها وهذا ما جعل الحشرات ومجتمعاتها تختلف كثيراً عن مجتمعات الثدييات.
فاللذة والألم يزداد ويتوسع مجالهما ودورهما كلما صعدنا في سلسلة الكائنات الحية وهما لدى الإنسان الأكثر أهمية وقوة واتساعاً , إن الآلام الجسدية أو النفسية لدى الإنسان أكبر من اللذات - هذا ما نلاحظه ونعيشه- فآلام الأسنان والحروق والولادة...., والآلام النفسية مثل فقد عزيز أو فشل كبير... هي أكبر من لذة الطعام والشراب والحب...
نعم هناك لذات كبيرة ولكنها غير مركزة وغير واضحة مثل الآلام الجسدية أو النفسية, فلذة الحب والحنان والشوق والصداقة..... يمكن أن تبلغ درجات عالية كاستجابات ترافقها أحاسيس, فيمكن لشخص أن يتحمل عشر ساعات من آلام الأسنان القوي في سبيل لقاء حبيبته أو ابنه أو أمه, ويمكن لأم أن تتحمل آلاماً كثيرة أو تضحي بحياتها في سبيل أولادها, وهذا يدل على أن هناك استجابات ترافقها أحاسيس تعادل أو تفوق قوتها وتأثيرها أقوى الآلام, فوضع الأسير الذي يتحمل مئات الساعات من الآلام دون أن يبوح بأسرار بلاده ليس مقابل لذة, بل نتيجة استجابات تابعة لما تعلم وبرمج عليه فكرياً وعملياً فهو يتصرف بناء على أن آلامه سوف تمنع آلاماً أكثر بكثير, عن شعبه أو أهله أو بلاده.

إن آلية عمل الجهاز العصبي في أساسها ليست مبنية على اللذة والألم, فهي مبنية على آليات فزيولوجية وعصبية و كهربائية .
واللذة والألم نشا وتطورا بعد ذلك " وهذا ما يتكلم عنه الأخ محمد الطنطاوي"
نحن نسحب يدنا أولاً عند وخزنا بدبوس ثم نشعر بالألم, فالاستجابة الحسية نشأت لاحقاً بعد نشوء الاستجابة الفزيولوجية ثم الحركية.
وكذلك الذاكرة نشأت قبل نشوء الوعي ثم تطورت وأصبحت واعية- أو جزء منها واع - , ثم نشأ الشعور والإحساس الجماعي والذاكرة الجماعية ثم الوعي الجماعي .
إن إحساسي اللذة والألم إذاً هامان وضروريان لاستمرار وتطور الفرد والنوع " كما يقول الطنطاوي ", وكذلك هامان للمجتمع
ولكن كافة المناهج السياسية والعقائدية والدينية والفكرية تسعى إلى تقليل الألم والمعاناة, وهدفها الأول والأساسي القضاء على الألم وزيادة اللذة والسعادة, وكذلك الهدف النهائي لجميع الناس والدول والمجتمعات هو تحقيق أكبر قدر من السعادة والرفاهية واللذة وأقل قدر من الألم والشقاء والمعاناة.
فالهدف الأساسي المعلن أو غير المعلن للجميع هو لذة أكثر وأقوى وألم أقل أو معدوم , لقد اعتبر الألم غير مرغوب فيه واعتبر في أغلب الأحيان العدو الأول الذي يجب القضاء عليه, فالشقاء و التعاسة والمعاناة... يجب إزالتهم والقضاء عليهم.
لذلك اعتبر الألم في كثير من الأحيان مرادفاً للشر .
ولكن دور الألم واللذة - كما مر معنا - هام وضروري جداً, فهما جهاز الإنذار والحماية والتوجيه للكائن الحي , من ما يتعرض له من مخاطر تهدد حياته كفرد وكنوع.
فالألم لا زال ضرورياً - لاننسى أن الأمراض الخبيثة تتمكن من جسم الإنسان بسبب عدم شعوره بالألم في فترة بدايتها وحضانتها- صحيح أن الإنسان الآن قام بإيجاد طرق وآليات وأجهزة حماية و إنذار متنوعة ومتطورة تسمح بالاستغناء عن الألم كجهاز إنذار وتعوض عنه, ولكنه لم يصل إلى درجة الاستغناء عن الألم الجسمي كجهاز إنذار وحماية لجسمه, وعندما يصل إلى ذلك عندها يمكن الاستغناء عن الألم كجهاز حماية.
فالألم ليس شراً والألم ليس عدونا , ونحن نجد أن اللذة والألم وباقي الأحاسيس والانفعالات وما تنتجه من تأثيرات حسية وعاطفية بأنواع وأشكال كثيرة, قد نشأت وتطورت لأنها حققت فاعلية في بقاء وتكيف الكائن الحي والتوافقه مع البيئة إن كانت مادية أواجتماعية, فالغضب والخوف والكراهية والشجاعة والغيرة والتنافس على المكانة وعلى التفوق وغيرها, لهم الدور الهام والفعال في التكيف مع البيئة والأوضاع الاجتماعية .
ولكن البيئة والأوضاع الاجتماعية تتغير, وهذا جعل الكثير من الانفعالات والعواطف غير المناسبة للأوضاع الجديدة بحاجة إلى تعديل أو إلغاء, وإيجاد ما هو مناسب للأوضاع الجديدة
والكثير من الناس ينتقدون ويهاجمون هذه الانفعالات -التي هي غريزية- ويعتبرونها حيوانية وسيئة ويجب القضاء عليها, وهم محقون في أغلب الأحيان, إلا أن بعضها لا زال يؤدي وظيفة ودوراً في التكيف والتطور, فالغضب والانتقام والمنافسة والغيرة والصراع وغيرهم لا زال لهم دور هام في تطور البنيات الاجتماعية, و مع الزمن سوف تطور الكثير من الانفعالات والعواطف لتلائم الأوضاع والتطورات الاجتماعية , وهذا ما نشاهده .

مع تحياتي ومودتي للجميع

05-20-2006, 03:28 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
طنطاوي غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 5,711
الانضمام: Jun 2003
مشاركة: #8
أفكار وملاحظات على الوعي البشري
حسنا قرأت الكلام الذي كتبته مرة اخري واعترف انه غير واضح الي حد ما ، فأنا اكتب بناء علي نظرية التطور التي اؤمن انها تفسر اشياء كثيرة من حولنا ، ان لم يكن "معظم الاشياء" من حولنا. ولكي يفهم المرئ ما حاولت قوله اعلاه يجب ان يكون ملما بمصطلحات ومفاهيم نظرية التطور .

علي اي حال ساعيد الكلام مرة اخري بشكل مبسط ، فالزميل الحسن يقول ان الالم ليس له اي اساس مادي ، حادث روحاني نشعر به ولا نستطيع ان نشير باصبعنا علي مكان ما في رئسنا ونقول هذا هو الالم .

ما حاولت اثباته هو ان للالم اساس مادي بناء علي نظرية التطور ، فالاحساس بالالم تطور اساسا لحماية الكائنات من المخاطر المحيطة بها ، وهكذا فالكائنات التي احست الالم ازدهرت وخلفت اجيالاً من ورائها تشعر الالم ، اما تلك التي لا تشر الالم فهي تموت ، وهكذا فالالم هو الدليل في جسدك علي انه استطاع الحياة افضل من كائنات لا تستشعر الالم ، هو مجرد ذاكرة لحادث "مادي" مر علي المادة الحية واستطاعت ان تفهمه جيداً ، فالجهاز العصبي الذي يشعر بالالم اكفأ من ذاك الذي لا يشعر به.

مما سبق ، نستنتج ان الالم ما هو الا تمثيل لحادث مادي وليس حادثا روحانيا نشعر به بطريقة غير مفهومة.

تحية
05-21-2006, 11:09 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
نبيل حاجي نائف غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 620
الانضمام: Mar 2006
مشاركة: #9
أفكار وملاحظات على الوعي البشري
مرحباً أخي د . محمد الطنطاوي

إنني طبعاً معك على طول الخط في كل ما تقول .

وأريد أن أعرف رأيك في إمكانية إرجاع الوعي البشري إلى أسس فيزيائية , هل هو ممكن في رأيك ؟
الظاهر أنك في صف من يؤمنون بامكانية إرجاع الوعي إلى أسس فيزيائية , طالما تؤمن أن للأحاسيس أسس فيزيائية .

مع تحياتي
05-21-2006, 12:10 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
حسن سلمان غير متصل
Psychiatrist
*****

المشاركات: 1,608
الانضمام: Mar 2005
مشاركة: #10
أفكار وملاحظات على الوعي البشري
[QUOTE]ما حاولت اثباته هو ان للالم اساس مادي بناء علي نظرية التطور ، فالاحساس بالالم تطور اساسا لحماية الكائنات من المخاطر المحيطة بها ، وهكذا فالكائنات التي احست الالم ازدهرت وخلفت اجيالاً من ورائها تشعر الالم ، اما تلك التي لا تشر الالم فهي تموت ، وهكذا فالالم هو الدليل لحادث "مادي" مر علي المادة الحية واستطاعت ان تفهمه جيداً ، فالجهاز العصبي الذي يشعر بالالم اكفأ من ذاك الذي لا يشعر به.

مما سبق ، نستنتج ان الالم ما هو الا تمثيل

أنت لم تحل شيئا !!!
تقول الكائنات التي أحست بالألم هي التي عاشت
وماله
أكرر سؤالي : أين الألم في هذه الكائنات ؟

لاحظ أنك تستخدم مصطلحات لوصف الألم مثل :الدليل - مجرد ذاكرة - تمثيل

هذه معاني ذهنية مجردة ليس لها وجود خارجي !!!
05-22-2006, 11:47 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  هل نتقاسم الوعي مع الآلهة؟ طريف سردست 2 1,933 03-06-2012, 08:20 PM
آخر رد: نبيل حاجي نائف
Rainbow الوعي واللاوعي (مظاهر اللاوعي) رشيد عوبدة 0 5,344 01-09-2011, 01:17 AM
آخر رد: رشيد عوبدة
  محاولة لفهم لغز الوعي نبيل حاجي نائف 2 2,252 10-18-2010, 09:09 AM
آخر رد: نبيل حاجي نائف
  العقل البشري يسعى للايمان طريف سردست 1 1,717 06-16-2009, 08:19 PM
آخر رد: طريف سردست
  الوعي، هل يصبح أحد خواص المادة؟ Obama 3 3,304 10-21-2008, 04:53 AM
آخر رد: Obama

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS