مرحبا بالجميع
كلنا يعرف عظمة الادب الروسي والادباء الروس العظام كثيرون فهل لنا بموجز قصير عن اهم كتب الأدب الروسي من روايات وقصص ونبذة عن اهم أدباء روسيا .

شكرا

تُعد آنا أخماتوفا "ملكة المأساة" في الشعر الروسي التي زاوجت بين الحب واليأس.
كتبت آنا أخماتوفا عن الحب في كل الحالات، منذ أن كانت صغيرة، حيث كانت حياتها بسيطة، وقيل عن قصائدها أنها رائعة وفي منتهى الإبداع والتميز مع أنها أقرب ما تكون إلى قصائد غنائية بسيطة.
حولت الظروف حياة آنا إلى مهمة صعبة ومؤلمة، ومع هذا كتبت عن الحب بأسلوب كانت فيه كتابتها على صورة ذكرى لم تغادرها أبداً.
وعندما تحسنت ظروف حياتها فيما بعد، أصبحت الشاعرة أخماتوفا المرأة الناضجة صوتاً للشعب الروسي، الذي تعاطى وتقبل الأوقات العصبية التي مر بها، وبعد تجاوزها الخامسة والستين كتبت أفضل أعمالها على الإطلاق، حيث زاوجت بين الحب واليأس مما حدا بناقد الشعب "ألكساندر ويرث" بأن يخلع عليها لقب "ملكة المأساة" في الشعر الروسي.
ولدت آنا في 23يونيو عام 1888في بولشوي، فونتان في روسيا، وحملت اسم آنا أندريفينا جورنيكو، وككاتبة استخدمت اسم جدتها أخماتوفا.
بدأت كتابة قصائدها عام 1907، وقام زوجها الأول نيكولاي غوميلوف بنشرها، كتب يصف أعمالها:
"إن أفضل عوامل تميز شعر أخماتوفا هو أسلوبها، لم تكن تصف على الإطلاق.. تقريباً، إنما كانت تعرض فقط".
كانت النساء خلف ذياع صيت كتابها الثاني، وأصبحت مشهورة وهي لا تزال في العشرينيات من عمرها.
قامت هي وزوجها غوميلوف والشاعر "أوسيب ماند يلستام" بقيادة الحركة الذروية من 1910- 1917، تميزت هذه الحركة باللغة الدقيقة والصور الواضحة على عكس المذهب التصوفي المبهم للرمزيين.
أما تقنيات كتابة أخماتوفا فقد كانت تكمن في استخدامها اللغة المستخدمة اليومية للتعبير عن مشاعرها وتجاربها، وكشف ببساطة واضحة عن مشاعرها في مواضيع الحب، والغيرة، والافتراق، والموت.
استطاعت أن تعبّر عن مشاعر الآخرين من خلال فهمها العميق وتجربتها الخاصة.
وعلى عكس العديدين من المثقفين في دائرتها، لم تهاجر أخماتوفا بعد ثورة أكتوبر عام 1917، مع أن حياتها أصبحت صعبة جداً أدت بها إلى الانتقال إلى مرحلة اليأس التام، حيث أُرسل ابنها إلى معسكر للاعتقال مكث في 15عاماً، وتم إعدام زوجها السابق بتهمة معاداته للثورة ومبادئها.
وفي عام 1923صدر قرار بمنع نشر قصائدها وصودرت كتاباتها، واختفى اسمها لمدة 17عاماً من الأوساط الأدبية، مما دفع بها إلى الشعور بالمرارة والغضب، فقامت بإحراق بعض قصائدها، وتوقفت عن كتابة أية قصائد جديدة، لكن أصدقاءها كانوا يحفظون ويراجعون أشعارها لتبقى كلماتها حية.
وفي عام 1940نشرت العديد من قصائدها التي كتبتها قبل الثورة إضافة إلى قصائد غنائية وطنية كتبتها أثناء الحرب ونشرت فيما بعد.
ظهرت أعمالها مجدداً في الدوريات السوفيتية عام 1953بعد وفاة ستالين، وتم الاعتراف بها عالمياً في الستينات، وترجمت أعمالها لعدة لغات.
كتبت أخماتوفا أحب القصائد إلى نفسها في الستينات، عندما بدأت تشعر بتناغم وسلام داخليين، وهذا ربما يعود إلى اعتراف بلدها بها أخيراً، بعد أن كانت قد طردت من اتحاد الكُتَّاب السوفيتي عام 1946.
انتُخبت لرئاسة اتحاد الكُتَّاب عام 1965، وأثناء تأبينها الرسمي أثنوا على جهودها، وكتبوا على شاهد قبرها:
"إنها كانت شاعرة سوفيتية متميزة غذت الأسلوب الشعري الروسي، وخدمت بلادها في بناء عالم جديد".
وفي يونيو 1989أقيم احتفال ضخم احتفاءً بأعمالها في لننجراد، وكان الاحتفال اعترافاً وتقديراً لإحدى الشاعرات الجيدات، إن لم تكن الأفضل في هذا القرن.
فيما يلي مقاطع من شعر آنا أخموتوفا..
"في عام 1939كتبت آنا أخماتوفا عن حالتها بعد إعدام زوجها غومليوف واعتقال ابنها ليف قصيدة تقول فيها": [/color]
[color="Green"]الدون الهادئ يجري هادئاً
هلال أصفر يدخل البيت
يدخل بقبعة مائلة على الرأس
يرى الهلال الأصفر ظلاً
هذه المرأة مريضة
هذه المرأة وحيدة
الزوج في القبر والابن في السجن
ادعوا من أجلي[/color]
[FONT="Book Antiqua"][color="RoyalBlue"]زارت أخماتوفا (عام 1936) صديقها الشاعر "أوسيب مانديلستام" ( 1891- 1938) في منفاه في مقاطعة فورونيج، وعن ذلك كتبت قصيدة أطلقت عليها اسم "فورونيج" ، حيث الليل لا يشف عن فجر ولا ينتهي إلا إلى المزيد من الظلام بعد ذلك بعامين أعدم الشاعر مانديلستام.
تقول أخماتوفا في المقطع الأخير من قصيدتها: [/color]
[FONT="Book Antiqua"][color="DarkOrange"]وفي غرفة الشاعر المغضوب عليه
يتناوب الخوف مع جنيّة الشعر
والليل يسير
الليل الذي لا ينبئ بالفجر[/color]
[FONT="Book Antiqua"][color="RoyalBlue"]استمر اعتقال الأصدقاء وموتهم يلاحق أخماتوفا ففي عام 1953قضى "نيقولاي نيقولايفيتش بونين" في قبضة الجلاد في المعتقل وكتبت أخماتوفا بعد أن علمت بموت بونين في المعتقل: [/color]
[color="Red"][FONT="Book Antiqua"]لن يستجيب القلب بعد الآن
لندائي متلهفاً منشر النبض
كل شيء ينتهي..
وقصيدتي ستهيم[/color]
[FONT="Book Antiqua"][color="RoyalBlue"]صديق أخماتوفا الشاعر "ميخائيل زوشينكا" عانى وإياها وترك رحيله الشاعرة وحيدة تحت سماء الخوف عام 1958عام وفاته كتبت أخماتوفا تبحث عنه: [/color]
[FONT="Book Antiqua"][color="DarkRed"]أرهف السمع لعل صوتاً يجيء من بعيد
لا شيء حولي، لا أحد
مددوا جسده
في هذه الأرض الطيبة السوداء
لا جرانيت ولا صفصاف باكِ
يظللان جثمانه الخفيف
لا شيء سوى رياح البحر والخليج
تهب إليه
لتبكي عليه[/color]

آسف ضننت العنوان الادب الإيروسي ولهذا دخلت على الموضوع.:lol:

شكرا للزميل قارع الاجراس على الإضافة وبانتظار إضافات اخرى من زملاء آخرين.

الزميل إيراني قح
للاسف ليس لي إهتمامات بالأدب ( الإيروسي ) ولذلك عليك أن تغير المضافة:haa:

[CENTER]نيغولاي غوغول

ولد نيقولاي غوغول في إبريل عام 1809 في قرية بانوفشينا في أوكرانيا التي كانت تابعة إلى روسيا القيصرية، ثم انتقل للعيش في بطرسبورغ عاصمة القياصرة عندما بلغ العشرين من عمره، وكباقي مبدعي الريف أصابته المدينة بخيبة أمل كبيرة بسبب تناقضاتها الاجتماعية العميقة ومآسيها الفاجعة وسيطرة الزيف بين سكانها، وقد وصفها ذات يوم قائلا «إنها حداثة التخلف».
بدأ غوغول بنشر قصصه القصيرة في بطرسبورغ عبر مجلاتها الأدبية ومن ثم ضمها في كتاب قصصي حمل اسم «أمسيات في مزرعة ديكانكا» وبعدها كتب مسرحيته المشهورة «المفتش العام» التي يسخر فيها من الحياة في مدينة روسية ثم أصدر روايته «شارع نيفسكي» قبل أن ينتقل للعيش في روما بإيطاليا لمدة اثني عشر عاما.
في عام 1848 عاد غوغول إلى روسيا وقد انكب على تأليف جزء ثان من روايته المشهورة «الأرواح الميتة» والتي انتهى منها عام 1851 حيث وقعت تحت يد أحد رجال الدين المتعصبين، وأقنعه بعدم جدواها للناس وقد أثر ذلك كثيرا في نفسية غوغول فنمت لديه نزعة دينية أرثوذكسية، وراح يتردد على الأماكن الدينية التي عاد منها منهارا غير مؤمن بجدوى الكتابة وقد كبرت أزمته النفسية حيث أن رجل الدين ذاك كان قد أقنعه أن الكتابة الأدبية عمل يمقته الخالق!
وطلب منه أن يتلف الجزء الثاني من «الأرواح الميتة» ليكفر عن إثم كتابة الجزء الأول منها، وفي عام 1852 وبعد صراع نفسي مرير قرر غوغول تنفيذ رغبة رجل الدين فأحرق الجزء الثاني من الأرواح الميتة.
كان غوغول موهوبا بالكتابة عموما فهو شاعر ومسرحي روائي وقاص، وقد نشر مطلع شبابه ديوانا شعريا باسم مستعار لم يلق الترحيب من النقاد، فأخذ غوغول يجول في المدينة ويشتري نسخ الديوان؛ ويعمل على إتلافها وقد كانت تلك النسخ تحمل اسم "ف. الوف" ولم يعترف إنه "ف. الوف" إلا بعد رواج كتابه: «الأرواح الميتة».
توفي غوغول عام 1852 بعد حرقه «الأرواح الميتة» بعشرة أيام، وقد كانت حياته مليئة بالقلق والاضطراب، وهذا ما دفع ديستويفسكي لأن يقول عنه:
إن الأدب الروسي كله خرج من معطف غوغول.
كتب غوغول عشرات القصص التي أسست لأدب مختلف ومغاير لما هو سائد آنذاك وقد اعتبرت قصته «الأنف» تحولا في مسار الأدب الروسي عامة فهي تحكي عن الرائد كوفاليف الذي تنتابه حالة من الهستيريا، وهو يبحث عن أنفه الذي اختفى في عاصمة القيصر بينما يعيش الأنف حياة خاصة به ويرتكب الحماقات، وهو يتجول في المدنية، وللمفارقة العجيبة أن فنانا روسيا قام بنحت فني مستمد من قصة الأنف ووضع في مكان عام، ولكن أحد اللصوص سطا عليه وسرقه.. ليس بسبب ما يمثله من معدن بل بسبب عشق اللص للفن حيث أن التمثال يزن اكثر من مئة كيلو غرام وهو مصنوع من المرمر.. وهذه الحادثة يعود تاريخها إلى سنة واحدة خلت حيث أن ذلك يدل على قيمة عالية للكاتب وآثاره.. حتى من اللصوص.
يقول النقاد في العالم أن الرواية الروسية خرجت من «معطف» غوغول، هذه المقولة ذهبت إلى أبعد حد في تعبيرها عن المأساة الإنسانية الممزوجة بسخرية حادة ونقد للأوضاع الاجتماعية التي كانت سائدة في روسيا القيصرية خلال القرن التاسع عشر، ولكنها في واقع الأمر تنطبق فصول تلك المأساة على أي زمان ومكان طالما أن الظروف ذاتها هي التي تخلق الحالة وتعطيها ذلك التصنيف الذي يمكن تسميته بالأدب المستمر حيث يمكن للحدث أن يبقى في الذاكرة كما هو الحال في «المعطف» التي تحولت إلى وحدة قياس أدبية من خلالها يمكن الحكم على نماذج أدبية أخرى في الرواية والمسرحية.
لقد كان نيقولاي غوغول كاتبا استشرافيا يقرأ الحاضر بلغة الغد، ولشدة عمقه الإنساني عاشت كتاباته وصمدت طيلة تلك السنوات ورغم ظهور عشرات بل مئات الروايات والمسرحيات بعد المعطف، إلا أن معطفه كانت العمل الفني المكتمل الذي لا يتجاوزه الدارسون أو المبدعون.

[CENTER]رواية "المعطف لـ غوغول
تنتمي «المعطف» فنياً إلى المسرح ولكنها تندرج تحت مسمى الرؤية المسرحية حيث إن بعض الترجمات (ترجمت إلى جميع اللغات الحية) جعلتها رواية من حيث بنائها الفني، فهي تتحدث عن شخص محدد يدعى اكاكي اكاكيفتش وهو موظف في إحدى الدوائر العامة بمدينة بطرسبورغ، له طبع هادئ ولطيف محب جداً للعمل ومتفانٍ في خدمة أصدقائه في الوظيفة، وليس لديه اهتمامات أخرى سوى حبه للنسخ حيث أنه يمتلك خطاً جميلاً رائعاً يؤهله لتسويد آلاف الصفحات طيلة الشهر، ويتقاضى راتباً ضئيلاً وليس لديه مواهب أخرى، فهو محب للعمل فقط، بل انه يصطحب معه أوراقه إلى المنزل ليتابع النسخ، وهكذا يقوم زملاؤه في الوظيفة برمي جميع أوراقهم على مكتبه لينسخها بدلاً منهم ولا يتوانى مديره الانتهازي عن الطلب منه القيام بحل بعض الواجبات المدرسية لابنته حيث أن خطه الجميل سيمنح ابنة المدير تقديراً عالياً في مدرستها.
وتمر أيام اكاكي اكاكيفتش هكذا رتيبة ثقيلة لا معنى لها، فهو غير متزوج، وليس لديه عائلة سوى مدبرة البيت التي تلعب دور الأم والزوجة والأخت والرفيقة في حياتها، فهي التي تعد له الطعام وترتب له المنزل وتهتم بشئونه وكأنه شخص صغير.. ولكنه لطيف مهذب مستلب أمام الغير، ولديه ضعف كبير في شخصيته أمام جميع البشر الذين يستغلون حبه للعمل فيرمون عليه واجباتهم الوظيفية وغيرها.
و ذات يوم تدخل مدبرة المنزل مع اكاكي اكاكيفتش في نقاش طويل لكي يشتري معطفاً جديداً بدلاً من هذا المعطف البالي الذي ذهب لونه، وتهرأت بطانته، وتمزق جيبه، وتحول إلى خرقة بالية وصار أضحوكة أمام زملائه.
أمام إصرار مدبرة المنزل لا يجد اكاكي اكاكيفتش مفراً من التوجه إلى الخياط بتروفيتش صانع المعاطف، الذي سرعان ما يشكو لاكاكي قسوة زوجته التي تعطيه قليلاً من السمك وتحجب عنه الطعام الجيد والحياة الهانئة، فيشعر اكاكيفتش بالحرج حيث أن هذه المشكلات لم يعانها ذات يوم، فهو لم يتزوج ولا يعرف لماذا يشتكي الأزواج… لكن بتروفيتش الخياط يقع نظره على معطف الرجل..
فيشهق قائلاً: ما هذا؟
فيرد عليه اكاكيفتش: إنه معطف و أريد منك أن تصلحه ليكون مناسباً للاستعمال.
لكن الخياط بتروفيتش يرفض إصلاح المعطف لأنه اصبح بالياً، وخيوطه قد اهترأت، والأفضل أن يصنع له معطفاً جديداً بمبلغ معقول، وعندها يقرر اكاكيفتش أمام الثمن الزهيد للمعطف أن يتفق مع الخياط على خياطة معطف جديد.
يمضي اكاكيفتش بمعطفه الجديد إلى العمل حيث يندهش زملاؤه لهذا المعطف الرائع ويبدءون معاملته بطريقة مختلفة عما كان في السابق حتى أن موظفاً شاباً يقرر أن يقيم حفلة في منزله بمناسبة حصول اكاكيفتش على معطف جديد، فيذهب اكاكيفتش إلى الحفلة متردداً وسعيداً في ذات الوقت، حيث يحتسي الكثير من الشراب حتى يثمل، فيغادر المكان عائداً إلى البيت، وفي الطريق يسقط من شدة السكر فيسلبه أحد اللصوص معطفه.
وعندما يستيقظ يتقدم بشكوى إلى الشرطة التي تضحك عليه لسذاجته حيث أنها المرة الأولى التي يبلغ فيها أحدهم عن سرقة معطف كان يرتديه.
يعود اكاكيفتش إلى معطفه السابق، وقد لازمته حمى شديدة اتضح بعد فحص الطبيب انه مصاب بالتهاب رئوي حاد، يتوفى اكاكيفتش على أثره.
وخلال ذلك كان عدد من زملائه قد قرروا خياطة معطف جديد لدى بتروفيتش لشدة إعجابهم بمعطف زميلهم الراحل، ولكن حدثت أحداث غريبة في المدينة، فقد اقسم أحد الزملاء انه رأى شبح اكاكيفتش يتجول في المدينة ويسلب الناس معاطفهم، وأخذت ظاهرة الشبح تتفاعل أكثر وأكثر، وأخذ يظهر في عدة أماكن في وقت واحد، وبدأ الناس يتحدثون لا عن شبح واحد؛ بل عن عدد من الأشباح تظهر ليلاً وتطارد لابسي المعاطف الجديدة، وشيئاً فشيئاً أخذت أعداد الأشباح تتزايد حتى أضحت بالمئات.
في الوقت الذي بدأ فيه أصحاب المعاطف الجديدة يغادرون المدينة فرادى وجماعات حتى خلت منهم تماماً


[CENTER]ليو تولستوي
يعد الكونت ليو تولستوي من أعظم العباقرة المعاصرين، ففضلاً عن كونه أديباً روائياً، تعد أعماله من روائع الأدب العالمي، ينظر إليه الكثيرون على أنه مفكرٌ، وفيلسوفً، ومصلحً اجتماعي.
ولد ليو تولستوي في التاسع من سبتمبر عام 1828، في ضيعة صغيرة تمتلكها عائلته الأرستقراطية، يطلق عليها "ياسنايا بوليانا" بالقرب من مدينة موسكو، من أعمال روسيا القيصرية.
توفي والداه عندما كان صبياً صغيراً، وتولت خالاته تربيته.
تلقى تولستوي تعليمه الأولي، على يد مدرسين خصوصيين أجانب، وفي عام1844، التحق تولستوي بجامعة كازان (University of Kazan) ؛ إلا أنه سرعان ما ضَجِر من الطريقة، التي يشرح بها أساتذته الموضوعات العلمية، فترك الدراسة، قبل أن يتخرج، وعاد إلى مسقط رأسه عام 1847.
بدأ تولستوي يعلم نفسه بنفسه، فصار يقضي الساعات الطوال، ينهل من مصادر العلم والمعرفة، وعن هذه الفترة من حياته، كتب تولستوي ثلاث روايات هي:
الطفولة (Childhood)،والصبا (Boyhood)، والشباب (Youth).
وفي عام 1853، وعمره خمسة وعشرون عاماً، تطوع تولستوي في الجيش الروسي، العامل في منطقة القوقاز، واشترك في حرب القرم، في الفترة ما بين عامي 1853 و1856. وأظهر تولستوي شجاعة فائقة في معركة عرفت باسم معركة "سيفا ستوبول" (Battle of Sevastopol)، وعلى الرغم من شجاعته، كره تولستوي الحروب، وكره تشبيه قادة الحروب بالأبطال، وقد كتب قصة "القوزاق" (The Cossacks) عام 1863، واصفاً فيها تجربته أثناء المعارك الحربية.
وفي القصة، يُكنُّ الأرستقراطي المهذب، أوليفيه، وهو الشخصية المحورية في القصة، كل الإعجاب لحياة الحرية والتوحش التي تحياها قبائل القوزاق.
الأديب والروائي الروسي: ليو تولستوي
بعد أن ترك الجيش، سافر تولستوي في عدة رحلات إلى غرب أوروبا، عكف فيها على تعلم أساليب التدريس، وطرق التربية، وعند عودته إلى ضيعته، افتتح مدرسة لأولاد الفقراء، كان التعليم فيها معتمداً على الأساليب التربوية السليمة، التي تعلمها تولستوي خلال رحلة حياته، ولتعميم طريقته في التدريس، ونقلها إلى مناطق أخرى من روسيا، أصدر تولستوي دورية علمية أسماها باسم مسقط رأسه، "ياسنايا بوليانا".

[U]اعماله الأدبية
تعد رواية "الحرب والسلام" (War & Peace)، بحق، أروع ما كتب تولستوي من أعمال، وقد نشرت كاملة، في شكلها النهائي، عام 1869، وهي تحكي التسلسل التاريخي لحياة خمس أسر روسية، تمر بخضم التجارب الإنسانية، ومراحل الحياة المختلفة، التي طالما استهوت تولستوي، وهي:
الولادة، والنمو، والنضج، والزواج، وإنجاب الأطفال، وتقدم العمر حتى الكهولة والشيخوخة، وأخيراً الموت.
كما تُعد الحرب والسلام، رواية تاريخية، تصف الأحداث السياسية والعسكرية، التي كانت أوروبا مسرحاً لها، إبان الفترة من عام 1805 إلى عام 1820، وهي تُلقي بظلالها، بصفة خاصة، على غزو نابليون لروسيا عام 1812.
في هذه الرواية أعلن تولستوي، رفضه القاطع لنظرية تخليد التاريخ للرجل العظيم، فيذهب إلى أن الشخصيات العظيمة، أو الأبطال، ليس لهم بصمات مؤثرة على مجريات أحداث التاريخ، كما يعتقد بعض الناس.
ثم نُشرت التحفة الثانية رواية "آنا كارنينا" (Anna Karenina) ، مسلسلة من عام 1875 إلى عام 1877، وتدور الرواية حول خيانة أميرة روسية "آنا" لزوجها "كارنين"، وتتأمل الرواية، العلاقة الرومانسية بين آنا والكونت فيرونسكي (Vronsky)، حيث يبدي كل من آنا والكونت ازدرائهما التام، لأفكار الطبقة الأرستقراطية الراقية، التي ينتميان إليها، وتأتي نهاية الرواية بانتحار البطلة، نتيجة الصعوبات الكبيرة، التي واجهت ارتباطها بمن أحبت، ولكن رواية آنا كارنينا، لم تكن فقط قصة حب، تحوي عناصر مأساوية، بل كانت سرداً لأغوار القضايا الاجتماعية والفلسفية والأخلاقية لروسيا القيصرية، وطبقتها الأرستقراطية، وذلك في سبعينيات القرن التاسع عشر، وتشمل هذه القضايا التصرفات المرائية للطبقة الراقية، تجاه الخيانة الزوجية، ودور الإيمان العقائدي في حياة البشر.
وتُطرح الرواية عدداً من هذه القضايا من خلال أفكار وأفعال ليفين (Levin)، وهو الشخصية المحورية الثانية في الرواية، والذي يعبر، في الوقت ذاته، عن أفكار وآراء تولستوي.
بدأ تولستوي، بعد ذلك، رحلة فكرية يتدبر فيها الحياة، ومعناها، والهدف منها، فوضع كل تساؤلاته، وحيرته، وعذابه، في رواية جديدة أسماها "اعترافاتي" (My Confession)، نشرت عام 1882.
واصل تولستوي تأمله في الوجود، ملقياً وراءه كل اعتراضات الكنيسة الروسية على هذا الاتجاه الفلسفي، وكتب مؤَلفاً يعبر عن رأيه، أطلق عليه "مملكة الله مقرها داخلك"، واعتقد تولستوى أنّ على الإنسان، أن يسعى لاكتشاف أوجه الخير داخله، ولا ينتظر من يُظهرها له، وكان يعتقد أن العنف سلاح الضعيف، الذي لا يملك حجة؛ أما التسامح، والنقاش الهادئ، القائم على احترام المبادئ، فهو القوة الحقيقية وهو الذي يجب أن يسود.
في عام 1898، كتب تولستوي "ما هو الفن"؟ (What is Art?)، وفي هذا الكتاب، وضع نظرية "الفن للحياة"، التي تضفي على الفن بعداً دينياً أو أخلاقياً أو اجتماعياً. وبهذه المعايير، حكم تولستوي، بنفسه، على معظم أعماله الأولى، بأنها "فن أرستقراطي"، كتبت بغير غرض، وبأنها كانت بعيدة عن إدراك وفهم، الإنسان البسيط.
ثم بدأ تولستوى في كتابة أعمال روائية جديدة، تناولت معنى الحياة. وفيها، كان أبطاله من الفقراء البسطاء، بدلاً من النبلاء والأمراء، الذين طالما كتب عنهم من قبل، ففي عام 1886، نشر تولستوى قصة بعنوان "وفاة إيفان أليش" (The Death of Ivan Ilyich)، وفيها حكى قصة فلاح فقير، سقط فريسة لمرض مميت، وبينما هو في سكرات الموت، بدأ يستعرض حياته، وكم كانت فارغة من الأعمال الجيدة.
وتأتي رواية "البعث" (Resurrection)، كأعظم أعمال وإنجازات الفترة الأخيرة من حياة تولستوي، وهي قصة امرأة أُخذت بجريمة لم ترتكبها، ورجل نبيل ينشد التكفير عن خطاياه.
تأتي بعدها رواية "الشيطان" (Devil)، عام 1898، وهي تركز على الحب والغيرة والجانب المدمر للغريزة الجنسية، ورواية "الحاج مراد" (Hadji Murad)، التي نشرت بعد موت تولستوي، وهي تحكي قصة زعيم إحدى القبائل في جبال القوقاز. وفي هذه الرواية يسطع نجم تولستوي، مرة ثانية، بوصفة محللاً نفسياً قديراً، وأديباً قلما جاد الزمن بمثله.