بسم الله الرحمن الرحيم
طارق
أختلف معك في تعريفك للتطرف - وأختلف معك في استنتاجك لسبب التطرف وحصره في الدين - وفي السؤال الذي خلصت إليه بالنتيجة:
اقتباس:هل الدين مجلبة للتطرف، أم الإنسان مجلبة للدين والتطرف وما بينهما
سؤال يريد أن يجبر قارئه على الإجابة بنعم أو لا - ويقود قارئه في نفق يتفرع إلى اتجاهات يعلمها صاحب السؤال وتقع تحت سيطرته ويخضع لافتراضاته التي ذكرها في مستهل حديثه
سؤال يذكرني بالموضوع التالي في نادي الفكر
http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?f...id=33&tid=41039
- وهو أحجية ظريفة جوابها محصور في عدة أرقام يستخدم لها الكلب نفس الرمز ويوهم الشخص أنه يقرأ ما في نفسه - ولو أن القارئ سار في اللعبة بدون أن يفكر بأي شيء أو يضمر في عقله أي شيء لظهر له الرمز نفسه ووصل إلى النتيجة نفسها
لماذا رأيت التطرف في الدين ولم تره في العلمانية لماذا لم تر ستالين ولينين وماوتسيتونغ وميلوسيفيتش وهتلر وموسوليني وفرنسا في الجزائر؟ والمستوطنين البيض في أستراليا الأمريكتين؟
كما وضعت أنت تعريفاً للدين بأنه نشاط بشري فسوف أضع تعريفي للتطرف :
التطرف برأيي هو رفض الآخر المختلف بناء على فكرة مسبقة أو إيديولوجية جامدة - ومحاولة سحقه وإفناءه وعدم الاستماع إليه وإعطاءه فرصة للدفاع عن نفسه إلا عن طريق (نفق) الإيديولوجية الظالمة نفسها التي استخدمت لسحقه
وسواء كان الشخص المتطرف يلبس بدلة وربطة عنق ويتشدق بالعبارات المسماة "حداثية وتقدمية" أو كان يلبس الجينز أو يلبس عمامة وقفطان - فسلوكه هو الذي يحكم عليه ويصنفه في خانة التطرف
إذا كنت ترى الدين (الاسلام تحديداً) سبباً للتطرف في هذه الأيام فأنت مخطئ
الدين الاسلامي هو ملجأ الشعوب التي تعتنقه للدفاع عن هويتها وحقوقها أمام شعوب أخرى تريد أن تستأصل وجودها الحضاري وتدفنه في المتاحف كخطوة أولى لهضمها سياسياً واقتصادياًَ وجعلها باحة خلفية لتلك الشعوب.
ما يسمى بالإندماج وانتيغراسيون في أوروبا ويستهدف المسلمين تحديداً هو مثال على التطرف الحريري الذي ربما لا ينفي الآخر عن طريق التصفية الجسدية ولكنه يريد أن يبتر جزءاً من هوية المسلم تمهيداً لتحييده وجعله أملس كالبيضة لا تتعارض شخصيته مع السياق العام - ثم لا يهم بعد ذلك أكانت البيضة سمراء اللون أم بيضاء
التطرف الذي يبديه "بعض" المسلمين والذي يتسم بالعنف الأهوج والقتل والتهديد والذي يرفض الآخر ويسعى لاستئصاله هو مجرد رد فعل على ما يواجهه المسلمون من شعوب العالم وإعلامه الظالم لمجرد كونهم مسلمين - وهؤلاء المتطرفين استخدموا شعورهم بالانتماء للاسلام واعتزازهم به كقاعدة أساسية للدفاع عن ذواتهم ولكنهم للأسف ومن مبدأ المعاملة والرد بالمثل الذي لا يقره الاسلام بإطلاقه - استوردوا كل آليات التطرف والعنف من خصومهم وركبوها على هذه القاعدة فخرج هذا المزيج الغريب والمتفجر الذي تراه في العصر الحديث
بالنتيجة أصل إلى القول التالي - وهو رأيي المجرد:
الظلم بأنواعه واليأس من وجود جهة منصفة والعزل المقصود لمجموعة بشرية معينة - هو مدعاة التطرف - ينطبق ذلك على جميع الحالات - فأنت لا تستطيع تجييش وتحشيد مجموعة بشرية تحت لواء أيديولوجية ما بالحماس الكافي الذي يتطور باتجاه العنف - إلا إذا كان هناك دافع كبير لأفراد هذه المجموعة يحثهم على التجمع والمخاطرة بأنفسهم، ومبدأ عام يجمعهم في مواجهة الآخر
أدعوك للتفكير في كلامي وأدعو الزملاء للمشاركة برأيهم