الاستاذ رحيل
القراءة بتدبر لايات خلق آدم عليه السلام و التعويل على اللغة العربية و اتباع قاعدة النبي(ص) في تفسير القران و هي أن القران يفسر بالقران ستزيل اللبس و الغموض و ستتضح المعاني باذن الله.
اقتباس:1- يخبرنا القرآن والسنة المحمدية أن آدم قد خلق فى جنة وقد قامت الملائكة يومها بالسجود له ولم يسجد إبليس وعلى أثر ذلك تم طرده من الجنة "جنة الخلد " كما يطلق عليها البعض .
السنة هي المبينة للقران الكريم و اذا اخذنا ايات خلق آدم نلاحظ الاتي :
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي
الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } (30) سورة البقرة
*هذا اول خبر خلق آدم يخبره الله تعالى للملائكة بقوله اني جاعل في الارض خليفة.
و هو معنى واضح و صريح في ان آدم مخلوق ليعيش على
الارض.
*أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لادم و هذا يعني تواجد آدم و الملائكة في مكان واحد . و لكن الله تعالى ليس كمثله شئ لذا فلا يجوز فهم هذه الايات بان الله تعالى متواجد وجودا ماديا معهم, لذا فيجب ان نسقط اي فكرة تجسيدية يفهم منها انهم كانوا مع الله في مكان يوجد فيه الله تعالى, اذ هو منزه عن المكان و الحلول.
بعد اقصاء فكرة وجود آدم و الملائكة و ابليس في مكان سماوي لا بد من الاجابة عن السؤال : اين كانوا اذن؟
*القران واضح جدا في القول بان الانسان مخلوق أرضي في بداية خلقه و في بعثه من مماته :
{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (55) سورة طـه
*فهذه الاية تحسم الجدال عن مكان وجود جنة آدم هل هي على الارض ام في السماء.
*عندما امتنع ابليس من السجود امره الله تعالى ان يخرج من الجنة:
قَالَ
فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ {34}الحجر
فالخروج من الجنة لا يعني انه هبط من مكان ما في السماء . و انما هو خروج من مكان ارضي معين الى غير ه و لكنه يبقى ايضا مكان ارضي.
* الدليل على ان الارض هي مسرح كل هذه الاحداث هو ان ابليس نفسه بعد ان اخرج من معية آدم قال:
قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي
الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ {39}
اقتباس:2- قرأت أيضاً ان آدم قد عاش حياته فى جنة يأكل من كل شىء فيها ماعدا الشجرة المحرمة ولقد قام إبليس بالدخول إليه ووسوس له -أو لزوجته حواء -أن يأكل من الشجرة .
السؤال الىن هل هما جنة واحدة أى ان ىدم قد خُلق ف وعاش فى جنة واحدة أم انه قد خلق فى جنة وعاش فى آخرى
إن كانت جنة واحدة فكيف يطرد منها إبليس فى البداية بأمر إلاهى -فى واقعة رفض السجود- ويدخلها مرة اخرى -فى واقعة الغواية- ؟؟؟؟
وغن كانت جنتان خلق فى واحدة وطرد منها إبليس وعاش فى أخرى ودخلها إبليس فأين الدليل النقلى من القرآن على ذلك ؟؟؟؟
*يخطئ كثيرون في فهم آيات (الهبوط). فيفهون كلمة ( اهبط) كما نستخدمها حديثا بهبطت الطائرة او هبطت سفينة الفضاء فيتخيلون بان آدم و زوجه و ابليس هبطا من مكان في السماء الى الارض. و الحقيقة ان ( الهبوط) لا يفيد معنى ( النزول) من السماء .
* الايات التي صرحت بخروج آدم و زوجه من الجنة هي:
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا
فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {36}البقرة
و سنلاحظ ان ابليس ( أخرجهما) مما كانا فيه. و هو نفس الخروج الذي اوقعه الله عليه كما ورد في اية سورة الحجر اعلاه و اية سورة ص:
قَالَ
فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ {34}الحجر
و لكن امر الله تعالى لهم بالهبوط , امر تال للخروج مما كانوا فيه :
(..وَقُلْنَا
اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {36}البقرة
قُلْنَا
اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {38}
* و هنا أمران يحتاجان الى ايضاح :
1- قوله ( اهبطوا) لا يعني هبوطهم من مكان في السماء الى الارض فكلمة اهبطوا وردت في القران لوصف الحركة على مستوى الارض و ليس لوصف الحركة و الانتقال بين السماء و الارض :
{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ
اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (61) سورة البقرة
{قِيلَ يَا نُوحُ
اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} (48) سورة هود
أما الانتقال و الحركة بين السماء و الارض فقد وصفها القران الكريم بالنزول و ليس الهبوط :
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء
وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (22) سورة البقرة
{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ
فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} (59) سورة البقرة
{قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا
أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (114) سورة المائدة
{فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ
لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} (24) سورة المؤمنون
كما ان هبوط آدم و زوجه من الجنة سمي ( خروجا) و ليس ( نزولا) مما يؤكد انه انتقال من مكان الى آخر على مستوى الارض نفسها:
{يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا
أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} (27) سورة الأعراف
*السؤال عن وسوسة ابليس لآدم يفترض ان ابليس لا يستطيع ان يوسوس الى آدم الا اذا كان مجاورا او ملاصقا له و هو افتراض لا يستند على نص. فطالما هو مخلوق من عنصر لا يخضع لنفس قوانين عنصر خلق آدم فليس هناك ما يمنع ان تكون مقدراته قائمة على قوانين مختلفة . و انه وسوس لادم فظاهرة التخاطر من بعد معروفة .
الخلاصة : ان الجنة هي في الارض و ستظل في الارض حتى بعد البعث:
{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ
السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (108) سورة هود
فما الداعي لربط الجنة ببقاء الارض اذا لم تكن الجنة عليها؟
{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا
الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (74) سورة الزمر