لن نضع جميع البيض في سلة واحدة، ولن نتصدى لجميع التيارات الاشتراكية التي عرفتها وتعرفها مصر. لذلك، لنقصر حديثنا هنا على موقع "اشتراكيون" الذي يتعاون على إغنائه ثلة من نخبة شباب اليسار المصري (اشتراكيون ثوريون).
ولن نضيع في متاهات جميع التيارات الاشتراكية وفلاسفتها المتأخرين، فهي كثيرة متشعبة لا يتسع لها هذا المقال، لذلك فلنعد فقط إلى "فكر كارل ماركس" باعتباره الرافد الأساسي للفكر الاشتراكي خلال القرن العشرين، والملهم الأول لثورة أكتوبر البلشفية (1917) التي "يتغنى بها" موقع "اشتراكيون"، ويعتبرها نقطة ملهمة رئيسية في نضاله من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات وإحقاق الحق والقضاء على الظلم والاستبداد.

*****

إن المطالع لموقع "اشتراكيون" سوف يجد، منذ الكلمات الأولى، موقعاً مكرساً "لمعارضة النظام المصري" وما يجري في "المحروسة" من ظلم واستبداد واعتصامات ومظاهرات وحراك سياسي.
المسؤولون عن الموقع وكتابه لا يتخفون كثيراً ولا "يعلكون" الكلام عندما يصبون على "نظام مبارك" نقمتهم، بل انهم صريحون أيضاً في مشروعهم السياسي. فهم "اشتراكيون ثوريون"، نفضوا أيديهم من "الرأسمالية" ويريدون تغييرها عبر "ثورة جماهيرية شعبية" لأن "الثورة الجماهيرية من أسفل" هي وحدها من يستطيع إعادة الأرض لمن يكدحون فيها وتحقيق آمال المظلومين" (راجع فقرة "من نحن" في الموقع).
"الثورة الجماهيرية" هذه تقودها "الطبقة" العاملة، وهدفها إقامة "دولة العمال والكادحين" على غرار "الثورة البلشفية الروسية"(1917)، محكومة بديمقراطية عمالية تحقق المباديء الاشتراكية في ضمان نصيب الناس من الثروة بحسب الحاجة والكفاءة. (تبقى هناك "جزئية" الثورة العالمية التي يؤكد عليها "اشتراكيون"، والتي لا تعنينا هنا).

هذا الخطاب الاشتراكي معروف للجميع منذ دهر طويل، وموقف "اشتراكيون" تجاه "النظام الرأسمالي المصري" لا غبار عليه. ولكن المتصفح للموقع سوف يلاحظ تمركز "خطاب الاشتراكيين" حول النظام ومثالبه والنشاطات المناهضة له، في حين أنه يهمل إهمالاً تاماً ما يدور في الشارع المصري من تغييب عقل الناس "واستلابهم" بخطاب "ديني غيبي ماورائي" يعد عدواً أولاً لكل "تحول شعبي مستقبلي" ولكل تغيير ممكن نحو "المثال الاشتراكي" الذي يحلم به الساعون نحو الاشتراكية.

"موقع اشتراكيون" يريد تغييراً "من أسفل" ويريد "ثورة جماهيرية"، ولكنه لا يحفل مطلقاً "بالتركيبة الذهنية" للإنسان المصري الكادح الذي باعته وتبيعه مدارس "الإخوان وشركائهم ليمتد" "جنات الخلد" و"الحور العين" و"العبودية لله".

"موقع اشتراكيون" يريد "ثورة اشتراكية" ولكنه لا يفعل شيئاً من أجل "التمهيد لها" إلا تكرير نفس الخطاب الخشبي للأحزاب الشيوعية في القرن العشرين.

"موقع اشتراكيون" يحاذر التعرض لمشكلة حقيقية في الشارع المصري هي "العقلية الإسلاموية" التي تجتاح هذا الشارع منذ فترة غير وجيزة. فهل نستطيع أن نعتبر موقع "اشتراكيون" مؤتمناً على "رسالته" التي يبشر بها حقاً؟ وهل نستطيع أن نصف مواقفه "بالمبدئية" و"الأصيلة" عندما يتحدث عن "الاشتراكية" ويغمض عينيه عن "استلاب الشارع المصري" ورهنه بيد الله وملائكته واليوم الآخر والشيوخ والفقهاء والمشعوذين؟

هل يحسب "اشتراكيون" بأن التصدي "للتيار الإسلاموي" في مصر هو مسألة ثانوية ليست بذات بال؟ أم تراهم ماذا يحسبون عندما يتضامنون مع "الإخوان المسلمين" ويفردون صفحات الموقع "أحياناً" لبعض منظري "الراجعين إلى الخلف وفاشيي القرن العشرين"؟

*******

هنا قد يقول قائل بأن كل "حركة سياسية تختار أولوياتها"، وهنا نقول بأن الأولويات في "الحركات السياسية" عليها التقيد "بالأولويات الفكرية" لهذه الحركات، فليس بالإمكان بناء سطح المبنى قبل "حفر الأساسات وبناء الأعمدة والجدران".

ليس ممكناً أن نبدأ الرحلة من "منتصف الطريق"، ولا يستطيع أحد طحن القمح قبل حصاده. وهذا – للأسف – ما يفعله "الاشتراكيون الثوريون" بنكوصهم عن التصدي "للخطاب الفاشي الديني الإسلاموي" والتفرغ لمناجزة النظام المصري الفاسد فقط.

ولكن لماذا نقول هذا؟

نقول هذا استناداً إلى "الاشتراكية" نفسها، و"فكر كارل ماركس" الذي نجده في جميع "أسس المشروع الاشتراكي" الذي يفصح عن نفسه في زاوية "من نحن" من الموقع. هنا لا بد من التوضيح قليلاً:
عندما أراد "كارل ماركس" تغيير العالم وليس التفلسف بشأنه فقط (الفلسفة عند ماركس انتهت مع "هيجل")، فإنه ربط هذا التغيير برد "الانسانية إلى الإنسان". لقد أراد ماركس أن يزيل العوامل التي تصادر "انسانية الانسان" "وتسلبه نفسه" فيصبح "عبداً مقيداً" لا يستطيع أن يصنع مصيره ولا أن يقود قافلته بنفسه.
وعندما نظر "فيلسوف الاشتراكية" إلى تلك العوامل التي "تستلب" الإنسان، وجد "الخطاب الديني الغيبي" يقع في صلبها. فالانسان عند "ماركس"، ليس "مُستلباً" فقط من الناحية المادية ولكنه مستلب أيضاً من الناحية الروحية. لذلك فمن الواجب أن يتم تحريره "أولاً" من هذا "الاستلاب الديني" قبل أن يدرك، هو نفسه، مدى "استلابه الاقتصادي" ويقوم، من خلال هذا الإدراك، بتحرير نفسه من ربقة "العبودية الاقتصادية". فالخطاب الديني الغيبي – عند ماركس – يعطي لحياة الإنسان معنى وهمياً معداً سلفاً يقعده عن الحركة والتفتيش عن تحقيق ذاته "وتخليق نفسه" من جديد. فالدين عند "ماركس" هو "ظاهرة اجتماعية" أعطى بها الإنسان "خصاله الحميدة وإنسانيته" "لكائن أسمى" دفعه نحو المطلق. مما أدى إلى "استلاب الذات الانسانية" عبر هذا "الكائن الأسمى" (الله) ودفعه إلى مركز الكون والقعود على رجليه "خاطئاً، عبداً" يستجدي رحمته وفضله ومنته".
إن اجتثاث الخطاب الغيبي ورد "الانسانية إلى الانسان من هذا الكائن"، إذاً، هو "الخطوة الأولى" نحو المستقبل والحرية و"التغيير الاشتراكي"، ودون هذا "الاجتثاث" سوف يبقى الإنسان مقيداً إلى أنظمة تستعبده وتحكمه وتسوقه سوق النعاج. دونه تبقى "إنسانية الانسان" مسلوبة منه.

****


"ماركس" إذاً يقرر بأن "الخطوة الأولى" للتغيير الاشتراكي تكون في محاربة هذا "الخطاب الغيبي". ومع هذا فموقع "اشتراكيون" يروّج لمقالات بعض طويلي اللحى في صفحته كي تتحدث وتقول وتسوّق لبضاعتها الفاسدة النتنة.
موقع "اشتراكيون" يضع الحصان أمام العربة ولا يدرك بأنه لا يمكن زراعة الأرض قبل "حرثها".
موقع "اشتراكيون" ينافق "الإخوان المسلمين والفاشيين الإسلامويين" ويتستر على نظريته ومبادئه أو يخفيها ... لماذا؟
لا أعلم الجواب بالتأكيد، ولكني أخمن بأن "جذور الاشتراكية في مصر" ضعيفة بعد فشل التجربة السوفياتية، مثلما هي في جميع أنحاء العالم اليوم. لذلك فلم يكن من مناص عند "الاشتراكيين المصريين" إلا إعادة ترتيب الأولويات عبر طريقة "انتهازية" كي يعيدوا تكوين ذاتهم. هذه "الانتهازية" تكمن اليوم في "مسايرة الشارع" والتعريف بصوتهم عن طريق "معارضة السلطة فقط". وعندما يتمكنون يأتي دور التمهيد للاشتراكية عن طريق محاربة الخطابات "المستلِبة" (بكسر اللام).

هنا أعتقد بأن ما يفعله "الاشتراكيون الثوريون" اليوم من تجاهل "للخطاب الغيبي الذي يحكم الشارع المصري" ليس إلا خوفاً وضعفاً ونفاقاً في مرحلة "ضعف الوسائل" التي تتيح لهم أن يسمعوا أصواتهم بقوة.
"اشتراكيون" يتملق "القوى الراجعة إلى الخلف" إذاً كي يزداد قوة ومنعة، وهو لا يفعل هذا إلا لبعض الأسباب التكتيكية أو ما نستطيع تسميته "بالانتهازية" (فليس في مبادئه ما يجعله يلتقي مع الخطاب الديني الرجعي). لذلك تراه "يزاود ويكابر" في المواقف ويعلي صوته في المعركة مع النظام، انطلاقاً من مبدأ "تأكيد الذات" والتعريف بالنفس. ولعل "المزاودة والمكابرة" من أجل "إشهار الذات" بلغت بالموقع أن يصبح ملكياً أكثر من الملك، فتراه، عوض أن يلتفت إلى معركته الحقيقية (الاشتراكية وتحقيقها)، يرفع صوته في كل معركة أخرى ويتغنى بمواقف "رجعية" ويمارس خطاباً حاداً من باب "شوفوني يا ناس".

*********


من هذه المواقف، هذا البيان الذي أصدره "مركز الدراسات الاشتراكية" عن الصراع في فلسطين اليوم، والذي يخوّن "فتح" (بطريقة مضمرة) و"يطبطب لحماس". فهذا البيان يقول، ضمن ما يقوله،بأن الشعب الفلسطيني رفض الرضوخ "عندما اختار أن ينتخب من يقاومون ويرفض من يروجون للاستسلام، وكان على هذا التحالف أيضا أن يرد بقوة على عملية المقاومة الباسلة الأخيرة في غزة التي أذهلت إسرائيل والعالم كله وأعلنت فشل مشروع التركيع".

في عرفنا أن الشعب الفلسطيني لم ينتخب "حماس" لأنها تقاوم وترك "فتح" لأنها تستسلم. بل لم تكن هذه المواقف المبدئية على أجندة الشعب الفلسطيني، ولكن الذي كان على أجندته هو "تنظيف أجهزة السلطة الفلسطينية" من الفساد والرشوة والمحسوبيات التي ارتكبتها "فتح" ورجالاتها. لماذا نقول هذا؟
نقول هذا لأن "وثيقة السجناء الفلسطينية" تعترف "باسرائيل"، ولأن "حماس" اقامت الدنيا ولم تقعدها خوفاً من "الاستفتاء" الذي أراد طرحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
في عرفنا أيضاً بأن هذه "العملية الباسلة" (عملية محمد فروانة الذي قتل جنديين وخطف واحداً) ليست إلا "عملية فردية تبتغي خلاصاً فردياً"، تضرب أسسها في التركيبية السيكولوجية الدينية للمنفّذ ولا علاقة لها "بالمقاومة" ولا "بالتركيع" ولا "بفلسطين" حتى (وفي هذا قلنا الكثير في موضوع آخر).

**********

أخيراً، ما الذي نأخذه على هذا النهج "للاشتراكيين الثوريين" أصحاب موقع "اشتراكيون"؟
نأخذ عليهم "تخاذلهم في إعلان طريقهم" و"مخاتلتهم في نهجهم" من أجل تسويقه، و"النفاق" غير المجدي مع الخطاب الغيبي الإسلاموي الفاشي الرجعي الذي أصبح هو الخطاب السائد في الشارع المصري – للأسف -.

نأخذ عليهم "وضع الحصان أمام العربة" وعدم العمل على حل المشكلة الأولى الحقيقية في محاولة التغيير الاشتراكي التي تجابههم في الشارع المصري، أعني بها مشكلة "تغييب العقل بخطاب ميتافيزيقي ماورائي مجدب" يبيع المواطن الشعير مكان القمح والخل مكان النبيذ.

نأخذ عليهم "جعجعتهم" في "اللي يسوى وما يسواش" والتحالف مع "القوى الرجعية" بدعوى أنها قوى كادحة، مع أنها هي العدوة الأولى في التمهيد للاشتراكية التي تبدأ "برد الانسانية إلى الانسان عن طريق تحريره من الاستلاب الديني".

واسلموا لي
العلماني

بس رد سريع و تسليكة حال عزيزي العلماني
لا الشيوعيين المصريين حيفلحوا و لا غيرهم في دول نسبة الأمية و الجهل تصل السماء أولا و لا وجود لخريطة طبقية كالتي تعاطى معها ماركس في انجلترا او المانيا ثانيا و لأنه كما تفضلت هم عندهم رؤيا لمرحلة لاحقة أما اليوم ف"حسب الريح ما يودي" !
و سواء الفكر الشيوعي أو القومي تم استيرادهما و زرعهما بالعافية كما زرع عضو يرفضه الجسم لاعتبارات كثيرة ... بينما الفكر الديني و على رأي الحاج ماركس طيب الله ثرى أهله "تاريخ الشرق تاريخ الاديان" نبع من صلبنا و نخاعنا الشوكي و ظل طوال هذه النكبات و الانكسارات التي مررنا بها كما شبكة السيرك التي يقع عليها اللاعب من عل لتمتص الصدمات و تبقى بوتقة حامية للامة و موحدة للامة و هويتها ... و هذا دور لا يمكن لفكر مستورد أن يلعبه مهما نظر و لعلع بشعارات و أغاني ثورية.
ضمن هكذا وضع و وعيا من الشيوعيين المصريين بشعبية و دور الدين رأى ان يتملق و يخفف حدة العداء معهم لانهم القوة الكاسحة في الساحة فهل من الحكمة الثورية الاصطدام بهم و أمامه عدو رئيس هو النظام ؟
ألا تكون انت عزيزي مثاليا في هذه النقطة المطالبة بالنقاء الثوري و طهر اليدين ؟ و كما كتبت في ردي على الاخ تروتسكي: هل في وسط تشتعل فيه حمى الدين و الاصولية يمكننا المناداة بسحق الاديان لانها تسبب التخلف و استلاب الأنسان ؟ هذا قفز عن الواقع و انتحار أو تهلكة ... و ألف سلامتك من كل تهلكة .
أما التقيد بالأولويات الفكرية فيا عزيزي هناك قضايا فكرية لم تحسمها هذه الاحزاب بداخلها و لذلك رأينا الحزب الشيوعي العراقي ينشق ليضع شق منه يده في يد الامبريالية و يعلو شعار "يد الله فوق ايديهم على مقره في العراق "الحر" جدااا و هذا اكبر و أعرق حزب شيوعي عربي ... وكلها لربك يا كواطن !!

تحياتي

:redrose:

الزميل المحترم / العلماني

تحياتي ,,

منذ فترة ليست بالقصيرة و أنا أرغب في إثارة موضوع عن الشيوعية أو كما أسميتموه سيادتكم الإشتراكية / الثورية العربية عامة و المصرية بوجه خاص.
و التي باتت تذكرني بدون كيشوت - أو كمن يحارب لإنقاذ طعامه من الإحتراق على موقده بينما خلف ظهره فبيته كله يحترق - في غيبوبة عن الواقع قد لا يضاهيها إلا موقف الأصوليين. و هذا مع الفارق كون الأصوليين يعتمدون على فكر و ثقافة و طاعة العامة - كما أنهم و للحق أكثر نظاما وواقعية.

إلى أن طرحتم سيادتكم هذا الموضوع بمقدمته الرائعة - و التي تعتبر بيان حالة للإشتراكيين العرب عامة و المصريين خاصة بل و الكثير من الماركسيين / الشيوعيين / الإشتركيين الثوريين على مستوى العالم ككل.

أسجل متابعتي و أستأذن بالعودة للمشاركة ,, :97:

صباح التعميمات والأحكام الجزافية.. :)


لزيارة موقع اشتراكيون اضغط هنا







لي عودة..

(f)

اقتباس:نأخذ عليهم "تخاذلهم في إعلان طريقهم" و"مخاتلتهم في نهجهم" من أجل تسويقه، و"النفاق" غير المجدي مع الخطاب الغيبي الإسلاموي الفاشي الرجعي الذي أصبح هو الخطاب السائد في الشارع المصري – للأسف -.

كنت حابب أعرف رأيك في النقطة دي تحديدا يا روزا لو أمكن لو سمحتِ و ألف شكر.

الاستاذ العالماني بعد التحية
هل سمعت عن نظرية شعب النهر هي ببساطة تعني ان هذا الشعب يفتقر الى التجربة ويريد افراداً كي يقوموا بتوجيهه دوما .
فالشعب المصري في نظري على الاقل اسهل الشعوب تشكيلا على شاكلة حكامه فقديما كانت مصر اشتراكية من مطلع الستينيات حتى اوائل السبعينيات وبعد سياسة الاقتصاد الموجه خاضت مصر تجربة الاقتصاد الحر والانفتاح فى ظل انور السادات

الذي استعان بتيار الاسلام السياسي كما يعرف الجميع للقضاء على اليسار التقدمي و الماركسيين والقوميين الناصريين

وبدات عملية (تسمين العجال) وتغذيتهم بشتى الاموال والاسلحة كي يقضوا على اليسار وبدات مرحلة التعطيش لهم شعبيا وماليا

وكانت الذروة في احداث ثورة الجياع التى اسماها السادات ثورة الحرامية التى اجتاحت كل ارجاء مصر ومن يومها بدا يتقلص تدريجيا الدور الشيوعي في التشكيلة السياسية المصرية

كما ان نادي (السفاري) الذي كان يضم امريكا و فرنسا و مصر وايران والسعودية التى كانت مهامه محددة بتقليص الدور السوفييتي فى المنطقة والقضاء على الحركات الشيوعية في الدول الموالية للغرب لا سيما مصر . كان له دور حاسم

كما محاربة الامن للمنظمات الشيوعية وتجريم تهمة الانتماء للشيويعية كانت الضربه الاخيرة رغم ان الشيوعيين لا ولم يحملون سلاح طول تاريخهم المشرف في مصر الا لمحاربة الاستعمار في القنال عام 1951 وفي بورسعيد عام 1956 فقـط عكس فلول الظلام التي بدوا فى استمعاله فى اوجه المصريين منذ عام 1946 ومقتل سليم (بك) ذكي والخاذندار والنقراشي (باشا) ووسط القاهرة يشهد على ايديهم الملطخة دوما بدماء الابرياء

لكن السؤال الذي يطرح نفسه وتطرحه انت
هل الشيوعية في مصر اندثرت ؟
ولما لا يقف الشيوعيين فى وجه فلول الظلاميين ؟

الشق الاول : يقول عكس ذلك ففي مصر الان تنظيمين تقليديين رئيسيين هما الحزب الشيوعي المصري ومن كوادرة المفكر المعروف محمود امين العالم

وحزب الشعب الاشتراكي ومن ابرز كوادرة القديس ومحامي الشعب نبيل نجيب الهلالي

وهناك ايضا فصيل ظهر مؤخرا وهو الاشتراكيين الثوريين وهو تيار سياسي يأخذ من الفكر التروتسكي منهج له

وهناك تيار (اليسار الديمقراطي) وهو على شاكلة حزب العمال البريطاني اقرب لليبرالية من كونة اقرب للفكر الفلسفي الشيوعي

لكن غالبية تلك الفصائل تبحث عن الشرعية والعلنية ولا يجد عونا من الدولة ! التي تترك المسرح دوما للاسلاميين كي يكونوا مخلب قط في وجه الغرب وحماية نظام مبارك الديكتاتوري

لكن اغلب الشيوعيين المصريين يعملون من واجهة فردية فا الاعضاء الشيوعيين من حزب العمل الذي استولى عليه الاخوان يعملون الان فرديا كذلك بعض رموز اليسار بشكل عام كالدكتور شريف حتاتة

وطبعا يبقى في صدارة كل هؤلاء جزب التجمع اكبر الفصائل اليسارية في مصر والذي يضم في اروقته كافة الفصائل اليسارية من ليننيين وتروتسكيين وستالينيين واشتراكيين ناصريين ...وغيرهم

وهو واحد من اكبر الاحزاب المصرية على الساحة بجانت الناصري والوفد والغد

ويمكن حصر الازمات التي يتعرض لها الشيوعيين بشكل عام في مصر

أولا : الحركة الشيوعية المصرية تمر الان بمرحلة انتقالية حيت تختفى حركات قديمة وتسلمها لحركات شابة (جديدة)

ثانيا : العمل بشكل فردي دون تجمع لذلك الكم الهائل الذي يحيا معيشة الشتات والتشتت

ثالثا : هناك ايضا ان الحزب الشيوعي اعلن موافقته على القرار 242 وعلى حدود 1967 مما اشعل فتيل الازمة بين كافة الفصائل لا سيما ان الحزب الشيوعي هو اقدم الاحزاب لا الشيوعية فقط ولكن المصرية تأسا عام 1921 ثم كان اول حزب يعلن وجودة بعد تصفية الاتحاد الاشتراكي الناصري عام 1972

ونعيد التذكير أن تلك الاحزاب جميعها عدا (التجمع) تعمل في جو يخلو من الشرعية القانونية مما يذيد من صدامها مع اجهزة الامن الذي يعد عائقا امام نشاطهم السياسي والفكري

واخيرا اليسار في جميع العالم بدا يتراجع (عدا امريكا اللاتينية طبعا) بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وبدات في جميع احزاب اليسار والماركسية في العالم(رغم ان الاتحاد السوفييتي لم يطبق الماركسية منذ وصول الرفيق ستالين الى السلطة ) بدأت تراجع نفسها واعادة التفكير في النظريات والعمل ومعايير الخطا والصواب


اما الشق الثاني من السؤال وهو لما لا يقف الشيوعيين فى وجة الاسلاميين

فهذا عكس الحقيقة فكتابات رفعت السعيد اشرس من هاجم الاخوان وحسن البنا ودحض افكارهم الشيطانية .

ثانيا رعاية الدولة منذ ايام السادات (ودولة العلم والايمان) الذي استلم مبارك الحكم ولم يغير ولم يجدد وجمد الاوضاع ببرودة دمه نظرا الى فتقارة الى العقلية السياسة كما انه جاهل وليس مثقف يحافظ على كرسى العرش اكثر من الوطن .

وثالثا الجماعات التى تفتح ابوابها الى الاسلاميين فقط وترفض جميع الاحزاب الشرعية والتيارات الفكرية المضادة لهم منذ ايام (السادات) جعلت الكعكة كلها في يد الاسلامويين

اقتباس:

اقتباس:اقتباس  
نأخذ عليهم "تخاذلهم في إعلان طريقهم" و"مخاتلتهم في نهجهم" من أجل تسويقه، و"النفاق" غير المجدي مع الخطاب الغيبي الإسلاموي الفاشي الرجعي الذي أصبح هو الخطاب السائد في الشارع المصري – للأسف -.

كنت حابب أعرف رأيك في النقطة دي تحديدا يا روزا لو أمكن لو سمحتِ و ألف شكر.

- أود في البداية التأكيد على أن الشيوعيين ليسوا هواة سرية·· والسرية تفرض عليهم دوما، ويشهد تاريخ مصر أن أول حزب شيوعي تشكل في مصر كان حزبا علنيا وظل يمارس نشاطه العلني حتى صدر في 1924 قرار بحله ومحاكمة قادته·

وما من قوة سياسية عاقلة يمكن أن تعتبر السرية وسيلتها المختارة لممارسة نشاطها السياسي، ويوم تزيل الدولة السدود التي تقيمها في القنوات الشرعية سوف يمارس الشيوعيون عملهم الحزبي علانية، ولن يلجأ الشيوعيون أبدا·· الى استجداء الحزب الحاكم حتى يمنح لتنظيماتهم صكوك الشرعية:

أولا لأن الحزب السياسي يستمد شرعيته من توافر الضرورة الموضوعية لقيامه، ومن ثقة الجماهير به وهذه الشرعية لا يمكن أن تكون منحة من حاكم وتوافر هذه الضرورة الموضوعية هو شهادة ميلاد الحزب، حتى لو اعتبرته أجهزة الأمن ساقط قيد، وانتفاء هذه الضرورة الموضوعية هو شهادة وفاة الحزب حتى لو حاول أنصاره تحنيط جثمانه، والشيوعيون يؤمنون بأنه في ظل المجتمع الطبقي هناك ضرورة موضوعية لأن يكون للطبقة العاملة تنظيمها السياسي الشيوعي، وسيظل الشيوعيون يمارسون الشرعية الواقعية حتى ينجح النضال الديمقراطي في رفع يد الدولة عن العمل الحزبي·

ونحن نعتبر قانون الأحزاب، أبرز القوانين سيئة السمعة التي تنتهك حريات وحقوق الإنسان المصري، فكيف يطلب منا أن نتعامل مع أحكام قانون نناضل في سبيل إسقاطه· إن لجنة الأحزاب لجنة غير شرعية لأنها غير دستورية وهي أداة الحزب الحاكم في احتكار العمل الحزبي، ولذلك فغير وارد إطلاقا أن نتقدم لها بطلب لمنحنا "رخصة" العمل الحزبي·

محامي الشعب
المناضل الكبير نبيل الهلالي

يبدو لي أن العزيز العلماني إكتفى بنظرة سريعة على موقع "إشتراكيون" ليخرج في النهاية بقراءته المنقوصة والمنافية للحقيقة والمنطق أعلاه. أعتقد أن النقاش يجب أن يكون مبنياً على رؤية موضوعية لا أعيب على الزميل العزيز إفتقادها لأنه في النهاية لا يعيش في مصر ولا يملك تجربة عملية في التعامل -أو على الأقل- متابعة التيار الذي ينتقده بحده أعلاه.

لذلك, سأنقل لك عزيزي العلماني "بعض" المقالات التي تم نشرها بالفعل في أعداد مختلفة من كل من جريدة الإشتراكي ومجلة أوراق إشتراكية الصادرة عن مركز الدراسات الإشتراكية. وهي بالمناسبة, غير كافية هي الأخرى.








الف تحية

(f)

(1)



[CENTER]الإخوان والشيوعية والانحلال الأخلاقي[/CENTER]

هناك تراث طويل من الحملات الدعائية المعادية للشيوعية والماركسية في العامل العربي. وهناك منبعان أساسيان لمثل هذه الحملات. الأنظمة الرأسمالية بأجهزتها الدعائية والإعلامية والحركات الإسلامية اليمينية بصحفها وبياناتها وخطبها. وفى الحالتين تكون الاتهامات مماثلة: الإلحاد والعدمية وإنكار الهوية الدينية أو القومية ونشر الانحلال الأخلاقي.
آخر حملات التشويه هذه قامت بها جريدة "آفاق عربية" خلال الشهر الماضي. وهذه الجريدة كما هو معروف هو لسان حال جماعة الإخوان المسلمين، وفى حين لم تعلق هذه الجريدة على قضية تنظيم الاشتراكيين الثوريين، ولا حتى نشرت الموضوع كخبر، بدأت من منتصف الشهر الماضي في شن حملة تشويه مليئة بالأكاذيب والهزل ضد الماركسية والماركسيين.
ففي مقال بعنوان (تلفزيون الشيوعيين) بتاريخ (21/8/2003) يطرح الكاتب عامر شماخ فكرة مثيرة وهى أن الحكومة المصرية تستعين بالماركسيين في إدارة أجهزتها الثقافية والإعلامية بسبب فشلها وافتقادها لخطة أو رؤية، وأن نتيجة ذلك هو الانحلال والعرى والجنس الذي نراه يوميا على شاشات التليفزيون، ولا شك أن هذا الخبر يفرح كل ماركسي في مصر، فقد كسبنا إلى صفوفنا صفوت الشريف وفاروق حسنى وأصبحنا نتحكم في أجهزة الدولة الإعلامية والثقافية – لم يبق أمامنا إلا الداخلية والدفاع ونكون قد وصلنا إلى الحكم!!
ولكن المضمون الجاد وراء هذه الفكرة الهزلية هو الربط بين ما يسميه الكاتب "الانحلال الأخلاقي" والشيوعية. أي أن هناك علاقة بين استخدام العرى وجسد المرأة في الإعلانات والفيديو كليب والأفلام وبين الأفكار الماركسية. والكاتب هنا يضرب عصفورين بحجر واحد فهو يهاجم ويفضح السياسات الإعلامية للدولة ويحاول تشويه سمعة الأفكار الماركسية في آن واحد.
والماركسية بالطبع بريئة تماما من هذه التهمة القديمة والكاذبة. فالماركسية تدعو لتحرير المرأة ليس من ملابسها، ولكن من الاضطهاد سواء كان الاضطهاد "التقليدي" الذي يمارس ضدها في الأسرة حيث تكون مملوكة للأب/ الزوج حيث تكون مجرد خادمة معزولة في البيت تطهو وتغسل وتلبى احتياجات السيد رجل المنزل، أو الاضطهاد "الحديث" الذي تصبح فيه المرأة سلعة تستخدمها الرأسمالية لترويج بضائعها في الإعلانات والأفلام والأغاني.
فالمرأة التي تتعرى في إعلان لترويج ثلاجة أو سيارة أو نوع جديد من المأكولات ليست جزءا من مؤامرة شيوعية لنشر الانحلال الأخلاقي كما يظهر في هلاوس الإخوان المسلمين، ولكنها ضحية النظام الرأسمالي الذي يسخر اضطهاد المرأة لمصلحته ويحول الإنسان كما يحول كل شيء آخر إلى سلعة تباع وتشترى.
ولا يمكننا الفصل الآن بين هذه الحملة الدعائية التي يقوم بها الأخوان المسلمون ضد الشيوعية والتي عرضنا هنا مجرد نموذج منها وقضية الاشتراكيين الثوريين. فبدلا من الدفاع عن الديمقراطية والوقوف ضد الاعتقال والقضايا الملفقة ومحاكم الطوارئ يقدم الإخوان خدمة جليلة إلى النظام. فالنظام يعتقل ويحاكم الشيوعيين والإخوان يتهمونهم في نفس التوقيت "بالانحلال الأخلاقي" ونشر الرذيلة. فكما تحالف الإخوان مع الحزب الوطني خلال مظاهرات حرب الخليج يتحالفون اليوم مع وزارة الداخلية ويقدمون لها التبريرات الأخلاقية لحملتها الجديدة على اليسار.

(2)



[CENTER]الإسلاميون والدولة ضد الأقباط
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تلجأ فيها العناصر الإسلامية المسلحة للقتل العشوائي للأقباط كما حدث في أسيوط مؤخرا حين فتح مسلحون النار على المارة في عزبة الأقباط بقرية العثمانية مركز البداري ليقتلوا ثمانية بينهم ستة من الأقباط وأثنين من المسلمين كانوا موجودين بالصدفة، حيث أنه من المعروف أن كل سكان العزبة من الأقباط.
والحادث الآخر هو ما حدث في قرية كفر دميان بالشرقية، حين احتشد الآلاف وحاولوا اقتحام الكنيسة ومنزل راعي الكنيسة، وحين فشلوا قاموا بحرق وتدمير منازل الأقباط فدمروا 41 منزلا. وكان السبب هو انتشار أخبار تدعي أن راعي الكنيسة يقوم بتوسعات داخلها.


ويعد حادث أسيوط نتيجة طبيعية للتكتيك الذي تتبعه جماعات الإسلام المسلح في حربها ضد الدولة، فتلك الجماعات توجه أسلحتها ضد المصالح الحكومية والشرطة، ولكن كما ذكرنا من قبل على صفحات هذه المجلة، فإن سياسيات "الإرهاب الفردي" لا يمكن أن تحقق نتائج إيجابية في مواجهة مؤسسة الدولة البرجوازية التي تمتلك جيوشا منظمة لحماية سلطتها، وأن سياسة المواجهة الفردية تعزل الجماهير عن الفعل السياسي والمشاركة في التغيير، وغالبا ما تؤدي إلى عزلة من يتبنون تلك السياسات وتسهل من مهمة الدولة في حصارهم والقضاء عليهم.
ونجد أن هذا هو ما حدث في المواجهة بين الجماعات الإسلامية وبين الدولة، فبالنظر في أرقام القتلى في سنوات المواجهة الثلاث نجد أنه خلال عام 93 بلغ عدد القتلى من الشرطة 84 في مقابل 59 من العناصر الإسلامية، وبعدها مال الميزان لصالح الأمن عام 94، ليصل عدد القتلى إلى 105 من الشرطة مقابل 135 من الإسلاميين، وفي عام 95 تأكد تفوق الشرطة حيث بلغت حصيلة المواجهة 97 فقط من رجال الشرطة في مقابل 187 قتيلا من صفوف الإسلاميين.
وهكذا فإن الجماعات الإسلامية عندما تواجَه بقوة الآلة القمعية للدولة فإنها توجه نيران أسلحتها نحو أهداف أسهل "عسكريا" وهذا ما يفسر ازدياد عدد القتلى من المواطنين خلال عام 95 حيث بلغ 91 قتيلا. وبالطبع يشكل الأقباط هدفا نموذجيا لجماعات الإسلام السياسي، فهي من ناحية تحرج الدولة التي ستتعرض لضغوط خارجية من أطراف عديدة تتهمها بعجزها عن حماية الأقليات، كما ستلاقي هذه العمليات صدى إعلاميا في الصحف الغربية مما قد يزيد الضغط على الموارد السياحية للدولة.
ومن ناحية أخرى فإن قتل الأقباط يحقق هدفا أيديولوجيا للجماعات، حيث يمكنها من الادعاء أنها مازالت قادرة على أن تحارب "الكفرة" وأنها تعمل على تحقيق العودة للإسلام "الصحيح" وخضوع غير المسلمين للدولة الإسلامية.
أما حادث كفر دميان بالشرقية فليس مؤامرة من تدبير الجماعات الإسلامية كما تدعي الدولة، ولكن نتيجة حتمية للسياسة البرجوازية السائدة التي تسعى دائما إلى تفتيت جبهة المقهورين حتى لا تتوحد في مواجهة تلك البرجوازية. هنا يصبح اختلاف الديانة مبررا للعداء، ويصبح الأقباط في مصر أقلية عليها الخضوع ومن وقت لآخر يمكن استخدامها ككبش فداء حين يحتدم الصراع الطبقي. هذه هي نفس الإيديولوجية التي تضع النساء في مواجهة الرجال، وهي السياسة التي تتبعها الدولة بوسائل عديدة رغم الكلمات المنمقة التي يتشدق بها رجالها حول الوحدة الوطنية.
والمقهورين قد ينقلبوا على إخوانهم المقهورين إذا اشتدت عليهم وطأة الأزمة والمعاناة، فالمسلم الفقير قد يجد بعض العزاء في أن يرى وضعه المتردي "أفضل" من مثيله المسيحي -ففي رأيه يرضى لكونه على الأقل في بلد إسلامي .
وبالنسبة للحكومة والدولة البرجوازية بشكل عام فهذا يناسبها تماما ولهذا، وبمنطق ما، سنجد أن سكان كفر دميان هبوا لتطبيق القانون "الرسمي" الذي تتمسك به الدولة القائمة، فقانون "الخط الهمايوني" الذي يحدد كيفية التعامل مع أقباط مصر، يحظر عليهم بناء أي كنائس جديدة، وتوسيع أو تجديد الكنائس القائمة أو حتى إجراء أي إصلاحات بها إلا بقرار جمهوري.
الخطورة الرئيسية في مثل هذه الانقسامات، المسلمون والأقباط في مصر، أو البيض والملونين في أوروبا وأمريكا، والسيخ والهندوس والمسلمين في الهند، وكلها تبنى على أساس غير الوضع الطبقي في أنها تفتت من وحدة الطبقة العاملة وتهدد قوتها، فمن ناحية تدفع العمال المنتمين للغالبية، مثل المسلمين في مصر، إلى قمع أقرانهم والتعالي عليهم واضطهادهم وبالتالي تفقد هذه الغالبية قدرتها على تحرير نفسها، فقدرة أي شخص على تحرير نفسه مرتبط بتحرره من قمع أو اضطهاد الآخرين، وهذا هو المنطق الذي دفع لينين لدعوة العمال الروس لتأييد إعطاء حق تقرير المصير للمستعمرات القيصرية، فقد أدرك أن قدرة العامل الروسي على التخلص من قمع البرجوازية متوقف على تخلص هذا العامل من قمعه لقرينه البولندي.
ومن ناحية أخرى، تدفع أولئك المنتمين للأقلية إلى التقوقع والانطواء تحت لواء ما يجمعهم، الدين أو اللون أو العنصر، ويفقدون تضامنهم مع رفاقهم العمال، ويرون الحل في تحالفهم مع أمثالهم المنتمين للبرجوازية -تحت زعامة الكنيسة مثلما في مصر- أو يرون أن الاضطهاد واقع لا مفر منه ولا سبيل للتغلب عليه.
وعلينا، كاشتراكيين ثوريين أن نقف في وجه أي محاولة لتفتيت وحدة الطبقة العاملة والمقهورين بشكل عام، علينا فضح أساليب وسياسات الحركات الإسلامية والتشهير بها بتوضيح أن مثل هذه الأساليب لا تحقق ولن تحقق شئ للطبقات المقهورة. وأن الإسلاميين في هذا الموقف يقفون في صف الدولة، العدو الرئيسي، التي لا تمانع كثيرا في أن تتوجه أسلحة الجماعات تجاه فقراء الأقباط، فهذا يعني ابتعادها عن مصالح تلك الدولة، وفي نفس الوقت تضمن للدولة أن السخط والغضب من العمال والمقهورين لن يوجه ضدها. وأخيرا يكون باستطاعتها استخدام مثل تلك الأحداث لتعميق القمع ضد الإسلاميين أنفسهم خاصة وضد كافة القوى المعارضة بشكل عام.
ومن ناحية أخرى علينا فهم ومواجهة الأسباب التي تدفع العمال أو المقهورين لاضطهاد أقرانهم المقهورين من طائفة أخرى، وفهم أن مواجهة هذه الاتجاهات لا يكون بترديد الشعارات الطنانة حول الوحدة الوطنية أو عن النسيج الواحد للأمة، وأن المواجهة الممكنة هي بتنظيم العمال من كل الطوائف والتقسيمات في نضال واحد ضد الاستغلال والاضطهاد معا، ومثلما يقف العمال صفا واحدة في مواجهة تعنت الإدارة واحتجاجا على تردى أحوالهم، فلا بد أن يناضل العمال المسلمون ضد قمع الأقباط مثلما أن يقف جميع الرجال مع حقوق نساء العاملات عندما يناضلن من أجلها.
وعلينا أخيرا أن نؤكد أن الطريق الوحيد للقضاء على كل أشكال القهر والاضطهاد سواء الاقتصادي أو الديني أو الجنسي أو العنصري هو طريق الثورة العمالية التي توحد نضال كل المضطهدين ضد الدولة البرجوازية والمجتمع الرأسمالي.