ميديا..
ميديا...
وضعتنا هذه الحرب في موقف صعب ,و كل الحق على التلفزيون, نتابع على قناة العربية ريما مكتبي و هي تذيع بفرح "مكتوم" خبر تكذيب سقوط الطائرة ثم نستسلم الى "تحليلات" رجل أربعيني بدأ الصلع يحتل مقدمة رأسه يشيد بجرأة السعودية و موقفها الصائب فيثني عماد ملحم على ما يقول , و عندما يحاول "محلل" اصغر سنا و مصري الجنسية أن يقول أن "للمقاومة حق", فيوقفه عماد عند حدود هذه الكلمة مقاطعا كي لا يسرق من المشاهد الذي يتابع فاغر الفم وقع كلمات "المحلل" الأول.يقفز المشاهدين بعد ذلك الى قناة الجزيرة مباشرة و قد حفظنا جميعا موقعها على "النايل سات",تأخذنا الحمية بالشريط "القاني" الذي ينساب أسفل الشاشة يعرض بفخر خبر إسقاط حزب الله "لمنطاد" خطير عكر أجواء المنطقة, و لاينسى أن يتفشخر أمامنا بأن أحد مراسلية الشجعان يقبع "مظلوما" في أحد سجون أسبانيا, و مصور من مصورية الأشاوس مازال يتظلى أشواك غوانتانامو .
يجب أن "تتوكل على الله", و تعتمد على نفسك لتحاول فهم ما يجري , لأن الأمر تطلب أكثر من نصف ساعة بين أخذ و رد و شد و جذب لنعرف أن الذي سقط من السماء ليس طائرة إف ستة عشر , و لا حجرا من سجيل, و إنما منطاد وصفته أحدى المحطات بأنه محمل بأحدث ما توصلت أليه تكنولوجيا البصريات في الدنيا ,و وصفته أخرى بأنه مجرد بالون, بعد التوكل على الله نكتشف أن الأمر لا يتعلق بتقصير الإعلاميين بقدر ما يتعلق بالمعركة الدائرة بين ما تتمناه "القناة التلفزيونية", و بين ما يحدث على أرض الواقع.
كل الأقنية التي تقع في المدى المجدى لجهاز الريموت الذي يتحكم بمصائرنا, تتعامل مع الأحداث بنفس المنطق الترويجي التي تنتهجة شركة بيبسي للمياه الغازية أو شركة بيرسيل لمستحضرات الغسيل , تقلب المحطة الخبر على "جنابه" الأربعة و "تبعج " كرشة لتستخرج منه ما يوافق هواها, و بذات اللغة و الثغر المفتر و الجبين المقطب عن سابق تصور و تصميم, يخبرك المذيع أن وزر هذه الحرب في رقبة حزب الله و أيران الذين لا يعرفون الحساب ,و تخبرك على قناة ثانية مذيعة حسناء تليق الكحلة بعينها بأن المقاومة ستنتصر بفضل صمود المقاومين و صمود سيد المقاومة حسن نصر الله.
البعض حسموا أمرهم و أختاروا, و الجواب ليس صعبا ابدا يكفي أن تقول "نعم " أو "لا" , و هؤلاء ريحوا رأسهم و ثبتوا صحنهم اللاقط صوب الرأي الذي يوافقهم , و " العتره" على من يعتقد أنه "فهيم" زمانه و لا يعجبه كل ما يقال و مازال يبحث عن أشياء أكثر عمقا أو أكثر سطحية , ليفسر ما يحدث على اساسها,فيزداد بلبلة بالمزيج الذي يتلقاه , قد ينفر من التغضن الذي لحق بجبين نجوى قاسم مذيعة العربية , و ربما يعجبه حجاب خديجة بن قنة بعد زادها بهاء و حضور, فيعود مراسل العربية علي نون بشكله الفظ ليخربط المشهد , قبل أن تعيد ترتيبه مذيعة قناة الجزيرة لينا زهر الدين بشعرها الفاحم الجميل و أيماءاتها الساحرة.
هذه دعوة الى المستثميرن في "المديا", يا شباب عليكم "بالأغلبيه الصامته", أفتتحوا قناة لهؤلاء الذين يقفون في المنتصف من كل شيء, ليس حبا بالحديث الشريف "خير الأمور أواسطها", و لكن حبا في المكان الذي لم يعد يرغب به أحد, بعد أن صار التطرف الى أحد "الأجناب" ميزة أو حليه.و صدقوني تجارتكم ستزدهر, و لا بأس أن تتسلحوا باجمل المذيعات و أكثرهن غنجا.
|