قمر تشيلي ، نم هادئاً ! (*)
عندما يكون المظلوم قمراً يصبح الجرح وساماً
"
سنتياغو .. أيها الجرح المعاصر
هل ترى تكفي المشاعر ؟ "
غناها سميح شقير واهتزاز الصوت في حنجرته يقوى كلما هطل الجرح وغنى
" هل ترى تكفي المشاعر ؟ "
***
![[صورة: 2625.jpg]](http://www.modawanati.com/uploads/j/Jara/2625.jpg)
الليندي حاملاً سلاحه
في يوم ما من أيام عام 1970 انتفضت تشيلي وحمل أبناؤها إلهاً على أكتافهم..
سلفادور الليندي
انتخبوه ( ديمقراطياً ) ليس بديمقراطية أمريكا بل بديمقراطية تشيلي ، بديمقراطية عمال المناجم والسكك ، بديمقراطية الثوار ، بديمقراطية الأحرار هكذا حملوا الإله !
اصرخوا ، ابتهجوا ، احتفلوا ، عانقوا كل من حولكم ولا يهم إن كنتم تعرفونه أو لا فالمجهول لم يعد مجهولاً !
اتمر أيام سنتياغو ويزداد توهج القمر ،
كوني خصبة يا بلادي وأنجبي لنا الأبرار تلو الأبرار
التاريخ : الحادي عشر من أيلول عام 1973
أحدهم وراء الباب ......
أمريكا وراء الباب ، أمريكا !
لم تتركنا هانئين بعشقنا على شواطئ تشيلي .. لا يطفئ ظمأها الحب في الشوارع بل الدم يا أخي .. الدم !
بينوشيه يرتدي ثوب الوحش ويتعلم الخيانة ، يقود راجمات حقده إلى سلفادور
وسلفادور صامد .. سلفادور كن بخير ، عانق سلاحك الخالي إلا من شعبك
عانقه يا رجلاً بحجم إله عانقه !
لا يخيفك أمريكا ومن هم حول أمريكا
" ألف قذيفة أخرى ولا يتقدم الأعداء شبراً واحداً ! "
تسقط الحمم من السماء .. هي بالتأكيد ليست حمم الله ولا أمطار الصيف في غزة
وسلفادور صامد .. سلفادور ، قَبّل تلك الحمم وضمها لصدرك ثم ابقى حياً في القلوب
.. لن تموت !
.. لن تموت !
.. لن تموت !
***
![[صورة: 2629.gif]](http://www.modawanati.com/uploads/j/Jara/2629.gif)
فكتور جارا يغني بين أشباله
Te recuerdo Amanda
ومن لا يعرف فكتور جارا فقد خسر الكثير والكثير !
في لحظة من لحظات عمره القصير أخبروه ان ابنته " أماندا " مصابة بالسكري
حزن .. حزن لحبيبته الصغرى التي أسماها بأماندا تيمناً باسم أمه
وكتب لها .. أتذكرك يا أماندا
يقولون أنه عندما يغني يرتفع معه مد العشق حاملاً أفراح وأحزان وخيبات وآمال شعب تشيلي وأن لا شيء من وقاحة الظلام يمكنه أن يوقف مد فكتور جارا !
لمَ لا ، وأغنية ابنته " أتذكرك يا أماندا " أصبحت رمزاً تشيلياً ؟
أصبحت رمزاً لقلوب أبناء شعبه ولكلماتهم وأحاسيسهم
لكن أماندا كان عليها أن تموت مرتين !
هل هو القدر ؟ لا أعرف
هل هو الضعف ؟ لا أعرف
لكنه بالتأكيد ظلم لن يدوم أبداً
.. قوات الدم والوحشية تقتحم استاد سنتياغو حيث الآلاف يتبادلون الشعق التشيلي
وتذبحهم .. تقطعهم .. تقتلهم وقلب الظالم لا يحزن لأي قطرة دم !!!
أحضروا فكتور جارا ، وأجبروه على الغناء
غنى لهم .. أتذكرك يا أماندا
وبدأت تتكشف معجزته فكتور .. عندما عزف الأغنية نزفت أصابعه دماً حاملة معها صراخاً من قسوة القاتل
عزف ، نزف ، وبكى
لم يحتمل الجنرال الوحشي وجود قلب فكتور الطاهر مقابل قلب سجان وجلاد وسفاح
فقتله وجعله إرباً ...... وغرق قمر سنتياغو في بحر دمائه
ولا زال الألم مستمراً ...... !
***
![[صورة: 2634.jpg]](http://www.modawanati.com/uploads/j/Jara/2634.jpg)
النبي
قتلوك يا نبي الشعراء !
" صوتك على موج البحور لقلوبنا ساري ، زي ابتسامة الطفل بالقلب اليساري "
صدح بها عدلي فخري وأعادها المرة تلو المرة
لم لا فهذا النبي .. إنه النبي !!
قد أستغبي نفسي لأنني أسميته بالنبي لأنني أعلم بأنه أكبر من ذلك
صاحب السونيتات مات .. قتلوا صديقه الليندي فمرض .. مرض عاشق العواصم
قطع عنه " البينوشيهيون " الدواء وتركوه يتألم
هل تذكرونه ؟ .. بابلو نيرودا
المشهد في باريس .. والعجوز الشاعر يجلس في مقاهي أم الحريات يناقش الطلبة .. الله الدين السياسة الثورة
ومن بعدهم تأتي صباياه السمهريات العود ليكلمهن في الحب ويدور على تلك الطاولات حديث عشق باريسي طويل لا ينتهي إلا بفجر جديد على العالم
وكما تمر السنوات على تشيلي تمر نفسها على نيرودا
انقلاب بينوشيه حصل والدم أريق في الشوارع والشعب يرزح تحت القهر ومع كل صرخة مظلوم يزداد ألم النبي ليعلن صعود روحه محملة بالآلام في الثالث والعشرين من أيلول 1973 وليلحق بسلفادور وجارا حيث جنتهم !
----------------------
(*) محاولة فاشلة للتعبير عن دم الضحايا المستكينين كل في فردوسه ، الدم الذي أخرس الألسن والأقلام ، فللدم الأكبر من كلماتي المبعثرة (f)