![[صورة: 18345articles200.jpg]](http://www.alwaqt.com/imagescache/18345articles200.jpg)
بعد عقود من النضال
ليلــى فخـــرو في ذمـــــة اللــــه
الوقت - رضي الموسوي:
لم تكن ليلى فخرو امرأة عادية، بل هي استثناء بكل المقاييس: حين انخرطت في العمل السياسي المعارض وهي بنت الأغنياء التي كانت تدرس الرياضيات والإحصاء في الجامعة الاميركية ببيروت في الستينات، لتنتقل بعدها إلى صفوف الثوار في ظفار، الاقليم الجنوبي لعمان، مقدمة نموذجاً آخر غير الذي كان يعرفه أبناء رعيلها وأبناء جيلنا والجيل اللاحق، نموذج آمن بأن لا حياة مع الاستعمار والجهل والأمية.
ليلى، هدى أو ‘’بنت سالم’’ كما يحلو للإخوة رفاقها العمانيين أن يسموها، يعرفها كثير من العمانيين أكثر من أبناء وطنها. فقد كانت هناك تؤسس جيلاً بأكمله عبر التعليم، عندما كانت المدارس ممنوعة، ولبس النعل ممنوع، ولبس النظارات ممنوع أيضاً.
يعرفها ذاك الجيل الذي أسهمت ليلى في إخراجه من ظلمات الجهل والأمية إلى العلم والنور. كادر تمكن فيما بعد من مواصلة دراسته بعد أن مرّ في مدارس الثورة، وشكل كادراً متقدماً في سلطنة عمان اليوم، ما جعلهم يكرمونها قبل سنوات عرفاناً لما قدمته ليلى لهم.
رحلت ليلى فخرو ولم تقل كلمتها التي انتظرها كثيرون. لم تكتب سيرتها، سيرتنا، بل سيرة إقليم بأكمله.
هنا بعض من العرفان لتضحيات ليلى فخرو.. الإنسانة العظيمة. بعض كلمات من عاصروها.
إبراهيم بشمي
ليلى بنت الأغنياء التي دافعت عن الفقراء
عندما كان الناس يجرون وراء الثروات والمناصب الزائلة كانت ليلى ابنة العائلة المعروفة والغنية ترمي بكل طموحاتها الشخصية وبالراحة والدعة والاستقرار والغنى والدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت، وراءها، وبذكائها الحاد المتميز في الرياضيات تنسلخ من طبقتها وتلتحق بالفقراء الباحثين عن مكان تحت شمس الحرية والتحرر من الاستعمار البريطاني الذي كان يلقي بثقله على كل منطقة عُمان والخليج العربي.
هذا الاسم (عمان والخليج العربي) الذي ارتبط بمرحلة تاريخية ارتبطت بنضالات شعب المنطقة من أجل التخلص من ذلك الاستعمار والتخلف وكانت ليلى على قدر المسؤولية التاريخية وعلى قدر المرحلة، وحينما كانت الفتيات في عمرها يبحثن عن فارس الأحلام كانت هي تبحث عن الدروب التي تحرر وطنها، وبينما كانت الفتيات في عمرها يبحثن عن أحدث الموديلات والموضات كانت ليلى بنت الأغنياء تلبس الثياب ‘’الخاكية’’، وبينما كانت الفتيات في عمرها يبحثن عن منصب وعن الشغل المريح كانت ليلى تترك حياة رفاهية المنامة ولندن وبيروت وتلتحق بأقسى الظروف المعيشية في ظفار لتدرس الأطفال وتمحي أمية المئات وهي تلك الفتاة البحرينية الجميلة ذات الضحكة المنطلقة التي حولت أحلامها الخاصة إلى أحلام وطنها الكبير. وكانت السمعة الطيبة التي حملتها ليلى عن وطنها البحرين تفوح كالعبق الذي تحمله معها.
وبعدما لم تستطع الثورة ان تواجه كل التحديات السياسية التي ضربت المنطقة في نهاية السبعينات، تلاشت روح الثورة وفاحت رائحة النفط والثروة ظلت ليلى قابضة على جمر الوطن في منافي بيروت وقبرص وغيرها من مدن الله الكثيرة وحلم العودة إلى الوطن يداعبها ويشدها. هذا الوطن الذي حملته بين جوانح قلبها الصغير. وحملت معها الأسى وحملت معها كل تلك الأمراض وسوء التغذية والظروف الصعبة التي عاشتها مع كل أولئك الذين فتحت لهم أبواب الأمل وعلمتهم كيف يفتحون مغاليق العالم بالأحرف التي هجأتهم إياها ليعرفوا هذا الكون، وأسرار تطور الشعوب. عادت ليلى إلى البحرين مع عودة العشرات الذين عاشوا في المنافي تلملم جراحها وتلملم روحها وتلملم أحلامها وصارت تتطلع إلى الوطن الذي غادرته فتاة غضة الإهاب والعالم كله مفتوح أمامها.. حتى تغيره إلى الأفضل. عادت ليلى ولم تطلب لنفسها شيئا، عادت ليلى ولم تظهر بطولاتها كما فعل أولئك الذين لم يفعلوا شيئا، عادت ليلى ولم تطلب من الوطن ثمنا، عادت ليلى وهي تخفي آلامها وكل معاناتها داخل صدرها الذي ضربه المرض.
عادت ليلى ولم تشكُ لأحد ولم تتألم امام أحد، ولكل أولئك الذين أحبتهم وأحبوها ولم يقدروا على رؤيتها، وهي تعاني، لكنهم كلهم حتى أولئك الذين ينتشرون في جبال ظفار وقد أصبحوا رجالاً ونساء بفضل كلماتها التي علمتهم إياها، وكل أولئك الذين يعيشون في حضرموت وعدن وبيروت وقبرص والمحرق والمنامة وجدحفص وسترة لن ينسوا ليلى بنت الأغنياء التي تركت كل زخارف الدنيا وراءها ودافعت عن الفقراء، وأخيراً ترقد ليلى بسلام الأم التي أدت دورها على أكمل وجه وربت أجيالاً ستغدو نبراساً لهم على مدى العصور.
محمد فاضل
تحية أخيرة لمديرة المدرسة.. العظيمة في صمتها
عندما ذهب الروائي المصري صنع الله إبراهيم في زيارة طويلة إلى منطقة ظفار في عمان، سأل كبار السن عما يتذكرونه من أيام الثورة. وعلى مدى شهر او أكثر لم يجد سوى نتف قليلة من روايات تفوه بها هؤلاء، لكن ما أذهله انهم لا يتذكرون سوى اسم واحد: هدى.
هدى هذه لم تكن سوى مديرة مدرسة أنشئت في العراء وخرّجت طلابا تقلدوا اليوم مناصب رسمية عالية وآخرين تخصصوا في مختلف التخصصات في سلطنة عمان وخارجها. كانت الأيام مختلفة جدا وكان الطلاب يدرسون في العراء وبإمكانات بدائية وتحت قصف الطائرات والقذائف.. فنحن في إقليم ظفار وقت أن كان يعيش في أتون الثورة. وهدى هذه كانت أول عنصر نسائي من الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي تصل الى المناطق المحررة وتقوم بأولى واكبر مهماتها: إنشاء مدارس الثورة. ‘’هدى سالم’’ كان اسمها الحركي، أما بطاقة تعريفها فتقول: ليلى عبدالله فخرو.في بطاقة تعريف ليلى فخرو ما هو اكثر من ذلك، لكنها غير متاحة لأنها محجوبة بوعي. فصاحبة البطاقة ليست من النوع المتباهي أو من طلاب الشهرة. انها نوع نادر جدا من النساء والمناضلين الذين يحملون جينات وراثية خاصة: أحلام كبرى، إخلاص لا مثيل له يغذيه إيمان قوي تعبر عنه جدية في العمل وحرص على الكمال الى أقصى حد، وصمت مطبق. قبل ثلاثة اعوام، كنت اشاهد شريطا تسجيليا أنجزه سينمائيون روس في العام 1972 عن الثورة في ظفار. كان تعريفيا موجها للمشاهدين الروس والاجانب لكي يعرفوا ماذا يجري في هذا الجزء من العالم في ذلك الوقت. في احدى المشاهد يظهر طلاب صغار في مبنى من السعف اقيم في العراء واطلق عليه ‘’مدارس الثورة’’. ومن يسار الكادر تمتد يد لترسم معادلة رياضية على السبورة. كانت تلك يد ليلى فخرو وبعد قليل سنشاهد فتاة تلبس الكاكي وبندقية على كتفها تسير في وادٍ بين جبلين وبعد قليل تتبادل القبلات مع احدى النساء القرويات أمام باب منزلها وتتحدث معها. كانت هدى مثلما يقول شريط الصوت في الفيلم او ليلى فخرو التي نعرفها.
ستمر سنوات طويلة من هذا المشهد الى اليوم، غادرت ليلى البحرين طالبة في الستينات وعادت وغادرت من جديد، قاتلت وسافرت وعلمت المئات من الصغار وزارت نساء ظفار في بيوتهن وغادرت واستقرت وعادت لتسافر من جديد وجاءت هنا وسلمنا عليها وشاهدناها وتبادلنا الأحاديث والطرف معها، عملت واجتهدت وربت الأولاد وعاشت حياتها. لكن أحدا بالكاد يعرفها.
هذا النوع من الناس نادر ونادر جدا، أولئك الذين يختارون العيش في ظلال الصمت بدلا من التباهي. نحن نرى في قصة حياتهم ما يستحق ان يروى، لكنهم يرفضون بإصرار أن يتحدثوا أو يتباهوا، اي المناضلين الحقيقيين لا المناضلين المزيفين من الذين يملأون أيامنا ضجيجا هذه الأيام.
عبدالنبي العكري
ليلــى فخرو - «هـدى سالم».. فخر النســاء
ليلي فخرو ابنة عائلة كريمة أنجبت وطنيين بارزين ورجال أعمال ناجحين وشخصيات مرموقة في مختلف مناحي الحياة، لكن ليلى فخرو ومنذ مرحلة الدراسة الجامعية في بيروت اختطت طريقا متميزاً، طريق النضال الوطني في ظروف العمل السري المحفوف بالمخاطر فانتمت الى حركة القوميين العرب وانحازت الى التيار اليساري فيه، الحركة الثورية في عمان والخليج العربي، وعندما توحدت فصائل يسارية في البحرين في اطار الجبهة الشعبية كانت ممن اسهموا في هذا الحدث التاريخي.
عرفتها في بيروت اثناء مرحلة الدراسة الجامعية والعمل الطلابي والوطني، كتومة، فاعلة ومتواضعة وصريحة في نقدها وحنونة تجاه رفاقها.
عرفتها في ظروف العمل السري في البحرين كتومه اكثر ونشطة ومثابره، كانت تحمل في روحها روح التمرد ولكن التمرد البناء، ونشطت في مجال العمل الحزبي والنسائي.
وعندما طلب منها ان تذهب لمهمة اخطر، ألا وهي الذهاب الى ظفار، فلم تترد وتركت وراءها حياة الدعة الى حياة المخاطر. وهكذا انتقلت الى ظفار حيث كانت الحرب على أشدها والمخاطر محدقة في كل زاوية وفي كل دقيقة.
أنشأت من العدم مدرسة الثورة كأول مدرسة في المنطقة المحررة، في مجتمع متخلف لا يعرف حتى العجلة، ولا اللغة العربية، ووسط قصف المدافع وغارات الطيران والاستنفار العسكري أقامت الخيام والتي هي عبارة عن صفوف في الهواء الطلق جلبت الكتب من اليمن الديمقراطية ونظمت المدرسين من شباب الجبهة الشعبية ووضعت المنهاج المدرسي. هي المديرة والمدرسة والمشرفة والطبيب والحارس اليقظ التي لا يغمض لها جفن إلا لماما، ففي رقبتها اكثر من 500 طفل من عمر 6 سنوات حتى 15 سنة.
يا لها من امرأة رائعة وقوية وشجاعة تحملت مسؤولية بثقل الجبال ولم تتذمر ولم تشكُ.
كانت مدرسة الثورة محطة يتوقف فيها المناضلون للتزود بشحنة الأمل التي تشيعها فقد كانت تردد ‘’هؤلاء هم أمل الثورة’’، كثير من طلبتها واصلوا تعليمهم الاعدادي والثانوي في مدارس اليمن، ثم واصلوا دراستهم الجامعية في عدد من الدول الاشتراكية والعربية. وهم اليوم اختصاصيون في مختلف المجالات تفخر بهم سلطنة عمان، والفضل يعود للمربية المناضلة ليلي فخرو/ هدى سالم والأخير هو اسمها الحركي كمناضلة في صفوف الجبهة الشعبية.
لذا ليس غريبا ان يكرمها طلبتها السابقين في سلطنة عمان بعد عودتها الى البحرين من المنفى، ويواظب بعضهم على زيارتها والسؤال عنها تكرارا.
ليلي فخرو.. جار عليكِ الزمن الرديء وأنتِ في معاناتك مع المرض اللعين لكنك تظلين نجمة في مساء محبيك سنظل نحلم بالزمن الجميل الذي حلمت به ولم يتحقق في زماننا فعسى ان يتحقق لأجيال قادمة.
عبدالرحمن محمد النعيمي
هدى سالم.. تلك المتمردة.. من أجل الوطن والعدالة
كوكبة من أبناء البحرين عرفوا طريقهم إلى ظفار.. لقد أسرتهم الثورة العمانية وبرنامجها السياسي وخطها الأيديولوجي، ووجدوا طريقهم إلى عدن ثم إلى ظفار منذ مؤتمر حمرين ,1968 ومنذ ان توصلت الحركة الثورية الشعبية والجبهة الشعبية إلى اتفاق بالتعاون يرتكز على فهم مشترك لطبيعة العدو وضرورة حشد كل الطاقات من أجل القضية الوطنية العادلة.
وجدت ليلى فخرو التي استبدلت اسمها بهدى سالم طريقها إلى عدن من بيروت، حيث قررت مغادرة عالمها المخملي إلى عالم الثورة والتغيير، فقد أسرتها مبادئ العدالة والمساواة، وقررت النضال ضد الظلم والقهر الطبقي والوجود الاستعماري، وقررت ان تحمل السلاح، لتحارب مع رفاق لها هناك في أقصى الجزيرة العربية، وكانت ظفار مركز الصراع من أجل المستقبل.
أذكر أننا سكنا مع بعضنا في معسكر الثورة في عدن.. عندما قرر المكتب السياسي أن أنتقل إلى عدن بعد الإفراج عني من أبوظبي.. وكانت ليلى قد سبقتني، كما سبق الجميع جهاد.. كانت ليلى تأخذ بعض الدروس في التمريض حيث لا بد من القيام ببعض المهمات التمريضية في مناطق الثورة التي قد تتوجه اليها.. كانت نموذجاً في الانضباط في المسلكيات الثورية، في العلاقات الرفاقية، في الموقف السياسي، في التواضع، في احترام الآخرين وحب الناس البسطاء، في البساطة والزهد في الحياة اليومية سواء في الملبس أو المأكل.. لم تكن راحتها تعني شيئاً بالنسبة لها.. كانت في مستشفى الجمهورية في الصباح.. وفي المساء مع المناضلين والمناضلات في معسكر (جمال) في خورمكسر، وهو معسكر وضعته الجبهة القومية الحاكمة في اليمن الديمقراطية تحت تصرف الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل وكان المعسكر (قبل الاستقلال) من اهم المعسكرات البريطانية في خورمكسر، التي كانت حكراً على الجيش البريطاني.. ومر علينا الكثير من الرفاق: جهاد العائد من ظفار بما يحمله من قصص أغرب من الخيال، عن صمود المناضلين في ظروف صعبة للغاية.. والشهيد محمد غلوم الذي كان في طريقه إلى الداخل.. والعديد من الرفاق من البحرين وغيرها ممن وجدوا ان الثورة هي الطريق الوحيد لمواجهة الاستعمار البريطاني في منطقة الخليج والانظمة العشائرية المحمية من قبله.. لقد كانوا يرون أن المنطقة موحدة في العرف والممارسة البريطانية وان من الضروري ان تكون موحدة في العرف والممارسة الثورية.. وكان الفارق كبير بين امكانات القوتين المتصارعتين في تلك الفترة..
قبل توجهها إلى مرارة (حيث مدرسة الشعب، مدارس الثورة لاحقاً)، لم تكتف بدورات تمريضية، كانت شعلة في مكتب عدن..
كانت مدمنة على العمل والنشاط إلى الدرجة التي جعلها تستهين براحتها.. وحيث كانت المناسبة هي الذكرى الخامسة للثورة (9 يونيو) فقد صممنا (الاثنين) أن نصدر نشرة للجبهة، بالاتفاق مع الرفاق في قيادة مكتب عدن.. وكان الوقت ضيقاً للغاية.. وكان المطلوب انجاز اشياء كثيرة في عرف تلك الايام.. كتابة مقالات.. طباعتها على اوراق الستانسل.. سحب الاوراق.. ترتيب وجمع الورق.. التدبيس.. طباعة الغلاف.. الخ.. وكان أمامنا يومان فقط.. مما اضطرنا إلى العمل حتى الساعة الخامسة صباح اليوم التاسع.. وكانت هدى لا تعرف التوقف.. إلى الدرجة التي اثارت حسد الرفاق العمانيين...
عندما انتهينا من العمل.. تنفست الصعداء.. لقد صدر العدد الاول من نشرة 9 يونيو.. وسيتم توزيعها في الاحتفال الجماهيري.. وسيكون لها صدى وسط المناضلين والرفاق في الجبهتين.
ومن عدن إلى الحدود اليمنية العمانية حيث قررت الجبهة إقامة مدرسة لأطفال الثورة، فقد كان الجهل سلاح الاعداء في مواجهة الشعب، ولابد للثورة ان تقيم المدارس وان تحرر العبيد (صدر قرار من الجبهة بتحرير كل العبيد في ظفار عام ,1968 وتدفق الكثيرون منهم للالتحاق بالثورة والهرب من اسيادهم)، وان تعلن المساواة بين ابناء الوطن، بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية او بين الرجل والمرأة.. فالكل معني بالمشاركة في الثورة.. وكل يختار موقعه الذي يرى بأنه الافضل للقيام بدوره.
كان لهدى سالم الفضل في كونها أول مديرة لأول مدرسة ابتدائية تقيمها الثورة العمانية.. أول امرأة من البحرين تلتصق بتلك الجماهير التي قررت حمل السلاح لمواجهة العدو الداخلي والاجنبي.. كان عليها ان تعيش في منطقة متخلفة للغاية، وأن تضع البرامج الدراسية.. لكافة الفصول وفي كل المواد.. وكان العبء كبيراً للغاية.. لكنها قررت مواجهة التحدي للبرهنة بان الحركة الثورية في منطقة الخليج متلاحمة مع بعضها البعض، وانها لا تتردد في ارسال كوادرها إلى حيث الحاجة اليهم.. وقررت مواجهة التحدي للبرهنة بأن المرأة الملتزمة بقضايا الوطن والشعب قادرة على العمل في أقسى الظروف وفي مناطق لا يمكن لأي ثوري من مناطق الخليج ان يتصور قساوتها، سواء من حيث انعدام الكادر والبرامج الدراسية او من حيث الواقع الاجتماعي او من حيث الواقع الصحي والمعيشي.. ولكنها الارادة الانسانية القادرة على مواجهة كل الظروف الصعبة والتغلب عليها اذا كان الامر متعلقاً بذلك الفرد.
جيل كامل من ظفار الثورة تعرف على هدى سالم.. كانت أكثر من مديرة.. كانت رفيقة ومناضلة حقيقية.. كانت أماً لأولئك الاطفال.. كانت مربية حقيقية.
منذ تلك الايام تعرف المرض عليها.. لم تتحمل رئتاها تلك الامراض المعدية المنتشرة وسط المواطنين، سواء في معسكر الثورة في عدن او في مدرسة الثورة.. او في حوف.. لكنها قاومت.. وانتصرت عليه.. ليعود اليها بعد فترة من الزمن.
ليلى.. هدى.. تلك الفتاة التي وجدت في التمرد والثورة على الواقع راحتها.. لم ينصفها رفاقها.. لم تُسجل مواقفها البطولية والانسانية العالية.. كانت تحلم بالكتابة عن تلك الفترة.. لكنها ترددت عن الكتابة عن نفسها.. فقد كان الحديث عن ذاتها عدوها الاول.. ‘’لم نفعل شيئاً أمام بطولات الرفاق’’.. كانت تردد ذلك باستمرار.. معبرة عن تواضع جم.. يطوي الكثير من الدروس والعبر للآخرين.
ليلى عبدالله فخرو «هدى»
ـ ولدت في المحرق ودرست التحضيري في مدرسة خديجة الكبرى، وانتقلت مع العائلة العام 1954 إلى القضيبية في العاصمة المنامة لتواصل دراستها حتى الرابع ثانوي (آنذاك).
ـ انتقلت إلى مصر وحصلت على التوجيهي.
ـ منتصف الستينات درست في كلية بيروت للبنات والتحقت بحركة القوميين العرب.
ـ 1969 قطعت دراستها الجامعية وانتقلت إلى ظفار، الاقليم الجنوبي لعمان وأصبحت مسؤولة مدرسة 9 يونيو (مدارس الثورة).
ـ 1972 عملت في مكتب الجبهة في مجال العمل النسائي والعلاقات الخارجية بعدن.
ـ انتقلت في منتصف السبعينيات إلى بغداد مواصلة العمل الوطني.
ـ 1979 انتقلت إلى بيروت مرة أخرى حتى الغزو الصهيوني للبنان عام ,1982 وغادرت بيروت بعد اجبار قوات منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرة الأراضي اللبنانية.
ـ 1983 انتقلت مع ابنتيها التوأم منيرة وعائشة إلى نيقوسيا عاصمة قبرص.
ـ 1995 عادت إلى البحرين واستقرت.
ـ 2004 أصبحت رئيسة جمعية سيدات الأعمال.
ـ 21 سبتمبر/ أيلول 2006 اسلمت روحها إلى الباري في أحد مستشفيات لندن بعد صراع مرير مع المرض دام سنوات طويلة.
http://www.alwaqt.com/art.php?aid=18345
بحث
قائمة الأعضاء
التقويم
وثائق المساعدة
/
وفاة المناضلة البحرينية ليلى فخرو
