هناك كتاب رائع للعلامة القرضاوي صدر حديثا تحت عنوان ( تاريخنا المفترى عليه ) .. وهذا عرض لبعض ماجاء فيه مما يختص بموضوعنا إذ يشتعرض بعض ملامح الحضارة الاسلامية :
http://www.iico.org/al-alamiya/issues-1426...history.htm#top
التسامح الدينى:
سجل التاريخ بوضوح شيوع التسامح الدينى مع أصحاب الديانات المخالفة؛ اليهود والنصارى وغيرهم، فيقول لوبون: إن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب، ولا دينًا سمحًا مثل دينهم.
الانتشار السلمى:
فيسجل للدين الإسلامى
قدرته على الانتشار السريع، ودخول الأمم فيه أفواجًا بأدنى دعوة إليه، وإن لم يقم بهذه الدعوة أناس محترفون متخصصون فى التبشير به، نظرًا لأن هذا الدين بعقائده وعباداته وأخلاقه وتشريعاته تتوافر فيه موافقة الفطرة وملاءمة العقل وتزكية النفس وسمو الروح وصحة الجسم وتماسك الأسرة، وترابط المجتمع، وتحقيق العدل، وإشاعة الخير، متتبعة انتشار الإسلام فى هذه البلاد، وكيف دخل الإسلام إليها بما يقطع كل شك، ويرد على كل تخرص بأن المسلمين استخدموا القوة فى نشر دينهم.
انتهى .
وأنا سأحاول إن شاء الله تعالى مسح هذا الكتاب القيّم ( الإسلام الفاتح ) على ملف بي دي إف ونشره على الشبكة فقد قرأته كله وأعجبني جدا , ويكفي أن مؤلفه الكاتب والمؤرخ الناضج صاحب كتاب ( الحضارة ) الذي طبع مرتين في سلسلة عالم المعرفة .
وسوف نرى كيف أن أكبر الدول الإسلامية اليوم من حيث عدد السكان كإندونيسيا , ومن حيث التقدم التقني كماليزيا ومن حيث المساحة كالسودان , بل قارة إفريقيا عن آخرها , وجنوب شرق آسيا عن آخره لم يدخله الاسلام إلا بطريقة سلمية بل عفوية تلقائية من خلال الاحتكاك فقط بالتجار المسلمين ورؤية أخلاقهم ...
ولقد عجبت ....
عجبت ... عندما قرأت أن الصين في يوم من الأيام كان يحكمها 12 حاكما : 8 منهم مسلمون !! وقد جاء هذا في ثنايا الكتاب نقلا عن كتاب قديم في التاريخ لا أذكر اسمه ... ولا غرابة في أن يأتيك المتخصص في مجاله - مثل الأستاذ حسين مؤنس - بكل جديد غير مألوف ولا معروف !
بهذه الطريقة نستطيع فهم الصورة كاملة ...
وليس فقط تقرير أن الاسلام عبارة عن ملحمة من القتال وسلسلة لاتنتهي من الحروب ! من قال هذا ؟ وأكبر رقعة في العالم الاسلامي اليوم لم تعرف الاسلام إلا من خلال السلام , بل إن معقل الاسلام الأول - المدينة النبوية - لم تعرف الاسلام إلا من خلال دعوة شبيه الملائكة ( مصعب بن عمير ) فتى قريش المدلل الذي أسلم وفتح الله به أول بقعة للدولة الاسلامية ..
نعم لاننكر أن الاسلام دخل كثيرا من البلدان من خلال القتال , ولكن هنا عدة ملاحظات هامة :
1- هذا لايعني ولا = الاجبار على اعتناق الاسلام , لأنه كان هناك خيار الجزية وهو مبلغ لايذكر ( بضعة دراهم سنويا ) ويسقط عن الرهبان والنساء والأطفال ..
2- أن هذا الفتح لم يكن كفتوحات الغزاة السارقين للمدنيين غير المحاربين ( وهم يمثلون كل الفاتحين عبر التاريخ بلا استثناء حسب علمي , إذ يستحيل التحكم في العاطفة والفصل بين حظ النفس وحق الله إلا في الاسلام - والفتح هو حق الله ودعوة إليه وليس للنفس ومن ثم لم تقترن الفتوحات الاسلامية بسلب أو نهب كما هو معتاد لدى شعوب العالم أجمع ) ..
ولا زلت أذكر كتابا قرأته لكاتبب بريطاني مرموق اسمه ( صموئيل سميلر ) ترجمه محمد السباعي تحت عنوان ( تأدية الواجب ) .. الكتاب في مجمله يحض على مكارم الأخلاق والعيش للآخرين لا للذات فقط , كتاب جميل مدعوم بالامثلة العملية من فلاسفة وعلماء وأبطال , ولكن انظر حين يتحدث عن الفاتحين : إنه لايستنكر أنهم كانوا (
ينهبون ) البلد المفتوح ! إنه يقولها حرفيا ولا يستحي ..
3- الإسلام من عظمته أنه يستوعب مختلف الثقافات البشرية والحضارات الانساننية ... فليس هناك بلد دخلها إلا وبقيت لها خصوصيتها الحضارية ولغتها وعاداتها وتقاليدها ... بل إننا نجد عجبا ! أن الاسلام يحض سكان البلد على الاحتفاظ بلباسهم وهيئاتهم مما اعتبره الاقباط مثلا - ولا يزالون - أنه إهانة وإذلال !
فمع أن الاسلام بطبيعته دعوة عالمية وحركة كونية , إلا أنه لايماثل حركة ( العولمة ) المعاصرة التي تلغي معالم الثقافات الخاصة والفولكلور المحلي الخاص بكل شعب لـ( تذيبه ) في بوتقة ثقافة الاستهلاك مثلا لدعم مصالحها الشخصية ...
لا لم يكن الاسلام هكذا ... بل إن القرآن يقول من صميمه :
يا أيها
الناس . إن أكرمكم عند الله أتقاكم . إن الله عليم خبير .
انه الحفاظ على ال( الهويات ) الشخصية والخطوط والقسمات التي يختص بها كل شعب من شعوب الأرض ... ثم يحدث التعارف وتبادل الثقافات والتفاعل الحضاري ..
لذلك حافظ الاسلام على الهوية الخاصة للثقافات .
ولكن على أي أساس يكون التسابق ؟ وعلى أي أساس يكون التفاضل والتكريم ؟ على أساس التقوى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ...
ولذلك كانت هيمنة الاسلام على كل تلك الثقافات ..
أو مايسميه الكثيرون : انتشار الاسلام بالسيف ويكتفي بذلك .
الكلام يطول ويحتاج لمزيد من الدراسة
:redrose: