رسام الكاريكاتير محسن نوري نجفي

الكاريكاتير ليس فنا للتسليه
فريال عقيقي


رغم كل ما يتمتع به فن الكاريكاتير من قدره علي التفاعل مع هموم الناس و المساهمه الجاده في قضايا هم المصيريه، الا انه مازال يفتقد الي موقعه المناسب في حياه الناس مقارنه بالفنون الاخري.

ربما يعود السبب في عدم احتلال فن الكاريكاتير لمكانه المناسب اسوه بالفنون الاخري، الي النظره الخاطئه الحاكمه علي الاذهان تجاه هذا الفن الابداعي الفاعل. اذ غالباً ما ينظر الي رسوم الكاريكاتير بأنها لا تتطلع اكثر من الفاهه و الدعابه و الموقف الساخر.

بيد أن الكاريكاتير في ايران ربما يحظي بوضح افضل مما هو عليه في العديد من البلدان. و ذلك لكثره الفنانين المشتغلين في هذا الفن، و السمه الابداعيه التي اتسمت بها الكثير من الاعمال التي ظهرت في هذا المجال. و خير دليل علي ذلك الجوائز الدوليه التي تحصل عليها رسوم الكاريكاتير الايراني في معظم المهرجانات و المباريات العالميه التي تشارك فيها. و لعل آخرها جائزه المهرجان الدولي لرسوم الكاريكاتير الذي اقيم في كوريا الجنوبيه مؤخراً، التي حصل عليها رسام الكاريكاتير الايراني الفنان محسن نوري نجفي، من مجموع مئه و اربعه عشر فناناً شاركوا من اربعه و سبعين بلداً. و يذكر انه سبق للفنان نجفي ان حصل في العالم الماضي علي جوائز قيمه في مسابقات دوليه لرسوم الكاريكاتير، اقيمت في كل من اليابان و ايطاليا و اميركا.

الفنان محسن نوري نجفي من مواليد طهران عام 1957. بدأ نشاطه الفني عام 1974 في مجال الجرافيك و الرسم. و منذ سبعه عشر عاماً يواصل عمله في الصحافه و المطبوعات. و خلال هذه الفتره شارك في الكثير من المعارض المحليه و الدوليه و حصل علي جوائز دوليه عديده.

الطريف في مسيره نجفي الفنيه، انه حقق كل هذا المستوي الفني و الابداعي من خلال التجربه و الممارسه. يقول الفنان نجفي بهذا الصدد: «أنا سعيد، لأن اي استاذ لم يأخذ بيدي، و انني قد حققت كل ما كنت اسعي اليه بجهدي و مثابرتي».



ماذا يعني فن الكاريكاتير بالنسبه لك، و كيف يتسني للرسام ان يتحول الي رسام كاريكاتير؟

* الكاريكاتير يعني صوره متطوره للرسم. و الرسم هو تعبير عن ذهنيتنا بواسطه العديد من الادوات و العناصر … و بصوره عامه يهتم الكاريكاتير ببعض الاصول اكثر من اهتمام الرسول بها. من هذه الاصول او المباديء، «المبالغه»، و «التضاد»، و «تبادل المواقع». فالكاريكاتير يعبر عنه من خلال هذه العناصر و يمتاز بها عن الرسم.



في تصور كم متي كانت بدايه ظهور الكاريكاتير؟

* لا تعجب ان قلت لك ان الانسان القديم اخذ يرسم علي جدران الكهوف و الغارات قبل ان ينطق. و ان الاشكال التي صورها لم تكن رسوماً بل كانت كاريكاتير. ذلك ان عنصر المبالغه كان متجسداً فيها بوضوح. فاذا ما اراد ان يرسم بقره، كان يرسم رأسها و قرونها مثلا بنحو اكبر من حجمها الطبيعي. و نظراً لأنه كان يرسم رسوماً تتجاوز الحجم الطبيعي فانه بذلك يكون قد دخل مجال الكاريكاتير.



بشكل عام، ما هي الموضوعات التي يتهم بها فن الكاريكاتير، و ما هي المانه التي يحظي بها في اوساط الناس؟

* ان مثل هذا يعود الي طبيعه المجتمعات. و ربما الاهتمام بالكاريكاتير في مجتمعنا اكبر مقارنه بالمجتمعات الاخري. و لكن في تصوري ان بعض رسوم الكاريكاتير التي تنشر في بعض الصحف و المجلات، يفتقر اصلاً الي خصوصيه الكاريكاتير، بل هو اقرب الي الدعابه و المزاح. ان ابناء شعبنا يتذوقون الكاريكاتير اكثر كلما كان بعيداً عن الاستهلاك اليومي، و للاسف ان معظم الكاريكاتير الظاهر في الصحف يفتقر الي الهدفيه و لا يمكن ان يترتب عليه شيء سوي الاستهلاك اليومي.



برأيك، ما هي السمات او الميزات التي ينبغي ان يتصف بها الكاريكاتير الجيد؟

* الكاريكاتير الجيد هو الذي يزخر بالحس الانساني كالرسم الجيد. لابد للكاريكاتير من تناول هموم الناس و معاناتهم، و ان يتطلع الي هدف محدد، من قبيل تناول المعاناه الاقتصاديه، موضوع تلوث البيئه السلوكيه و الاخلاقيه، الي غير ذلك. ينبغي تناول هذه الموضوعات بصوره ساخره و معبره بعيداً عن الهزل الرخيص. و لا يخفي ان هناك فارقاً كبيراً بين الاثنين.



هل ترسم بوحي التفنن، ام ان وراء كل خط و حركه هدفاً معيناً و تعبيراً محدداً؟

* انني ابغض التسليه و التفنن بالرسوم الكاريكاتيريه. و ليس من الانصاف ان ننعت الكاريكاتير بأنه وليد التفنن بل ان هاتين السمتين ـ التسليه و التفنن ـ غريبتان علي خصوصيات الكاريكاتير تماماً. و بالنسبه لي شخصياً، اذا ما شعرت في لحظه ما انني ارسهم بهذا الدافع، سأفكر في تغيير عملي منذ تلك اللحظه.



ما مدي اهتمامك بالفنون الاخري، و الي اي حد تجد ضالتك في الكاريكاتير؟

* لقد جرّبت معظم الفنون و عملت بها. ففي الوقت الذي كنت امارس عملي في مجال رسوم الكاريكاتير، كنت اخوض تجربه في مجال السينما ايضاً. كما انني عملت في مجال الرسوم المتحركه. بيد ان الكاريكاتير يمتاز عن غيره من الفنون بقدرته العجيبه علي اضحاك مخاطبيه و كذلك ابكائهم. انه يمتلك قوه تأثيريه فاعله، و مفعم بالطاقه الانسانيه. و ربما لا تستطيع ان تدرك ماذا يعني الكاريكاتير الا اذا كنت رساماً كاريكاتيريا. و باختصار ان الكاريكاتير عموماً لا يكف عن المزاح.



برأيكم ما هو سبب هذه الهوه الموجوده بين الكاريكاتير و المجتمع؟ هل ان لغه الكاريكاتير مبهمه، ام ان الناس يجهلون هذا الفن؟

* الجماهير لا ذنب لها. ان بعض الجهات الثقافيه ربما لا يروق لها ان تتم الاستفاده من رسوم الكاريكاتير علي نطاق واسع. ان هناك العديد من المواضع يمكن الاستفاده من رسوم الكاريكاتير بدلاً من صور الزهور و المناظر الطبيعيه العامه. بل انه من الممكن الاستفاده من الرسوم الكاريكاتيريه المعبّره حتي علي الالبسه بدلاً من الصور الاجنبيه التافهه. و طبيعي لابد لمثل الانتقال و التأثير و شدّ الناس اليها. و لا يخفي ثمه العديد من السبل التي تساعد في تنميه الذوق الفني لدي الناس و زياده اهتمامهم بالرسوم الكاريكاتيريه، و لعل في مقدمتها التفكير في تمنيه الحس الفني لدي الناشئه من خلال ادخال الماده الفنيه ضمن مناهجهم الدراسيه.



كيف تري واقع فن الكاريكاتير في ايران مقارنه بالبلدان الاخري؟

* بطبيعه الحال ليس بامكاننا القول ان هناك بلداً متقدما علي آخر في مجال الفكاهه و الادب الساخر. و لكن عموماً نحن في فن الكاريكاتير متقدمون قياساً بالكثير من البلدان. و لا يخفي ان هناك عوامل كثيره تقف وراء ذلك. و من خلال مشاركتي في المعارض الدوليه التي حصلت فيها علي جوائز عديده، اجريت استطلاعاً استغرق سنوات عديده تعرفت من خلاله علي انّ رسّامي الكاريكاتير الايرانيين متقدمون في هذا المجال. و ان تقدمهم هذا اليس له علاقه بالثراء او تقدم الصناعه. كما اتضح لي ان مشاركه الرسّامين الايرانيين كانت نشطه و فاعله في معظم المعارض و المباريات الدوليه التي شاركوا فيها. و لا شك هذا يعكس مدي قدره رسام الكاريكاتير الايراني علي ابداع الفكره المناسبه، و امتلاكه للغه التعبيريه المناسبه.



سؤال اخير؛ فيما يخص موضوعات رسومك، هل تطرأ لك علي البداهه، ام ينبغي لك ان تتأمل كثيراً لتحصل علي موضوع مناسب؟

* نادراً ما احصل علي ماده لرسومي بالبداهه. بل علي العكس اتأمل كثيراً لأحدد معالم الموضوع الذي انتقيه. و ربما انفذ نماذج عديده حتي اصل الي الصوره التي افكر فيها. فاذا ما اريد للكاريكاتير ان يبقي يجب ان يتصف بعناصر البقاء و لعلّ في مقدمتها الفكره القويه و التنفيذ الناجح.



الوحده 196 1996