الفقرات التي سوف تقرؤونها في هذا الموضوع مأخوذة من كتاب :

[U]التخلف الإجتماعي (مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور)
للدكتور مصطفى حجازي

هذا الكتاب بدون مبالغة هو من أروع ما أنتجته المكتبة العربية ، الكتاب طبع أول مرة في أوائل السبعينات و لا يزال يوزع ويباع في المكتبات إلى الآن.

الإنسان المتخلف كالمجتمع المتخلف سلفي أساسا. يتوجه نحو الماضي ويتمسك بالتقاليد والأعراف بدل التصدي للحاضر والتطلع للمستقبل وتزداد السلفية شدة و بروزا بمقدار تخلف المجتمع وبشكل يتناسب طرديا مع درجة القهر التي تمارس على الإنسان فيه ، وتترسخ السلفية من الناحية الذاتية بمقدار الشعور بالعجز عن مجابهة تحديات الطبيعة والمتسلطين على اختلاف فئاتهم و مراتبهم.

وهكذا فإذا كان علماء الاجتماع يعتبرونها من الخصائص الأساسية للتخلف الإجتماعي وإذا ذهب بعضهم إلى القول إلى حد القول بأن التخلف هو أساسا تحكم السلفية في حركة المجتمع فإنها تجد لها تعزيزا وتوكيدا لدى الإنسان المقهور الذي يتمسك بها. فهي من هذه الناحية ليست فقط خاصة انبائية اجتماعية بل في الوقت نفسه أوالية دفاعية نفسية. ففي حين تشكل اجتماعيا موجها للسلوك وقانونا يضبطه نرى الإنسان المقهور يتخذها معيارا لحياته ونظرته إلى الوجود وهكذا يتلاقى و يتضافر الاجتماعي و الذاتي على الدوام.

تشيع السلفية بشقيها (الرضوخ للتقاليد والأعراف والاحتماء بالماضي وأمجاده) من الناحية النفسية بمقدار درجة القهر التي تمارس على إنسان العالم المتخلف وبمقدار إحساسه بالعجز والضعف و الغلبة على أمره إزاء غوائل الطبيعة وعنت المتسلطين. وهي لذلك أوالية دفاعية إزاء تحديات لا قبل له بها. تشل مبادرته في الحاضر وتسد أمامه آفاق الخلاص المستقبلي. هذه الوظيفة الدفاعية قد لا تبدو على السطح بشكل واضح في فترات السكون الاجتماعي ، وبالتالي فمن المستغرب لأول وهلة القول بوظيفة كهذه. ولكن عندما يتعرض إنسان العالم الثالث لغزو متسلط خارجي يرمي بكل ثقله للسيطرة عليه وعندما يعيش هذا الغزو كقوة جارفة لا قبل له بمجابهتها وإيقاف اجتياحها لأرضه وكيانه و تراثه ورزقه ، تبرز السلفية بوضوح كوسيلة حماية من خلال الانكفاء على الذات والرجوع إلى الماضي التليد.

الأمثلة على ذلك كثيرة وفصيحة بعضها قديم العهد والآخر حديثه في المجتمع العربي أحدثها عهدا موجة مقاومة الاستعمار الحديث الانجليزي و الفرنسي في مختلف الأقطار العربية خصوصا المغرب العربي الذي تعرض لمحاولات استلاب حضاري ضارية ومنظمة فالمغربي والجزائري كالمصري والسوري جميعا استعانوا واحتموا و بالتراث والعودة للماضي والتمسك بالتقاليد لدرء تهديد الغزو الخارجي للهوية القومية.

وتدل التجربة على أن ما يبدو واضحا أوقات الأزمات أو الفترات العصيبة من تاريخ مجتمع ما يعمل بشكل خفي في فترات الهدوء وله وظائف متقاربة في الحالتين على أن الاحتماء بأمجاد الماضي يظل اوضح في تجلياته و وظيفته الدفاعية عن التمسك بالتقاليد ولكن النظرة المتفحصة تبين العناصر المشتركة لكليهما.

ويشجع المتسلط الداخلي السلفية بشقيها تشجيعا مستمرا لانتشارها وتعزيز لمكانتها لأنها تكرس امتيازاته وتعطيها صبغة الأمر الطبيعي والقانون الطبيعي الذي يحكم الحياة وبالتالي لا يجوز المساس به من ناحية (التمسك بالتقاليد) وهي تصرف الإنسان المقهور عن النهوض بواجب التغيير وتقديم التضحيات التي يستلزمها من ناحية ثانية (الاحتماء بأمجاد الماضي) . وهكذا فالسلفية كدفاع وجودي إذا كانت تخدم هدف الاحتفاظ ببعض التوازن النفسي الضروري لاستمرار الحياة تتعارض في النهاية مع مصالح الإنسان المقهور على المدى الطويل بمقدار حؤولها دون التغيير تماما كما تتعارض الدفاعات النفسية في المرض النفسي مع مصالح الشخصية لأنها تحول دون نموها وانطلاقها من خلال ما تفرضه عليها من جمود وتصلب.


يتبع...

1- الرجوع إلى الماضي المجيد

النكوص إلى الماضي والاحتماء بأمجاده وأيامه السعيدة أوالية شائعة في حالات الفشل. فالطفل الذي يعاني من آلام الحاضر نتيجة أحداث غيرت مكانته وقيمته في نظر نفسه، يعود إلى الماضي الطفلي أيام كان صغيرا يحظى بالحب والحنان والرعاية والرضى وهو يعود إلى ذلك من خلال النكوص السلوكي إلى عادات سابقة (مص الأصابع ، البوال ، لعب دور الطفل المحتاج إلى العناية). والشيخ الهرم الذي لم يعد حاضرا ولم يبق له أمل في الغد يهرب من واقعه المؤلم إلى الماضي حيث يستعيد ذكريات الشباب وأمجاده والفشل على كل صعيد حياتي بشكل يمس القيمة الذاتية والإعتبار الذاتي يدفع بصاحبه أحيانا إلى الاحتماء بماضيه وخصوصا بتلك الفترة الأكثر إشراقا فيه .

وكلهم يجد في تلك العودة تعزية وملاذا . وكلهم يبعد عن نفسه تهديد انعدام القيمة بالاحتماء بالقيمة التي كان يتمتع به ماضيا. وكلهم يستبدل الصورة البائسة من الوجود الراهن بأكثر الصور مجدا وإشراقا في الماضي. وذلك في الهروب الخيالي الذي لا يغير من الواقع الموضوعي شيئا ولكنه يغير الدلالة الذاتية ويغير الواقع النفسي. ويزداد التمسك بالماضي عادة والنكوص إليه بمقدار شدة الآلام المعنوية الحاضرة من ناحية وإغراءات الماضي السعيد من ناحية ثانية.

في هذا النكوص تحدث عملية تزيين الماضي من خلال طمس عثراته من جانب والمبالغة في حسناته من جانب آخر. وهكذا يتحول الماضي إلى عالم من السعادة والهناء أو المجد والإعتبار . ويتم إلغاء الزمن من خلال اختزال الديمومة إلى بعدها الماضي فقط فالحياة هي الماضي وحده ولا شيء غيره. أما الحاضر فهو القدر الخائن الذي يجب ألا يقف الإنسان عنده وأما المستقبل فلا يدخل في الحسبان ولكن اختزال قيمة الإنسان والزمان إلى ما كان إذا لم تكن عملية مرضية صريحة (الثبات على الماضي بمثابة إدارة الظهر للوجود) لا بد أن تتضمن بين ثناياها أملا ما في القفز عن آلام الحاضر و وصْـلْ المستقبل بأمجاد الماضي أو استعادة هذه الأمجاد في مستقبل قريب أو بعيد. بذلك وحده يحتفظ الإنسان بقدرته على مجابهة الحاضر الذي يشكل تحديات لا قبل له بها ، يستمر في العيش بحد أدنى من التوازن .

في الحالات الناجحة تكون العودة إلى الماضي وسيلة لاستنهاض الهمة واستعادة شيء من الثقة في النفس من خلال احتذاء مثال أمجاد الاسلاف أو رفع الروح المعنوية بتذكر الإنجازات الذاتية. في هذه الحالة الأخيرة يتمكن الإنسان من تحمل مرارة الفشل وفقدان الاعتبار الذاتي من خلال تحجيم أزمات الحاضر فهي مجرد كبوة وليست معيارا تقاس من خلالها الحياة جميعها. وبالتالي فالحاضر عابر وكل ما هو عابر محتمل نفسيا مهما كانت شدته.

تلك هي حال الإنسان المقهور فإزاء عظم قوى القهر والتسلط من ناحية واعتباط الطبيعة من ناحية ثانية وإزاء العجز عن المواجهة وانعدام القدرة على التغيير يتعرض توازنه النفسي لهزات شديدة واعتباره الذاتي للإنهيار. ويبدو الحاضر مؤلما يحمل المرارة والبؤس يجد صداه في الأغاني ذات الطابع السوداوي التي تشيع في مجتمعات القهر عن غدر الزمان ومرارة الليالي والأيام ويتنكر الإنسان المقهور لهذا الحاضر الذي يشكل مرآة تعكس له مأساته أو هو يجتر هذا البؤس. لكن الغالب هو التذبذب بين التنكر والاجترار [U]وهو يدافع عن نفسه إزاء كل ذلك بالهروب إلى الماضي المجيد ذاتيا وقوميا فالماضي حصن من لا حاضر له ولا مستقبل له.

يتبع ...

يهرب الإنسان المقهور في أمجاد الماضي ويـتـيـه نشوان في مظاهر عظمة تاريخه وتراثه ، وهو يختار من هذا الماضي الذي يشكل الخير كله مقياسا للحياة : تلك كانت أيام ، تلك كانت الحياة . وفي هذه الرجعة للماضي يتماهى الإنسان المقهور خصوصا بالبطولات العسكرية بخوارق الفروسية وبكل مظاهر الأبهة في قصور الخلفاء والأمراء. ويحدث تضخيم مبالغ فيه أو هو دون حدود لتلك البطولات والأمجاد بقدر بؤس الحاضر ولذلك فالغالب أنتصبغ على أمجاد الماضي سبغة تخريفية نفاجية. تلاحظ تحديدا في تصوير الفرسان الأبطال فهؤلاء في القصص الشعبي أناس متفوقون ذوو جبروت لا يحد وقدرات خارقة لا يصمد أمامها شيء. ولا تقف دون تحقيق مآربها عقبة والواقع أن كل الرغبات الدفينة في القوة المطلقة التي تشكل الضد الكامل للعجز الواقعي تسقط على هؤلاء الأبطال ويحدث نوع مما يسمى التماهي الإسقاطي (تمثل صورة البطل ليس كما هو حقيقة بل كما نرغبه أن يكون كاملا فائقا ذو جبروت) في علاقة الإنسان المقهور بأبطال القصص الشعبي.

البطل في القصص الشعبي أسطوري فهو من الناحية الجسدية يمثل القوة المطلقة التي تأتي بالخوارق وتواجه كل التحديات وهو في السلاح قمة الخبرة والفروسية ، يصور على درجة كبيرة من الضخامة فرسه نادرة وسلاحه لا يتمكن سواه من حمله والقتال به وشجاعته تصمد أمام كل امتحان وهو يخرج دائما منتصرا من أقسى امتحان ويتحلى بطل القصص الشعبي كل الفضائل النفسية والخلقية ويتمتع بكل قيم الرجولة والشهامة والكرم وهو إلى ذلك البطل القوي العادل الذي يتصدى لكل معتدي وكل ظالم وكل عدو داخلي أو أجنبي مدافعا عن جماعته وأهله المعرضين من دونه لأشد الأخطار الحياتية ، إنه البطل المنقذ مبعوث العناية الإلهية كي يرفع التهديد عن الإنسان الضعيف إنه رمز العدالة والأمن الوجودي.

استعراض حياة هذا البطل الأسطوري كما يرويها القصص الشعبي هي دائما سلسلة من الأزمات وحلقات متصلة من الخطوب لا يخرج من أزمة حتى يقع في التي تليها ولا ينتصر على خطب حتى يقع في مأساة جديدة حياته ملحمة دائمة من الثبات أمام أقسى اختبارات الحياة والخروج منها منتصرا وهي إلى ذلك حلقة متصلة من التفاني من أجل الآخرين.

بطل القصص الشعبي بكل أسطورته هو مجرد إسقاط لأمل الإنسان المقهور في الخلاص ولرغبته الدفينة في امتلاك القدرة على مجابهة قدره ، حياته مجرد مرآة للاختبارات المتلاحقة التي يتعرض لها الإنسان المقهور ويعجز عن اجتيازها بينما ينجح البطل في ذلك. من هنا ندرك سبب إقبال الجماهير على حلقات رواية هذه القصص

ملاحظة شخصية لي خارج نص الكتاب والمؤلف (يحضرني في هذه اللحظة الحكواتي عمرو خالد وسائر شيوخ الدين الذين يؤدون هذا الدور في العصر الحالي وتقديسهم لأشخاص من عصر البعثة الإسلامية) انتهى.

وندرك سبب الاندماج في الاستماع إلى الراوي انها لحظة عزاء وسلوى عن آلام الوافع الراهن انها لحظة عز وكبرياء وأمل وشعور بالاعتبار الذاتي من خلال التباهي ببطولات الفارس صانع الخوارق ويزداد انتشار حلقات القصص الشعبي بمقدار الغبن المفروض على الإنسان ومقدار خلو الحاضر من الأمجاد . إن قصص البطولات الشعبية من الناحية النفسية هي عرض لمأساة الجماهير من ناحية وأملها في الخلاص في تغير المصير من ضعف إلى قوة ومن مهانة إلى عز من ناحية ثانية.

بالطبع يشجع المتسلط كثيرا انتشار هذا الحلقات ففيها هروب من الواقع وعيش في الخيال يبعد الإنسان المقهور عن الوعي بما يلحق به من غبن وما يجب عليه النهوض إلى المجابهة من أجل التغيير وبالتالي يحتفظ المتسلط بامتيازاته ويبقي الإنسان المقهور على غبنه والمتسلط يشجع هذه الحلقات أيضا لأنها تساعد على تصريف للتوتر الوجودي وتصريف للعدوانية التي تهدد بالانفجار ضده من خلال الغرق في عالم خرافي يحمل إرضاءات وهمية للإنسان المقهور.

[U]بالإضافة إلى التماهي بأبطال القصص الشعبي يلوذ الإنسان المقهور بتراثه وأمجاد هذا التراث ويتمسك به بشكل جامد حتى لا يعود يرى من مجال للخلاص من مأساة الحاضر إلا بالعودة إلى التراث والسير الجامد على غراره دون مراعاة لحركة التاريخ. ويزداد التعنت في هذا المجال بمقدار نفور الإنسان المقهور من واقعه الراهن لدرجة يتعلق معها لخطر خسارة الحاضر دون ربح الماضي. بينما يفترض أن تكون الرجعة إلى التراث مصدر إلهام لمواجهة تحديات العصر ومصدر استنهاض للهمم للخروج من خدرها. وهنا أيضا يلعب المتسلط وحلفاؤه دور المشجع على التمسك الجامد بأمجاد الماضي بشكل لا يتيح مطلقا التكيف المرن مع مهمات وتحديات العصر ومتطلبات المستقبل دافعين الفئات المغبونة إلى الجمود في مواقعها.

يتبع ...

2- التمسك بالتقليد

المجتمع المتخلف مجتمع تقليدي متوجه نحو الماضي يضع العرف كقاعدة للسلوك وكمعيار للنظرة إلى الأمور والإنسان المتخلف كائن تتحكم به التقاليد وتقيد كل حركة أو انطلاقة نحو المستقبل لديه. فعنصر القهر واضح تماما في المجتمع التقليدي الذي يلغي ابناءه ويلغي مبادرتهم إنه يقولبهم في صيغ جامدة وثابتة

درجة التساهل تجاه السلوك الذي يخرج عن الخطوط المرسومة لكل إنسان تبعا للدور الذي أعطي له ، ولدلالة هذا الدور و وظيفته الاجتماعية ومكانته ضئيلة وتكاد تتلاشى ولذلك فإن حالة التوتر الداخلي شائعة عند الفئات المغبونة في البنية الاجتماعية التي يتحكم فيها التقليد. هذه الفئة لا تملك إلا الرضوخ خارجيا رغم ما يعتمل في ذاتيتها من صراع ورغبة في التمرد وكسر القيود. الخوف شديد من هذا التمرد الذي تقابله بتشدد مطلق الجماعة التي تشكل تهديدا دائما لأفرادها بالنبذ أو التشهير أو التصفية إذا حاولوا المساس بالعرف السائد.

ويتوسل المجتمع وخصوصا الفئة ذات الامتياز فيه وسائل عديدة لتعزيز التقاليد وفرض الجمود على حركة الفرد وبنية الجماعة. معظم هذه الوسائل ذات طابع قمعي أساسا يضاف إليها تفسير للكون من خلال التقاليد والبنى العلائقية والمرتبية الاجتماعية السائدة حتى ليبدو الأمر وكأنه الطبيعة الوحيدة للحياة وأن كل مساس به هو مساس بقوانين الحياة التي لا يجوز أن تمس . فرضوخ المرأة واستعبادها ليسا استغلالا لكائن مقهور بل هما طبيعة المرأة ذاتها أو هكذا يصور وبالتالي فهو أمر طبيعي عليها أن تتقبله كخاصية أساسية من خصائص كيانها البيولوجي واستغلال الأبناء كأدوات للقوة والجاه أو الثروة أو توكيد ذكورة الأب وأمومة الأم أو إقامة التحالفات من خلال المصاهرة هو جزء من العلاقة الطبيعية البيولوجية بين الأباء والأبناء

[U]استغلال الآباء لأبنائهم والتحكم بمصائر بناتهم والإتجار بهن حق مقدس لا يجوز أن يمس. غنى المتسلط وفقر الكادح عبارة عن قسمة طبيعية للأرزاق المقامات، لا يجوز المساس بها وليس من سبيل سوى تقبلها والدفاع عنها

يتبع ......

العزيز ثندر
قبل أن أقرأ هذا الكتاب
كنت قد أشرت الى نفس الفكرة بالتالي


نسمه .
هل ترين إذا أن هذه الظاهرة هي حيلة لا شعورية مماثلة لإرتداء الجزائريات ( الحايك ) وهو النقاب الجزائري أثناء الإحتلال الفرنسي كنوع من الإحتجاج على الواقع و الحماية من الخطر الماثل و المتحفز .
وجهة نظر وجيهة و جديرة بالتأمل .
سأحاول الرجوع إلى بعض كتب علم النفس الإجتماعي لعلي أستطيع تأصيل هذه الفكرة و أوافيك بالنتيجة لو كانت جهودي تستحق العرض .
تحياتي
...............

بهجت
هي لا تختلف أبدا
كما أنه تجد هذا الأمر بين فينة وأخرى مثلما حصل في الغرب
في الستينات من القرن الماضي والذي أطلق عليهم الهيبيز بذلك الزمان
ورفضهم للانخراط بالمجتمع وعاشوا على أطرافه مهمشين أنفسهم
احتجاجا من تغيير المجتمع بشكل سريع
حتى يذكر أن بعض أعضاؤهم أبناء من الأثرياء
كان هذا هو التعبير عن الاحتجاج بهذه الطريقة
ومثلما يقال وكل شيخ وله طريقته ...
الذي يحصل الآن بعد الاختلاط السريع والغير مرغوب به من البعض
والثورة الكاسحة والتي اسمها بثورة الاتصلالات من أقمار صناعية
وكل مفرداتها وأبرزها هذا النت وما يحوية وما يجوب به .... مع
كمية وبأعداد مهولة من البشر ه رحلوا وحطوا في أماكن تختلف كلية ثقافييا واجتماعيا ومعرفيا وحتى شكليا
وهنا حصل نوع من انعدام الوزن وعدم القبول لهذه الحياة الجديدة الغريبة عليه
فماذا أمامه اما الرحيل الى حيث أتى وهو غير راغب حقيقة بهذا الرجوع
لواقعه والذي سعى للهرب منه وباع كل غالي ونفيس
أو أن يتقوقع ويرفض ما وجده من ثقافة مختلفة عن ما لديه من أفكار
وتراث ..
فالأسهل والأجدى هو التقوقع تحت هذه الأشكال من نقاب وغيره ...
على اعتبار أنها خط دفاع لهذا التراث الفكري ,,,
وهو الأسهل ,,,وهذه سمة للشرقي للأسف الاستسهال بالحلول
وعدم تشغيل العقول والتي عطلت منذ أمد بعيد ...
أقارن بين شخصية الغربي بالاكتشاف الذي يؤدي به الى المغامرة وما بها من مشقة وخطر وبين هلعنا وخوفنا من المجازفة لابنائنا مثلا من شدة ضعفنا الفكري ,,,حتى طريقة الحوار والاستفادة منه مختلفة تماما
لا ينقلب الحوار أبدا الى شخص المتحاور بل منصب على الفكرة ...
أين نحن من كل هذا ؟؟؟؟؟
ليس معنى أن كل شيء بالغرب أقدسه ومبهورة به ,,, بل أركز على الشيء
الجيد والمفيد سواء ما لدينا اذا وجد وبين الجيد بما لديهم ...
شكرا لمتابعتك

اقتباس:العزيز ثندر  
قبل أن أقرأ هذا الكتاب  
كنت قد أشرت الى نفس الفكرة بالتالي

الله يجبر بخاطرك يا نسمة
جيد أن هناك من قرأ هذا الموضوع

أتفق معك أن التمسك بالحجاب كما أراه هو نوع من التعصب للهوية بدليل أنه لم ينتشر بين الطبقات الوسطى إلا في العقدين الأخيرين.

شكرا على إيراد هذا السجال بينك وبين بهجت
في هذا الخصوص

ويتوسل المتسلطون الدين من أجل ترسيخ العرف الشائع الذي يخدم مصالحهم قبل كل شيء. ويعززون سطوة التقاليد من خلال آيات وأحاديث لا مجال للشك فيها وإلا تعرض إيمان الإنسان المغبون للخطر وأمله الوحيد في عزاء الحياة الآخرة للتلاشي. ولكن اللافت للنظر هو أن المجتمع التقليدي والذين يمسكون السلطة فيه ويتمتعون بكل الامتيازات لا يبرزون من الدين سوى الجوانب التي تؤكد سلطتهم وتعزز العرف الشائع والنظام المرتبي . فقط تلك الجوانب التي تؤكد على القناعة بالأمر الواقع وتقبله وتتكرر على مسامع المغبونين أما الجوانب الثورية في الدين وجوانب التحرر والإبداع والتغيير والعدالة والتصدي والجهاد في سبيل الحق وفي سبيل كرامة الإنسان فلا فيسدل عليها ستار كثيف من التعتيم وهكذا يصبح كل ما هو عصري ويساعد الإنسان على امتلاك مصيره بدعة وكل توكيد على الحق والعدالة والكرامة وممارستها زندقة ويتحول الدين إلى سلاح مسلط على المغبونين وهذا أفعل سلاح لدفعهم إلى الاستسلام والإذعان لأنه يهدد أملهم الأخير في الخلاص والعزاء في ثواب الآخرة خلاص وثواب يجعلان وحدهما حياة القهر ممكنة.

المجتمع التقليدي بما يشيع فيه من عرف وما تتحكم في أفراده من عادات وما يفرضه على عملية التفاعل الاجتماعي والتحرك السلوكي من جمود يخدم إذا مصالح فئة ضئيلة هي التي تحظى بالامتيازات وتستفيد من الحفاظ على الوضع القائم ، ذلك أمر لا يحتاج إلى جهد كبير للتدليل عليه والبرهنة على صوابيته. فالشواهد اليومية في العالم المتخلف أكثر من أن تحصى أبرزها ما يشيع في المجتمع القبلي العشائري . فهنا نجد تلازما بين أصى انتشار للتقاليد وأشد سطوة لها وأكبر درجات القهر الاجتماعي. وأوضح مظاهر الرضوخ عند الغالبية المغبونة ، يقابلها جميعا أبرز حالات التسلط عند القلة التي تتحكم بالقبيلة أو العشيرة وأكثرها حصولا على الامتيازات.

كيف يمكن إذن والحال كذلك ان يشكل التمسك بالتقاليد أوالية دفاعية ضد القهر الذي يفرضه المجتمع التقليدي ؟ قد يبدو في هذه المقولة شيء من التناقض المنطقي إلا أن هذا التناقض يظل سطحيا فقط فمن الناحية العلمية لا بد من توازن في أي قانون يفرض على جماعة بين عنصر الضغط والقهر من ناحية وعنصر تحقيق الحاجات بشكل ما من ناحية ثانية . إن التقاليد والأعراف لو كانت قهرية محضة لما استقرت واستمرت لأنها تـتـضمن في هذه الحالة التوازن الضروري بين عنصر الضبط وعنصر تحقيق الحاجات الذي لا إمكانية للإستمرار دونه ما يشكل عنصر قهر لا بدأن يتضمن نقيضه المتمم له وهو الدفاع ضد هذا القهر . دفاع ليس بالضرورة معافى (ينمي الشخصية) بل قد يكون مرضيا لأنه يؤمن توازنا جامدا.

الأوجه الدفاعية للتمسك بالتقاليد عديدة ومتنوعة أبرزها التحصن بتلك التقاليد لمجابهة غزو متسلط خارجي. هذا المتسط يشكل تهديدا كيانيا لمن يغزوهم في هويتهم القومية وتراثهم وانتمائهم ونظرتهم إلى الوجود إنه يحمل خطر الاندثار وفقدان الإعتبار الذاتي.

فإذا عزت المقاومة المسلحة وانتفت امكانية المجابهة المباشرة لا يظل أمام الشعب المقهور سوى الاحتماء بالتراث والتمسك بالتقاليد ضد الغزو الفكري والنفسي والحضاري. ويشتد التمسك بهذه التقاليد بمقدار وطأة الاستعمار الحضاري ويستمر طالما عزت المقاومة وطالت وطالت فترة الإستعداد للتحرير . وتخف حدة التمسك بالتقاليد ويزداد الانفتاح على عوامل التغير والتحديث بمقدار الإطمئنان إلى القوة الذاتية وبمقدار الشعور بالحماية وانخفاض حدة التهديد الخارجي. وقد يكون في تمسك المجتمعات الريفية بالتقاليد والتشدد فيها دفاعا عن كيانها ضد تسلط السلطة المركزية المستعمر أو تسيطر عليها على الأقل عناصر غريبة في وبعيدة في انتماءاتها وتوجهاتها عن تلك التجمعات الريفية . فهذه المجتمعات تنكفئ على ذاتها وتغلق حدودها مع السلطة المركزية إلى أبعد الحدود الممكنة مؤكدة على الافتراق الكلي الذي يؤمن لها شيئا من الحماية ضد خطر الذوبان . العلاقات عدائية وحذرة بين القرية المغلقة على ذاتها والسلطة التي لا يصدر عنها سوى التهديد أو الاستغلال القرية هنا تلعب دور الانسان المقهور ازاء المتسلط

أما على المستوى الفردي فالوظائف الدفاعية للتمسك بالتقاليد متعددة فهي أولا تؤنت نوعا من الاستقرار الحياتي باعتبارها كذلك تعطي الانسان شيئا من الطمئنينة للوضع الراهن ذي الأبعاد المعروفة والتحديات المألوفة التي يمكن التكيف بحسبها كما أنها تؤمن الحماية الذاتية وهي تبعد عن الإنسان المقهور خطر المجابهة قلق المجهول وقلق التغيير فمن تمسك بالتقاليد لا ضير عليه ولا خطر يتهدده في الظروف العادية هكذا يبدو الأمر على المستوى المعاش. كما أن المتسلط الذي يعزز وطأة التقاليد يؤمن للإنسان الحد الأدنى من الحماية عادة نظرا لحاجته إليه كأداة لخدمة أغراضه وكعنصر لاستغلاله في آن معا ويبدو الأمر وكأنه جزء من طبيعة الحياة (الحماية مقابل الرضوخ والتمسك بالتقاليد مقابل الاعتراف بسلطة المتسلط وامتيازاته).

يتبع ...

ثندر (f)
أنت غالبا ما تنشر شيء يشجع على القراءة
بخصو ص ما أشرت
.................
أتفق معك أن التمسك بالحجاب كما أراه هو نوع من التعصب للهوية بدليل أنه لم ينتشر بين الطبقات الوسطى إلا في العقدين الأخيرين.

.......................
وهي حقيقة
وما زالت هناك طبقة أخرى ما زالت لم تتبع نظرية القطيع
وأراهن أن أغلب من تعتمر هذا الحجاب ليس الا تقليدا
حتى حينما تسألها تردد بطريقة بغبغائية بما سمعته
يعني التفكير في حالة خارج نطاق الخدمة
:D

(f)

تسجيل حضور و متابعة

(f)