اقتباس: خالد كتب/كتبت
بعد التذكير بالفارق بين لا النافية للجنس العاملة عمل إنّ ولا النافية العاملة عمل ليس، أقول بعد حمدالله تعالى والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه
لا مهديُّ ينتظر بعد طه خير البشر
ركزوا على الضمة هنا، لا هذه هي العاملة عمل ليس.
أخي خالد هداني الله وإياك إلى الصواب'
يوجد فرق بين كلمة( مهدي) وبين كلمة (المهدي) معرفة بأل.
مثلا :
تلميذ يعرف نتيجة معادلة رياضية(أستاذه هو الذي أخبره بذلك) ولا يعرف طريقة الحل التي أعطت تلك النتيجة .
وتلميذ آخر يعرف نتيجة المعادلة الرياضية ويعلم الكيفية التي توصل بها إلى النتيجة (يعلم حلها).
أي التلميذين يعتبر (مهدي) وأيهما يعتبر (المهدي)؟
لا شك أن التلميذين على هدى ، والتلميذ الثاني هو المهدي حقا لأنه يستطيع أن يبرهن على صحة النتيجة لعلمه بكيفية طريقة الحل.
مثل التلميذ الأول كمثل (من سمع بالخبر من مصدر موثوق).
ومثل التلميذ الثاني كمثل (من حضر المشهد ورأى ببصره وبصيرته).
فالتلميذ الأول يعتبر مؤمنا بالغيب فقط (لأنه سمع فقط) .
والتلميذ الثاني يعتبر مؤمنا بالشهادة (لأنه رأى وسمع) ، فكل مؤمن بالشهادة هو مؤمن بالغيب من باب أولى ، والعكس ليس صحيحا.
إذن فمن عنده الدليل اليقيني الذي يستطيع أن يبرهن به على صحة يقينه هو الأحق أن يوصف بالموقن.
القرآن لا يطلق صفة اليقين إلا بحقها الذي هو الإدراك بالشهادة(الرؤية بالأبصار والبصائر) .
قال تعالى : وكذلك (نري) إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من (الموقنين).
فهل كان إبراهيم عليه السلام على غير اليقين قبل أن يريه الله ملكوت السموات والأرض؟
بلى، كان مؤمنا بالغيب ، بفطرته وتفكره أدرك أن للكون ربا ، ثم بعد ذلك (أراه) الله ملكوت السموات والأرض فأصبح من الموقنين حق اليقين.
ولما بشر الله المؤمنين بالهدى في سورة النمل وأثبت لهم اليقين في قوله (وهم بالآخرة هم يوقنون) فكان من الحكمة أن يذكر لنا حقيقة يقينهم ، فقال الله في آخر آية من سورة النمل : وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ (سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا) وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
إذن فالمؤمن بالشهادة (رؤية الآيات) هو الأحق أن يوصف ب (الموقن).
كانت هذه مقدمة تفيدنا في تفسير الآية 3 و 4 و 5 من سورة البقرة.
بين الله لنا أن الكتاب هدى للمتقين ، وهم صنفان :
1) الصنف الأول : الذين يؤمنون (بالغيب) ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون).
2) الصنف الثاني : والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون).
ما الفرق الإيماني بين هؤلاء وأولائك ؟
هل يتميز الصنف الثاني من المؤمنين عن الصنف الأول بأنهم يؤمنون بما أنزل على الرسول وما أنزل من قبله وأن الصنف الأول لا يشتركون معهم في هذا الإيمان !!؟
كلا فالكل يؤمن بما أنزل على الرسول وما أنزل من قبله، وإنما يتميز إيمان هؤلاء بأن إيمانهم إيمان (شهادة) بدليل قوله تعالى
(وهم بالآخرة يوقنون). أما الصنف الأول من المؤمنين فإن إيمانهم إيمان بالغيب فقط .
كلا الصنفين من المؤمنين أثبت الله لهم الهدى بقوله تعالى بعد ذلك : أولائك على هدى من ربهم ، حقا إنهم كلهم على هدى من ربهم ، فمن الأولى أن يوصفوا ب (أولائك على هدى من ربهم)؟
إنهم أولائك (الذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون) ، فإيمانهم إيمان (بالشهادة) ، وكل مؤمن بالشهادة فهو مؤمن بالغيب من باب أولى.هؤلاء هم المهديون حقا.
أما الذين ثبت لهم الإيمان بالغيب فقط فهم مهديون (بدون أل التعريف) مقارنة مع بالمؤمنين (بالشهادة).
إذن يوجد احتباك في الآيتين الثالثة والرابعة من سورة البقرة
حذف من الآية الرابعة (بالشهادة) وهي مقابلة ل (بالغيب) في الأولى كما أن القرينة (يوقنون) تغني عن ذكر (الشهادة).
كيف يكون الإيمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وماأنزل من قبله إيمان شهادة ؟!!
يستحيل أن يكون الإيمان بالشهادة معناه (رؤيا الأبصار) لأن الرسالات
جاءت في الماضي ، فإن كان إيمان بالشهادة يتحقق بعد نزول القرآن فإنما هو إدراك بالبصائر وليس بالأبصار.