إعدام صدام: سوريا وليبيا إستلمتا الرسالة
2006 السبت 30 ديسمبر
إيلاف
إيلاف (خاص) : عكست ردود افعال الحكومتين الليبية والسورية ازاء اعدام الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين في بغداد اليوم مواقف تؤكد ان زعامتا البلدين قد استلمتا الرسالة التي اريد ايصالها الى الانظمة في المنطقة والتي يطلق على البعض منها بالمارقة سواء كان هذا على صعيد علاقاتها الدولية المناهضة لرغبات المجتمع الدوالي او في مجال انتهاكات حقوق الانسان في البلدين اللذين يحكمانها .
ولاحظ مراقبون سياسيون تحدثوا الى "ايلاف" ان عملية اعدام صدام حسين شكلت سابقة غير معهودة في مجريات الاحداث السياسية في البدان العربية التي اعتادت ان تقصي او تصفي زعاماتها بانقلابات عسكرية دموية او بعمليات اغتيال . فقد جاء اعدام الرئيس السابق بفعل ضغوط سياسية طويلة تطورت الى عمل عسكري اطاح بنظامه في النهاية وهو امر يبدو ان النظامين في سوريا وليبيا قد فهما الرسالة التي ارادت ايصالها الولايات المتحدة التي وضعت العالم تحت سيطرتها في غياب أي قطب دولي منافس الى البلدين اللذين تتعارض سياساتهما والمواقف الدولية او السياسات التي يراد لهما السير عليهما .
ففي سوريا الجار الغربي للعراق والفرع الثاني لحزب البعث الذي حكم العراق ويحكم سوريا لثلاثة عقود من الزمن فان سياسات رئيسها بشار الاسد القائمة على الشعارات الوطنية من دون ممارستها والتدخل في شؤون لبنان الذي ادت ممارساته فيه الى اوضاع سياسية مضطربة ادت الى زعزعة امن واستقرار الجار الذي كان حليفا الى وقت قريب وقبل ان تتهم دمشق بالوقوف وراء عمليات تصفية لزعامات لبنانية دفعت بالمجتمع الدولي الى انشاء محكمة دولية لمحاسبة اركان النظام وبشكل قد يطال بالتحقيق والادانة الرئيس الاسد نفسه . واذا ما حدث هذا الامر وهو ليس ببعيد عن الرئيس السوري او الحفنة المحيطة به فانه ليس من المستبعد ان يكون مصير البعض من هؤلاء مصير صدام حسين برغم اختلاف الظروف والتهم وهو ما ادركه صانع القرار السياسي من دون شك كما اكد المراقبون .
وليس ببعيد عن هذا الامر ما اكده معتقل سياسي سوري بارز اليوم بان معتقلي الرأي في سوريا يأملون أن يكون في اعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين "عبرة" لمنتهكي حقوق الانسان في العالم العربي.
واضاف المحامي أنور البني المعتقل مع سياسيين سوريين اخرين بسجن عدرا شمالي دمشق منذ ثمانية أشهر في اتصال هاتفي برويترز "نتمنى ان يكون الاعدام عبرة لكل مرتكبي جرائم بحق شعوبهم وانتهاكات لحقوق الانسان في المنطقة وان يدركوا بأن لا أحد فوق الحساب وان يرتدعوا عن أفعالهم." وقال "نتمنى ان يكون اعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين هو بادرة لاغلاق الماضي الاسود والدموي في العراق الذي نتمنى أن يصبح منارة للديمقراطية والحضارة في المنطقة." ولم يسم البني الذي اعتقل بسبب توقيعه اعلانا يدعو الى تغيير السياسة السورية نحو لبنان من يتهمهم بانتهاك حقوق الانسان في المنطقة وان كان واضحا انه لم يبتعد عن مكان اعتقاله بعيدا.
وكان المعتقلون قد تحفظوا في وقت سابق على الحكم باعدام صدام مع تأكيدهم بشكل عام على انه خطوة ايجابية نحو محاسبة المسؤولين العرب. ولم يصدر حتى الان رد فعل رسمي في سوريا على اعدام صدام فيما تباينت اراء رجل الشارع بين مؤيد ومعارض.
ومن جانبه قال المحامي خليل معتوق الناشط الحقوقي السوري انه ضد عقوبة الاعدام فهي عقوبة غير انسانية ،متوقعا انه لو ترك امر محاكمة صدام للعراقيين لقطّعوه اربا كونه ارتكب جرائم بشعة بحق الشعب العراقي . وتمنى معتوق لو شهد صدام كل محاكماته معتبرا ان كل الجرائم التي ارتكبها انتهت بموته رغم ان هناك ملفات اخرى لم يتم فتحها.
اما ليبيا التي بدات تدرك اسرار اللعبة الدولية وغيرت الكثير من سياساتها ومواقفها ازاء العديد من القضايا العربية والدولية فان قيادتها ادركت من خلال تصفية صدام حسين انها برغم ذلك لم تحظ بعد بالرضى الكامل من المجتمع الدولي الذي مازال ينظر اليها بعيون من الشك تاسيسا على سياسات سابقة اضرت بليبيا الداخل والخارج .
ويشير المراقبون انه لذلك فان العقيد معمر القذافي واثق ان هناك الكثير من القضايا الداخلية خاصة والمتعلقة بملفات حقوق الانسان والحوار مع المعارضة والعلاقات مع الدول العربية مايحتاج الى تنفيذ متطلبات لم ينفذها بعد الامر الذي يضعه في خانة المستهدفين ايضا وبشكل يذكر بمصير صدام حسين .
ويبدو ان القذافي واستباقا لاي محاولة لمنح عملية اعدام شرعية دولة تحاول الولايات المتحدة اضفاءها عليها فانه اتخذ موقفا حادا من عملية الاعدام لم يسبقه اليها احد من الزعامات القريبة منه او البعيدة كما لاحظ المراقبون . ففي لقائه امس لمناسبة عيد الاضحى وراس السنة الهجرية مع الدبلوماسيين المعتمدين في طرابلس ورجال الدين والقيادات السياسية الليبية ندد القذافي بقرار إعدام الرئيس العراقي السابق وبالمحكمة الجنائية والضاء العراقي وكذلك الحكومة العراقية مؤكدا ان كل قرارت هؤلاء باطلة.
وأشار القذافي إلى أن محاكمة صدام والحكم بإعدامه باطلة لان إجراءات كهذه تمت تحت سلطة الاحتلال الأميركي والبريطاني، وقال أنه كان يحق للاميركيين والبريطانيين اصدار احكام ضد الرئيس صدام كونه أسير حرب لهما وهما وحدهما لهما الحق بمحاكمته رغم انه لا يحق محاكمة أسرى الحرب حسب القوانين الدولية.
وتساءل الزعيم الليبي "انهم حاكموا صدام بعد سنين من قتله لأهل الدجيل، ولكن من سيحاكم القتلة الحاليين في مجازر اخرى ترتكب يوميا الان بحق الشعب العراق . وفي اشارة لافتة
قال ان القذافي "لمحكمة الجنايات الدولية وحدها حق محاكمة صدام وكذلك محكمة لاهاي الدولية وحتى الجمعية العامة للأمم المتحدة ولكن هذا الحق لا يعطي الى حكومة عراقية تأتمر بأمر قوات الاحتلال . وفي كلمات محتدة اضاف القذافي تساءل قائلا "في أي حق يمكن السكوت عن هذه المهزلة التي تجري في عالم سخيف منحط نذل قذر لا يحترم فيه أي شيء ولا احترام فيه للانسان ولا لحقوقه ولا للمعاهدات ولا للاعراف الدولية" .
وانسجاما مع طروحاته هذه فقد امر القذافي باعلان الحداد الوطني ثلاثة ايام على صدام حسين ابتداء من اليوم وتنكيس كل الاعلام والغاء مظاهر الاحتفالات بما فيها مظاهر العيد .
واعلنت السلطات الليبية "الحداد ثلاثة ايام في ليبيا وتنكيس كل الاعلام والغاء مظاهر الاحتفالات بما فيها مظاهر العيد اعتبارا من اليوم حدادا على اسير الحرب".
ومن المعروف أن المحامية عائشة كريمة الزعيم الليبي كانت تقدمت لإدراج اسمها ضمن قائمة المحامين العالميين للدفاع عن الرئيس العراقي صدام حسين لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة عن السفر الى بغداد حيث كانت تحتفظ بعلاقات جيدة مع الرئيس العراقي الراحل وكانت من اواخر الذين قابلوا صدام قبل الحرب التي اسقطت نظامه في نيسان (ابريل) عام 2003 .
ويؤكد المراقبون في الختام ان اعدام صدام قد شكل رسالة نفسية على الاقل من الواضح انها دخلت الى دمشق وطرابلس من دون استئذان وتم فهم محتوها ومغزاها ولابد ان اولي الامر فيهما سياخذون بنظر الاعتبار التداعيات التي سيفرزها الحدث وتاثيراته عليهم .
أهالي تكريت صباح يوم اعدام صدام