الفاضل "العقل الجميل".. محبة لك وسلام (f)
هل تعلم..
تأثرت كثيراً بإحساساتك وقت الكتابة.. انا أجيد قراءة المشاعر..
كم كنت أتمنى أن نتعارف متفقين لا مختلفين..
إذ أننى واثق بوجود أشياء كثيرة مشتركة بيننا يابن بلدى..
لنعود للإختلاف فى الرؤية من جديد..
اقتباس:لكل واحد طريقته في التفكير التي تعتمد على طريقته في التفكير و مدى ذكاؤه و قيمه و طريقة تربيته و بيئته و تجاربنا الشخصية و إنطباعاتنا النفسية و ما إلي ذلك ...
متفق معك 100%
وربما هذا يكون مدخلاً جيداً للنقاش حول "العهد القديم"
أعلم أن مقصدك بالإقتباس السابق، هو الفروق الفردية بين شخص وآخر..
فما بالك بالفروق بين زمن وآخر؟
بين حقبة زمنية وحقبة أخرى..
فالإنسان فى زمن العهد القديم.. مختلف عن الإنسان الأن..
نحن الأن أكثر رقياً وتقدما (أكثر إنسانية)..
فإن أردنا أن نتجرد فعلاً.. فلا يجب أن نحكم على "إنسان الأمس" بمعايير ومقايسات "إنسان اليوم"..
لن أتكلم عن "العهد القديم" حتى لا يتهمنى البعض بعدم الإستقلال فى الحكم المحايد نظراً لكونى مسيحياً..
سأضرب مثالاً من الإسلام..
كثير منا سمع عن "الرجم حتى الموت" كعقوبة للزانى المحصن فى الإسلام..
كثير منا إقشعر بدنه لهذه الوسيلة فى الموت البطئ..
كثير أسهب فى كونها وسيلة تعذيب بشعة..
أمن أجل لحظة ضعف يقتل انسان؟
ما هذا الإله.. وما هذه الطريقة القذرة فى الموت..
أين هذا من "أحسنوا القتل"؟
هذه يا عزيزى، أحكامنا الآن.. بظروف الآن..
لكن لو نظرنا للمتبع إسلامياً وقتها..
وعلمنا رخصة الزواج بأربع، وهى رخصة أباحتها سعة الرزق وسهولة الحياة حتى عهد قريب، ويصعب علينا أن نجد صحابيًا لم يستمتع بهذه الرخصة..وأن الكثيرين منهم كانوا ينذرون السبت لزوجة والأحد للثانية والاثنين للثالثة والثلاثاء للرابعة والأربعاء للراحة ، والخميس للأخيرة أو المثيرة أو الأثيرة أو الصغيرة، والجمعة للعبادة والاستعداد للأسبوع الجديد..
وعلمنا أن للمسلمين وقتها رخصة التسرى بالجوارى وملك اليمين، وأغلب الصحابة، وإن لم يكن جميعهم، مارسوا التسرى، وقبلهم جميعًا تسرى الرسول بمارية القبطية فى يوم حفصة وعلى سريرها..
وأزهد الزهاد "على بن أبى طالب" توفى ولديه كما ذكر السيوطى فى كتاب "تاريخ الخلفاء" 13 سرية.. ووصل الأمر لإلى الآلاف لدى بعض الخلفاء فى العصر العباسى ...
رخصة أباحها الله لعباده كما ترى..
ومصدر للمتعة الحلال توفره الفتوحات وتوفره أيضًا إمكانيات الشراء من الأسواق أو التجار المتخصصين..
وتساؤل يطرق أذهاننا فى هدوء، لكنه تساؤل منطقى على أية حال..
عمن تتوافر له رخصة الزواج بأربع زوجات ورخصة التمتع بالجوارى بلا عدد ثم يمتد بصره إلى نساء الغير ويقوده شيطانه إلى الزنا بهن..
ماذا يستحق؟
لا أعتقد أننا سنختلف فى أن هذا الشخص يستحق الإعدام رمياً بالقباقيب فى ميدان عام.
ووقتها - ووقتها فقط - يستقم الأمر لفهم لماذا الحد قاسٍ..
فهو قاس.. لكنه على المقاس.. :)
فإن أردت أن تفهم يا عزيزى كيف يأمر الله فى العهد القديم بهذه الأمور مع "عماليق".. ينبغى أن نراجع ما الذى فعلته عماليق وإستمرت تفعله لمدة 400 سنة قبل هذا الحدث.. فربما يكون حكمك - وقتها - مختلفاً تماماً..
آخذين فى الاعتبار أشياء عديدة..
- هل هذا تعليم دينى من الله (تشريع)؟ أم موقف معين محدد تجاه إناس محددة؟
- قصة شعب الله المختار من أساسها.. وهل كان الله يعاملهم (أعنى إسرائيل) بالمثل أم لا.. فربما يكون هذا هو الوضع التاريخى السائد وقتها.
بالنسبة لنقطة مثل "حد الردة" فى اليهودية..
إقرأ بتمعن وخبرنى.. هل هى عقوبة للخروج من الديانة اليهودية؟ أم عقوبة للإغواء؟
وهل الديانة اليهودية عموما، ديانة دعوية (تبشيرية)؟ أم لقوم "يعقوب" وحده وأسرته وسلالته (ديانة العائلة)؟
وهل فى هذه الحالة، فالخارج عن اليهودية.. يعتبر خارج عن الدين فقط؟ أم خارج عن العائلة ويحاول إغراء غيره بالخروج منها؟
وهذه الديانة التى لا تقبل وفود جدد، أو مؤمنين من خارجها.. هل تعامل بمقاييس الديانة التى يدخلها الناس بالاقتناع ويتركونها إن تغيرت القناعات؟
وما هو الإله البديل وقتها؟ أهو العجل أوالشمس أو الأوثان؟ أم تعليم أكثر رقياً من حق الإنسان إختياره لأنه حر الفكر ووجد هذا الوضع أفضل؟
أشياء كثيرة يا رفيقى "العقل الجميل" تجعلنى وإن كنت لا أقبل هذا الآن، إلا أنى أفهم دوافعه أو الحكمة منه.. أفهم معاييره التى إختلفت الآن..
يكفينى أن هذه التشريعات لم تفترض يوماً صفة الديمومة، بل كانت أوامر محددة، بزمن معين، لشعب بعينه، وتتناسب مع زمنها وأعرافها ولها حكمتها.. هذا ما لا أراه فى الإسلام مثلاً فى الرجم الآن.
بالنسبة لنقطة إعتراف المسيحيين بالعهد القديم كأساس عقيدي و تاريخي لعقيدتهم..
كأساس تاريخى، نعم..
كأساس عقيدى، هذا التعبير محل جدل..
فمثلاً لا يمكن تطبيق "حب قريبك وابغض عدوك" مع "أحبوا أعداءكم"
لدى وجهة نظر متواضعة ظهرت فى حوارى مع الزميل رحيم سابقاً..
http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?f...28990#pid128990
من فضلك.. تابع مع الرابط السابق..
بالنسبة لنقطة سلبية العهد الجديد سياسياً (من سخّرك ميلاً، والصلاة من أجل الرؤساء)
على فكرة، الصلاة من أجل الملوك والرؤساء لا تعنى مباركتهم..
فالمسيح يقول "صلوا لاجل الذين يسيئون اليكم"
أى صلوا لكى يصيروا أفضل..
لكن بشكل عام.. فالمسيحية بعيدة عن السياسة فعلاً..
ولو أردت رأيى الشخصى.. فهكذا يجب أن يكون الدين.. لا علاقة له بالسياسة..
هدف الدين، حياة (أخروية) أفضل..
هدف السياسة، حياة (دنيوية) أفضل..
لذا فهما خطان متوازيان.. لا سبيل لجمعهما سوياً إلا بانحراف أحدهما ليتلاقى مع الآخر..
لكن من قراءة المسيحية، لا أجدها تمنع العمل السياسى، أو تدعو للسلبية.. هذا فهم خاطئ للدراويش المسيحيين :)
فمثلاً "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله" لا يفهم منها سوى التنظيم.. لكن لابد أن يأخذ "قيصر" حقه..
(وحق قيصر ربما يكون المطالبة بعزله :D )
المسيح نفسه لم يكن سلبياً عندما تم صفعه، بل واجه وقال "إن كنت قد أخطأت، فاشهد على الشر.. وإن لم أفعل، فلماذا تضربنى؟"
لا يبدو لى تصرفاً سلبياً أو منكسراً أو مهادناً رغم أنه فى لحظات محاكمته..
منهم لله الدراويش.. علموا المسيحيين المسكنة والضعف..
وهناك فارق بين عدم مقابلة الشر بالشر رغم مقدرتى على هذا..
وبين عدم مقابلتى له نتيجة عجز، فأتمسح ببعض أيات الوداعة وأنا بداخلى نار تأكلنى وأريد الإنتقام
فما رأيك؟
محبتى (f)