أذكر جيداً ذلك اليوم في مدينة السويداء، كان الوقت عصراً وكان لدي مع أصدقائي موعدٌ مع "عمر الفرّا" الشاعر العامي/الفصيح السوري الحمصي/البدوي.
كنا نعرف الشاعر من خلال قصيدته الشهيرة "ما أريدك" أو "قصة حمدة"، أو كذلك قصيدة الحمل.
الزمان كان في سوريا في عاصمة جبل العرب حيث كنت أقطن، مساء ربيعي، وحفل ساهر مع شاعر كبير، نُظم الحفل من قبل المدينة، ودخلنا مجاناً أو بسعر رمزي لم أعد أذكر. يومها أحببت الفرّا رغم أنني وصحبي حضرنا الحفل في مكان متأخر من الصالة وقوفاً لساعتين أو أكثر، وعشقت الكثير من قصائده الأخرى التي تفوق "قصة حمدة" كما قال هو ذاته في الحفل ذاته، ففي ذاك اليوم تكاثرت الصيحات لكي يلقي تلك القصيدة الشهيرة، فتوقف لحظة وقال: والله كل قصائدي أجمل منها (أو كما قال).
بالطبع ذهبت بعدها واقتنيت ديوانه واستمتعت بقراءة ما سمعته بشكلٍ آخر.
بدأ الحفل الساهر بقصيدة مدح للرئيس السوري السابق (تململت وعبست وأدرت وجهي وكنت على وشك أن أصم آذاني)، ولكن القصائد التي تتالت جعلتني أنتشي بروعة اللغة ودقة التعابير ومهارة الشاعر الفنان، فمن القصائد الاجتماعية المعبرة "الكلب والثار" و "شابوش لكل كلب يتاخذ بثارو زلمة"، لقصة الحامل، لقصيدة الحب اليائسة "دكتوري" والرائعة جداً. وصل لقصيدة جميلة أنيقة أو لنقل قصيدتين واحدة بالفصحى بعنوان "موعد في المدينة"، وواحدة بالعامية "موعد في البادية" وتتحدثان عن نفس الواقعة في مكانين جغرافيين وثقافيين مختلفين.
قصيدتان ممتعتان بالنسبة لي، أعدت قراءتهما في تجوالي وترحالي بحثاً عن قديمٍ متجدد أعاد لي الذكريات، وما زال يعني الكثير للكثيرين مثلي كما أعتقد.
أترككم مع هذه الإبداعات، وأحييكم وأشد على أياديكم.
على أمل اللقاء بكم.
طارق
(f)
موعد في المدينة
وبقيت منتظرا متلفتا قلقا
قد فات موعدها
وعقارب الساعه، تمشي على مهل
واقول في صمتي
هل من هنا تأتي ام من هنا تاتي
ولعلها نسيت
ولعلها شغلت
ولربما سخرت مني بموعدها
ولربما قصدت غدرا ولن تأتي
هل من هنا تأتي ام من هنا تأتي؟
ولمحتها والقلب جن وطار بي
هل ممكن ان لا تجيء لموعدي؟
يا ايها العقل الغبي؟!!
كم كان ظني سيئا
سأضمها وبلا عتاب. هل ها هنا وقت العتاب؟
سأذوب في احدابها
سأموت في اشواقها
فلقد يأست من الحياة بدونها
ولقد يأست من الغياب
وأفقت من حلمي!
لا، لاأظن، بل ممكن! لا مستحيل!
هل يهرب الإنسان من مقدوره؟
يا خيبتي، ليست هي!
وقفت بقربي ترقب المجهول مثلي
وتلفتت وتأوهت
والساعة الكسلى تمشي على مهل
مثلي انا، في وقفتي، في حسرتي
في لهفتي وتلفتي
وأظنها كانت تقول بسرها
هل من هنا يأتي، ام من هنا يأتي؟
وصلة بصوت الشاعر:
http://www.q6of.com/download.php?id=25744
موعد في البادية
تقوللي انتظرني تا أجي
ساعة وبعدها راح أجي
يغيب القمر عن بيتنا
وبعدا أجي من غير حكي(حجي لفظاً)
ولا من دري ولا من علم
وبالك يا ولفي من الحكي
بنية أني وعيب أنفضح
زغيرة وأخاف من الحكي
وظليت حاير أنتظر
أقعد وأقوم وأنتظر
هسع تجي، شوية تجي
يا هل ترى لو ما إجت
أقعد لباكر أنتظر؟
وشوية طلت يا هلا
دروبك يا حلوة مسهلة
هب العطر من ثوبها
ويا ماحلا يا ماحلا
تنقل قدمها عالوطى
كرج الحجل، رقص القطا
وعيونها تبرق برق
سهمٍ رمى وسهمٍ سبق
وخدودها جوري وحبق
وتصوروا جوري وحبق
والشفة وردة مستحي
كل من لثمها ما صحي
والركبة مسباحة ولي
وخصيرها يغلي غلي
ونهيدها كيف أوصفو؟
يا ريتها تقبر هلي :D
تغطى النهد
بشال الحرير الـلي نسج
خيطانو صنّاع الهند
ومشكولة بُكلة بزر ورد
يا هالنهد .. يا هالنهد
ما أقربك .. ما أبعدك
ما أطوعك ..ما أعندك
تململ يا زغلول الحجل
بالكبرياء وبالخجل
بين التمنع والرضا
تخليني عايش بالأمل
منثور دمي بالعجل
من أقربك
عمرك يا عمري لو أصل
أمشي وأرد وأحسب وأعد
شنهو القصد بزر الورد
وشال الهند
يا هالنهد
خوفك من إيدي لو تمد
ولا مخافة من البرد
تكلم يا سيدي ما أرد
وتحرم أقولها لأي أحد
بس إنت سيدي يا نهد
وآني العبد
خلي البشر تعيد النظر
بإسمي وتقللي من بعد:
عبد النهد عبد النهد
وصلة بصوت الشاعر:
http://www.q6of.com/download.php?id=25743
بحث
قائمة الأعضاء
التقويم
وثائق المساعدة
/
موعد في المدينة / موعد في البادية
