انتظار

يخترق الضوء ستائر المخمل الأخضر، تتسع حدقتا عينيك، وتطفو ابتسامة صغيرة على شفتيك المرتخيتين، تهتز رموشك طرباً على الأنغام المنبعثة من المذياع، ثم تقرير بحالة الطقس، عواصف وأمطار ثم لا شيء، "توقف البث؟" سألتِني؟ "لا، أطفئت المذياع!"

اللؤلؤ الكبير في أذنيك يزداد بياضاً وهو مغمور بسواد شعرك المتماوج وأتذكر "الضد يظهر حُسنه الضد" و أبتسم.. تلمحين ابتسامتي فيشرق وجهك وتضحكين علي كثيراً، ضبطتني مرات كثيرة ابتسم مع نفسي، وما كانت تلك جناية أو جريمة حتى أتيتِ أنت.

أشعة الشمس في الحجرة الصغيرة تبدو كخيوط بيضاء تتسلل من بين فتحات الستائر، وأدرك أن جو الحجرة صار موبوءا ومليئا بالغبار. خيوط النور لا تأبه بحركات يدي وأنا أطوح بها ذات اليمين وذات الشمال، تتساقط على ذراعي، وتتكسر بغواية على الماء الذي يملأ الزهرية الزجاجية والتي تقبع باستسلام كئيب على المنضدة. نهضت من رقدتي التي أدمنتها، وأدمنت معها عادات أخرى كالتحديق فيك نائمة وانتظار جفنيك بالتفتح كوردة ساحرة لمّا تستيقظين. أعدل من وضع الزهرية، أغير مكانها في الجهة المقابلة للنافذة، وأشعر بشيء من الحنق لأن الزهور التي ابتعتها منذ يومين فقط، وبثمن باهظ نوعا ما، قد ذبلت بهذه السرعة. انتظر ذهابك للحمام، أسرق وسادتك، وأدفن رأسي فيها وأقرر أن أنام أكثر، حتى تخرجين من الحمام.

ستة شهور مضت، أظن أنني صرت أعرفك أكثر. رائحة شعرك، جيدك الطويل، دموعك التي تشي بها خيوط الكحل السوداء باهتة على الوسادة، ليالي أرقك الكثيرة، وأحلامك التي لا تأتي، حتى كوابيسك التي بت أعرف أدق تفاصيلها وغدوت أخطئ على أنها تخصني أنا، وقد أرويها للآخرين لاحقاً على أنها أحلامي، كل هذا على وسادتك البيضاء التي أعشق.

كنت ستسافرين ذات يوم، لا زلت أذكر، وسألتني إن كنت أحتاج شيئاً؟ فأجبتك أن تبعثي لي وسادتك كل صباح، ضحكت علي، وسألتني "صِدقاً ماذا تريد؟" كنت صادقاً يا حبيبتي، أكثر صدقاً من كل المرات.

تقفين أمام المرآة، قطرات الماء تتعلق بأطراف شعرك وتبلل ظهر قميصك الفضاض فيلتصق بظهرك قليلاً، ويجافي جسدك كلما مررت بقرب مروحة الهواء والتي ما عادت تنفث إلّا مللا وضيقاً متلازمين. تمررين يدك على بطنك، تغيرين وقفتك لكي تتمكني من رؤية نفسك جانبياً، تفوسين ظهرك قليلاً وتسترقين النظر إلي مرتبكة لئلا أراك.

أُغمض عيني، هذه المرة أتمنى لو كنت نائماً فعلاً. تعودين للحمام، تغلقين الباب بالمفتاح هذه المرة. لا أسمع إلا صوت الماء، لا شيء يقطعه.

أعلم أنك ستخرجين من الحمام بعد بضع دقائق، عيناك وأنفك محتقنان، وأعلم أنك ستخبئين وجهك عني تحت غرتك الطويلة وقد تتعمدين بتسويتها على وجهك وأنت تصففين شعرك أمام المرآة، لكني لن أعلم أبداً ماالذي سيتوجب علي فعله في لحظة كهذه، كل مرة أنتظر، أفكر.. مالذي سأفعله الآن؟ وأتمنى لو كنت نائماً فعلاً.

خرجتِ بعد لحظات، أقصر مما اعتدت، لكن جبينك بدا لي مضيئاً كشمس الصباح، ابتسمت وأنت تنظرين إلي تدندنين بأغنية غريبة، لتحولين نظرك إلى المزهرية الحبلى بالورود الذابلة، تجمعينها وأنت لازلت تدندين بالأغنية وترمينها بلمحة في سلة المهملات. تعيدينها إلى مكانها كل مرة، بقرب النافذة لتتساقط عليها أشعة الشمس. وتسأليني أن أدعوك إلى الغداء بعيداً عن هذه الحجرة وجوها الموبوء بالغبار...

اقتباس:أشعة الشمس في الحجرة الصغيرة تبدو كخيوط بيضاء تتسلل من بين فتحات الستائر،

وهذا ما فعلته الزميلة الجديدة لمى في هذه الساحة من ساحات النادي لتزداد القاً على ألقها.

لا أجدني أستطيع القول سوى








راااااااااااااااااائع


واهلا بك أيها الزميلة المضيئة والعزيزة في النادي

(f)

RED FALCON
شكراً سيدي لكل هذا الترحيب

لمى

قرأت أقصوصتك (f)
أعجبني فيك هذا التسلسل المنطقي للسرد
رشاقة في التعابير
سلاسة في العبارات
دقة في التصوير
رسم رائع للحالة النفسية للانتظار
وتبقى الحبكة أساس كل عمل قصصي
أهلا بك في ساحتنا
وإلى إبداع جديد
محبتي ومودتي(f)
محمد الدرة

محمد الدرة
شكراً لدفء مرورك.. و قراءتك الواعية للنص..

شكراً جزيلاً
لمى

اقتباس:  لمى   كتب  

ستة شهور مضت، أظن أنني صرت أعرفك أكثر. رائحة شعرك، جيدك الطويل، دموعك التي تشي بها خيوط الكحل السوداء باهتة على الوسادة، ليالي أرقك الكثيرة، وأحلامك التي لا تأتي، حتى كوابيسك التي بت أعرف أدق تفاصيلها وغدوت أخطئ على أنها تخصني أنا، وقد أرويها للآخرين لاحقاً على أنها أحلامي، كل هذا على وسادتك البيضاء التي أعشق.

Very poetic with detailed metaphors. I like this style of writing and I appreciate your weighty and deep input.

Welcome to nady elfikr
I’ll come back with Arabic keyboard, I am sorry!
(f)

Arabia Felix

شكراً لمرورك من هنا سيدتي
شاكرة لك تعقيبك الجميل
وبانتظارك ريثما تأتين بلوحة المفاتيح العربية
كل الشكر لك :wr:

رقيقة جدا!
نسائم ربيع بريء..

(f)

tarafah
شكراً لمرورك من هنا
كن دائماً بالجوار

لمى

مرحبا يازملاء(f)

قصة جميلة جدا
هذه للمى الغالية(f)
في الحقيقة انا احب الاسلوب القصصي كثيراجدا
delshad
مع احترامي للجميع(f)