طاقة نقطة الصفر.. وقود كوني

تتنبأ فيزياء الكم بوجود محيط هائل من طاقة نقطة الصفر
Zero - Point - Enrgy
الخفية في كل أرجاء الكون. وهذه الطاقة تختلف عن الخلفية الميكرووية الكونية Cosmic Microwave Background. وأحيانا يطلق عليها "فراغ الكم الكهر مغنطيسي" إذ إنها الحالة الأكثر انخفاضاً في الفضاء الخالي.
وتبدو طاقة نقطة الصفر مروعة. الي الحد ان معظم الفيزيائيين يعتقدون انها نتيجة محتومة لنظرية الكم. كما انهم يقبلونها كطاقة حقيقية. ولكننا لانشعر بها لأنها تتوزع بشكل متساو في كل مكان حولنا. وحتي داخل أجسامنا.
ومن هذا المنظور. فإن العالم العادي للمادة والطاقة. يبدو مثل رغوة Foam فوق بحر فراغ الكم Quantum Vacuum. وإذا كانت طاقة نقطة الصفر حقيقية فهناك احتمال كبير ان تستخدم كمصدر جبار وقوة دفع هائلة للسفن الفضائية في رحلاتها إلي اعماق الكون.

فراغ الكم الكهرمغنطيسي
من المعروف أن المحرك النفاث للطائرة يدفع الهواء إلي الخلف لدفع الطائرة إلي الأمام. وتتحرك السفينة بنفس الطريقة في الماء. وعلي الأرض هناك هواء أو ماء ليدفع الاشياء إلي الامام. لكن ليس لدي صاروخ في الفضاء أي وسيلة للدفع. ولذا يحتاج لحمل متفجرة Propellant لدفعه. بدلاً من الهواء أو الماء.
والمشكلة الجوهرية هنا. هي أن الصاروخ الذي ينطلق في رحلة فضائية. يجب ان يزود فوق الأرض بكل المتفجرات التي سيحتاج إليها طوال رحلته ومن ثم تمثل معوقاً للرحلات الطويلة. بسبب ثقل وزنها.
ولهذا يتساءل العلماء: كيف يمكن توليد قوة دافعة في الفضاء دون الحاجة إلي حمل مواد متفجرة علي متن الصواريخ والسفن الفضائية؟
إن هناك قوة تربط بفراغ الكم الكهرمغنطيسي Electromagnetic Quantum Vacum. يطلق عليها "قوة كازمير" Casimir Force. ومؤداها أن كل مجال يحمل طاقة. ولما كانت جميع المجالات الكهرمغنطيسية تنتشر في الفضاء. فإنها تمارس أيضا ضغطا علي السطوح. ويزداد ضغط الإشعاع هنا مع طاقة المجال وبالتالي مع تأرجحاته الدائمة في الفراغ.
ويمكن استخدام قوة كازمير في دفع صواريخ والسفن الفضائية وكأنها تستخدم نوعا من رياح تنتج عن التأرجحات الكمية. ويمكن اعتبارها انبعاثات الطاقة في كمات. والكم هو الجزء الذي لايتجزأ من كل مقدار من الطاقة ذات تردد معين. مثل الفوتون Photon الذي هو كم الطاقة الكهرمغنطيسية وتجري في الوقت الحاضر تجارب عديدة لتحديد كيفية استخدام قوة كازمير. في استخراج الطاقة من الفراغ الكمي.

أصل طاقة نقطة الصفر
ترتكز طاقة نقطة الصفر "علي مبدأ اللاحتمية" Uncer Tainy Princple لفيرنر هيزنبرج. والتي تنطبق علي كل من طاقة الجسيم وزمن احتفاظه بهذه الطاقة ويعد مبدأ اللاحتمية. أحد القوانين الجوهرية لفيزياء الكم. وحسب هذا المبدأ. فإنه لايمكن تعيين كل من مكان جسيم ما - كالإلكترون - وكمية حركته بالدقة نفسها فإذا زادت الدقة في تعيين المكان زاد عدم اليقين في تعيين السرعة.
إن الموجات الراديوية والضوء والأشعة السينية وأشعة جاما. كلها اشعاعات كهرومغنطيسية. ويمكن النظر إلي هذه الإشعاعات الكهرومغنطيسية كموجات تناسب عبر الكون بسرعة الضوء. وتلك الموجات ليست "مادية" ولكنها في الواقع "تموجات" Ripples في حالة مجال معين.
وتحمل هذه الموجات طاقة ولكل منها اتجاه محدد. يطلق عليها الشكل المنتشر للمجال الكهرومغنطيسي "Propagatiog Mode Of The Eectromagenetic Field" وكل من هذه الأشكال تخضع لمبدأ اللاحتمية لهيزنبرج. ومن هذا الاتجاة في التفكير. فإن فيزياء الكم تتنبأ بأن كل الكون يجب ان يكون ممتلئا بتذبذبات نقطة الصفر الكهرمغنطيسية. التي تكون محيطاً مروعاً من طاقة نقطة الصفر.

طاقة نقطة الصفر.. والقصور الذاتي
عندما يشعر راكب الطائرة بأن شيئاً ما يدفعه نحو مقعده. عندما تسرع الطائرة فوق ممر الهبوط. او عندما يندفع جسم سائق السيارة عندما تنحرف السيارة بشدة نحو اليمين. ما الذي يؤدي الي حدوث هذه الاندفاعات؟ إنها طاقة نقطة الصفر.
إن تذبذبات نقطة الصفر. هي السبب في حدوث القصور الذاتي Inertia أي القوة التي تقاوم بها كتلة ما التغير في حركتها. معني ذلك اننا في الواقع نشعر بطاقة نقطة الصفر في كل حركة نقوم بها.
إن الدراسات المستقبلية لطاقة نقطة الصفر الكهرومغنطيسية وانتاجها للتصور الذاتي وقوي الجاذبية. سوف يفتح مجالاً رائعاً. للتحكم في القصور الذاتي والجاذبية واستغلالهما. وهذا بلاشك سوف يكون له تأثير جبار علي دفع الصواريخ والسفن الفضائية بهذا الوقود الكوني الذي لا نهاية له.

بقلم : رءوف وصفي
مجلة العلم
عدد ديسمبر 2004م