جمال خاشقجي: الخوف على سوريا وليس على لبنان

الاتحاد الاماراتية


الاتحاد الاماراتية GMT 0:45:00 2005 الثلائاء 1 مارس
بدا كما لو أننا فوجئنا نحن السعوديونهناك شيء كبير قادم، ومثلما تشير الطيور في طيرانها المفاجئ إلى طارئ تخفيه كثافة الغابة، ولا يدركه غيرها ممن هو مطمئن إلى قوته من سكان الغابة، فإن الطير هنا هو الجماعة الإسلامية اللبنانية والتي هي ذراع الإخوان المسلمين في لبنان الحذرين دوماً، المتنبهين إلى ما يجري حولهم لقوة حسهم الأمني بعد الصراعات التي تورطوا أو ورطوا فيها ودفعوا ثمنها غالياً. لقد أعلنت الجماعة انسحابها من تحالف الحكومة الذي يسمونه "الموالاة "، والتي تعني "المولاة لسوريا ومن يدور في فلك رجالها ومخابراتها في لبنان". والجماعة ليست بالحزب القوي الذي لا يخشى لومة لائم. لا تهمه سيارة مفخخة صغيرة نسيها أحدهم عرضاً في طريق أحد أصحاب السماحة من شيوخها المعممين، فعمامة من هو أكبر منهم طارت ولا زال "في السر" من طيرها. وهي موجودة بقوة في الشمال حيث للأشقاء وجود فعال، وفي صيدا حيث لحلفائهم وجود لا يقل فعالية، فمن أين وهي الحذرة دوماً، هذه الشجاعة غير المعهودة؟
إنها مدركة لحجم خسارتها كممثلة للإسلام السني السياسي بمقتل الرئيس رفيق الحريري. ولكن ليس ذلك كافياً لهذا التحول الكبير إذ كان بإمكان قادتها أن يفعلوا ما فعل غيرهم، بالدعاء للفقيد في صالون عزائه والتنديد بعد ساعة على قناة "الجزيرة" بعملاء الصهاينة والأميركيين الذين يستهدفون الشقيقة سوريا والمقاومة وتلازم المسارين. لقد أدركت الجماعة الإسلامية أن عليها اتخاذ قرار استراتيجي لا يقبل التأويل وسياسة إرضاء الجميع، بل لعل صديقاً ناصحاً تثق فيه كشف لها أمراً اتخذت من بعده هذا القرار.
إن السحب الداكنة المجتمعة في سماء لبنان إنما هي مجتمعة فوق الشام كله، وبينما الجميع قلق على لبنان ما بعد الحريري، فإن الأسلم لهم القلق على سوريا وما يمكن أن يأتي منها. ففي لبنان ورغم كل صعوباته مؤسسات دستورية قادرة على امتصاص معظم الاحتمالات السيئة، فمثلما بنى المرحوم الحريري بنية تحتية من طرق ومبان واتصالات، فإنه أعاد وبمشاركة سعودية دون أن يعني ذلك الاطمئنان وعدم توخي الحذر.
هناك القليل الذي تمتدح عليه الأنظمة الشمولية القوية، ومن هذا القليل الضبط والربط والاستقرار والأمن. وإن كان ثمن ذلك مكلفاً على صعيد الحريات والتنمية وتشجيع الفرص والمبادرة الفردية، واختفاؤها المفاجئ يفتح الباب أمام مقتنصي الفرص وكذلك الفوضى، والنموذج العراقي أمامنا، ولعل الحاكم الأميركي في أرض الرافدين يتمنى لو كان تحت يده اليوم نظام استخباراتي كالذي استخدمه صدام حسين وحمى نظامه ضد التاريخ لعقود طويلة، فيستخدمه ضد "القاعدة" ومناوئيه، ولكنه بالطبع لن يصرح بذلك.
أتخيل قادة "القاعدة" وتيار التكفير يفركون أيديهم تحفزاً واستعداداً للفرص المحتملة في بلاد الشام بدون أن أصدق المسرحية الهزيلة التي أراد جهاز استخبارات بليد أن يمررها علينا في شريط "أبو عدس" الذي بثته "الجزيرة"، أو التحليل السياسي المحبوك الذي تخيله وقدمه لنا صديق الإرهابي المستأجر كارلوس القابع في سجنه الفرنسي، (أنيس النقاش) الذي استضافه الصحفي القدير أحمد منصور على "الجزيرة" – مرة أخرى - في برنامجه الشيق "بلا حدود" وكم تمنيت لو لم يقع الصديق أحمد في هذا الفخ فالحلقة كانت شيّقة كفيلم هوليودي ولكنها لا تمت بصلة إلى عالم "المصداقية الصحفية" الذي هو كعود كبريت يوسف وهبي... ولكنهم في "الجزيرة" يعرفون كيف يشعلونه مرة تلو الأخرى.
قليل منا يعرف أن فقه "القاعدة" بكل ما فيه والذي اختفى بعد 11 سبتمبر، وكنت أول من كتب عن فكره المريض في منتصف التسعينيات في صحيفة "الحياة" التي كنت أراسلها، فرفع علي قضية قائلا إنني و"الحياة" أضررنا به وبعائلته التي زعم أنها تعرضت لمضايقات من قبل المخابرات السورية بعدما كشف عن اسمه الحقيقي، ولم يضف إلى قائمة المطلوبين من قبل الولايات المتحدة إلا في يناير الماضي!
إن ست مريم ومعه عدد من السوريين الذين نشطوا




.تفو على هالزمن الأغبر[/color]