======= اديب البردويل =====


نعمْ ...
نعمْ ...
انا الذي قد هدّمَ معتقلَ الحمامْ
لكنني ،
لستُ انا منْ قبضوا عليه
في مقصورة ليلىْ
ولا من حرق روما
ولا منْ قتلَ هابيلْ
ولا انا المقصودُ ممّنْ كَفّرَ القرآنْ
ولا منْ عرّبَ الإنجيلْ
لماذا تصدرون حُكْمَكم إذآ
عليّ بالإعدامْ ؟

فتشْتُ في ذاكرتي
نبشُْتُ احلامي التي عشْتُ بها
مقبرةً مقبرةً
قرأْتُ أفكاري وأشعاري
فضحتُ كلّ أسراري
وحلّفتُ فمي
إن كان قد غافلَني
فلم اجدْعندي بما فعلته او قلته
ما يُتّهمْ

لا أذكرُ ياسادتي
انّي انتهَزْتُ
او قتلُتُ احدآ
لا أذكر اني ارتشيتُ
او رشوتُ
او كذبتُ في شهادتي
او في تحيّةِ العلمْ
إذآ لماذا تطلبونني
بلا اتهامْ ؟
وتصدرون حكمكم عليّ بالإعدامْ

اعيش من جهدي ،وفي بيتي
بلا كولبةٍ
واجلس في الشارعِ
دونَ جنودٍ او حرسْ
تأكدوا يا سادتي
بأنني لستُ الذي قد فرّط بالأندلسْ
ولم ارَ الخليفة
كي اصرَخ بوجهه فليسقطِ دْراكو لا
وأقسمُ اني بريءٌ
من دم لأطفال
في صبرا وشاتيلا
ولستُ ممّن سوّقوا المبايء
كالتبنِ والشعير بالمهاترات
والهوَسْ
ولستُ ممّنْ عطّروا أكفهم
كي يختلسْ

في كلّ يومٍ اكتب بحثآ طويلآ
في الغرامْ
وكل يومٍ اسأل الله
بان يحفظ بيروت لنا
وكل صبحٍ افتحُ قلبي
لكي استنشقَ اخبار وردِ الشامْ
من دون ازلامٍ
ومن دون عسسْ
لا اعرف ياسادتي
لماذاتصدرون حكمكم إذآ
عليّ بالإعدامْ

نعمْ نعمْ
اعلنُتُ رفضي
للحماقات التي تسلّلَتْ على الزنودْ
واستعمرتْ رؤوسنا
اعلنُتُ رفضي
للعقول الحبلى بالماضي
ولم تفهمْ لظى الفجرِ
ولا شوق الجدودْ
يؤلمني جذري كثيرآ
عندمااشاهد وجهي
ويشتدّ التصاقي بالقيودْ
مرّوا على جرحي،تروني
حانيآ فوق منايا اشربُ
لترتوي من حسرتي الأحزانْ

يا سادتي
اني احبّ كانحلال الملح في الدمعِ
ودفقِ الدمِّ في الشريانْ

يا سادتي
لا يدّ لي في مقتل عثمانْ
ولا عليّ
ولم امارسْ في حياتي
كذبةَ نيسانْ
لكنني لا استطيع انكر تورّطي
في عشقي للإنسانْ
لماذا تصدرون حكمكم
لأن اظلّ دائمآ بلا لسانْ
وانْ اظلّ كائنآ يُهَمهِمُ وراءكم
بلا عيونٍ او كلامْ

اعرف انّ لديكم مطهرآ للبشرِ
وتعرفون لحظةًبلحظةٍ
كل حياتي
وكيف يأتيني مماتي
واعرف لماذاتصرخون
عندما يكتظ في صدري سكاتي
وتضربونني اذا ابتسمتُ
او بكيتُ
او كفرتُ
او تعاطيْتُ صلاتي
لماذا كلهذه الغيلانْ
تحيط بيْ
فلا انا مْ كتبَ رسالةَ الغفرانْ
ولا انا من همسَ في مسمع الشعبِ
-لكي تنتقموا - وصيّةَ الشيطانْ
لم افعلِ البتةَ شيئأ شائنآ
يستوجب ان تغضبَ قداسةُ النظامْ

ياسادتي
ليس صحيحآ ماادعى مخبرِكُمْ
بالرغم من اني سمعتُ انه
قد مُنِحَ الوسامْ
لكنه لا يعرفُ شريعة الحلال والحرامْ

فكل ما اردته
الاّ اكون سائسآ
او راعيآ لكورسِ الأغناْمْ
لكنكم يا سادتي
لا تعرفون ابرة المسدس
من ابرة الميزانْ

نعمْ نعمْ
انا من فجّرَ معتقل الحمامْ
ان كان في هذاارتدادٌ
نفّذوالآن إذآ إبادتي
والحكَمَ بالإعداْمْ