الأسد يهدد بالاستقالة مالم
الأسد يشكو ضعفه إلى ملك البحرين:
في الوقت الذي بدأت فيه الأوساط السياسية والشعبية في بيروت تتحدث عن الاتجاهات التي سيسلكها النظام السوري للخروج من المأزق اللبناني المستفحل, والذي أصبح يشكل خطراً حقيقياً على الوضع الداخلي في سورية.. في هذا الوقت تناهت أخبار من دمشق تفيد أن رئيس النظام بشار الأسد يخوض الآن معركة حقيقية للتخلص من مراكز القوى في بلاده والتي لا تزال تكبله, وتمنع قيام عهده وحكمه, وتسلبه قوة القرار المفروضة أن تكون بين يديه بصفته رأس الدولة.
وأفادت الأخبار التي تناهت إلى »السياسة« أن الرئيس الأسد بدأ يعمل الآن, وفي ضوء ضغوط المرحلة العصيبة الراهنة, على التخلص من مسؤولي أجهزته المخابراتية في سورية ولبنان, والذين استقطعوا لأنفسهم حصصا من صلاحيات الرئيس وبدأوا يستغلون نفوذهم الوظيفي للانتفاع, ويتصرفون بمعزل عن أوامره, والسياسات التي يراها الآن صالحة لحمايته من هجوم عسكري أميركي يضعه في مصير صدام حسين في العراق.
وعلى لائحة الأسد, كما تقول المعلومات, أسماء الضباط الذين سيتم إعفاؤهم, والقضاء على مراكزهم وصلاحياتهم, والذين اشتهروا بممارسة صلاحياتهم وفق ما يخدم مصالحهم الشخصية دون اكتراث بمصلحة أمن النظام والأمن الوطني السوري, وهؤلاء هم:
1- هشام الاختيار رئيس جهاز أمن الدولة.
2- الدكتور بهجت سليمان رئيس الفرع الداخلي في أمن الدولة.
3- آصف شوكت رئيس الاستخبارات العسكرية, وهو زوج أخت الرئيس بشرى.
4-رستم غزالة رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان.
5- منير جلعود رئيس فرع استخبارات عسكرية في لبنان.
6- جامع الجامع رئيس فرع استخبارات عسكرية في بيروت.
7- محمد خلوف رئيس فرع استخبارات عسكرية في شمال لبنان.
اضافة الى هؤلاء الضباط المتربعين على رأس أجهزة المخابرات, فقد قرر الرئيس الأسد غربلة جهاز الدولة, بعد تجميد عبدالحليم خدام نائب الرئيس, الذي أصبح الاتصال به وبأصدقائه صعباً, وغيابه عن المسرح السياسي أصبح قيد ملاحظة الجميع, وأول من سيطالهم الإبعاد عن المنصب فاروق الشرع وزير الخارجية, الذي يعتقد الرئيس أنه ضلله ووضعه في أجواء احتمالات وتوقعات خطأ, سببت له الإحراج في العراق, وفي مستوى علاقاته مع الدول العربية ودول العالم.
ويذكر في هذا الخصوص ان المملكة العربية السعودية خرجت عن صمتها الغاضب في وجه الشرع الذي زارها أخيراً, وهو ما قام الشرع بنقله الى الرئيس الأسد, وجعله يقرر القيام بزيارة عاجلة للمملكة لإصلاح ما يمكن إصلاحه.
وكان رئيس النظام السوري اشتكى حاله لملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى, وشرح له أوضاعه, ومعاناته في منصبه, ومما قاله لملك البحرين انه, أي الأسد, غير قادر على فعل شيء, و»الجيش عندي لا يترك لي مجالاً للتصرف, وبالتالي فإن الجيش هو الذي يحكمني ولست أنا من يحكمه« وفي شكواه حسد الأسد ملك البحرين على سلطاته وقال له »هذا هو وضعي, بينما أنتم فبيدكم كل شيء«.
وقد أكد هذه الأنباء »مسؤول سوري كبير« في القاهرة, حيث قال ان الأسد سيطيح خلال الأسابيع القليلة المقبلة برموز سياسية وأمنية وعسكرية سورية رفيعة, بعد ان اكتشف بأنه يعامل من قبل تلك الرموز كرئيس شكلي للبلاد, وان كثيراً من القرارات التي نتج عنها ايذاءات في السنوات الاخيرة لم يستشر في اتخاذها واحدثت سخطاً شعبياً صامتاً في البلاد دون أن يكون على علم بما يحدث في سورية.
وأكد المسؤول السوري ان الأسد كان يؤجل بصفة مستمرة أي عمليات لاقصاء قادة أمنيين وعسكريين وسياسيين لأنه كان يحسب لنفوذهم ألف حساب في جميع المؤسسات السورية, وأوضح هذا المسؤول السوري ان الوضع اختلف كلياً بعد اغتيال الحريري, خصوصا وان جهات مقربة منه (الأسد) أبلغته بوجود رابط قوي بين المخابرات السورية في لبنان وحادث الاغتيال, دون علمه, واضاف المسؤول السوري أن الاسد ابلغ قادة عربا, في مقدمتهم الرئيس حسني مبارك, والعاهل الاردني الملك عبدالله, وولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبدالعزيز, بانه سيتحرك بقوة للسيطرة على القرار السوري الاعلى, لكنه اوضح لهؤلاء القادة بأنه يجد صعوبة في اقصاء مراكز القوى السورية بسبب خشيته من وقوع بلبلة داخلية في حال تقدم للاطاحة بهم دفعة واحدة, وانه يفضل الاطاحة بهم خطوة خطوة.
وأوضح المسؤول السوري أن الاسد يصف للمقربين منه حملة الضغوط الدولية على سورية بانها »رب ضارة نافعة« اذ انها ستساعده على التخلص من القيادات القديمة في النظام السوري, التي تعطل مشاريع الاصلاح الداخلي, والانفتاح على العالم الخارجي.
وعلى صعيد آخر ذي صلة برزت امس ثلاثة عناصر مهمة لعبت وستلعب خلال الايام القليلة المقبلة الدور الحاسم في قلب الاوضاع رأسا على عقب في لبنان وهي:
1 ¯ حصول »السياسة« على معلومات واثقة من واشنطن وباريس اكدت توجيه الحكومتين الاميركية والفرنسية عبر سفارتيهما في بيروت تحذيرات الى الحكومتين اللبنانية والسورية بالامتناع عن استخدام الجيش وقوى الامن الداخلي والاجهزة الامنية اللبنانية او السورية ضد المعتصمين والمتظاهرين اللبنانيين امام ضريح رفيق الحريري.
2 ¯ تأكيد ديبلوماسي سعودي في واشنطن ل¯ »السياسة« في اتصال به بعد مرور اقل من 12 ساعة على استقبال الامير عبدالله بن عبدالعزيز, فاروق الشرع, ان ولي العهد السعودي اصر على ضيفه »الا يكون هناك اي تدخل سوري لا من قريب ولا حتى بالايحاء في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وترك اللبنانيين يختارون حكومتهم بأنفسهم«.
3 ¯ تأكيد اتجاه المعارضة اللبنانية بقيادة وليد جنبلاط ¯ تضامنا مع تيار الحريري الذي اعلن اول من امس في بيان مكتوب إلى عدم المشاركة في الاستشارات الحكومية الجديدة قبل اقالة قادة الاجهزة الامنية اللبنانية ¯ مقاطعة تلك الاستشارات ما لم تجر اقالة هؤلاء القادة.
وقال الديبلوماسي السعودي ان وزير الخارجية السعودي الذي حضر لقاء ولي العهد مع الشرع, والذي كان اتهم الاحد الفائت في صحيفة »واشنطن بوست« الاميركية اجهزة الاستخبارات السورية واللبنانية ب¯ »المسؤولية عن اغتيال الحريري«, اعرب للضيف السوري عن قلق السعودية البالغ من ان تدخلا سوريا مع النظام القائم في لبنان برئاسة اميل لحود للمجيء بحكومة جديدة مشابهة لحكومة كرامي المستقيلة, اي سورية الهوى, من شأنه, لا ان يدفع بالمعارضة اللبنانية الى تصعيد احتجاجاتها فحسب, »بل قد يؤدي الى انفجار خطير في الشارع المحتقن, وهذا ما لا تريده المملكة ولا تسمح به الى جانب المجتمع الدولي والدول العربية على الاطلاق.
وكشف الديبلوماسي السعودي في واشنطن النقاب عن »انه على الرغم من تطمينات الشرع لوزير الخارجية السعودي ولولي العهد, الا انهما اعربا بعد مغادرته عن عدم ثقتهما الكاملة بالنظام السوري لذلك اجريا فوراً اتصالات شملت قادة عرباً وغربيين لحثهم على القيام بضغوط على دمشق للامتناع عن ارسال اسماء اعضاء الحكومة اللبنانية الجديدة كالعادة الى لحود«.
وقال الديبلوماسي ان السعودية »تتبنى طلب افراد عائلة الحريري الحاسم باقالة قادة الاجهزة الامنية اللبنانية الذين يعتبرونهم مسؤولين او مقصرين عن حماية الامن الداخلي واغتيال رب عائلتهم« وقد ابلغ ولي العهد الشرع بذلك, فوعده خيراً بل وذهب ابعد من ذلك باشارته خلال المحادثات الى ان السلطات السورية ستقيل خلال الايام القليلة المقبلة عدداً من مسؤولي اجهزتها الاستخبارية في لبنان وعلى رأسهم اللواء رستم غزالة.
ويعتقد الديبلوماسي السعودي ان تحذير ولي العهد ووزير خارجيته الامير سعود الفيصل الشرع من »الانفجار الخطيرة الشارع« قد يكون »مبيناً على معلومات تلقتها المملكة من بيروت مفادها ان تشكيل حكومة جديدة موالية لسورية وعلى صورة حكومة كرامي ومثالها سيرفع سقف المعارضة الى المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية لحود نفسه كشرط نهائي لحل الازمة مع سورية ومع حلفائها في لبنان« كذلك يؤكد بعض قادة المعارضة اللبنانية, وعلى رأسهم »تيار المستقبل« الحريري ان اي حكومة ستخلف حكومة كرامي, حتى ولو كانت »حكومة وطنية«, او »حكومة حيادية« ستبقى تحت رحمة قادة الاجهزة الامنية اللبنانية والسورية وستمارس عليها الضغوط نفسها للسير قدماً في خطط النظام المعروفة لابقاء لبنان اطول مدة ممكنة تحت هيمنتها وسطوتها وصولاً الى الانتخابات النيابية المقبلة.
وكان البند الرابع الوارد في بيان كتلة »قرار بيروت« ونواب »تيار المستقبل« الحليفين اكد ان »استقالة الحكومة لا تعفي السلطة مجتمعة من تحمل مسؤولياتها في اقالة جميع قادة الاجهزة الامنية ومساءلتهم ومحاسبتهم »اي محاكمتهم«.
ولذا فان المجتمعين يطالبون بالاستقالة الفورية لكل من مدعي عام التميز بالاصالة (الوزير المستقيل مع كرامي) عدنان عضوم والمدير العام للامن العام اللواء الركن جميل السيد والمدير العام لأمن الدولة اللواء الركن المتقاعد ادوار منصور والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء علي الحاج ومدير الاستخبارات في الجيش اللبناني العميد الركن ريمون عازار وقائد لواء الحرس الجمهوري العميد الركن مصطفى حمدان, ورئيس جهاز التنصت في مديرية الاستخبارات العقيد غسان الطفيلي.
واذا كانت مطالبة البيان اقتصرت على هؤلاء القادة الامنيين السبعة, الا ان اجنحة معارضة اخرى طالبت باقالة قادة ثمانية اجهزة امنية اخرى »لا يقلون سوءا في التصرف« عن هؤلاء المذكورين السبعة, كما تطالب باستجوابات قضائية فورية لوزيري الداخلية والعدل المستقيلين سليمان فرنجية وعدنان عضوم واحالتهما الى المحاكمة بتهم شتى من بينها »التحريض بالصوت والصورة على اغتيال الحريري«.
وعلى صعيد التحقيقات في اغتيال الحريري اكدت المعلومات الفرنسية ل¯ »السياسة« امس وصول بعثة سرية من »مكتب التحقيقات الفيدرالي« الاميركي الى السفارة الاميركية في عوكر شمال العاصمة بيروت, بعدما كانت حكومة كرامي الراحلة رفضت طلبا رسميا من واشنطن بعد ايام قليلة من عملية الاغتيال بارسال بعثة من (اف بي آي) وان عدد افراد هذه البعثة ثمانية وصلوا الى مبنى السفارة بطائرة هليكوبتر تابعة للمارينز الاميركي المرابط في قبرص.
وذكرت المعلومات ان الاميركيين »ليسوا الوحيدين الذين قاموا بمثل هذه الخطوة, بل ان الفرنسيين والبلجيكيين والألمان والروس والمصريين, اوفدوا بعثات استخبارات سرية الى بيروت خلال الاسبوعين الماضيين, بعضهم مستقل والبعض الاخر يتعاون مع حلفائه , بحثا عن حقيقة القتلة والجهات المخططة.
وأماطت المعلومات اللثام عن ان سورية وافقت على وصول بعثة تحقيق امنية سعودية الى بيروت للمشاركة في التحقيقات, فيما وصلت الى السفارات الغربية في دمشق مجموعات استخبارية غربية »للعمل على رسم صورة واضحة لما اذا كان هناك خيط يربط الاستخبارات السورية العسكرية وقيادتها في دمشق كما سرت شائعات اعلامية في انحاء مختلفة من العالم, بحادث الاغتيال في لبنان".
السياسة الكويتية GMT 23:00:00 2005 الأربعاء 2 مارس
|
بحث
قائمة الأعضاء
التقويم
وثائق المساعدة
