"كاترينا" أطاح بأسطورة حرب على جبهتين

لندن – كشف تحقيق رسمي أمريكي أن جهود الإغاثة الأمريكية التي كانت مخصصة لمواجهة كارثة الإعصار كاترينا فشلت في تحقيق هدفها بسبب الفساد المستوطن، والانقسامات في صفوف الجيش الأمريكي، والنقص في عدد الأفراد بسبب حرب العراق؛ الأمر الذي أظهر عجز الولايات المتحدة على خوض حرب في جبهتين في أول اختبار حقيقي لهذه الإستراتيجية منذ الحرب العالمية الثانية.

ونقلت صحيفة "إندبندنت" البريطانية عن تقرير سري حصلت على نسخة منه قوله: إنه تم تحويل الأموال المخصصة لمواجهة الفيضان إلى مشروعات أخرى، كما أن قوات الحرس الوطني المطلوبة للتصدي لكاترينا متورطة في العراق. وصدر التقرير عن مكتب وكيل وزارة الدفاع كمقالة مستقلة ونقدية لتوضيح أن ما حدث من تقصير في مواجهة الإعصار كان خطأ كبيرا.

وأوضحت الوثيقة التي كتبها ستيفن هينثورن -الأستاذ السابق بكلية الحرب الأمريكية، أحد المستشارين في البنتاجون الذي عمل نائبا لمدير جهود الإغاثة بولاية لويزيانا- أن "الفساد وسوء الإدارة في حكومة مدينة نيو أورليانز حولت الأموال التي كانت مخصصة لمواجهة الفيضان لمشروعات أخرى".

وأشار التقرير إلى أن الجنرال مايكل باربيرو قائد مركز تدريب الاستعداد المشترك في فورت بولك في لويزيانا رفض السماح لوحدات القوات الخاصة التي تطوعت للمشاركة في جهود الإغاثة بالمشاركة في هذه الجهود، كما رفض السماح لقوات أخرى بالمشاركة في جهود الإغاثة.

وذكر التقرير أن الجنرال باربيرو نفسه قام بإنقاذ بعض الأسر من الإعصار كاترينا لكنها أسر عسكريين، الشيء نفسه الذي فعله مع أسر العسكريين الذين أبعدوا بسبب الإعصار ريتا. ومع ذلك فقد رفض تقاسم المياه مع المواطنين في مدينة ليزيفيل الذين نفد ماؤهم، واضطر عناصر سلاح الشئون المدنية للتخفي في زي مدني للمساعدة في جهود الإغاثة.

ويقول التقرير: "إن الجيش الأمريكي خطط طويلا ليتمكن من شن حرب في جبهتين. هذا الأمر انتهى كحقيقة منذ الحرب العالمية الثانية، النتائج مخيبة للآمال".

وأشار التقرير إلى أن الحرب في العراق أدت إلى مشاكل خطيرة بقوله: "العامل الأخر الخطير في تأخير مواجهة الإعصار كاترينا هو أن قوات الحرس الوطني في ولايتي لويزيانا والمسيسبي تم نشرها في العراق".

وأضاف التقرير "حتى لو اتفقت كل الولايات على تقديم المساعدات لباقي الولايات فإن هذا يحتاج لوقت وأموال وجهد لتنشيط ونشر قوات الحرس الوطني من باقي الولايات لسد احتياجاتها".

واستنتج التقرير أن الشيء الوحيد الذي أظهرته هذه الكارثة هو "العجز في كل من التنسيق والتخطيط بعمق والتدريب على كافة مستويات الحكومة لكل أنواع الطوارئ. وما حدث مع هجوم 11 سبتمبر 2001 كان استثناء بسبب أن المنطقة التي وقع فيها الهجوم كانت صغيرة".

وأضاف أن "الإعصارين كاترينا وريتا أظهرا بشكل واضح ضعف الاستجابة الوطنية... فالفشل في التخطيط والتدريب المناسبين أرهقا جهود الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، والآن يصل هذا الفشل عقر دار الوطن ليبيت داخل الولايات المتحدة".

وقال التقرير: الرئيس بوش عبر مرات عديدة عن رغبته في أن يقوم الجيش الأمريكي بدور أكثر نشاطا في إدارة الكوارث وتقديم المساعدات الإنسانية.

لكنه خلص إلى أن هناك أسبابا عديدة ستحول دون حدوث هذا بسهولة، أهمها أن القوانين الحالية لا تتيح لقوات الجيش السلطات نفسها التي تتمتع بها الشرطة كي تكون فعالة. كما أن قوات الجيش ليست مدربة على مثل هذه المهام. والمقاتلون المتمردون داخل الجيش الأمريكي يرفضون مثل هذه المهام ويقاومونها بشدة. كما لم يتم نشر ولو وحدة واحدة من وحدات الشئون المدنية لمواجهة أي من الإعصارين".

وقد تسببت أوجه القصور في التعامل مع كارثة الإعصار كاترينا في اهتزاز صورة إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش، وأظهرته بمظهر القائد غير الكفء عند أغلب الأمريكيين وفقا لاستطلاعات الرأي. وقدم مايكل براون مدير وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية استقالته من منصبه.

وضرب الإعصار كاترينا الشاطئ الأمريكي على خليج المكسيك قبالة مدينة نيو أورليانز يوم 29-8-2005 مخلفا دمارا هائلا في المنطقة جراء الرياح التي تجاوزت سرعتها 233 كيلومترا في الساعة والأمطار الغزيرة.

وأودى الإعصار بحياة المئات، وتسبب بما أحدثه من فيضانات عاتية في إغراق 80% من مدينة نيو أورليانز بالمياه التي وصل ارتفاعها إلى 6 أمتار. واستدعى ذلك الدمار القيام بأكبر عملية إغاثة في تاريخ الولايات المتحدة التي قالت: إنها لن ترفض أي عروض خارجية بتقديم مساعدات.