في بداية العقد الماضي جرى في مصر لاول مرة اصدار قانون يمنع الزواج للفتيات التي لم تتجاوز السادسة عشر، حيث كان منتشرا الزواج بفتيات في سن الثالثة عشر. ولم يفهم الناس كيف يتتدخل القضاة في شؤون زواجهم، اذ ظهرت اغنية تعبر عن الاحتجاج تقول:
الاب راضي وانا راضي ايش دخلك انت ياقاضي

والفقه الاسلامي لم يعرف شيئا يسمى مراهقة، بل يعتبر الانسان بالغا عند حدوث البلوغ الجنسي وبالتالي يظهر إبهام واضح في تحديد سنة محددة، اذ ان البلوغ الجنسي يمكن ان يكون مبكرا في بعض المناطق اكثر من اخرى، ويختلف بين شخص وآخر. فهل البلوغ الجنسي يتتطابق مع البلوغ العقلي؟ وهل يصح تحميل الاطفال عقليا، تبعات الناضجين، فقط لانهم قد نضجوا جنسيا؟ هل يمكن ان يسمح فقه ناضج بالزواج من الاطفال؟ لماذا فشل الفقه في استقراء الحقائق الفيزيولوجية والنفسية للانسان وخاصىة المرأة؟ عشرات الاسئلة يهرب منها الفقهاء

هنا يدور الموضوع عن ماتوصل اليه العلم عن مستوى نضج الاطفال العقلي بالعلاقة مع عمرهم و نضجهم الجنسي، لتتطرح مدى جهلنا بدخائل هذه العمليات التي تجري بداخلنا.

العلماء الامريكان تابعوا نمو الف طفل، حيث ظهر ان البلوغ الجنسي هو بداية بدء عملية إعادة بناء معقدة للدماغ، يستمر الى مرحلة متقدمة من العام العشرين من العمر.

في الصغر يتعرض الدماغ للتتطور للمرة الاولى، حيث تكون الخيوط العصبية الدماغية الناشئة غير كاملة الترابط مع بعضها. حيث ان الدماغ يقوم في البدء بانتاج مسارات عصبية دماغية اكثر مما يحتاج لاستعماله في نقل الاشارات العصبية. الاعصاب التي لاتستعمل تموت فيما بعد وتختفي. عند البلوغ تبدأ المرحلة الثانية من إعادة بناء الدماغ، اذ تصبح الخيوط العصبية المسيطرة على المشاعر، ذات عازل كهربائي يحميها.

عند المراهق تكون هذه الخيوط مكشوفة، وتنتهي عملية العزل في عمر متأخر نسبيا عند الرجل منه عند المرأة الامر الذي يفسر تأخر عملية نضج المشاعر والتوازن العاطفي عند الرجل عما هو عند المرأة، إذ ان عملية النمو تستمر حتى الثلاثين، عند الرجل.

اهم ماتوصل اليه العلماء ان مناطق الدماغ المختلفة تنضج بشكل غير متزامن وفوضوي. بعض المناطق تنضج قبل البعض الاخر، الامر الذي يمكن ان يشكل تفسيرا لتصرفات المراهقين الغير متزنة.





منطقة المنطق والتحليل موجودة في الجبهة:
خصوصا منطقة في الجبهة مباشرة فوق العينين، والمسماة بروفرونتالا كورتيكس * ، تتميز بعدم نضجها ونموها الكامل. هذه المنطة هي منطقة المنطق والقدرة على التخطيط. وهي تقوم بتنسيق عدة انشطة من انشطة الدماغ، وتسيطر على المشاعر. عالم الاعصاب البيلوجية كارل بريبرام* من جامعة رادفورد في فرجينيا، يسمي هذه المنطقة ببيت الحضارة.

في هذه المنطقة بالذات يحدث نمو كبير متميز، في التاسعة من العمر، حيث تظهر اعداد كبيرة من اعصاب الاتصال باستمرار. بعد ثلاث سنوات تتوقف هذه العملية. في السنوات اللاحقة مباشرة يموت الكثير منهم اذا لم يستعملوا. فقط بعد ذلك، بروفرونتالا كورتيكس قد نضج. قبل اتمام عملية النضج، يواجه المراهقين صعوبات في إتخاذ قرار حكيم.

منطقة المشاعر المسماة ليمبيسكا سيستيم* تنمو وتتشكل بسرعة كبيرة، على العكس من منطقة المنطق والسيطرة. وبالتالي تظهر المشاعر قبل القدرة على السيطرة عليها. خصوصا المنطقة المسماة اميغدالا في عمق الدماغ تنمو بسرعة كبيرة. هذه المنطقة مسؤولة عن الخوف والغضب.

فقط عند تمام نمو منطقة المنطق والسيطرة يتم تهدئة العواطف والانفعالات عند المراهقين. هذا ظهر بنتائج اختبارات ديبوراه يورغه ليونتود* من مستشفى مكليين في بيلمونت. لقد قامت بعرض صورة مليئة بالمشاعر على بعض المراهقين وبعض الناضجين، وطلبت من المشاركين ان يعبروا عن مشاعر التي تعرضها الصور. لقد ظهر ان الناضجين منهم كان اسهل عليهم التعبير عن المراهقين. وبعد ذلك اعادت التجربة ولكن تحت التصوير السكاني المغناطيسي لدماغ المشارك، لتكتشف اسباب الخلاف.

عند الناضجين ظهرت المنطقتين بروفرونتالا كورتيكس و ليمبيسكا سيستيم مضاءتان، مما يدل على نشاط واسع فيهم، بالرغم من ان المنطقة الاولى كانت اكثر اضاءة من الثانية. عند المراهقين، سجلت اقل اضاءة ممكنة في المنطقة الاولى، في الوقت الذي كان النشاط على اشده في المنطقة الثانية.

[CENTER]
[/CENTER]
[CENTER]الاحداثيات العامودية تشير الى الوقت عند مرور نصف حاجاتنا من النوم، في حين الاحداثيات الافقية تشير الى تبدل هذا الوقت بالنسبة للعمر[/CENTER]

من تحليل المعطيات يظهر ان الدماغ لايستطيع تحليل عواطف الاخرين، إلا عندما يكون مركز التحليل والسيطرة قيد العمل. لهذا السبب يواجه البالغين مشاكل بالقدرة على التفاهم مع المراهقين. الاهل يعتقدون ان تعبيراتهم عن الغضب ستفهم من قبل المراهقين، ولكن هذا ليس اكيد تماما، كما انه ليس بالضرورة كانت هناك حاجة للغضب اصلا.

هل توجد اشارات بيلوجية على انتهاء مرحلة المراهقة؟ من نتائج ابحاث رونبيرغ ، عالم النفس من جامعة ميونيخ، التي قام بها عام 2004، وقد اجراها على 24000 مراهق في المانيا وسويسرا، يظهر ان المراهقين ينامون في وقت متأخر والى وقت متأخر. فجأة يبدأ المراهق بتغيير عاداته ويذهب للنوم مبكرا ليستيقظ مبكرا.

تحليلات العالم النفسي تظهر ان ذلك مرتبط بالتغييرات البيلوجية التي يمر بها المراهقين، وتتغيير بالارتباط مع انتهاء عملية التغيير، وليست بسبب الاعتقاد بأن المراهقين كسولين. التغير في عادات النوم تحدث عند الفتيات عام ونصف قبل الفتيان، الامر الذي يتتطابق مع معرفتنا عن ان النضوج عند الفتيات يحدث ابكر. بالتتطابق مع هذه الابحاث يتم النضج عند الفتيات عند بلوغهم 19،5 علم في حين يتم عند الفتيان عند بلوغهم 20،9 عام، في المتوسط.

[CENTER]
[/CENTER]
المراهقين يحتاجون الى نوم اطول في النهار
هذا الاكتشاف كان اساس الاقتراحات التي تدرس حاليا في بعض الدول الاوروبية، من اجل بدء اليوم الدراسي في المدارس الثانوية، في ساعة متأخرة من النهار.


Rönnberg from Munchen
Prefrontala Cortex
Karl Pribram
Radford University in Virginia
Limbiska system
Amygdala
Deborah Yurgelun-Todd
McLeanhospital in Belmont