http://www.mofakren.com/modules.php?name=N...order=0&thold=0
اتمنى ان تطلعونا على آرائكم
...........................
الدين / السياسة أو العلاقة التي تتحول إلى متفجرات محمد الحنفي
• إلى أرواح ضحايا 16 ماي 2003
• إلى كل الذين دخلوا في عملية مقاومة الدين منذ زمن … و لم يهتم أحد بكتاباتهم
• إلى مهدي عامل (حسن حمدان) و حسين مروة، و سهيل طويلة و فرج فودة، و كل من اقتفى اثر الفكر العلمي/ التنويري.
• من اجل محاصرة الفكر الظلامي المنتج للإرهاب.
• من اجل دين بلا أدلجة.
• من اجل فكر بلا إرهاب.
• من أجل مجتمع بلا إرهابيين.
• من اجل تحب الحياة، و تنبذ التفكير في الموت الذي يجب أن يبقى قضاء و قدرا......
مقدمة :
ما هو الأصل في الدين ؟ و ما هو الأصل في السياسة و هل توجد في الأصل علاقة بين الدين و السياسة ؟ و ما هي دواعي وجود هذه العلاقة ؟ و هل يصح أن توجد ؟ و إذا وجدت. هل تستمر ؟ ألا تعتبر هذه العلاقة مفتعلة ؟ و ما هي الأسباب التي دعت إلى افتعالها ؟ أليست الغاية منها هي فرض نمط من الاستبداد؟ أليس الجهل الذي يعم معظم الناس هو الذي يقف وراء توظيف الدين في الأمور السياسية ؟ أليست المآسي التي تعاني منها الشعوب هي التي تفرض الاستغراق في التدين ؟ ألم يستغل مؤدلجو الدين هذا الاستغراق ؟ أليس غياب الديمقراطية الحقيقية هو الذي يقف وراء الاستغراق في التدين من جهة ؟ و وراء استغلال مؤدلجي الدين الاستغراق في التدين من جهة أخرى ؟
إننا في الواقع عندما نقف أمام موضوع علاقة الدين بالسياسة إنما نقف أمام إشكالية يصعب النظر إليها من زاوية واحدة، بل لابد أن يتم تناولها من زاوية متعددة حتى نستطيع إلقاء الضوء الكاشف لكل الخفايا، و الملابسات التي تحيط بعلاقة الدين بالسياسة من أجل الوصول إلى خلاصة تجيب على السؤال : ألا يعتبر فصل الدين عن السياسة هو الحل الذي يصير ضروريا لتجنب الكوارث الناجمة عن إقحام الدين في الأمور السياسية. و هذه الخلاصة يمكن أن نصل إليها كمقولة جاهزة، و بدون بدل أي مجهود لتصطدم بمقولة ربط الدين بالسياسة هو الحل الجاهزة أيضا، و إلا فإننا نريد أن نؤسس لذلك الفصل بين الدين و السياسة حتى لا نقحم "انحياز الله" إلى حاكم ضد محكوم، أو إلى "شيخ" ضد من يرفض أن يكون من مريديه، و إلا فإننا سنصل إلى خلاصة أن الله ليس عادلا، و هو ما يخدش حقيقة الإيمان بالله العادل الذي ساوى بين عباده، و أرشدهم إلى ضرورة اكتساب القيم النبيلة التي تحفظ كرامة الإنسان " و لقد كرمنا بني آدم " التي تتجسد في المساواة بين البشر كما جاء ذلك في الإثر : " لا فرق بين عربي و عجمي، و لا بين أبيض و أسود إلا بالتقوى" و "الناس كأسنان المشط" و قوله تعالى : " و المومنون و المومنات بعضهم أولياء بعض"، و تحقيق المساواة لا يأتي من خلال الوصاية على الدين أنى كان هذا الدين، بل بترك أمور الدين لله. و ما سواه يطرح للنقاش و التداول من أجل الوصول للخلاصات التي تحقق المساواة بين البشر، و إلا فإن الوصاية على الدين تعطينا أن هناك من فضله الله على البشر، و قربه منه، و هناك من جعله الله من السوقة و العامة، و هو أمر ليس إلا من ابتداع البشر. لأن الله لا يختار إلا الأنبياء و الرسل ليقوموا بدور معين حتى إذا انتهى ذلك الدور صاروا مثل سائر الناس. و هو ما يمكن أن نفهمه من قوله تعالى متوجها إلى رسوله محمد ص : " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي" و إلا فإننا سنعتبر وجود أوصياء على الدين شركا بالله، واعتبارا لأمور لا وجود لها إلا في مخيلة من نصبوا أنفسهم أوصياء على الدين، و اعتبروا أن للدين علاقة بالسياسة، و أنه لا يمكن أن يصير طريقا للوصول إلى مراكز القرار. و حتى نناقش هذه الإشكالية بعمق سنطرح للنقاش مفهوم الدين، و مفهوم السياسة، و العلاقة بينهما، و اعتبار إقحام الدين في السياسة خروجا عن المألوف، و استهداف الدين الادلجة المؤدية إلى التأسيس للاستبداد، و التوظيف الأيديولوجي للدين باعتباره مسارا للموت المحقق، و المستولد، و تربية الأجيال من اجل أن تتحول إلى متفجرات. و ما العمل من اجل إعداد أجيال غير قابلة للتفجير، و اعتبار الدين وسيلة لتربية الإنسان على حب الحياة، و للوصول إلى ذلك لابد أن يبقى الدين بعيدا عن السياسة.
مفهوم الدين و مفهوم السياسة :
فماذا نعني بالدين ؟ و ماذا نعني بالسياسة ؟ و هل يمكن أن تقوم علاقة بينهما ؟
إن الدين في الأصل هو الارتباط عن طريق الإيمان بقوة غيبية لا يستطيع الإنسان إدراكها، و لا يجد سبيلا للانفلات منها لعلاقتها بالوجدان و بالعقل الموجهين للممارسة اليومية تجاه الطبيعة و الكون و المجتمع. و منذ القدم و الإنسان يحاول أن يجسد هذه القوة إما في الإنسان نفسه أو في الحيوان، أو في مظاهر الطبيعة المختلفة، إلا أنه و منذ مجيء إبراهيم عليه السلام الذي فتح عينيه على صناعة أبيه للآلهة و عبادته لها و هو يبحث عن بديل لها في هذا الكون ليخلص إلى أن ما يدرك بالبصر لا يصلح للعبادة. فقد جاء في سورة الأنعام قوله تعالى : " فلما رأى القمر بازغا قال هذا، فلما أفل قال لا أحب الآفلين، فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر، فلما أفلت قال إني بريء مما تشركون، إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا، و ما أنا من المشركين" و في مكان آخر من نفس السورة : " لا تدركه الأبصار، و هو يدرك الأبصار، و هو اللطيف الخبير".
و ممارسة إبراهيم عليه السلام كانت ثورة في حينها على تجسيد المعبود الذي يدل على تخلف العابد و العمل على تجريده حتى تكون العبادة خضوعا مطلقا لما لا يرى، و في أفق وضع حد لاستعباد الإنسان للإنسان الذي أصبح تتمثل في "عبادة" "الأمير" الذي يدعي وصايته على الدين، و لفرض تلك الوصاية يشرع في عملية أدلجة الدين عن طريق التأويل المغرض حتى يجعل المنخدعين بتلك الادلجة خاضعين له مرددين لأقواله، منفذين لأوامره مهما كانت قاسية لاعتقادهم أنها تطابق الدين ذلك التطابق الذي يستنكره إبراهيم عليه السلام لو كان حيا، و يستنكره آخر الأنبياء محمد ص.
و بذلك يكون الدين هو اعلان الخضوع لله تعالى مع تمثل القيم الإيجابية الواردة في النصوص الدينية التي تقودنا إلى الاستقلال عن البشر، و عن الطبيعة لمساواتنا لهم و لها في الخلق على مستوى الشعور، و على مستوى الممارسة اليومية ليتحول بذلك الدين إلى ممارسة للحرية، و دافعا إلى النضال من أجلها، و الحرية التي يقود إليها الدين، لا يمكن أن تكون إلا وسيلة للممارسة الديمقراطية، و في مستوياتها الاقتصادية الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية لنصل إلى مستوى تحقيق العدالة الاجتماعية. و بذلك نصل إلى أن الدين الحقيقي يرفع الإنسان إلى مستوى تحقيق الكرامة، و ينبذ أن يتعرض للإهانة " متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" لأن الحرية في الإنسان هي الأصل أما الاستعباد فعارض بسبب انقسام المجتمع إلى طبقتين طبقة مستغلة (بكسر الغين) و طبقة مستغلة (بفتح الغين)، و لجوء الطبقة المستفيدة من الاستغلال إلى توظيف الدين مع الاستعانة بالمؤسسة الدينية في ذلك التوظيف لبسط سيطرتها على باقي الطبقات الاجتماعية المقهورة. فتوظيف الدين إذن هو المستوى الثاني الذي يتحول فيه الدين إلى وسيلة لمصادرة الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية حتى يبقى المقهورون تحت رحمة القاهرين.
فالدين يتخذ إذن مستويين :
المستوى الأول : إخلاص العبادة لله المنتج للحرية العامل على تحقيق كرامة الإنسان.
و المستوى الثاني : الذي يتحول فيه بفعل التحريف و الادلجة إلى وسيلة لسلب الحرية، و إهانة الإنسان بكافة الوسائل. و هذا المستوى الثاني هو الذي شكل خطورة و لازال على البشر، و على مستقبل البشرية، و الذي يقود إلى ارتكاب الجرائم، و الخروقات الجسيمة في حق الإنسانية.
و المطروح علينا الآن أن نعمل على إعادة الاعتبار للمستوى الأول، و على نطاق واسع، و بكافة الوسائل حتى نعيد الاعتبار في نفس الوقت إلى كرامة الإنسان التي هي المبتدأ و المنتهى في الدين حتى ينخرط الناس في الحياة، متمثلين للقيم الدينية، و منتجين لها، و مساهمين في بناء مجتمع ديمقراطي حر و عادل.
أما السياسة عندما تكون تعبيرا أرقى عن وجهة نظر طبقة معينة تجاه القضايا الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدينة و السياسية، و بواسطة الحزب المجسد لمصالح تلك الطبقة و المدافع عنها، و الساعي إلى الوصول إلى مراكز القرار لخدمتها و حماية مصالحها.
و السياسة عندما تكون تعبيرا أرقى عن مصالح طبقة معينة و بواسطة حزب معين، فإن ذلك يعني أنها إفراز للواقع الذي يتحول باستمرار، و ارتباط بذلك الواقع، و سعي إلى الفعل في مستوى معين غما بالتكريس، أو الإصلاح، أو التغيير بسبب ما يسعى إليه كل حزب على حدة.
فالحزب الذي يوجد في مراكز القرار يسعى إلى تكريس الاختيارات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدينة و السياسية.
و الحزب الذي لا يتفق مع بنود تلك الاختيارات القائمة يسعى إلى الإصلاح.
أما الحزب الذي يرى أن تلك الاختيارات غير صالحة لتحقيق كرامة الإنسان، لا شعبيتها، و لا ديمقراطيتها، فإنه يسعى إلى تغييرها.
و الأدوات السياسية ليست قدرا من عند الله، و ليست وحيا من الله، أو تكليفا منه، لأنها من صنع البشر، و لذلك فنشأتها أو زوالها أو استمرارها رهين بالشروط المفرزة لها لالتصاقها لتحولات الصراع الطبقي الذي يجري في . و بناء على ذلك، فهي أدوات واقعية، و الواقع متبدل ومتحول تبعا لتبدل و تحول التشكيلة الاقتصادية و الاجتماعية المتجسدة في البنيات التحتية، و البنيات الفوقية.
إلا أن الذي يحصل بسبب تخلف المجتمع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي. و بسبب انتشار الأمية و سيادة الفقر المعرفي و العلمي، و انتشار البطالة، فإن الدولة و بعض الأحزاب السياسية تلجأ إلى الدين لإيجاد سند لتأبيد سياستها، و اعتبارها مستمدة من الله (نظرية التفويض الإلهي)، و هو أمر له علاقة بوصاية الدين على السياسة كما كان يحصل في الكنيسة الكاثوليكية، كما له علاقة بما قام بع الأمويون في بداية عهدهم حيث اعتبروا وصولهم إلى السلطة عطاء من الله كما جاء في الخطبة البصراء لزياد بن أبية : "إننا نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا، و ندود عنكم بفيئه الذي خولنا" و هو أمر عطل مفهوم الشورى الوارد في قوله تعالى : " و أمرهم شورى بينهم" و جعل الدين مقحما في السياسة من بابها الواسع ليصبح الله تعالى متحيزا إلى فئة أو طبقة ضد فئة أو طبقة أخرى، و هي ممارسة من ابتداع البشر، أما الله فمنزه عن ذلك لعدله " لا فرق بين عربي و عجمي، و لا بين أبيض و أسود إلا بالتقوى".
و بممارسة المذاهب السياسية المدعية لاختيار الله لها لتتولى أمور الناس لتطبيق الشريعة الإسلامية يتم إقحام الدين في السياسة، و يتحول الدين إلى وسيلة لاستعباد و قمع البشر، لتبقى تلك السنة السيئة، و ذلك الابتداع الدنيء و المنحط هاجسا للمذاهب و الأحزاب السياسية، و للدول منذ نشوء الدولة الأموية بعد مقتل علي بن ابي طالب و قضية التحكيم بين علي و معاوية المعروفة، و إلى يومنا هذا. و الأكثر من هذا أن عصرنا عرف تكون أحزاب بكاملها على أساس ديني صرف، و يجعل الدين و السياسة وجهان لعملة واحدة تبيح لحاملها و مستعملها و مروجها أن يتصرف و كأنه "مرسل" من عند الله ليفعل بالبشر ما يشاء.
و إقحام الدين في السياسة و السعي إلى المطابقة بينهما ما هو إلى ممارسة أيديولوجية متخلفة لا علاقة لها لا بالدين و لا بالسياسة، و هذا ما يطرح علينا سؤالا : هل يمكن أن تقوم علاقة بين الدين و السياسة ؟
إننا إذا قمنا بقراءة الدين، و قراءة السياسة سيتبادر إلى أذهاننا، و وجداننا، و سلوكنا أن الدين لله، و أن السياسة للبشر، و أن العلاقة الدينية هي علاقة بين الفرد و ربه، و أن العلاقة السياسية هي علاقة جماعية تهدف إلى تقرير النظام السياسي، و الاختيارات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدينة و السياسية، و هذا الفرق في العلاقة يجب استحضاره و اعتماده في عملية الفصل بين الدين و السياسة. إلا أن كون كل منهما يستهدف الإنسان يجعلهما يلتقيان في وجدان الفرد و عقله، و سلوكه. و هذا الالتقاء هو الذي يقود إلى وجود إنسان متدين يمارس السياسة أو إنسان سياسي يتقمص التدين.
فالمتدين الممارس للسياسة يكون متشبعا بالقيم النبيلة التي تجعله يمتنع عن القيام بعملية الربط بين الدين و السياسة، لأن ذلك الربط يتنافى مع حقيقة الدين. و بالتالي، فإنه يمتنع عن القيام بممارسة سياسية تتناقض مع القيم الدينية النبيلة مهما كانت الطبقة التي ينتمي إليها، و مهما كان الحزب السياسي الذي يقتنع به، لأن القيم الدينية النبيلة تمنع المتشبت بها من الانزلاق في اتجاه مخالفة مصدر تلك القيم و إغضاب الله تعالى، و هو أمر لا يرغب فيه المتدين.
و السياسي عندما يتقمص الدين فإنه يربط بين الدين و السياسة، و يجعلها شيئا واحدا، لأن الممارسة الدينية عنده لا تمده بالقيم النبيلة، لأنه في الأصل متشبع بالقيم السياسية التي تقود إلى اعتبار مصلحته السياسية فوق كل اعتبار. و بالتالي فهو يحول تلك القيم السياسية إلى قيم دينية. و إذا تعارض الدين مع السياسة، فإن السياسي يحرف الدين ليتناسب مع المصلحة السياسية، و ليستجيب لما يريده السياسي من الدين و هذا التحريف هو الذي سميناه أدلجة الدين التي نعني بها تحويل الدين إلى معبر عن مصلحة طبقة معينة، لأن التعبير عن تلك المصلحة لا يتم إلا في إطار الأيديولوجية.
و بذلك يتوضح الفرق بين المتدين و السياسي من خلال العلاقة بين الدين و السياسة التي لا تتم إلا من خلال الإنسان الذي يكون متدينا فقط، و قد يكون سياسيا فقط و قد يجمع بينهما ذلك الجمع الذي قد يترتب عنه اعتبار الدين وسيلة لتقويم الممارسة السياسية في شخصية الفرد، أو لجوء السياسي إلى أدلجة الدين و توظيفه لتحقيق مصلحة سياسية معينة. فالأصل في الدين إذن أن يكون وسيلة لتقويم السلوك الفردي نحو الأحسن، و العارض هو تحويله إلى أيديولوجية، و هو ما يقتضي إعادة الاعتبار للدين عن طريق تجريم إقحامه في الأمور السياسية حتى يبقى بعيدا عن التوظيف في أمور لا علاقة لها بالدين أنى كان هذا الدين لأن توظيف الدين في السياسة يطال جميع الديانات، و في مقدمتها الدين الإسلامي.
إقحام الدين في السياسة خروج عن المألوف :
و عملية إقحام الدين في السياسة تأتي نتيجة لتقمص السياسي للديني الذي يقف وراء كل أشكال التحريف باسم التأويل الذي يقف وراء كل أشكال التحريف باسم التأويل الذي يلحق النص الديني لإكساب الممارسة السياسية شرعية الغيب المطلقة ولإعطاء المبرر للتصرف المطلق لحزب أو لتيار سياسي معين ، أو لقائد ، أو لدولة فكأنه مبعوث من الله لإلغاء إمكانية قدرة البشر على تدبير امورهم ، وكأن التدبير الذي يقوم به أولئك منزل من عند الله .والواقع أن الأمر ليس كذلك .فالبشر هم الذين يقررون أمرهم بأنفسهم أما الوحي فقد انتهى أمره بنزول آخر آية نزلت على محمد "ص" " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " .
ولذلك فما تعود عليه المسلمون المتطهرون من أدلجة الدين الإسلامي على سبيل المثال أن يكون الدين لله حتى يبقى بعيدا عن التلوث بأمور السياسة التي لها علاقة بالنفاق والخداع السياسي الذي له علاقة بالانتماء الطبقي وبالصراع الطبقي الذي يتحول في مستوى معين إلى انتماء سياسي وصراع سياسي ز يقتضي أن يبقى بعيدا عن إقحام الدين في السياسة الذي يتحول إلى عمل غير مألوف وغير مستساغ لإصابة ممارسة بالجرح .
فإقحام الدين في السياسة يقتضي إعطاء البعد الديني للسياسة على جميع المستويات :
1) على المستوى الاقتصادي نجد أن ما يكون عليه مدخول الأفراد والجماعات والدول قدر من عند الله . وبالتالي فالسياسي عندما يقرر مستوى الأجور ومستوى الأسعار ، ونسبة الضرائب ..إلخ فإنه بذلك يحرص على أن يكون ذلك باسم الله وباسم العقيدة وباسم الشريعة .لأن الله " فوض " له ذلك وبالتالي فلاداعي لأن يطالب أحد بتحسين وضعيته الاقتصادية عن طريق الزيادة في الأجور أو في الفوائد ، أو التخفيض من أسعار المواد الاستهلاكية ، أو الخدمات لأن ذلك معناه في نظر السياسي المقحم للدين في السياسة ، كفر وإلحاد وتشكك في إرادة الله التي تتجسد في إرادة السياسي المقحم للدين في السياسة مما يقتضي القصاص من الكافر –الملحد . أو من المرتد ليتحول إقحام الدين في السياسة إلى ممارسة إرهابية تستهدف الوجدان. والجسد الحامل للعقل والوجدان .
2) وعلى المستوى الاجتماعي نجد أن كل فرد يعيش حياة اجتماعية مقدرة وما تعرفه من تحول مقدر ، ومن هذا المنطلق . فما يخططه رجل السياسة التي أقحم فيها الدين أيضا مقدر لا يناقش ولا يؤول . لأن المناقشة والتأويل تدخلان البشر في دوامة الكفر والإلحاد الذين يقودان إلى القصاص لمخالفة النص الديني " والله فضل بعضكم على بعض في الرزق " الذي يتم تأويله تأويلا مغرضا يستهدف مناسبته لأدلجة الدين التي تبيح لمقحم الدين في السياسة أن يصدر فتاواه في الحياة الاجتماعية ، في التعليم ، والصحة ، والسكن ، والشغل ، والترفيه . ويعمل على صياغة كل ذلك وفق تلك الادلجة حتى يحقق ما يسميه بالمجتمع المتدين . والمجتمع المتدين هو المجتمع الذي يقتضي القبول بالتجييش وراء مؤدلجي الدين الذين يعتبرون أنفسهم أن الله اختارهم لتلك المهمة مهمة التأويل الأيديولوجي للدين . وإصدار فتاوى التكفير والإلحاد و التجييش حتى تتم نمدجة الحياة وإصدار فتاوى التكفير والإلحاد . والتجييش حتى تتم نمذجة الحياة الاجتماعية على مستوى ويبقى الجوهر في علم الغيب .
3) وعلى مستوى الحياة الثقافية فإن مقحمي الدين في السياسة يعتبرون أن نمط الثقافة الوحيد الذي يجب أن يسود هو ما يسمونه " الثقافة الإسلامية" التي تعتبر ممارسة إيديولوجية صرفة لاستهدافه استئصال القيم التي تنتج عن تفاعل مختلف المكونات الثقافية التي من بينها مكون الدين الذي لم تخالطه الادلجة ، لأن الممارسة الإيديولوجية هي ممارسة اقصائية لعلاقتها بالمصلحة الطبقية ولذلك فهي عندما تؤد لج الدين إنما تسعى إلى إنتاج ثقافة لا تهم إلا الطبقة التي من مصلحتها إقحام الدين في السياسة . أما الممارسة الدينية فهي ممارسة تفاعلية تستهدف التأثير في المجتمع دون أن تعمل على إقصاء باقي المؤثرات الثقافية الأخرى . ومقحمو الدين الإسلامي في الساسة أو مؤد لجوه يعملون باستمرار على نمذجة ثقافة المجمع على مستوى المظهر . وعلى مستوى نمط أداء الطقوس الدينية . ونمط المعاملات ، ونمط الأفكار ، بل ونمط الوجدان حتى يكون المنمط قابلا للتجييش المؤهل لتنفيذ الأوامر . مهما كانت نتائج ذلك التنفيذ .
4) وعلى المستوى المني فإن مقحمي الدين في السياسة يعتبرون مسايرة ما يقتضيه التطور من تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة خروجا عن الدين ، وكفرا وتأثرا بممارسة " الكفار " ومسايرة الغرب . وعملا بمواثيق صاغها " اليهود " لمحاصرة " الدين غير عابئين حتى بالنصوص الدينية التي تقتضي تحقيق تلك المساواة لأن الذي يحكمهم هو العمل على تنميط المجتمع وتجييشه ، ولا يستطيعون الانفتاح على التطور، لان ذلك يفوت عليهم فرصة التحكم في مسار المجتمع ومصيره وهو ما يتناقض مع المصلحة الطبقة لمقحمي الدين في السياسة ومؤدلجيه . وما قلناه عن المساواة بين الرجل والمرأة يمكن قوله أيضا في كل الأحوال المدنية الأخرى ، وخاصة المساواة أمام القانون بين الناس مهما كان جنسهم أو لونهم أو عقيدتهم أو لغتهم ، ومهما كان مستواهم الاجتماعي . ومهما كانت المسؤوليات التي يتحملونها . لأن مقحمي الدين في السياسة لا يرون ضرورة تلك المساواة لإقرارهم بالتفاوت القائم بين البشر . فهناك أهل الحل والعقد ، أو الخاصة المؤدلجة للدين ، وهناك عامة الناس وموقتهم وهناك الأغنياء الذين لا يمكن مساواة لإقرارهم بالتفاوت القائم بين البشر . فهناك " العلماء " الذين فضلهم الله على الجهال " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون "
5) وعلى المستوى السياسي نجد أن مقحمي الدين في السياسة يرون أن الدولة الأصلح هي " الدولة الدينية " وانهم باعتبارهم أوصياء على الدين الذي أدلجوه ليناسب هواهم ويخدم مصلحتهم ، هم الأحق بامتلاك تلك الدولة بتفويض من الله ، وان على المعتنقين لذلك الدين المعتقدين به أن يخضعوا لمشيئتهم التي يعتبرونها مشيئة الله وكل من خالفها أو اعترض على شيء منها .أو انتقد مظهرا من مظاهرها فهو كافر وملحد يجب قتله . وحتى قبل الوصول إلى الدولة فإن كل من يرفض التجيييش لأن ذلك يجب قتله وتصفيته والقضاء عليه . وبكل الإمكانيات الممكنة حتى ينبث الرعب والهلع في صفوف المعتنقين لذلك الدين المعتقدين به . وفي هذا المستوى لا نجد إلا الإملاءات المفرزة عن أدلجة الدين . وكل من رفض الانسياق وراءها لا يشتم إلا رائحة الدم ، ولا يصاب إلا بالرعب والخوف في أي مكان وفي أي زمان. وخاصة عندما يتحول المنمذجون إلى متفجرات تحرف الأخضر واليابس . وتحول كل شيء إلى ركام ، وفي اعتقاد هؤلاء أن الديموقراطية بدعة مستوردة من الغرب . وأن لا عدالة إلا عدالة الله . وأن الحرية غير واردة لأنها تؤدي إلى مخالفة الشريعة التي تقود إلى إقامة الحدود والقصاص .ولذلك فالمنهج السائد عند مقحمي الدين في السياسة ليس المنهج الديني . بل هو شيء آخر يمكن تسميته بمنهج العنف الذي يقتضيه تطبيق شريعة الحدود والقصاص . ابتداء بالجلد ومرورا بقطع الأطراف وانتهاء بالقتل . ولاشيء اسمه الدستور . والدستور الوحيد هو ما تقتضيه أصول شريعة ذلك الدين . ولاشيء اسمه القانون لأنه من وضع البشر . وما يصنعه البشر يتعارض مع شريعة الله ولذلك . فالدستور في نظر مؤدلجي الدين كافر والقوانين كافرة والدولة التي تعمل بذلك الدستور الموضوع . وبالقوانين الموضوعة كافرة والقوانين الموضوعة كافرة . والكفر يقتضي إعلان الحرب على الدولة وهو ما يقود إلى تفجير الأماكن العمومية وبواسطة الانتحاريين لزرع الرعب في نفوس الجميع .
وبذلك نجد أن إقحام الدين في السياسة إعلان عن إرادة الاستبداد بالمجتمع . وبكل الوسائل الممكنة لفرض ذلك الاستبداد بما في ذلك اللجوء إلى العنف الهمجي اللامبرر و اللاشرعي. و الذي تنبذه القيم الدينية الأصيلة. و هذه الوضعية الناجمة عن إقحام الدين في السياسة لا يمكن تجاوزها إلا بفصل الدين عن السياسة حتى يبقى ما لله لله، و ما لقيصر لقيصر كما يقولون لتجنيب الناس كوارث التعرض للعنف باسم الدين، و باسم الله، حتى يبقى الدين منبعا لبث القيم النبيلة في المجتمع حتى تساهم في تقويم سلوك الأفراد و الجماعات إلى جانب مكونات أخرى تساهم لشكل أو بآخر في بث القيم المفيدة في حياة الناس، حتى الإنسان المتدين و المتشبع بالفضيلة هو الذي يمارس السياسة التي لا علاقة لها بالدين إلا من خلال كون ممارسها متدينا.
الدين / السياسة، أو علاقة الادلجة :
فماذا نعني بإقحام الدين في السياسة ؟ و ما هي الغاية من هذا الإقحام ؟ و ماذا نعني بأدلجة الدين ؟ وهل هي وسيلة أو هدف ؟ و لماذا يتم اللجوء إلى أدلجة الدين ؟ و ما هي العلاقة التي يمكن أن تقوم بين الدين و الادلجة ؟
إن إقحام الدين في السياسة لا يعني إلا إعطاء الشرعية الدينية للممارسة السياسية التي يقوم بها توجه معين أو مجموعة من التوجهات، أو الطبقة الحاكمة، و إعطاء الشرعية الدينية لا يعني إلا توظيف النص الديني الاستدلال على شرعية الممارسة السياسية حتى تكتسب البعد الديني الذي يتيح للقائد السياسي، فرضها على الاتباع، ثم على الشعب في حالة الوصول إلى الحكم حتى يعتبر الناس مقتنعين أو مكرهين، تلك الممارسة جزءا من الدين فيسلمون بالقبول بها، و يمارسونها رجاء ل"ثواب" القائد، و ثواب "الله، و يجتهدون في ممارستها لمضاعفة الثواب.
و الغاية من هذا الإقحام هي جعل الدين في خدمة السياسة لا العكس لخدمة مصالح و تطلعان القائد، و من يسبح في فلكه، لامتلاك المكانة الأسمى في السلم الطبقي، و لذلك فنحن لا نتصور أبدا أن إقحام الدين في السياسة يمكن أن يخدم الإشعاع الديني، أو المحافظة على الدين من التحريف، كما لا نتصور أن الغاية هي خدمة مصالح الناس و تقويم سلوكهم، و إعدادهم للقيام بعملية الإنتاج، و تقديم الخدمات في ظروف أحسن، لأن ذلك غير وارد أصلا، لأنه لا يحصل إلا في مجتمع حر و ديمقراطي و عادل حيث يسود مبدأ "لا إكراه في الدين" و مبدأ " و أمرهم شوى بينهم" و مبدأ :
الناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض و إن لم يشهروا خدم
و ما هو وارد في عرف من يقحم الدين في السياسة هو جعل الجماهير المستهدفة في خدمته، و اعتبار تلك الخدمة هب عين الدين نفسه الذي يوظف في نفس الوقت لمحاربة المخالفين الذين يعتبرون "كفرة" و "ملحدين" و "علمانيين" و أشياء أخرى، يوظف الدين في نفس الوقت لمحاربة كل أشكال التنوير التي يمكن أن تنقل الناس من واقع متخلف إلى واقع متقدم لا يرغب فيه مقحمو الدين في السياسة، لأن التقدم لا يعني رفاهية الحياة التي تدفع إلى إعمال العقل فيما يجري باسم الدين و باسم الله، و التفكير فيما يجب عمله لمقاومة ذلك.
و نعني بأدلجة الدين تحويله إلى مجوعة من المقولات الجاهزة التي تستند إلى نصوص محددة، و مختارة من النصوص الدينية ينسجم مع المصلحة الطبقية لمؤدلجي الدين ليتحول الدين إلى أوصياء على الدين، و متكلمين باسمه، و متوسطين بين الله و البشر، تماما كما هو الشأن بالنسبة للكنيسة المسيحية و البيعة اليهودية، إلا أنه في الدين الإسلامي لا يتوقف عند حدود ممارسة السلطة الدينية، بل يتجاوزها إلى الجمع بين السلطة الدينية و السلطة الدنيوية، و اعتبار الثانية مستمدة من الأولى، حتى تكتسب قوة التأثير في الناس لتزداد خدمتهم و يتضاعف إخلاصهم لرجل الدين الذي يعتبر في نفس الوقت زعيما سياسيا. يحتمل أن يصبح حاكما في يوم ما، أو أحد رجالات الدولة، مشرعا أو منفذا في نفس الوقت دون أن يظهر من يعارض ذلك لاعتباره جزءا من الدين، و موجها للسلوك الديني.
و أدلجة الدين يعتبر وسيلة و هدفا في نفس الوقت، فهي وسيلة للتأثير في الاتباع من جهة حتى يزدادوا ارتباطا بمؤدلجي الدين، و يتحولوا بدورهم إلى دعاة و مؤدلجين من جهة أخرى، فهي وسيلة لتضليل الجماهير الشعبية حتى تكون قابلة للتجييش في مرحلة معينة تقتضي التحرك من أجل الوصول إلى السلطة، و فرض الاستبداد.
و أدلجة الدين تعتبر هدفا، لأن الغاية هي الوصول إلى تحويل المجتمع إلى مجتمع مؤدلج للدين، و قابل للاستبداد به،لأن أدلجة الدين و الاستبداد وجهان لعملة واحدة، لأن عليهما يتعارض تعارضا مطلقا مع الديمقراطية كما تتعارض مع الحرية، و مع العدالة الاجتماعية، لأن أدلجة الدين و الاستبداد بالمجتمع يحصلان من أجل مصادرة الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية.
و يتم اللجوء إلى أدلجة الدين لجعله مستقطبا للمستهدفين في اتجاه التوجه المؤدلج للدين من أجل خدمة مصالحه المادية و المعنوية، و المحافظة على تلك المصالح عن طريق استغلال الدين، ثم تضليلهم بالعمل على " إعادة الاعتبار للدين" الذي يختصر في تقليد مؤدلجيه الذين يرفعون شعار "الدين هو الحل" و "الدولة الدينية" و "تطبيق الشريعة" و أشياء أخرى، تضمر خلاف ما تظهر، و ما تضمره هو الحفاظ على مصالح طبقة المؤدلجين، و ما تظهره هو ادعاء المحافظة على الدين.
و العلاقة التي تقوم بين الدين و الادلجة هي كالعلاقة بين الدين و السياسة. فالدين لله و الادلجة للمؤدلجين بين أصحاب المصالح. و هي علاقة مبنية على التناقض، لأن الدين يرفض أن يكون معبرا عن مصالح طبقية معينة، لأنه لكل الناس و الأيديولوجية هي المعبر الفعلي عن تلك المصالح، و كلاهما يستهدف الإنسان الذي قد يكون متدينا فقط، و قد يكون متدينا و مؤدلجا للدين، و قد يكون مؤدلجا للدين فقط. و بذلك يكون المحور هو الإنسان، و يكون الإنسان هو المحور، و في الحالتين معا تظهر الأيديولوجية المحرفة للدين، و كأنها هي الدين. و يظهر الدين و كأنه هو الأيديولوجية نظرا لعجز الناس عن التمييز بين الدين و الأيديولوجية بسبب تدني مستواهم الثقافي، و لافتقادهم أدوات التحليل العلمي، و لعدم قدرتهم على امتلاك القدرة على انتج الممارسة النقدية التي تقودنا إلى الكشف عن مواطن التحريف الذي يتعرض له الدين، و عن أشكاله حتى نتبين ما العمل لجعل الدين بريئا من الأيديولوجية، من رصد العلاقة الحقيقية بين الدين و أدلجة الدين.
و بذلك نتبين أن علاقة الدين بالسياسة هي نتيجة لعلاقة الدين بالادلجة، لأنه لا يمكن أن تكون هناك سياسة بدون أيديولوجية، و لا يمكن أن تكون هناك أيديولوجية لا تترتب عنها مواقف سياسية نظرا للارتباط العضوي بينهما. و إذا كانت أدلجة الدين تنتج مواقف سياسية دينية. فإن المواقف السياسية الدينية تعمق أزمة أدلجة الدين، وهو ما يطرح ضرورة الفصل بين الدين و السياسة من جهة، و تجريم عملية أدلجة الدين حتى يبقى الدين لله، و الادلجة للبشر.
أدلجة الدين، أو التأسيس للاستبداد :
هل يمكن أن نعتبر أدلجة الدين تأسيسا للاستبداد، أم تأبيدا له ؟ و ما هي الطرق الادلجة الفارضة للاستبداد ؟ و ما هي مظاهر الاستبداد المترتبة عن الادلجة ؟ و هل يمكن وضع حد الادلجة حتى يتم قطع الطريق أمام التأسيس للاستبداد أم تأبيده ؟ و ماذا يجب عمله من أجل ذلك ؟
إن أدلجة الدين تهدف إلى فرض تنشيط المجتمع بشكل من الأشكال، و هذا التنشيط يستهدف الشكل و الممارسة، و العقل و الوجدان.
فعلى مستوى الشكل تفرض الادلجة على المتقمصين لها إسدال لحاهم التي يختلف مظهرها من تيار مؤدلج للدين إلى تيار آخر، كما تفرض أشكالا من اللباس تختلف أيضا من تيار مؤدلج إلى تيار آخر، و يسمون كل ذلك مظهرا إسلاميا، و كل من لم يلتزم بذلك المظهر فهو كافر أو ملحد، أو علماني تصدر في حقه القتل.
و على مستوى الممارسة نجد أن أدلجة الدين تفرض أنماطا من السلوك تختلف أيضا من تيار مؤدلج للدين إلى تيار آخر، سواء تعلق الأمر بأداء الشعائر الدينية، أو بالمعاملات أو بالمناسبات الاجتماعية من اجل التميز عن "الكفار" و "الملحدين" و "العلمانيين" الذين يقلدون الغرب، و إذا كان تنميط السلوك يدل على شيء ، فإنه يدل على ممارسة الإقصاء و النفي ضد الآخر.
و على مستوى العقل، فإن الادلجة تضع أمامه جملة من الحواجز التي يجب أن يتوقف عندها حتى لا يقع في المحرم. و إذا كان هناك إعمال للعقل فإنه لا يتجاوز مجرد التأويل الأيديولوجي للدين، أو القيام بذلك التأويل بما يتناسب مع مصلحة مؤدلجي الدين الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية، و اللجوء إلى إصدار فتاوى في هذا الاتجاه.
و على مستوى الوجدان، فإن الادلجة تفرض التعلق ب "الأمير" الذي يرتفع في عرف مؤدلجي الدين إلى التطابق بينه و بين الله المعبود، فأمير الجماعة أو شيخها، أو زعيمها السياسي هو بمثابة القبلة بالنسبة للمقتنعين بأدلجة الدين، و حبه واجب، لأنه شرط في الإيمان بدعوته، كما أن حب الله شرط و واجب في الإيمان بدينه، و ما تفرضه الادلجة على الوجدان هو الذي يقود الاتباع إلى الاستعداد و تحت تأثير مخدر الادلجة إلى تنفيذ أوامر "الأمير" أو "الشيخ" أو "الزعيم" مهما كانت قاسية إلى درجة بالمتفجرات و تفجير النفس كما يحصل يوميا في عدة مناطق من العالم بما فيها ما وقع في الدار البيضاء.
و لذلك فتنميط المجتمع، و على جميع المستويات لا يعني إلا التأسيس للاستبداد الذي يطمح إلى تحقيقه مؤدلجو الدين على جميع أفراد المجمع، و هو ما نفسر به بما يشرع المقتنعون بالادلجة بفرض الاستبداد في إطار الأسرة، ثم في إطار العائلة ثم في إطار الحي أو الدوار ليعم على المدينة أو القبيلة، وصولا إلى تعميمه على مجموع المدن، و مجموع القبائل، و إذا كان الاستبداد القائم يتناسب مع ما يسعى إليه مؤدلجوا الدين، فإن أدلجة الدين تعمل على تأبيده و المحافظة على مستواه.
و تتجلى طرق الادلجة الفارضة للاستبداد في :
(1 فرض الاهتمام بالنص الديني إلى حد الإفراط، و التعامل معه على أساس أنه يتضمن الحلول لكل المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و كل بحث عن الحلول لتلك المشاكل يعتبر خروجا عن الدين و"كفرا" و "إلحادا" و "علمانية". و بالتالي فإن الخارج عن الدين الفاعل لتلك الكبائر يجوز قتله.
(2 اختيار مقولات معينة من النصوص الدينية، و التركيز عليها لنمدجة الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية حتى تتحول النمذجة في إلى إطار لتطهير المجتمع من غير المتدينين حتى يتحول إلى مجتمع منمذج على مستوى الشكل، و على مستوى العقل، و على مستوى الوجدان حتى يكتسب حصانة ضد الكفر و الإلحاد و العلمانية و التخريب و منظومة حقوق الإنسان "الكافرة" و "الصهيونية" و "اليهودية" لضمان استمرار حكم "الدولة الإسلامية" التي تعمل على تطبيق "الشريعة الإسلامية" وصولا إلى "إرضاء الله تعالى" و ضمان الخلود في "الجنة".
(3 صياغة التأويل الأيديولوجي للمقولات الدينية المختارة و بدقة حتى لا يعتبر ذلك التأويل مخالفا للدين من جهة، و حتى يؤدي دوره في استقطاب الناس إليه من جهة أخرى، و يتناسب مع مصلحة مؤدلجي الدين من جهة ثالثة، و مساعدا على فرض الاستبداد من جهة رابعة . ليتكامل كل ذلك في جعل مؤدلجي الدين راغبين في جعل النص الديني في خدمة التأويل الأيديولوجي بامتياز . وصولا إلى إقامة الاستبداد ، أو العمل على تأبيده .
4) الارتقاء ب" الأميرة " أو " الشيخ " أو " الزعيم " أو "المرشد " إلى المستوى المقدس حتى يتم تحريم إخضاع شخصيته للنقد أو النقض مع إعطائه إمكانية التصرف المطلق ، وإصدار الفتاوى التي قد تستهدف مصادرة الحق في الحياة التي قد تأتى على خلاف مضمون قوله " من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " .
5) اعتبار " كلام " " الأمير " او " الشيخ" أو " الزعيم " أو "المرشد " مقدسا تبعا لقداسة صاحبه ، وبالتالي فهل من تطاول على الكلام المقدس ، كأنه تطاول على الله . فيكون جزاؤه القتل وبذلك يصير الخوف والرعب والإرهاب هواء يستنشقه الناس في كل زمان وفي كل مكان ليصبح الصمت المطبق دين كل إنسان يخاف أن يطاله الهلاك لتبقى اليد الطولى ممتدة لكل إنسان تستطيع أن تفعل به ما تشاء .
وبذلك تصير الأدلجة فارضة للاستبداد أو عاملة على تأبيده بقوة الواقع الذي يصبح فيه الاقتصاد والاجتماع والثقافة والحياة المدنية والسياسية تمظهرات دينية ومحاولات لتصريف أشكال الاستبداد التي يسعى مؤدلجو الدين إلى بثها في المجتمع .
التوظيف الايديولوجي للدين أو مسار الموت المستولد :
و الأدلجة الدينية في عمقها ليست إلا توظيف أيديولوجية للدين تحتل فيه الأيديولوجية المرتبة الأولى . ويحتل فيه الدين المرتبة الثانية وهذا التفاوت في التراتب يلغي إمكانية التفاعل بين الأيديولوجية والدين الذي لا يكون إلا في إطار استقلال الأيديولوجية عن الدين واستقلال الدين عن الأيديولوجية القائمة على التوظيف الديني لأنها تستوعبه ، وتلغي إمكانية التفاعل معه . وتظهر بمظهر التطابق مع الدين لتجعل الجماهير تعتنق الأيديولوجية على أنها هي الدين ، وتتمسك بها على أنها هي الحل . وتنخرط في تنفيذ فتاوى " الأمير " ومن يسبح في كل من " الأمراء الصغار " من اجل بناء " الدولة الدينية " التي تعمل على تطبيق "الشريعة الدينية ".
والتوظيف الأيديولوجي للدين هو ممارسة يومية يقوم بها مؤدلجو الدين لتتخلل جميع مجالات الحياة التي تتحول إلى إطارات لمراقبة الأفراد والجماعات . وتقدم من تقدم لإقامة الحدود أو القصاص . لضمان استمرار الأخلاق الدينية واستمرار الحياة :
1) فعلى المستوى الاقتصادي نجد حرص مؤدلجي الدين على أن يكون الاقتصاد متناسبا مع الدين و"مومنا به " مع أن الاقتصاد لا يعني إلا إنتاج فائض القيمة الذي يتحول إلى قوة مادية تتجاوز المعتقدات والحدود والأفكار ، والتفاعل مع ذلك ليصبح الاقتصاد للإنسان وليس للدين ، كيفما كان معتقد هذا الإنسان او لونه أو لغته ، أو عرقه باعتباره اهتماما للجميع يعبر الأفراد إلى الجماعات ، ويتجاوز الحدود ليعم القارات . إلا أن مؤدلجي الدين يصرون على أن يلبس الاقتصاد لباس الدين حتى يتحول إلى وسيل للتوظيف الأيديولوجي للدين .
2) وعلى مستوى الاجتماعي نجد أن مؤلجي الدين يحرصون على توظيف الدين لفرض نمط من " اللباس " على الأتباع تمييزا لهم عن غيرهم حتى يصيروا قدوة ، ووسيلة الاستقطاب الاجتماعي لينتقل عبرهم ذلك النمط من اللباس إلى مجموع أفراد المجتمع حتى يتحول إلى مجتمع إسلامي كما يحرصون على توظيف الدين في صياغة أو إعادة صياغة المناسبات الاجتماعية التي تصير "إسلامية " سواء تعلق الأمر بالأفراح أو الاتراح ، وبالتالي فالمناسبة الاجتماعية هي إطار للتذكر والاسترجاع وبث الترغيب والترهيب للخروج بخلاصة تعد المجتمع ككل لخدمة مصالح مؤدلجي الدين والانسياق وراءهم . والقبول بعملية التجييش التي تعتبر خير وسيلة لفرض الاستبداد الذي هو أداة للتسلط على المجتمع .
3) وعلى المستوى الثقافي ، فمؤدلجو الدين يعتبرون أن الثقافة الوحيدة التي يجب الترويج لها على أنها هي الأصلح لإعداد الناس الاستعداد لبناء " الدولة الدينية " التي تشرف على تطبيق وشريعة "دين تلك الدولة .هي ثقافة دين تلك الدولة هي ثقافة أدلجة الدين المنمذجة لكل شيء في الحياة ، لأسلوب الاقتصاد والاجتماع . وللقيم التي يمارسها الناس ويتحلون بها في أخلاقهم ، وفي معاملاتهم اليومية .وكل من لا يقبل تلك النمذجة .ولا يمارس تلك القيم .فإنه يعتبر "كافر ا" و"ملحدا" و"علمانيا ".يجب قتله . والقتل لا يكون إلا ب " شريعة الله " التي ينفذها أولوا الأمر الذين تجب " طاعتهم " لاختيار الله لهم لتولي أمورهم ومن بين ما يتولونه الإشراف على قتل " الكافر " و" الملحد " و"العلماني" حتى يطمئن مصير المتدينين الذين يجب أن يستعدوا للحياة الأخرى ب" طاعة " لولي الأمر وخدمتهم و أداء الطقوس الدينية كما يرونها ، وكما يرسمونها حتى يبقى وسيلة أنجع لتحقيق الطاعة المنشودة .
4) وعلى المستوى المدني فغن مؤدلجي الدين يعملون على اجرأة العلاقات المدنية كما يؤولونها من خلال ما يتعلق بها في النص الديني وبالتالي فالدعوة إلى المساواة بين الرجل والمرأة امام القانون هي مخالفة للدين لأن الله فضل الرجل على المرأة . وفرق بين مستويات الناس أمام القضاء . وعمل على ان يكون لكل مقام مقال . وما يخالف الدين يعتبر " كفرا " ومن يعمل بما يخالف الدين " كافر " و" الكافر " يجب قتله ولا مجال للدعوة إلى فكرة المساواة بين الناس حتى لا يتعرض صاحب تلك الدعوة إلى القتل . ومعاون ان أدلجة الدين . ومن هذا النوع تخالف ما جاء في الدين الذي تدعو بعض نصوصه إلى المساواة بين الناس في الحقوق وفي الواجبات ومن تلك النصوص " الناس كأسنان المشط " و" لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى " "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " وهذه النصوص وغيرها لا تلغي الاختلاف في القدرات والإمكانيات. كما لا تلغي تفاوت القدرات في بذل المجهود الذي يترتب عنه التفاوت في اكتساب الثروة المادية والمكانة المعنوية .إلا أن مؤدلجي الدين يصرون على إلغاء كل ذلك . والتمسك بتأويلاتهم التي ترجعنا إلى عصور الظلام القائمة على استعباد الإنسان وسيادة الاستبداد الذي يمكن من قمع كل حركة تسعى إلى الخلاص من الظلم والقهر والاستعباد بتحقيق مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء امام القانون .
5) وعلى المستوى السياسي نجد أن مؤدلجي الدين ينكرون على الناس حقهم في دستور يضمن سيادة الشعب . وفي قوانين انتخابية تضمن نزاهة الانتخابات وفي اختيار من يمثل الشعب في المجالس المحلية ، وفي المجلس التشريعي وفي تكون حكومة من الأغلبية التي تفرزها صناديق الاقتراع . ويعتبرون ان ذلك تدخلا في امر الله واقتداء بالغرب الكافر الذي يمارس " بدعة " الديموقراطية حتى يبقى المجتمع تحت رحمتهم باعتبارهم أوصياء على الدين ويقررون باسمه في الأمور الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية وباسم " الدولة الدينية " التعمل على " تطبيق الشريعة الدينية " وكل من يخالف وصايتهم على المجتمع باسم " الدين " يعتبر "كافرا "أو "الكفر" يقتضي القتل .
وبذلك نصل إلى أن التوظيف الأيديولوجي للدين ، ما هو إلا وسيلة للتخلص من المخالفين لمؤد لجي الدين عن طريق ايجاد مبرر اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو مني أو سياسي يبرر خروج المخالف عن الدين حتى يجوز قتله وحتى يقتنع الناس بذلك القتل الذي يعتبرونه " شرعيا " وبذلك تصبح أدلجة الدين مسارا للموت المستولد. والمحقق .
وهو ما يجب أن نستنتجه من تلك الادلجة .
تربية الأجيال على أساس أدلجة الدين إعداد مستمر للمتفجرات :
وللوصول إلى تحقيق الموت المستولد من أدلجة الدين لابد من برنامج تربوي يعتمده مؤلجو الدين لإعداد الأجيال في مختلف المراحل : مرحلة الطفولة ، ومرحلة اليفاعة ، ومرحلة الشباب وهي المراحل التي تتم فيها برمجة الانتحاريين و القتلة على قبول القيام بالعمليات الانتحارية، أو القيام بقتل المخالفين.
و المادة المستهلكة في عملية التربية على قبول القيام بالعمليات الانتحارية، أو القيام بعملية القتل، لا يمكن أن تكون إلا باسم "الدين" و مختارة بدقة، و يتم تأويلها على مقاس الأهداف التي يسعى مؤدلجوا الدين إلى تحقيقها على أن يتناسب النص المختار و التأويل المحدد مع المستوى المستهدف بالتربية.
فالطفل يلزم بحفظ الآيات، و يقدم له مع الحفظ التأويل المبسط حتى لا نقول الشرح و التحليل حتى يشرع في اكتساب الاستعداد لتنفيذ أوامر "الأمير" من أجل أن ينتقل إلى المرحلة الأخرى.
و اليافع يجمع بين الإلزام بالحفظ أكثر و تقديم تأويل أعمق، و بين الشروع في القيام بالتداريب اللازمة من أجل إعدادهم للدفاع عن أنفسهم من جهة، و الاستعداد للشروع في الهجوم من جهة أخرى.
والشباب يتمرس على اكتساب منهج التأويل المستهدف للنص الديني من أجل الهجوم النظري على مختلف التوجهات المخالفة في المدارس والمعاهد والجامعات ، والعمل على إقصائهم من مختلف المؤسسات للاستفراد بها حتى وإن أدى الأمر إلى استعمال الخناجر والسيوف والهراوات والسلاسل . والمرور من هذه المراحل على التوالي يجعل " التربية " التي يخطط لها وينفذها مؤد لجو الدين تقف وراء إعداد الشباب المستعد لتنفيذ الاوامر التي يصدرها الأمراء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حتى وإن كانت تلك الأوامر تستهدف تفجير النفس وسط حشد كبير من الناس إرضاء لإرادة الأمير وسعيا وراء مطلب الجنة الخالدة . وهو يجب استحضاره بدقة متناهية في التعامل مع مؤدلجي الدين مهما كان توجههم لأنه ليس فيفي القنفد أملس . ولأن مؤدلجي الدين يختلفون في تقدير شروط قيامهم بعمل معين .أما اعتدالهم أو سلامهم فغير وارد ، لأن الاعتدال والسلام يتناقضان مع ادلجة الدين وهذا التناقض هو الذي يقودنا إلى القول بأن مؤلجي الدين منتجون جميعا لفكر الإرهاب والاستئصال الذي يستهدف كل ما خالف ، ومن خالف مؤدلجي الدين .
والإعداد التربوي يستهدف ثلاث مستويات :
المستوى الأول : الإعداد الجسدي يقتضي التداريب التي تجعل المستهدف قادرا على كل الأعمال التي يؤمر بالإقدام عليها .لأن جسده يروض على مختلف الحركات الرياضية التي ترفع مستوى الأداء لجعله قادرا على اقتحام كل الصعوبات ودرء الإكراهات .
والمستوى الثاني : الإعداد العقلي الذي يجعل المستهدف بالتربية قابلا لإلغاء استخدام العقل حتى لا يعيد النظر في الأوامر التي يتلقاها ، وذلك عن طريق التربية على أدلجة الدين التي تجعل العقل لا يتجاوز حدود الأدلجة إلى ما سواها من التفكير.
والمستوى الثالث : الإعداد النفسي والوجداني عن طريق الشحن بشيئين متواليين :
الشيء الأول هو جعل المستهدف يكره ويحقد على غير مؤدلجي الدين مع الاستعداد لتصفيتهم جسديا كل ما أمكن ذلك .
والشيء الثاني جعله يحلم ب "جزاء " الله له ب" الجنة بعد قيامه بعملية انتحارية يعتبرها هو عملية استشهادية . مما يجعله اكثر رغبة في القيام بتلك العمليات .
وعندما يتم تحقيق هذه المستويات الثلاثة يتم الانتقال إلى التربية على استعمال السلاح والمتفجرات وكيفية تركيبها وطرق تعبئتها وسبل تفجيرها والتمنطق بها .حتى تصبح مؤلوفة لدى المستهدف بالتربية رضى " الأمير " التي هي من رضى الله . والفوز بالخلود في الجنة وتلك هي عاقبة من يتلقون التربية على أيدي مؤدلجي الدين الذين يسعون باستمرار إلى تعميق تلك الأدلجة حتى تؤدي دورها التربوي الرفيع المستوى .
وبذلك تصير تربية الأجيال وإعدادهم للقيام بمختلف العم