حافظ الشيخ صالح

لا توجد من تقاليد عريقة ومتقادمة في نقد الذات في الحركة الإسلامية، ومنها جماعة «الإخوان المسلمين«، فالشورى غير ملزمة، والرأي أو الاجتهاد الآخر خطير ومكروه، وحالات الإقصاء مسترسلة متمادية، والرأي أو الاجتهاد المسيطر هو الذي تراه وحدها العصبة المستولية على الجماعة، وغير بعيد هاهنا أن تكون هذه العصبة ذات تكوين قرابي (أو فئوي) متلاحم شريعته الإقصاء والاستبداد.

حملات الهجوم على الحركة الإسلامية فيها منافع كثيرة وفوائد عظيمة ولكنْ بشرط عدم الذعر والارتباك، بلْ الهدوء إزاءها والاتزان والرويّة، وبشرط أهم هاهنا وأخطر هو الانتفاع من هذه الحملات لتأصيل النقد الذاتي في صفوف الحركة، بل تأسيس هذه التقاليد من الصفر تقريباً، وماعدا حصول هذا الشرط فعواصف وزوابع في قعر الفناجيل، وعزة بالنفس (أو بالإثم) وإنكار ومكابرة، وصراع وتناحر، ورفع للبيارق والأصوات، مع جمود الوضع الداخلي في الحركة، وبقائه على ما هو عليه، بل ربما العناد الذاتي العاتي، والإمعان في هذا العناد، مع الذات ومع الناس، والفرح بهذا العناد، ونفي تقليد النقد الذاتي كالعادة في برميل النفايات.

العناد دون فتح أبواب النقد الذاتي القاسي، والفرح بهذا العناد، ليس هو علامة نصر، ولا هو ألبتة بالنصر، بل هو الهزيمة الذاتية بأكمل شروطها.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO...=165495&Sn=shkh

النقد الذاتي هو بوابة الإصلاح، ولا أمل للحركة أن تنعتق من شرنقة واقعها الضاغط إلا بممارسة ذلك النقد بعيدا عن شماعة (الابتلاء الرباني) التي لا تتعارض في حقيقتها مع: (قل هو من عند أنفسكم)

مارست بعض الأحايين ذلك النقد بشكل محدود، وكنت مضطر لمداراة إخواني بطريقة لم أكن راضيا عنها، ولكن ضرورات المصلحة حتمت علي أن أخوض النقد في هذا السياق، فما لايدرك كله لا يترك كله!


غير أن فتح باب النقد مشرعا ضرورة ملحة ليت قيادات الجماعة وغيرها من الجماعات أن تستوعبها يوما

على أنني أفسر ولا أبرر أسباب إحجام الجماعة عن ممارسة هذا النقد:

1- المتربصون كثر والجماعة تخشى أن يستغل نقدها بطريقة ظالمة في ظل عدم تملكها لوسيلة إعلامية توضح وجهة نظرها كاملة كما تريد.

2- صفها الداخلي لا يحتمل هزات كبيرة بسبب واقع الحصار الرسمي والدولي وبالتالي فيمكن أن تتحول حملات النقد -في نظر بعض المتخوفين- إلى حملات تشهير تصد الجماهير عن معرفة الحقيقة.

3- النقد هو جزء من عملية حوار مستمرة، وما لم تتهيأ المناخات لحوار ديمقراطي يبقى النقد مخاطرة يسهل تصيدها من قبل بعض الشانئين

4- النقد البناء هو النقد الذي يملك البديل، والاستمرار خير من الانقطاع حتى يتهيأ البديل المناسب!!!

5- النقد يقتضي مراعاة السياق والسباق وكافة الظروف المحيطة، لأن الممارسات نسبية، وليس تصرفا مختارا في مرحلة صالحا لكل زمان ومكان، كما لا ينبغي تقويم التاريخ بمقاييس الحاضر!



هذا بعض ما عن ببالي من تفسيرات تحول دون ممارسة ذلك النقد على نطاق واسع

ومع أنني أكرر بأنها تفسيرات لا تبرر الموقف المتشنج والخاطئ من وجهة نظري

غير أنني وحتى لا أظلم إخواني فإنني أزعم بأن جملة من التقويمات الذاتية قامت بها الحركة على امتداد مسيرتها، بعضها منشور في نطاق واسع

أذكر على سبيل المثال منها:

في تقويم الحركة الإسلامية لراشد الغنوشي
هذه تجربتي وهذه شهادتي لسعيد حوى
دعاة لا قضاة لحسن الهضيبي
بيان (ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين) لحسن البنا
الحركة الإسلامية في السودان لحسن الترابي
الحركة الإسلامية (نقد ذاتي) لعبد الله النفيسي
تقويم الأحداث في سورية (إعداد لجنة التقويم بالجماعة)
تقويم التقويم لعدنان سعد الدين
منهج سيد قطب في الميزان ليوسف القرضاوي
مفاهبم جهادية بحاجة للتصحيح ليوسف القرضاوي
المشروع السياسي لسورية المستقبل (إعداد إخوان سورية وفيه ثلاث صفحات في تقويم مسيرة الحركة)


هذا بعض ما أستحضره من كتب نقدية مع إقراري الأولي بأننا بحاجة للمزيد

واسلموا لود واحترام(f)