(أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) (النساء: 4/82).
سؤال يتبادر إلى ذهن كل إنسان سوي ، منصف ، عاقل : ـ
هل يمكن أن تتكرر المصادفة ؟ أو هل يمكن أن يتنوع الإعجاز في أي كتاب ؟؟ أو هل يمكن وضع ترتيب زمني بدقة توافق ترتيب ورود الأيات ؟؟؟ إلخ .
لن أبالغ في التعبير الإنشائي ، وإليكم المضمون :
كلمة " حقت "
تكررت كلمة ( حقت ) خمس مرات في أربع سور من القران:
1 ـ (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) [يونس: 10/33].
2ـ (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ) [يونس: 10/96].
3ـ (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) [النحل: 16/36].
4ـ (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ) [الزمر: 39/71].
5ـ (وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ) [غافر: 40/6].
فسقوا.............. بداية الرحلة هي الفسق ( أنهم لا يؤمنون ).
لا يؤمنون........ بعد الفسق يأتي عدم الإيمان بالله تعالى.
الضلالة.......... ثم يأتي الضلال والضياع.
كَلِمَةُ الْعَذَابِ ... وتبدأ رحلة العذاب.
أَصْحَابُ النَّارِ.... والنتيجة المؤلمة لهذه المراحل هي النار.
وقد وردت بنفس الترتيب التصاعدي ، وربطت بينها موضوعيا كلمة " حقت "
" إن نشأ "
1ـ (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) [الشعراء: 26/4].
2 ـ (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ) [سبأ: 34/9].
3 ـ (وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ) [يس: 36/43].
وجاء فيها التدرج التالي :
من الســـماء ( نُنَزِّلْ )
إلى الأرض ( نَخْسِفْ )
إلى أعماق البحار ( نُغْرِقْهُمْ )
الإحراق من السماء ، الخسف في الأرض ، الإغراق في البحار
كلمة " بحمده "
1ـ (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ) [الرعد: 13/13].
2ـ (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَه ِوَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [الإسراء: 17/44].
3ـ (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً) [الإسراء: 17/52].
4ـ (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً) [الفرقان: 25/58].
في الثلاث الأيات الأولى يبين الله تعالى أن كل شيء يسبح بحمده ، والناس يوم القيامة يستجيبون بحمده ، وفي الرابعة تدعونا للتسبيح بحمده .
كلمة " يسجد "
1 ـ (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) [الرعد : 13/15].
2 ـ (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ والملائكة وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) [النحل : 16/49].
3 ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) [ الحج :22/18].
إذن :
مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ،
مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ والملائكة
مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ
" يا ليتنا "
1ـ (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنعام:6/27].
2ـ(يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) [الأحزاب: 33/66].
مبالغة الكفار بالتمني : إدخال كلمة ( يا ) قبل ليتنا.
التدرج المكاني :
الأولى : الوقوف على النار ( نعوذ بالله منها)
الثانية : وهم فيها.
التدرج الزماني :
الأولى : فقالوا بصيغة الماضي.
الثانية : يقولون بصيغة الحاضر ( الندم مستمر )
" ما يشاءون "
1ـ (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتَّقِينَ) [النحل: 16/31].
2ـ (لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُولاً) [الفرقان: 25/16].
3ـ (لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ) [الزمر: 39/34].
4ـ (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاءُون َعِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ) [الشورى: 42/22].
5ـ (لَهُم مَّا يَشَاءُون َفِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) [ق: 50/35].
الأولى : عن جزاء المتقين .
الثانية : أنهم خالدون ولهم ما يشاؤون، وأنه وعد منه.
الثالثة : أنهم محسنون لأن الإحسان ترتب عن زيادة التقوى.( وأنهم عند ربهم ولهم ما يشاؤون)
}إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }المائدة93
الرابعة : لهم ما يشاءون تأكيد القرب من الله، وأنه فضل من الله.
الخامسة : لهم ما يشاءون والعطاء مفتوح للمزيد .
كلمة " البحار"
1ـ (وَإِذَا الْبِحَار ُسُجِّرَتْ) [التكوير: 81/6].
2ـ (وَإِذَا الْبِحَار ُفُجِّرَتْ) [الانفطار: 82/3].
البحار ستشتعل ثم تتفجر، تتحول إلى نار ثم تتفجر ، مثل انفجارات البراكين ، واسطوانات الغاز وغيرها.
، وهو ما يبينه الترتيب الزمني
كلمة " ترجف "
1ـ (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً) [المزمل: 73/14].
2ـ (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) [النازعات: 79/6].
الأولى عن يوم اهتزاز الأرض ( يوم القيامة )
الثانية : عن اهتزاز ( ارتجاف ) الأرض المهتزة أصلا ( الراجفة )
" السراج المنير"
1ـ (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً) [الفرقان: 25/61].
2ـ (وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً) [الأحزاب: 33/46].
الأولى : تتحدث عن الشمس والقمر المنير.
الثانية : تتحدث عن الرسول:hony: ( صلى الله عليه وسلم ) .
أي أن الرسول للبشر ( كالشمس والقمر ) .
يتبع ،
المصدر :
التناسق البياني لكلمات القرآن الكريم.
بقلم المهندس / عبد الدائم الكحيل
http://www.nadyelfikr.net/post.php?action=...fid=5&tid=41295
ـــــــــــ
(قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء: 17/88).