حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/showthread.php 28 require_once
Warning [2] Undefined variable $jumpsel - Line: 5 - File: inc/functions.php(3442) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions.php(3442) : eval()'d code 5 errorHandler->error_callback
/inc/functions.php 3442 eval
/showthread.php 673 build_forum_jump
Warning [2] Trying to access array offset on value of type null - Line: 5 - File: inc/functions.php(3442) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions.php(3442) : eval()'d code 5 errorHandler->error_callback
/inc/functions.php 3442 eval
/showthread.php 673 build_forum_jump
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$forumjump_select - Line: 5 - File: inc/functions.php(3442) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions.php(3442) : eval()'d code 5 errorHandler->error_callback
/inc/functions.php 3442 eval
/showthread.php 673 build_forum_jump
Warning [2] Undefined variable $avatar_width_height - Line: 2 - File: inc/functions_post.php(344) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions_post.php(344) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/inc/functions_post.php 344 eval
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "tyl_unumrcvtyls" - Line: 601 - File: inc/plugins/thankyoulike.php PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/plugins/thankyoulike.php 601 errorHandler->error_callback
/inc/class_plugins.php 142 thankyoulike_postbit
/inc/functions_post.php 898 pluginSystem->run_hooks
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "tyl_unumptyls" - Line: 601 - File: inc/plugins/thankyoulike.php PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/plugins/thankyoulike.php 601 errorHandler->error_callback
/inc/class_plugins.php 142 thankyoulike_postbit
/inc/functions_post.php 898 pluginSystem->run_hooks
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "tyl_unumtyls" - Line: 602 - File: inc/plugins/thankyoulike.php PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/plugins/thankyoulike.php 602 errorHandler->error_callback
/inc/class_plugins.php 142 thankyoulike_postbit
/inc/functions_post.php 898 pluginSystem->run_hooks
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined array key "posttime" - Line: 33 - File: inc/functions_post.php(947) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/inc/functions_post.php(947) : eval()'d code 33 errorHandler->error_callback
/inc/functions_post.php 947 eval
/showthread.php 1121 build_postbit
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval
Warning [2] Undefined variable $lastposttime - Line: 9 - File: showthread.php(1224) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/showthread.php(1224) : eval()'d code 9 errorHandler->error_callback
/showthread.php 1224 eval





{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
توظيف الطائفية في خدمة ملك آل سعود
الكندي غير متصل
ليس التلاسن مع الرعاع فكر ولا حرية
*****

المشاركات: 1,739
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #1
توظيف الطائفية في خدمة ملك آل سعود
نقلت هذا الموصوع الى منتدى الأثير رحمه الله منذ سنوات، ثم أعدت نقله الى منتدى العاصفة في بداية هذه السنة حيث لقي بعض النقاش. غير أن مادة الموضوع تتجدد اليوم في ضوء إشاعات عن نية السعودية إعادة توظيف جيشها الديني في حرب طائفية على شعبية حزب الله الشيعي.

--
الدين والدولة في المملكة العربية السعودية
السياسة الدينية: عقد الطائفية

بقلم : محمد فؤاد

http://www.gulfissues.net/mpage/gulfarticl...article0038.htm

هل ثمة سياسة دينية واحدة في السعودية أم سياستان..واحدة تضعها الحكومة واخرى تمليها المؤسسة الدينية الرسمية، وهل هناك أغراض محددة يراد تحقيقها من وراء السياسة الدينية إن وجدت؟

هذا السؤال يثار ويكتسب غالباً أهميته حين تدهم أسماعنا انباء عن تورط علماء دين كبار في فتاوى تمثل دعوة شبه صريحة الى حرب اهلية، وهكذا طبع وترويج كتب تحريمية تنال من شرائح كبيرة من المواطنين وتوصمهم بالكفر بما يتبطن حكماً بالقتل، ثم تتجشم مؤسسات تابعة للدولة سواء داخلية مثل هيئة الامر بالمعروف او الدفاع المدني او هيئة الاغاثة أو خارجية مثل منظمات دعوية عابرة للقارات عبء ترويجها في مناطق محددة، وتندرج ضمن الدعاية الدينية المضادة التي تقوم بها المؤسسة الدينية ضد المذاهب الدينية الاخرى السنية والشيعية على حد سواء.

السؤال الافتتاحي يتكرر طرحه ايضاً حين تفاجئنا نشرات الاخبار عن اكتشاف شبكات ارهابية ينتمي اعضاءؤها الى مذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، بل ويزداد الالحاح على السؤال حين يظهر فيما بعد أن أعضاء هذه الشبكات خدموا وعملوا في مشاريع دعوية وسياسية تحت رعاية الحكومة. فالمشروع الجهادي الافغاني الذي تدشن وتموّل من الحكومة السعودية وبدعم وادارة المخابرات المركزية الاميركية إلتحق به اسامة بن لادن وتقريباً كل المجاهدين السعوديين فضلاً عن العرب الذين تحوّلوا فيما بعد الى الرأسمال البشري لتنظيم القاعدة، وهذا ما اضطر الامير تركي الفيصل (رئيس الاستخبارات العامة السابق) لكتابة مقال تبريري في الواشنطن بوست لنفي أي علاقة له بموضوع الارهاب واحداث الحادي عشر من سبتمبر. ويتواصل طرح السؤال في الشيشان ودور المجاهدين السعوديين المترمّزين في الشخصية الاسطورية لخطاب.

وفي الواقع ظل السؤال يحقق مشروعية وأهمية امام كل المشاريع الدعوية التي ترعاها المؤسسة الدينية الرسمية في المملكة أو حتى يموّلها اثرياء سعوديون او مؤسسات سعودية تجارية او خيرية. فهذه المشاريع اجتذبت مجاميع شبابية في أوروبا واميركا وخصوصاً من الجاليات المسلمة، واستطاعت عبر مناشط دعوية مكثفة ان تزرع مفاهيم دينية خاصة وايديولوجية كونية محددة ألهمت هذه المجاميع برؤية صارمة لذاتها، ولمن حولها ولسبل استبدال الواقع المحلي واستطراداً ارساء معالم حركة انقاذ كونية تستلهم من التعاليم الدينية للشيخ محمد بن عبد الوهاب حول براثن الجاهلية، والممارسات البدعية، وانغماس العالم في الشرك وضرورة التوحد حول مبدأ عبادة الله وحده وازالة مظاهر الشرك ونشر الدعوة في الآفاق.

وكمدخل للاجابة عن السؤال المركزي لابد من اضاءة سريعة للتحول الشديد في علاقة الدين بالدولة السعودية في مرحلة ما بعد قيام الدولة.

في العام 1930 نجحت حملات ابن سعود ضد الاخوان في ارساء الاسلام الوهابي كدين للدولة. وقد عنى ذلك بأن العلماء الكبار المنضوين داخل مؤسسة الدولة سيضطلعون بالسلطة الدينية، وهكذا فإن المواقف الدينية التفويضية ستتم من خلال هؤلاء العلماء وليس من قبل علماء منافسين خارج مؤسسة الحكم. كما عنى قرار ابن سعود بأنه ليس بامكان كبار العلماء العمل بصورة مستقلة وانما عن طريق اطارات تدار من قبل الدولة ومؤسسات تمولها. وأكثر من ذلك فإن مصلحة الدولة، كما يعرّفها كل من الملك والحكومة، ستكون لها أولوية فوق المصالح الاسلامية. وهكذا، فإن الاسلام الوهابي سيبقى نظاماً اخلاقياً وقوة توحيدية ومحركاً ايديولوجياً للمجتمع وحصراً في نجد، ولكن بالتطابق مع مصالح الدولة وشرعنة الحكم الملكي السعودي.

فالنظام السعودي قد طبّق لتحقيق هذا الغرض مبادىء عدة من الاسلام مختلطة بممارسات ومؤسسات الدولة: فقد عملت الشريعة كمصدر رئيسي للقانون وكدستور. فالمنظومة الحكمية الوهابية لادارة السلوك العام، والتعليم، والحياة الفكرية قد جرى تشكيلها من خلال محاضرات ومواعظ العلماء. على أنه يجب التذكير بأن ليس في العقيدة الوهابية ما يشير الى مبادىء سياسية او قوانين لادارة الحكم. فالنظام السياسي تطور بناء على مصالح الدولة.، حيث ان العائلة المالكة، ووزراء الحكومة، والنخبة التجارية والحكام المحليين يعملون بصورة مشتركة لادارة النظام.

في العام 1929-1930 تعرضت المجموعات القبلية التابعة للاخوان لهزيمة ساحقة وتبعاً لها سقط ايضاً نموذج الاسلام الذي كانت هذه المجموعات تحمله، مع أن بذور السخط بدأت بالتكاثر في مراكز نشأة الاخوان وقلب الوهابية التي عارضت في داخلها تلك السيطرة السعودية غير الكفوءة مفضلين نظاماً مختلفاً، تكون فيه أهداف الاسلام حاكمة ومهيمنة على مصالح الدولة.

فالسلطة الدينية رغم المساعي المكثقة لابقائها ضمن احتكار الدولة وفي يد علماء كبار يعملون من خلال مؤسسة الحكم، الا أن ثمة علماء آخرين كانوا ومازالوا يخرقون جدار الاحتكار ويقدمون اجتهادات مخالفة أحياناً لتفسيرات علماء المؤسسة الدينية الرسمية ولسياسات الدولة.

وعلى أية حال، فإن التوجه الديني للدولة السعودية لم يكن قابلاً للاحتفاظ بوتيرته التقليدية في ظل تحولات اقتصادية واجتماعية كبيرة. فتحولها الى دولة منظمة في الثلاثنيات واتجاهها نحو التنمية الاقتصادية والحكم المركزي أملى عليها تنظيم شبكة من الروابط الداخلية بين الحاكم والطبقات الدنيا وهكذا تنشئة علماء كبار مؤهلين لدعم واسناد التوجهات السياسية للدولة السعودية الناشئة.

اصرار القيادة السعودية على استيفاء النصاب الديني لسلطتها السياسية فرض عليها الانفراز بصورة حادة ضمن الطيف السياسي العام السائد في الشرق الاوسط، كما فرض عليها استعمال السلاح الديني بافراط شديد لحفظ تماسكها الداخلي ودرء الاخطار الخارجية. واذا كان أهداف الدين خاضعة لتبدلات سياسية، فقد أسفرت الاهداف السياسية المتبدّلة عن تبني القيادة السعودية لسياسات دينية مختلفة، طبقاً للقوى المنافسة وطبيعة التحديات التي تفرضها على الحكومة السعودية في كل مرحلة.

لقد كرّست القيادة السعودية جهودها من اجل ادخال الدين كعنصر رئيسي في النزاع السياسي مع خصومها المحليين والخارجيين، الامر الذي يمنح القيادة السعودية جرعة اضافية في مواجهة خصومها. كتب فاسيليف "ان تعمق المشاعر الدينية في الاقطار الاسلامية يضفي صبغة اسلامية على الكثير من النزاعات الاجتماعية والسياسية الجارية فيها ولذلك تزداد في العالم الاسلامي أهمية العربية السعودية بادية الحرمين"[1].

ـ "موت أميرة" و"آيات شيطانية": نموذج لاختبار العامل الديني

في تاريخ 9أبريل سنة 1980م عرضت محطة تلفزيون بريطانية مستقلة فيلماً بعنوان (موت أميرة) يصوّر قصة حب بين اميرة سعودية تدعى مشاعل وشاب لبناني كانا يدرسان في الجامعة الاميركية ببيروت، وبعد أن اكتشفت الاسرة الحاكمة قصة الحب هذه نفذت حكم الاعدام بالاميرة وذلك في صيف عام 1977م. علاوة على ذلك عكس الفيلم اوضاع الحياة داخل قصور بعض الامراء السعودييين، وقامت بعض دور السينما في اوربا بعرض الفيلم في اوربا لفترة قصيرة للغاية وجاء رد الفعل السعودي سريعاً وغاضباً. فقد اعتبر القيادة السعودية ذلك حرباً على الاسلام وحملّت المسلمين قاطبة مسئولية الدفاع عن الاسلام. ففي مقابلة لوزير الداخلية السعودي نايف بن عبدالعزيز مع جريدة عكاظ في تاريخ 15/4/1980م قال نايف:"انه مقابل هذا العمل العدواني ضد الاسلام والمسلمين يجب ان يقابل بعمل مماثل يدحره والمسئولية هنا على الجميع فالأمر لايخص المملكة العربية السعودية وحدها ولايخص حكومتها بل يخص المسلمين جميعاً "

كما جرت لقاءات مكثفة مع سفراء السعودية في الدول الاوربية حول القضية وأدلوا بتصريحات مماثلة لتصريحات الامير نايف، فيما عقد مجلس الوزراء في 23/4/1980م ناقش فيه العلاقات السعودية ــ البريطانية بعد عرض الفيلم.

من جهة ثانية، نددت رابطة العالم الاسلامي بالفيلم على لسان أعضائها الذين اعتبروا ذلك تشويهاً للاسلام "ومخطط واسع النطاق يستهدف الاسلام والأمة العربية "[2]، كما صرح امين الرابطة لوكالة الانباء السعودية بتاريخ 13/4/1980م "ان الاسلوب الذي تمارسه هذه الاجهزة التي تسيطر عليها القوى الصليبية والصهيونية العالمية ضد المسلمين ومعتقداتهم هو اسلوب دعائي "وهذا ما كرره مسؤولون في الحكومة السعودية في وسائل الأعلام. وانبرت الصحف السعودية لشن حملة دفاعية واسعة النطاق فجاءت عناوينها على النحو التالي: الجزيرة( قادرون على ردع الاعداء) و( حرب الصحوة الاسلامية)، عكاظ( الحملة الاعلامية الغربية)، البلاد( الحملات المغرضة) المدينة( المسلمون لن يسكتوا على المكائد) الندوة( الحملات المسمومة ضد الاسلام) اما بيان مجلس القضاء الاعلى السعودي فقد نعت الفبلم بـ "الفيلم الكافر "وشنت الحكومة السعودية حملة اعلامية ضد الدول الغربية التي عرضت فيها الفيلم مثل هولندا وامريكا وهكذا الدول العربية التي شارك بعض حملتها في هذا الفيلم وخاصة مصر، واتهمت الحكومة السعودية كلا من الصهيونية والصليبية والشيوعية كلها واعتبر ذلك اتفاقاً لضرب الاسلام بعرض الفيلم، وقد طالبت الصحافة السعودية برد حاسم وعنيف ضد الغرب وعلى حد قول صحيفة الانباء الكويتية انه "حث الصحفيون السعوديون اليوم على الرد بعنف باستخدام كافة الاسلحة التي تمتلكها المملكة وفي مقدمتها الحرب الاقتصادية "[3]، فيما حركت الحكومة السعودية السفراء العرب في لندن لتوحيد الموقف ضد بريطانيا والضغط عليها للحيلولة دون عرض الفيلم، بل وطالبت الحكومة السعودية بمقاضاة التلفزيون البريطاني.

وكانت نتيجة عرض الفيلم أن قاطعت الحكومة السعودية البضائع البريطانية ووصلت العلاقات بين البلدين الى حد القطيعة كما توترت علاقات السعودية ببعض الدول الغربية التي سمحت بعرض الفيلم لفترة طويلة.

وبعد أقل من عقد من الزمن شهد التوجه الديني السعودي تحدياً آخر ولكنه هذه المرة لا يتصل بسمعة العائلة او أحد أفرادها وانما يتصل بنبي الاسلام. وهذا التحدي تمثل في صدور كتاب "الآيات الشيطانية" لمؤلفه سلمان رشدي المؤلف البريطاني من اصل هندي وقد صدر هذا الكتاب عن دار النشر البريطانية (فايكنج بنجوين )في 5/9/1988م، تطاول فيه في مواضع عدة على نبي الاسلام محمد( ص) ونبي الله ابراهيم( ع) وبعض صحابة رسول الله وزوجاته.

لم يمض وقت طويل على صدور "الآيات الشيطانية "وقبل أن يجد طريقه الى الاسواق حتى انفجرت موجة غضب عارمة في مناطق عديدة من العالم لاسلامي. وفي يوم 14فبراير عام 1989م اصدر مرشد الثورة الاسلامية في ايران آية الله السيد الخميني فتوى تدعو الى اهدار دم المؤلف بما نصه: "إنني أبلغ جميع المسلمين في العالم بأن مؤلف الكتاب المعنون “الآيات الشيطانية "الذي ألف وطبع ونشر ضد الاسلام والنبي والقرآن، وكذلك ناشري الكتاب الواعين بمحتوياته، قد حكّموا بالمـوت، وعلى جميع المسلمين تنفيذ ذلك أينما وجدوهم، كي لايجرؤ أحد بعد ذلك على إهانة الاسلام ومن يقتل بهذه الطريقة فهو شهيد "

ومن جهة ثانية بثت اذاعة طهران رسالة وجهها السيد الخميني الى مسلمي العالم جاء فيها "إنني أطلب من جميع المسلمين في العالم تنفيذ الاعدام سريعاً في الكاتب والناشرين في أي مكان في العالم لئلا يجرؤا أحد في المستقبل على الاسائة الى الاسلام "

وفور صدور الرسالة انفجرت المظاهرات الشعبية التي عمت اغلب المدن الايرانية تندد بالكتاب والكاتب كما اعتصمت جموع غفيرة أمام مبنى السفارة البريطانية في طهران فيما دعى وزير الخارجية الايراني في 15/فبراير الى عقد اجتماع طارئ لمنظمة المؤتمر الاسلامي لمناقشة قضية الكتاب.

من جانب آخر خصص حسن صانعي احد العلماء البارزين في ايران مكافأة مقدارها 3 ملايين دولار لكل من ينفذ حكم الاعدام في المرتد سلمان رشدي، وكان من بين القرارات التي اتخذتها القيادة الايرانية تجميد علاقاتها مع الدول الاوروبية التي سمحت بنشر الكتاب، وقد كلفها ذلك حسب ما ذكره احد المقربين من الحكومة ــ مليارين دولار انفقتها ايران في وقت سابق لترميم علاقاتها باوربا. وفي السابع من مارس من نفس العام قطعت ايران علاقاتها مع بريطانيا ثم تابعت بقطع العلاقات مع دول أوروبا.

وما حصل في ايران تكرر في ساحات اخرى من بلاد المسلمين التي هبت لما يمكن وصفه بالدفاع عن كرامتها ومقدساتها فقد عمت المظاهرات الباكستان و الهند وبنكلادش وماليزيا واندونيسيا.وقد خرج المسلمون الهنود في مظاهرة احتجاجية في بومباي مسقط رأس سلمان رشدي رغم انتشار اكثر من 5 الآف شرطي مسلح فيما اعلن حزب المؤتمر الاسلامي في سريلانكا عن تأييده لفتوى السيد الخميني وأعلن مؤكداً: "ان قتله و اهدار دمه ليس موضع شك"

وفي هونج خرج المسلمون في 26 فبراير طالبوا بريطانيا بحظر نشر الكتاب الذي وصفوه بأنه اعتداء شيطاني على الاسلام..كما خرج اكثر من عشرة الاف مسلم امريكي في مظاهرة في نفس اليوم أمام مكاتب دار "فايكنج بنجوين "الناشر الاصلي للكتاب وامام القنصلية البريطانية واحرقوا دمى لرشدي وطالبوا باعدامه وحظر كتابه كما طالب المسلمون في منطقة البحر الكاريبي بحظر الكتاب لما يحتوي على اساءات مقصودة لمشاعر المسلميين، وتظاهر 20 الف مسلم في مدينة مارواوي بجنوب الفلبين وهددوا بشن حرب جهادية مالم تحظر الرئيسة كورازون أكينو دخول رواية رشدي الى الفلبيين .

وفي 19 مارس عقد 60 عالماً من مختلف مناطق ماليزيا، اعضاء في رابطة العلماء المسلمين اجتماعاً بخصوص كتاب رشدي واعلنت على لسان رئيسها ان الكتاب يشكل أهانة للمسلمين ولايمكن تجاهله باعتباره مجرد خيال قصصي، كما ايدت الرابطة فتوى اهدار دم المؤلف.

ولاننسى ما جرى في بريطانيا التي شهدت عاصمتها( لندن) مظاهرة عارمة نظمها المسلمون عبروا فيها عن مطالب المسلميين في العالم باحراق الكتاب واعدام المؤلف والناشرين حيث بلغ عدد المتظاهرين قرابة ربع مليون مسلم بعد النداء الذي وجهه العلماء المسلمين في بريطانيا...

على الضد من النشاط الاحتجاجي العارم في أرجاء عديد من العالم، التزمت الحكومة السعودية موقفاً فاتراً وربما صامتاً .وحينما خرجت الحكومة السعودية من صمتها كان خروجها على استحياء مثير للغرابة، فقد اكتفت بتكليف رابطة العالم الاسلامي للاعلان عن موقفها بشأن كتاب رشدي فأصدرت الرابطة بياناً وقعه امينها العام د.حامد العابد طالب الناشرين "بعدم المساهمة في ترويج الكتاب "[4] فيما ذكر الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي التي تتخذ من جدة مقراً لها "إن المنظمة لايمكنها ان تنتقد قراراً سياسياً اتخذه احد اعضائها "مشيراً في ذلك الى ايران لأن قائدها اصدر فتوى دعى فيها الى اهدار دم الكاتب حتى لايجرؤ احد في المستقبل على الاهانة للاسلام.

وحتى ادراج موضوع الكتاب في اجتماع وزراء خارجية الدول الاسلامية الذي انعقد في السعودية في شهر مارس 1989م انما تم بناء على طلب الجمهورية الاسلامية الايرانية كعضو في المنظمة وجاء الخبر بطريقة باهتة فقد ذكرت وكالة الانباء الاسلامية في جدة في (8/3/1989) "انه تم ادراج الجدل المثار حول المؤلف البريطاني سلمان رشدي وكتابه "أشعار شيطانية "رسمياً في جدول اعمال اجتماع وزراء خارجية الدول الاسلامية "وابلغ الدكتور احمد العابد السكرتير العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي[5] ولم يذكرها بالاسم وكان يشير في ذلك الى ايران.

ولم يتجاوز الموقف السعودي حد الاستنكار الاعلامي والذي لايكشف عن موقف سياسي رسمي فضلاً عن اجراءات معينة اعقبت هذا الاستنكار، بل ان الصحيفة السعودية (الشرق الاوسط) الصادرة في لندن بتاريخ 23/2/1989م ذهبت بعيداً في موقفها من كتاب (سلمان رشدي) فاضافة الى ادانة الصحيفة لفتوى اهدار دم المؤلف، فقد دعت الى ايقاف احتجاجات المسلمين في العالم ضد كتاب رشدي مشيدة بدور ما ٍأسمته بالتيار المتزن الذي رفض مظاهر الغضب والاحتجاج في اوساط العالم الاسلامي بحجة ان هذا التيار "تنبه لخطر استغلال اعداء الاسلام هذه الضجة للترويج لأفكارهم وممارساتهم العنصرية "

اذن فالحكومة السعودية لم تتعامل مع حدث "الآيات الشيطانية "بالطريقة التي تعاملت بها مع "موت اميرة " فلم يصنّف الكتاب ضمن هجمة صليبية صهيونية على الاسلام، ولم يدع المسلمون الى تحمّل مسئوليتهم الشرعية في الدفاع عن الاسلام، ولم يناقش موضوع العلاقات السعودية ــ البريطانية، ولم يتحرك السفراء العرب في اوربا للضغط على الحكومات الغربية بعدم نشر الكتاب، ولم تقطع تعاملها التجاري مع بريطانيا، ولم تجمد علاقاتها معها.

ثمة في تاريخ السعودية قصص كثيرة وقعت بشأن كتب اسلامية تعامل معها الحكام السعوديون بصورة حازمة وصارمة. ففي عام 1955م اصدر سليمان بن عبيد قاضي آل سعود في الظهران بالمنطقة الشرقية أمراً باحراق كتاب ( دعائم الاسلام ) وهو كتاب فقهي، كما أحرق كتاب( ابو الشهداء) لعباس محمود العقاد بعد مصادرة الكتاب الذي تناول فيه العقاد قصة شهادة الحسين بن علي، كما أصدر المفتي السعودية الشيخ محمد بن ابراهيم حكماً بالاعدام على مؤلف كتاب( ابو طالب مؤمن قريش) الشيخ عبدالله الخنيزي الذي اعتمد في كتابه على مصادر عامة المسلمين اثبت فيه إيمان ابي طالب مما اثار ذلك الحكومة السعودية التي ترى خلاف ذلك فقررت اعدام الكاتب ولولا توسط الحكومة الايرانية ــ في عهد الشاه ــ الذي حال دون تنفيذ الحكم.

ونشير هنا الى أنه بعد صدور كتاب رشدي بفترة قصيرة، أخرج الغرب فيلماً سينمائياً بعنوان (عشتار) وتم تصوير مشاهد الفيلم في ارض المغرب، كلفت نفقاته 40 مليون دولار غطتها هوليود الاميركية، وهذا الفيلم لا يقل حقداً واساءةً وقدحاً وتعريضاً من "الآيات الشيطانية "..فقد عمد مخرج الفيلم اليهودي الى تشويه صورة الاسلام والنيل من معتقدات المسلمين . وهنا ايضاً تتكرر نفس التساؤلات السابقة حول رد الفعل السعودي.

ان عقد المقارنة بين "موت أميرة" و"آيات شيطانية" تفيد في توكيد النزوع المتعاظم نحو ابقاء الدين ضمن حدود المصالح السياسية، ولا شأن لها بالروح الخفية للدين، فالقيادة السعودية شأنها في ذلك شأن أغلب دول العالم تسعى لتحقيق أكبر قدر من الفائدة من المخزون الطبيعي والديني والتاريخي لتعزيز شرعيتها السياسية وآهليتها للحكم لا أقل أمام شعبها.

وقد تجدر الاشارة هنا الى دور موقع الحرمين الشريفين في اضفاء صبغة دينية على سلوك الحكومة السعودية، وصورتها العامة وقراراتها السياسية. فحتى وقت قريب، كانت الحظوة التي تتمع بها شبه الجزيرة العربية باحتضانها الحرمين الشريفين قد نحلها طابعاً قدسياً وأضفى على شعبها وحكومتها مسحة دينية مميزة أمدّت القيادة السعودية بقدرة على تحشيد الرأي العام الاسلامي في قضايا سياسية محضة، وهكذا يبدو ايضاً للمسلم في المناطق البعيدة. ينقل فهمي هويدي في كتابه (حدث في افغانستان) قصته مع بعض المسلمين الافغان ويقول "يسألك الافغاني قبل ان ترفع الكوب الزجاجي الى فمك:من السعودية ؟..الخ "ويعلق هويدي على ذلك بالقول "يثير انتباهك هذا التعلق الغريب بالاراضي المقدسة عند الافغان"[6]. وهذا التعلق بلا ريب يغري القيادة السياسية السعودية لكسب المزيد من الاصطفاف الاسلامي خارج الحدود في نزاعاتها مع قوى منافسة خارجية او معارضة داخلية.

وقصة اخرى من افريقيا ذكرها السيد احمد حسين احمد دحلان فيقول "ولقد مرّت عليّ أنا شخصياً تجارب اكدت لي عمق هذا الشعور وذلك في زيارتي لبعض الدول الاسلامية في افريقيا وآسيا عندما اتجول مع بعض زملائي الرسميين من دول اسلامية اخرى في الشارع نحتك بالمواطنين، فألقى من الاهتمام اكثر مما يلقاه زميلي الرسمي المسلم من دول اخرى حتى ولو كان اكثر ارتباطاً بهم.وهو اهتمام لا صلة له بمنصبي الرسمي مطلقاً.وسببه الوحيد هو:أنني قادم من المملكة العربية السعودية، ثم يبلغ ذلك الاهتمام قمة الحب وعمق التعبير عندما يتضح لهم أني من مكة قبلة الاسلام"[7].

لقد جرى تثمير المشاعر الدينية العميقة لدى سكان هذه المناطق في بناء مخيالية دينية عن المملكة تغذت على الشعارات الدينية معضوداً بعنصر المال الذي ساهم في توهج الصورة الدينية السعودية. فتأكيد البعد الاسلامي للسياسة السعودية يمثل ضمانة أكيدة للاستقرار الداخلي وللتفوق العنصري بحيث يخرج العائلة المالكة من المعادلة القبلية المتشابكة ويضعها في مرتبة تسمو على الانتماءات القبلية أي في مرتبة تمثيل الدين الذي جاء لمحو القبيلة بداخله، مع التذكير بافتقار العائلة المالكة الى الامتياز النسبي الذي يتمتع به الاشراف في الحجاز مثلاً. ولذلك بات ضرورياً الرجوع وبصورة دائمة الى الاسلام بوصفه "سلاحاً جوهرياً في سبيل ارساء قاعدة شعبية واسعة تتخطى اطار القبيلة.." وعلى الضد من الحكومة السعودية "كانت سلطة الهاشميين تقوم على الانساب الدينية، اذ كان اشراف مكة يستمدون شرعيتهم من كونهم من أعقاب النبي "[8].

ويرى وليام كوانت بأنه "مهمٌ جداً بالنسبة للسعوديين ان يظهروا تبنيهم للقضايا الاسلامية مثل معارضتهم لسيادة "اسرائيل" على القدس، والغزو السوفيتي لافغانستان" لأن ذلك يمثل جانباً مهماً في مصداقية وشرعية الحكومة السعودية. ويضيف كوانت "ان البعد الاسلامي للسياسة السعودية الخارجية قد تعزز ببروز تحدي الثورة الاسلامية في ايران المجاورة"[9]، خاصة وأن الثورة كانت داعية لتضارب الاسلام والملكية التي أطاحت بها.

الخطاب الديني القادم على ناقلة الدولة تحوّل الى قوة جذب فاعلة امتد بتأثيراته خارج الحدود. فقد سحر هذا الخطاب علماء كبار كالشيخ محمد رشيد رضا. يقول عنه البرت حوراني "كان صوفياً تأثر بأفكار الغزالي ثم ما لبث أن شعر باخطار الصوفية من خلال تجاربهم..كانت هذه الخبرة احد العوامل التي حملته في السنوات اللاحقة على التقرب من تعاليم ابن تيمية ومسالك الوهابيين، بالرغم من انه عندما كتب سيرة حياته لم يكن قد تعرف بعد الى ابن تيمية الاّ من خلال كتابات اخصامه ولم يكن عرف شيئاً عن الوهابيين سوى رفض السنة لهم وبعض الاساطير عنهم كالتي تروى انهم كانوا يربطون خيولهم في جامع النبي "[10].

لقد خضع رشيد رضا تحت تأثير الخطاب الديني الوهابي فبدأ بتفسير مذهب السنة تفسيراً حنبلياً وبالغ في ابن سعود حتى رأى فيه “أفضل ـ او يكاد يكون ـ من حافظ على المبادئ الجوهرية للسنة ودافع عنها بعد الخلفاء الأربعة الأولين "[11].

وليس هناك ما يدعو للغرابة، فظهور حركة احيائية دعوية تناضل من اجل العودة بالاسلام الى شكله الطهراني في ظل انهمار سيل التغريب، وبخاصة في مناطق المواجهة وتحديداً في مصر وبلاد الشام وشمال افريقيا لا بد أن يعيد جزءا من الأمل المفقود منذ ترسخت أقدام المستعمر في أرجاء المشرق.

وبمعزل عن الآثار المدمرة التي تركتها سلسلة الغارات الدموية التي شنها جيش ابن سعود على مناطق الحجاز وعسير والاحساء، فثمة أمل أوجدته الحركة الاحيائية الوهابية بعودة الاسلام الى صورته الرساليه الاولى، فالخطاب الديني الاحيائي في الجزيرة العربية قد ترك بلا ريب تأثيراته على حركات التحرر الوطني في تونس والسودان وحتى شبه القارة الهندية.

تقابل تلك الصورة، حقيقة ان الخطاب الاحيائي الديني كان يفتقر الى مضامين نضالية تتجاوز مستوى التأثير الروحي. وهذا يبدو واضحاً من خلال المقارنة بين تأثيرات هذا الخطاب على السكان المحليين ومن هم خارج الحدود. كما يبدو ايضاً واضحاً من خلال اضطلاع المؤسسات الدينية الرسمية بمهمام محددة لا ترتقي الى مستوى صناعة خط احيائي نضالي.

وعودة الى السؤال المركزي حول السياسة الدينية السعودية، قد يجادل الباحث بأن ثمة تبدلات شهدتها هذه السياسة بحسب طبيعة التحديات التي واجهتها الحكومة السعودية، وسنحاول هنا تسليط الضوء على ثلاث مراحل مرت بها السياسة الدينية السعودية:

المرحلة الاولى: الادلجة الدينية المناوئة للقومية:

امتاز الخطاب الديني السعودي منذ منتصف الخمسينيات وحتى آواخر السبعينيات بأنه ايديولوجي، وقدّم الاسلام باعتباره ايديولوجية مناوئة للقومية العربية الممثلة في رمزها التاريخي جمال عبد الناصر. فالاخير شكّل ليس تحدّياً سياسياً فحسب للحكم السعودي بل برز كأيديولوجية احتجاجية على نموذج من الاسلام وصف باعتباره اسلاماً اميركياً في مقابل ايديولوجية تحررية من الاستبعاد والرجعية والملكية والاستعمار. فكان رد الفعل السعودي شاملاً لم يقتصر على تهديم الايديولوجية القومية بل طال نظام عبد الناصر والانظمة القومية المتصلة والمتعاونة معه كما في سوريا واليمن. فليس ثمة تردد في الاعتقاد بأن الدين مثّل بالنسبة للحكومة السعودية منذ نشأتها سلاحاً استعملته في وجه خصومها، ففي مواجهة المد الناصري والفكر الشيوعي لجأت السعودية بدعم من الادارة الاميركية الى اطلاق موجة اسلامية واسعة.

لقد تركت المجابهة الدينية ـ القومية بين القيادة السعودية والزعيم عبد الناصر انعكاساتها الواضحة والمباشرة على الداخل السعودي. وكان استعمال الدين كسلاح ايديولوجي لمواجهة الايديولوجيات المناوئة وتحديداً القومية والشيوعية تطلب مخصصات مالية ضخمة لبناء ما يمكن وصفه بترسانة دينية ضخمة تجبه تأثيرات الايديولوجيات المناوئة على السكان المحليين وتسهم في صناعة وترسيخ الصورة الدينية للدولة السعودية.

فالمؤسسات الاسلامية التي خرجت للوجود منذ منتصف القرن الماضي، كانت تلبي أغراضاً سياسية محددة للسلطة السعودية وجاءت كرد فعل على المشروع القومي العربي الوحدوي. فقد طرحت الحكومة السعودية فكرة رابطة العالم الاسلامي في موسم حج عام 1374هـ ـ 1955م في اجتماع ضم الرئيس الباكستاني غلام محمد والرئيس المصري جمال عبدالناصر والملك سعود واتفق الثلاثة على انشاء رابطة اسلامية الاّ أن عبدالناصر أدرك الغرض السعودي من انشاء الرابطة فقرر الانسحاب وأرجع سبب ذلك الى غياب آلية محددة لتطبيق فكرة الرابطة، فيما تحركت السعودية والباكستان لاقناع اطراف اخرى للانظمام للرابطة وبالفعل انضمت عدد من الدول العربية والاسلامية منها (ايران وتركيا، والمغرب وتونس ونيجريا والنيجر..)وتحققت فكرة الرابطة، وأصبح المقر الدائم لها في مكة المكرمة وصدرت مجلة شهرية باسم الرابطة وجريدة اسبوعية تحت اسم (اخبار العالم الاسلامي)كما قامت الرابطة بتوزيع كميات كبيرة من المطبوعات الدينية، وتموّل الحكومة السعودية القسم الاكبر من نشاطات الرابطة، وهذا بدوره قد رهنها لنفوذ وتأثير الضغوط الرسمية على قرارات وخطط ومشاريع الرابطة. وينسحب الحال الى فكرة انشاء منظمة المؤتمر الاسلامي وهو ما حاول الملك فيصل الترويج لها باعتبارها بديلاً عن أي مشروع قومي. ففي موسم الحج لعام 1384هـ ـ 1964م ألقى فيصل خطاباً عرض فيه فكرة المؤتمر مشدداً على المساعي الوحدوية لحكومته في رص الصف الاسلامي.

في موازاة هذه المؤسسات جرى اشراك كبار العلماء في الحملة الدينية المناوئة للقومية الناصرية، فقد كتب الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي المملكة السابق كتاباً نقد فيه القومية العربية ونظام الرئيس عبد الناصر كما عارض على قاعدة دينية استعانته بالقوات الروسية لمواجهة التحديات الاسرائيلية والاميركية، بناء على حرمة الاستعانة بالكفار والمشركين. وعلى أية حال، فقد قلل الشيخ بن باز من معارضته للاستعانة بالقوات الكافرة والمشركة من قبل المسلمين حين أصدر فتوى في عام 1991 تجيز للحكومة السعودية الاستعانة بالقوات الكافرة والمشركة والتي تشمل القوات الاميركية وتقريباً كافة الجيوش المشاركة في عملية عاصفة الصحراء باسثناء الجيوش العربية والاسلامية.

واستطراداً فقد جاءت المسألة الافغانية في عام 1979 لتضع المشروع الديني السعودي كأداة من ادوات التعبئة ضد الشيوعية وضد الغزو السوفييتي لافغانستان، وهو مشروع تكفلت الادارة الاميركية بالترويج له ودعمه وتدريب المشاركين فيه.

ـ المرحلة الثانية: الخطاب الطائفي:

في الثمانينيات تبنت السعودية خطاباً دينياً طائفياً كرد فعل على الثورة الايرانية عام 1979. فظهور نموذج الاسلام الثوري التقدمي في مقابل ما وصف بالاسلام الرجعي او الاميركي، أدى الى انطلاق تيار التطرف الديني بشكله الطائفي من داخل المؤسسة الدينية الرسمية بامتداداتها الدعوية والتعليمية. وفي واقع الامر أن الولادة الدينية الثانية للراديكالية السلفية تمت منذ ان لجأت الدولة لتجنيد المؤسسة الدينية وتالياً للتضخم بشكل لا محدود داخل جسدها تحت مبرر محاربة الخطر الايراني، والذي ادى الى ما يمكن وصفه بالانفجار السلفي داخل المملكة. ولم تقف تأثيرات هذا الانفجار عند تجنيد الاقلام وتشغيل ماكينة الطائفية بأقصى طاقتها بل ما جرى لاحقاً من افتتاحات متواصلة لمشاريع دعوية غير مسيطر عليها وانطلاق حركة طائفية داخل وخارج الحدود الاقليمية والعربية انتهاءً بالدولية. ويجب الفات الانتباه الى أن النزوع الطائفي لدى المؤسسة الدينية الرسمية يرتد بعقود الى الوراء ويرتبط بصورة اساسية بفترة ما قبل قيام الدولة وما بعدها، بل أن في مبادىء الحركة الوهابية ما يعزز هذا النزوع الطائفي وجاءت ممارسات وفتاوى علماء المذهب الوهابي كتجسيد لتلك الطائفية. الا أن انتصار النموذج الثوري الاسلامي في ايران ساهم بصورة فاعلة في تنشيط المخزون الطائفي داخل المذهب لمواجهة رياح التغيير القادمة من الشرق.

لقد جرى تمويل مشاريع بناء مساجد في قارات العالم وبحسب احصائية اخيرة نشرتها وزارة الاوقاف السعودية في عام 1998-1999 ان نحو 6 آلاف مسجداً قد جرى تمويلها خارج المملكة وان هناك 1510 مسجداً يجري بناؤها منذ تاريخ صدور التقرير.

ومن المؤسسات الدينية التي تموّل الحكومة السعودية نشاطاتها وتشرف عليها بصورة مباشرة عبر مواطنيها منظمة الندوة الاسلامية التي كان يرأسها الدكتور عايد الجهني الذي لقي حتفه قبل عدة شهور في ظروف غامضة بالرياض. نشأت المنظمة متخصصة في شئون الشباب وتضم اكثر من 450 منظمة شبابية وطلابية اسلامية منتشرة في القارات الخمس. وبحسب الاهداف المعلنة فأن المنظمة تضطلع بخدمة الفكر الاسلامي على اساس من التوحيد الخالص، و تعميق اسباب الاخوة والرابطة الاسلامية، وتعريف العالم بالاسلام بجميع الوسائل وعلى اوسع نطاق،وتوضيح ودعم الدور الايجابي للشباب والطلاب في بناء مجتمع اسلامي، ودعم منظمات الشباب الاسلامي في جميع انحاء العالم والتنسيق بينها ومساعدتها في تنفيذ برامجها.وتعقد المنظمة لقاء عالمياً، وحتى عام 1989 عقدت ستة لقاءات نمت جميعها في الرياض باستثناء اللقاء الخامس الذي عقد في نيروبي بكينيا وحضرها ممثلون عن منظمات اسلامية شبابية وطلابية من جميع انحاء العالم لاختيار اعضاء مجلس الامانة العامة للندوة وللبحث في القضايا التي تهم الشباب المسلم.

ومن اشهر نتاجات المنظمة ( الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة)، اشتملت على تعريض ببعض المذاهب. فقد اتهمت العقيدة الاسماعيلية بأن "ظاهرها التشيع لآل البيت، وحقيقتها هدم عقائد الاسلام "ـ ص45. وزعم كاتب الموسوعة بأن الاسماعيليين يصلون للامام الاسماعيلي وليس لله. كما قال عن التشيع بأنه "استمد افكاره من اليهودية التي تحمل بصمات وثنية آشورية وبابلية " وانه "اختلط..بالفكر الوافد من العقائد الآسيوية كالبوذية والمائوية والبرهمية.."[12].

وتندرج في السياق نفسه، منظمة الندوة العالمية للشباب الاسلامي التي تأسست في شهر ديسمبر عام 1972م 1392هــ بالرياض بعد اجتماع ضم ممثلين عن المنظمات الشابية الاسلامية في العالم، وقد رعت وزارة المعارف هذا الاجتماع حيث دمج المنظمات تلك في منظمة الشباب الاسلامي العالمي ومركزها الرئيسي في الرياض وتعمل تحت اشراف ادارة الحكومة السعودية وهكذا الحال بالنسبة للمؤتمرات السنوية لممثلي منظمات الشبيبة المسلم. ونشير الى أن المنظمة لم تكن تحظى باهتمام كبير من قبل الحكومة السعودية الا أن التحولات السياسية التي شهدتها الساحة الدولية بعد الثورة الاسلامية الايرانية عام 1979 حيث بدأت تتلقى دعماً مالياً رسمياً وشعبياً.

وتتولى المنظمة مهام عديدة منها، نشر الدعوة الاسلامية وسط الشباب والطلبة المسلمين في الخارج وتشجيعهم للانتماء الى المنظمة والانخراط في شبكة المشاريع الدعوية، وهكذا انشاء مراكز مهنية وتوجيه دعوة للشباب والطلبة للالتحاق بها والعمل في أحد دوائرها.

استيعاب اعداد غفيرة من الشباب والطلبة ضمن النشاط الدعوي السعودي يعتبر ثمرة مباشرة لتمويل الحكومة السعودية لبناء المساجد والمدارس والمراكز الدينية وتنظيم زيارات الوعاظ الى الجاليات الاسلامية والطلبة المسلمين وهكذا إقامة المؤتمرات الدينية فأن للسعودية اليد الطولى في تنميط النشاطات الدينية التي تقوم بها المنظمة، ويكرّس ذلك غالباً لتأكيد الجانب الديني للاسرة المالكة من خلال سلسلة المطبوعات الصادرة عن المنظمة والتي تعود لكتاب اسلاميين معروفيين على الساحة الاسلامية امثال المودودي وسيد قطب ومحمد قطب وغيرهم مما تستبعد معه أية حساسيات قد تثار إزاء انتمائها المذهبي، فيما تجتذب نشاطات اسلامية كهذه جموع من الشباب المسلم في الخارج.

ومنذ شعرت الحكومة السعودية بخطورة نموذج الاسلام الثوري القادم من ايران، قررت ان تخوض حرباً طائفية مفتوحة الجبهات. وكان المسعى السعودي يتجه الى سحب التعاطف الاسلامي مع الثورة الايرانية لا سيما في أوساط السنة من خلال احياء موضوعات الخلاف بين السنة والشيعة، واحالة المعركة بينها وبين ايران الى معركة بين السنة والشيعة وبذلك تم صرف الانظار عن نموذجين لفهم الاسلام، نموذج الاسلام المحافظ التقليدي كما في السعودية ونموذج الاسلام الثوري العصري كما في ايران ليس لكليهما علاقة بالنزوع الطائفي لأي منهما.

والاتجاه الطائفي المتعاظم انصب على الترويج لبعض المعتقدات الهادفة الى ضرب معتقدات مضادة ذات أهمية قليلة في أتباع المذاهب الاخرى الثورية او التقدمية السنية والشيعة على حد سواء، مثل( هل نحتفل بالمولد)، و (الاسلام لايبيح لنا الاحتفال بهذه الايام)، (دعاء الميتين من الاولياء اذا لم يكن كفراً فهد جنون) و (الدعاء والمديح والنذر لغير الله هو الشرك الاكبر)،و (الاصنام ليس الا اسماء رجال صالحين)، (المشركون الأولون كانوا اكثر ايماناً من مشركي هذا الزمن) ،و (هل دعاء الاولياء دون الله لغو)، و (كيف يتمثل الشيطان للقبوريين في صور اوليائهم)، و (بدعة الزيارة الرجبية (أي زيارة المدينة المنورة في شهر رجب)وهذه مقالات وزير المعارف السعودي حسين عبدالله آل الشيخ وزيد بن فياض مدير في ادارة المكتبات لوزارة المعارف واحمد عبدالغفور العطار.

سلسلة المنشورات الدينية الصادرة عن مؤسسات تابعة للحكومة السعودية او خاضعة لتمويلها واشرافها، كانت مورد دراسة وتحقيق عدد من المراقبين والناقدين الاسلاميين بخصوص اغراض تلك المنشورات. وكما يظهر في كتابات نقدية ظهرت خلال عقد الثمانينيات، فإن أبرز أغراض السياسة الدينية السعودية في شكله الطائفي هو شياع التدين القشري، ذلك التدين، بحسب الكتابات تلك، يحث على الانفصال عن العالم، ويدعو الى الاعتكاف الدائم للآخرة وتشميع العقل، ورفض التعامل مع العلم ومتغيرات الحياة.

كتب المرحوم الشيخ محمد الغزالي ما نصه :"رأيت أناساً يتبعون الاعنت الأعنت، والأغلظ الأغلظ من كل رأي..فما يفتون الناس ال ابما يشق عليهم وينقص معاشهم ويؤخر مسيرة المؤمنين في الدنيا ويأوي بهم الى كهوفهم المظلمة..وهؤلاء ايضاً لاسلف ولا خلف، انهم اناس في انتسابهم الى علوم الدين نظر واغلبهم معتل الضمير والتفكير".

ويقول في كتابه (دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين):"رأيت أناساً تغلب عليهم البداوة او البدائية يكرهون المكتشفات العلمية ولا يحسنون الانتفاع بها في دعم الرسالة العلمية "ويقول الشيخ الغزالي ايضاً في كتابه "مشكلات في طريق الحياة الاسلامية: "من المستحيل اقامة مجتمع ناجح الرسالة، اذا كان اصحابه جهالاً بالدنيا عجزة في الحياة..وانه لفشل دفعنا ثمنه باهظاً عندما خبنا في ميادين الحياة، وحسبنا أن مثوبة الله في كلمات تقال ومظاهر تقام...ان الله لايقبل تديناً يشينه هذا الشلل المستغرب.ولا ادري كيف نزعم الايمان والجهاد، ونحن نعاني من هذه الطفولة التي تجعل غيرنا يداوينا، ويمدنا بالسلاح إذا شاء "[13].

ويصف الكاتب المصري الاستاذ فهمي هويدي مدرسة كهذه قائلاً: "هي مدرسة عاجزة عن التعامل مع الحاضر، لاتسأل عن المستقبل، وبإدعاء الانتساب الظالم للسلف، فانها عمدت الى المضي في طريقين "متوازيين "تذرعت فيها بحماية العقيدة والتي هي الأصل والأساس في اعلان الحرب على البدع ومخاصمة الواقع ومحاكمته وهو طريق واحد عند البعض ممن اعتبروا كل مستحدث بدعة وضلالة حتى وان كان في الدنيا وليس في الدين. وهذا المجال الوحيد الذي يطلق وصف البدعة عل ما يستحدث فيه ". يتابع الاستاذ هويدي قائلاً "باسم الدفاع عن العقيدة وتنقيتها من البدع والضلالات ترى من تلك المدرسة أجيالاً من الشباب تشغلهم عورات الناس ومشاكلهم بينما لايعرفون شيئاً عن هموم الامة لا حقوق الناس! إطلاق اللحي أهم عندهم من اطلاق الحريات وتحرير الناس من زيارة القبور أولى من تحرير الوطن من المحتلين والغاصبين واتباع السلف أجدى من ابتداع الخلف، ومكافحة الصوفية ضريبة مكافحة الجفاف والجراد"[14].

وقد حمل الشيخ الغزالي على شكليات التدين القشري في لقاء له مع صحيفة "البيان " الصادرة في (ابوظبي) في أيلول 1990م فيقول "بعض الناس عندما يفكر في السنة او في السلف اول ما يثبت الى ذهنه هو الثياب اما الشكل الخارجي يفكر ما اذا كان الرسول او الصحابة يلبسون عقالاً ام عمامة او غير ذلك ؟

وهذا تفكير طفولي لأنه اذا فكرت في السلف عليك ان تفكر في المبادئ والعقائد التي حملوها وقادوا العالم بحقيتها.."ويضيف قائلاً “لم يكن الدين جلباباً قصيراً او لحية طويلة او فكراً وحدوداً، بل سيرة شريفة وجراءة في الحياة تجعل صاحبها ينتقل بمبادئه بين جنباتها لأنهم فهموا الدين موضوعاً ولم يفهموه شكلاً، فهو حقيقة لا عنواناً وعندما تتحول الاديان الى صورة "مزوقة "وألبسة وهيئات فقد فقدت روحها وقدرتها على الحياة والانطلاق".

تجدر الاشارة الى أن كتاباً صدر في نهاية 1411هـ تحت عنوان "تذكير الشباب بما جاء في إسبال الثياب)للمؤلف الشيخ عبدالله بن جارالله عن ابراهيم آل جارالله وموضوع ــ الكتاب هي: النهي عن الاسبال في اللباس، حكم اسبال الثياب للرجال فتاوي وغيره.

وممن تعرض للتدين القشري وادانه الاستاذ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه (السلفية مرحلة زمنية مباركة لامذهب اسلامي )[15] انتقد فيه طريقة التعاطي مع فكرة السلفية الداعية الى الجمود والعودة الى الوراء والنزعة القشرية في فهم الدين واغفال القضايا الاساسية التي تتطلب اهتماماً مكثفاً وعملاً جاداً.

وسنحاول هنا استعراض نماذج من المواجهات الناقدة للنشاط الطائفي في عدد من بلدان العالم الاسلامي وبعض اماكن تواجد الجاليات الاسلامية للتعرف على طبيعة التوجه الديني السعودي في تلك الفترة.

ينقل الدكتور البوطي ما نصه: "كنت في هذا العام المنصرم 1406هــ واحداً ممن استضافتهم رابطة العالم الاسلامي للاشتراك في الموسم الثقافي واتيح لي بهذه المناسبة أن اتعرف على كثير من ضيوف الرابطة الذين جاءوا من اوربا وامريكا وآسيا وافريقيا واكثرهم يشرفون في الاصقاع التي أتوا منها على مراكز الدعوة الاسلامية او يعملون فيها والعجيب الذي لابد أن "يهيج آلاماً ممزقة في نفس كل مسلم اخلص لله إسلامه إنني عندما كنت اسأل كلا منهم عن سيرة الدعوة الاسلامية في تلك الجهات، اسمع جواباً واحداً يطلقه كل من هؤلاء الاخوة على انفراد بمرارة وأسى خلاصته:المشكلة الوحيدة عندنا هي الخلافات ــ والخصومات الصاخبة التي تثيرها بيننا جماعة السلفيين."

ويضيف البوطى قائلاً: "ولقد اشتدت هذه الخصومات منذ بضع سنوات في مسجد واشنطن الى درجة الجأت السلطات الامريكية الى التدخل ثم الى اغلاق المسجد لبضعة شهور"، ويذكر البوطى تجربة اخرى "ولقد اشتدت هذه الخصومات ذاتها واجتاحت في احد مساجد باريس منذ ثلاثة اعوام حتى اضطرت الشرطة الفرنسية الى اقتحام المسجد والمضحك المبكى بآن واحد أن احد اطراف تلك الخصومة اخذته الغيرة الحمقاء لدين الله ولحرمة المسجد، لما رأى احد الشرطة داخلاً المسجد بحذائه فصاح فيه أن يخرج او يخلع حذاءه ولكن الشرطي صفعه قائلاً:وهل ألجأنا الى اقتحام المسجد على هذه الحال غيركم أيها السخفاء ؟ "

وتجربة ثالثة ينقلها الاستاذ البوطى قائلاً "وفي احدى الاصقاع النائية حيث تدافع امة من المسلمين الصادقين في اسلامهم عن وجودهم الاسلامي وعن اوطانها واراضيها المغتصبة تصوّب اليهم من الجماعات السلفية سهام الاتهام بالشرك والابتداع، لأنهم قبوريون توّسليون، ثم تتبعها الفتاوي المؤكدة بحرمة إغاثتهم بأي دعم معنوي او عون مادي ! ويصف احد علماء تلك الأمة المجاهدة، ينادي في اصحاب تلك الفتاوي والاتهامات: ياعجباً لاخوة يرصفوننا بالشرك مع أننا نقف بين يدي الله كل يوم خمس مرات،نقول( إياك نعبد واياك نستعين) ولكن النداء يضيع ويتبدد في الجهات دون أي متدبر او مجيب "[16]، وفي قارة استراليا حيث توجد جالية اسلامية من المهاجرين اللبنانيين وبعض المسلمين من دول عربية واسلامية مختلفة امتدت الطائفية اليها، حيث تعرض الشيخ تاج الدين الهلالي احد علماء الدين مقيم في استراليا الى حملة اعلامية الامر الذي ادى الى انفجار الفتنة داخل هذه الجالية وهو ما كشف عنه الشيخ الهلالي لصحيفة القبس الكويتية بتاريخ 10/4/1990م قائلاً: "أبى كثير من المسلمين الاّ ان يحضروا مشاكلهم وخلافاتهم المذهبية والسياسية من بلادهم وهذه مصيبة ". واضاف قائلاً: "انه على الرغم من اننا نشكر الدول العربية والاسلامية التي تقدم لنا مساعدات لحماية ابنائنا وبناء الدارس الاّ أن فرض سياسات وايديولوجيات خارجية هو عامل من عوامل الفرقة بين افراد الجالية الاسلامية ".

والجدير بالذكر أن قراراً صدر من وزارة الهجرة الاسترالية بطرد الشيخ الهلالي وذلك في عام 1986م لولا خروج الآف المسلمين الاستراليين في مظاهرات عارمة الى السفارة السعودية احتجاجاً على تدخل النظام السعودي في شؤون الجالية الاسلامية مما اضطر وزير الهجرة الاسترالي(هيرفورد) الى سحب قراره باستبعاد الشيخ الهلالي.

وفي تايلاند ويقول فهمي "الطلاب المسلمون من ابناء تايلاند الذين درسوا في الجامعات العربية حملوا معهم بعد التخرج والعودة أفكار التكفير والحاكمية ومعارك السلفيين ضد ما يتصورونها بدعاً في الدين والدنيا "

وهناك مكتب رابطة العالم الاسلامي ومندوب عنها مجلة ( المجلة عدد 590) 4/6/1991م

وفي افغانستان حيث كان شعبها يخوض مواجهة شرسة ضد الاحتلال الشيوعي ونظامه العميل وحيث الحاجة الملحّة لوحدة الصف الافغاني ووحدة البندقية الافغانية، فإن الطائفية أرهقت قدرته القتالية ويذكر الاستاذ فهمي هويدي قصة المحنة الافغانية هذه ويقول فهمي هويدي: "وعندما رحل مبشروهم ودعاتهم الى المجاهدين الافغان فإن غاية ماشغلوا به هو ما أسموه بتثبيت عقيدة التوحيد.لم يكن الجهاد ولا شحن عزائم الناس لتحرير اراضيهم المحتلة هو شاغلهم الأول وانما ذلك الشاغل هو: من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك؟"[17]. وكانت المحصلة ان أنقسمت البندقية الافغانية على نفسها وبدأت تصوب طلقاتها نحو الجسد الافغاني في حرب طائفية سنية ــ شيعية في منتصف عام 1989م وانشغل المسلمون الافغان بالدماء فيما بينهم وحكمت العداوة والبغضاء وسوء الظن علاقات الاطراف المجاهدة على خط المواجهة مع الشيوعية الغازية، وانتهى الامر الى انقسام الساحة الافغانية تعزز بوصول طالبان بنزعتها المتطرفة.

وفي الكويت نشطت بعض الاتجاهات الطائفية عبر جميعات اصلاحية واخترقت المراكز الدينية والمساجد، ونشر الكتيبات والمنشورات الطائفية ال
07-23-2006, 03:20 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  مستنقع الطائفية: الغرق جميعاً ام النجاة جميعاً....خالد الحروب * بسام الخوري 0 442 11-17-2013, 01:20 PM
آخر رد: بسام الخوري
  أمير قطر يعبر عن نيته تقسيم السعودية والإطاحة بآل سعود الملكة 5 1,609 06-25-2012, 02:44 AM
آخر رد: الملكة
  عن المسألة الطائفية في النظام السوري وكيفية الوصول إلى المجازر الحالية ... العلماني 0 753 06-23-2012, 02:12 PM
آخر رد: العلماني
  الطائفية العالمانية/ الرابطة القبلية المذهبية خالد 3 1,129 03-12-2012, 11:25 AM
آخر رد: طريف سردست
  سوريا....الطائفية.....الثورة Enkidu61 94 23,694 12-06-2011, 12:59 AM
آخر رد: Enkidu61

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 3 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS