الذاكرة وخصائصها
هناك شكلين أساسيين من الذاكرة .
الأول دينامي مؤلف من تيارات كهربائية عصبية أوتردات وطنينات كهرطيسي .
والثاني بنيوي مادي مشكل من الخلايا والمحاور والمشابك ومن المواد الفيزيائية والكيميائية أي (الهردوير) .
الشكل الأول يشمل الذاكرة العاملة والذاكرة القصيرة , وهو يشمل الطنينات الحسية بكافة أشكالها البسيطة الخام وهي الموروثة والمتشابهة بين البشر , والمكتسبة والمتطور مثل الأفكار والمعاني المتطورة .
أما الشكل البنيوي فيشمل البنية الفيزيائية والكيميائية والفزيولوجية للدماغ . وهو يمتاز عن الهردوير في الكومبيوتر بأنه متغير ومتطور وليس ثابت كما في الكومبيوتر, ووظيفة الشكل البيوي هي بناء الذاكرة الدائمة, أو بالأحرى الشبه دائمة لأنها تتعرض للتغير والتطور نتيجة التجاور المكاني والترابط الزماني وترابط المعاني والقيم , ويمكن توضيح الفرق بين الشكلين بالمثال التالي:
إن رؤية السماء أو البحر يقرع طنينات حسية بصرية تحدث الإحساس بالون الأزرق وهذا يحدث لكافة البشر وفي كل مراحل عمرهم فالمولود إذا تأثرت عينيه بلون السماء أو البحر سوف يحس باللون الأزرق وهذا لا يعتبر تذكر
أما إذا قلنا لإنسان ناضج ما هو لون السماء أو لون البحر فإنه سوف يقول إن لونهما أزرق, كيف حدث ذلك ؟
لقد تشكلت لديه نتيجة حياته ترابطات بين خلايا ومحاور ومشابك دماغه بين مراكز السمعية والبصرية والمعاني والمفاهيم سمحت له بإجراء التذكر وحدوث التخيل أو الاستدعاء للطنينات الحسية التي تمثل اللون الأزرق .
فالتذكر يتم بناؤه من الأحاسيس الأولية الخام والمكتسبة , نتيجة تنامي محاور ومشابك الخلايا العصبية في الدماغ, بالإضافة إلى عمل الموصلات الكيميائية في الدماغ , وذلك بناءً على التجاور والترابط المكاني للخلايا العصبية , والترابط الزماني , والترابط في النتائج والمعاني. الذي يحدث أثناء الحياة .
فالتذكر هو حدوث طنينات حسية في الدماغ نتيجة مؤثرات (مدخلات) حسية بعد معلجتها, أي هي مخرجات نتيجة مدخلات .
وتشكل المفاهيم اللغوية لدينا ناتج عن حدوث ترابطات بين الثيرات الحسية والصوتية ومناطق اللغة وما يحدث فيها من ترابطات بين المفاهيم والحاجات والدوافع الموجودة, التي تم تشكلها نتيجة الوراثة والحياة , والمفاهيم اللغوية هي ناتجة عن استرجاع لطنينات حسية أي هي تذكر, والتذكر دوماً هو استرجاع لطنينات حسية تم حدوثها نتجية الأوضاع الحالية الموجودة في الدماغ, والدماغ في وضع متنامي متغير لذلك التذكر لا يكون ثابت ففي كل مرة نتذكر يقوم دماغنا ببناء هذه الذكريات من جديد وحسب أوضاعه في تلك اللحظة .

يتبع

الذاكرة القوية
إن هذه الذاكرة لم يتكلم عنها أحد , ولم ينتبه لها أحد , حسب علمي , مع أنها واضحة جداً , ونعيشها جميعاً .
هذه الذاكرة تتصف بخصائص مميزة وهي :
1 – إنها متكررة الاستدعاء لسبورة الوعي , وبشكل آلي , ودون إرادتنا .
فالذي يسجل في هذه الذاكرة , يدخل إلى سبورة الوعي كلما سنحت له الفرصة , ويطلب معالجته .
ويتكرر دخولة كل فترة زمنية , وذلك حسب شدة أهميته .
لذلك هذه الذاكرة غير مسيطر عليها .
2 – هذه الذاكرة دوماً محملة بالمعاني والانفعالات , لذلك هي قوية جداً , لذلك تنتقل إلى الذاكرة الدائمة ( البنيوية ) بسهولة , وتكون راسخة التسجيل فيها , وهذا يكون نتيجة تكرار عرضها على سبورة الوعي .
فهي تتحول من ذاكرة دينامية درددية إلى ذاكرة بنيوي دوماً .
3 – هذه الذاكرة غير مسيطر عليها من قبل الأنا الواعية , لذلك هي تؤثر بشكل كبير على المعالجات الجارية في سبورة الوعي .
فهي غالباً تربك وتعيق وترهق ما يجري في سبورة الوعي , فهي تؤدي إلى بزل الكثير من الجهد الغير المجدي , نتيجة إلحاحها المتكرر .
وهي الأساس المسبب لكافة العقد والأمراض النفسية .
أما لماذا هي بهذا الشكل وهذه القوة . فهذا الأنه تم اعتبار ما تسجله , أنه له معنا هام جداً , ويجب أن يكون له الأفضلية في المعالجة على سبورة الوعي , ويجب الوصول إلى نتائج إيجابة , وإلا يجب تكرار المعالجة بطريقة مختلفة , ولا يتوقف هذا التكرار إلا في الحلات التالية :
1 - اليأس والاحباط .
2 – التوقف المؤقت لفترة زمنية , ريثما تتغير الأوضاع .
لذالك غالبية ما يعالج على سبورة الوعي , هو وارد من هذه الذاكرة . وهذا يعني أن أهم أجزاء " أنا " كل منا , هي ناتجة عن ما يجري في هذه الذاكرة .
إن هذه الذاكرة هي متوضعة في الدماغ الحوفي , والحصين والنتوء اللوزي , فهم أهم البنيات المتحكمين في هذه الذاكرة .
ويوجد في هذه الذاكرة سبعة أماكن , يمكن أن يوضع في كل منها موضوع معين واحد قيد الانتظار للدخول إلى سبورة الوعي .
وهناك ترتيب للأفضلية للذي يدخل للمعالجة على سبورة الوعي .