حسام راغب
عضو رائد
المشاركات: 943
الانضمام: Jan 2002
|
أين الجنة...؟!
قد تكون هناك أسباب جوهرية تجعل من الجنة رغبة انسانية جامحة. فالتكوين الجسدي للانسان يميل غالبا للدعة لضعفه و قلة حيلته, ليصل بفكره العدمي دائما الى ما وراء الطبيعة كتعويض عن هامشيته بين أقرانه الحيوانات حين يجد الانسان نفسه ضعيفا في مقاومة قطة غاضبة. قد يكون ذلك من أهم الأسباب التي فعلت عقل الانسان ليصبح تعويضا هاما لجسده.
أعتقد السومريون أن السماء سقفا وهي التي تبعث الأمطار الى الأرض لواقحا فينبت (يولد) الشجر وتأكل المواشي والانسان. الا أن السومريون غرقوا في خيالاتهم فاعتقدوا أن السقف غطاء بين الانسان و خالقه, وأن الله يجلس هناك يدير شئون كوكبه (الأرض). بيد أن الفكر السومري لم يخلوا من الفلسفة الوجودية التي تظهر الانسان كأداة تملك الخير و الشر, وأن للخيرين وعد من رب السماء بمكانة رفيعة (فوق)بجانب الرب, في ما يسمى بالجنة..
وقد أشترى العبريون الفكرة و صاغوها في كتبهم وأصبحت جزء من كتاب مقدس و ليست فلسفة أو رؤية انسانية محضة. وقد أمتدت فكرة الجنة و النار الى زمن محمد الذي درس العهد القديم على يد ورقة ابن نوفل ابن عم زوجته خديجة, فأدرجت في القرآن كوعد من الله للمؤمنين, ثم (وظفت) للمحمديين في حروبهم مع الأغيار. فالعربي في ذلك الوقت التواق لشربة ماء بارد لا يجدها, يجد الجنة بنعيمها أمامه اذا ما نتحر فداء لله. والحقيقة أن فكرة الجنة نجحت نجاحا غير متوقع منذ توظيفها أبان الثورة المحمدية الى تاريخ اليوم.
لكن السؤال الذي أطرحه دوما ولا أجد له اجابة, هو أين الجنة؟ قال القرشيين لمحمد زمن الدعوة "اذا متنا و كنا عظاما أئنا لمبعوثون" قال لهم "وآبائكم الأولين" حسنا هذا شق من السؤال. قد نبعث, رغم أن العلم الحديث لا يرى طريقة واحدة لخلق نفس الميت من جديد بعد دفنه و تحلله. ولكن قد نصل جدلا الى أننا سنخلق من جديد بعد وفاتنا. لكن بعد يقظتنا الجديدة الى أين سنتجه اذا كنا في الأرض؟
كل المسبارات و التيليسكوبات الحديثة التي أطلقها الانسان لدراسة ما يحدث في الكون الفسيح قد وصلت كرؤية الى ما يقارب خمسمائة مليون سنة ضوئية في عمق الكون للبحث عن شيء ما يشبه الجنة, لكنها لم تجد شيئا يذكر. كما أن نظرية أينشتاين في النسبية تؤكد يقينا أنه لا مكان بدون زمان. فاذا كانت الجنة مكانا فأي زمان تنتمي اليه؟ ويؤكد اينشتاين أنه لا يوجد مكان مطلق وأن المكان ليس الا نظاما لعلاقات بين الأجسام ولا يمكن تصور مكانا بدون أجسام.
فلو كانت الجنة كوصفها في القرآن مكانا بأجسام عدة, كنهر الخمر و الحسان من حور عن وولدان, فانه من المستحيل فصل ذك المكان عن الزمان, فالمكان ليس شكلا هندسيا كالطول و العرض والارتفاع فقط, لأن ذلك التصور ليس أكثر من خيالا, اذا ماقترن بالزمان. كذلك الزمان لا يمكن توقيته دون مكان يخضع له فلابد من وقت لتحديد المكان. أي أنه من المستحيل أن يكون هناك مكان مطلق بدون زمان, ولا زمان مطلق بدون مكان.
والسؤال الذي أطرحه اليوم للمؤمنين هو: أين الجنة؟ ليس ذلك فقط. بل أين النار اذا كانت الجنة "كمكان" "عرضها السموات والأرض ..الآية"..!!
حسام راغب..
|
|
09-16-2006, 02:29 PM |
|