من خلال قراءة سفر التكوين يتبين أن علاقة الإله بأدم مجرد علاقة جارٍ بجاره ، وليس الخالق بالمخلوق ، ونلاحظ أنه مازال يكلم أدم أو يكلم أبناءه ، كيف لا وهو فقط طرده من الجنة التي أنعم بها عليه في الكروييم ، إلى خارجها ، ولم يغفر له ، وإنما ظلت في نفسه منه ( تعالى عما يفترون ) والدليل نقرأه مما يلي :ـ
"..والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً ويأكل ويحيا إلى الأبد".23فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها .24 فطرد الإنسان، وأقام شرقي جنة عدن الكروييم، ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة..
ونلاحظ ما يلي : ـ
1- عدم ترابط النص فالقصة تتحدث عن أكل أدم وحواء كلاهما وعصيانهما كلاهما وأن الحية أغوت حواء فأعطت أدم إذن فهما شريكان بالإثم ، ثم الأن يتكلم عن أدم فقط ويغفل حواء بقوله :" والأن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً ويأكل ويحيا إلى الأبد".23فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها".
2- استخدام ألفاظ لا تليق بإله خالق عظيم مثل: "فاستراح في اليوم السابع " ، وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار" ، "قد صار كواحد منا" ، " لعله يمد يده" ، "فطرد الإنسان وأقام شرقي.."
3- استخدام الحوار بين الله وبين قايين :9 فقال الرب لقايين :"أين أخوك؟" فقال: "لا أعلم! أحارس أنا لأخي ؟" مما يدل على علاقة حسن جوار بين أدم وذريته وبين خالقهم ، خالفها قايين بعباراته الفضة.
4- أن الرب خلق أدم من جزءٍ من الأرض ، ووضعه في جنة عدن الكروييم (في الأرض) ، ثم أخرجه من تلك الجنة وأعاده إلى تلك الأرض التي خلقه منها ، ثم هرب قايين من هذه إلى أرض بعيدة عن وجه الرب (في الأرض أيضاً) ، بعد أن كلمه (أيضاً في الأرض).
5- تناقض في سرد الأحداث حيث نجد أن الله في (24) "طرد الإنسان، وأقام شرقي جنة عدن الكروييم" ،
أما في(16) عندما قال له الله " تائهاً وهارباً تكون في الأرض " ، "فخرج قايين من لدن الرب، وسكن في أرض نود شرقي عدن" ألم يكن من الأفضل لو اتجه غرب الجنة وليس شرقها حيث يقيم الرب ؟
وكل ما نريد التوصل إليه أن محور جميع الأحداث بالنسبة للخالق والمخلوقين هنا هو الأرض ، فهل من كتب ذلك السفر أو نقله يعتقد بأن الأرض (وهو يراها كبيرة) هي محور الخلق ، أو هو عدل الأحداث لتتناسب مع عقله المحدود عن الإدراك؟
ـــــــــــــــــــــــــــ
{لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً }النساء166