{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
أدباء من العالم يكتبون نصوصاً من أجل أطفال لبنان
ياريموثا غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,523
الانضمام: Dec 2005
مشاركة: #1
أدباء من العالم يكتبون نصوصاً من أجل أطفال لبنان


ليس من السهل إقناع أدباء عالميين كبار، بعضهم حائز على جائزة نوبل، في ان يشاركوا في كتاب جماعيّ يعود ريعه الى أطفال لبنان الذين عانوا الكثير خلال الحرب التي شنتها اسرائيل على وطنهم. لكن الكاتبة اللبنانية المقيمة في لندن مي غصوب استطاعت، مع فريق دار الساقي، أن تقنع عدداً غير قليل من الكتّاب العالميين في ان يكتبوا عن هذه الحرب بحرية تامة أو ان يقدموا نصوصاً غير منشورة ليضمّها كتاب جماعي هو عبارة عن «مختارات» بالانكليزية في عنوان «لبنان، لبنان».

استطاع فريق دار «الساقي» ان ينجز الكتاب خلال أقل من شهر، وواجه صعوبات جمّة، فالحرب كانت دائرة على الأرض، والقضية اللبنانية كانت الشغل الشاغل دولياً وكان الاعلام العالمي يتابع الوقائع بحذر، معتبراً ان الحرب هي بين اسرائيل وحزب الله. في مثل هذا الجو الملتبس كان من الصعب حقاً ان تطلب دار مثل «الساقي» من كتّاب عالميين ان يشهدوا على هذه الحرب. لكنّ النتيجة بدت مثمرة وإذا بالكتاب يضمّ نصوصاً لأسماء عالمية كبيرة: هارولد بنتر، جون لوكاريه، بول أوستر، ف إس نايبول، دوريس ليسنغ، أورهان باموق، حنيف قريشي، ألبرتو مانغويل وسواهم... وضمّ الكتاب ايضاً نصوصاً لكتّاب عرب من أمثال: أدونيس، محمود درويش، حنان الشيخ، الطاهر بن جلون، عباس بيضون، ألكسندر نجار، حسن داوود، هدى بركات، مي غصوب وسواهم...

بعض النصوص العالمية لم ترتبط بالحرب، وشاء أصحابها ان يعبّروا من خلالها عن تضامنهم مع لبنان وأطفاله. وهذه بادرة لافتة جداً. فالشهادة على الحرب لا تحتم كتابة نصّ عن الحرب. هكذا نقرأ قصصاً وقصائد ونصوصاً حرّة تنشر للمرة الأولى، وقد اخترنا باقة منها نقدمها الى القارئ بالعربية. أما الكتّاب العرب فتناولوا في معظمهم الحرب وآثارها ولكن في طريقة ذاتية جداً وبعيداً من أي خطابية أو حماسة.

قد يأخذ البعض على هذه «الانطولوجيا» أو «المختارات» غياب بضعة أسماء لبنانية أو عربية أو فرنسية وسواها، لكن اللائمة لا تقع على أحد، لا على الدار ولا على الذين أعدوها. فالظروف التي رافقت وضع هذه «المختارات» كانت غاية في الصعوبة، عطفاً على ان أي «مختارت» توضع تظلّ «ناقصة» في معنى ما، أو وقفاً على خيارات واضعيها ورؤيتهم وذائقتهم. ولعلّ «المختارات» هذه لم يكن هدفها ترسيخ صورة عن طبيعة النصوص التي كتبت خلال الحرب، وفيها، بل غايتها هي أن تكون ذريعة أدبية لخلق مناخ يلتقي فيه أدباء من هنا وهناك وهنالك من أجل الاحتفاء بأطفال لبنان.

لبنان، لبنان» كتاب جميل حقاً، وليت كل نصوصه الأجنبية تترجم الى العربية، فبينها نصوص فريدة وبديعة، اضافة الى الشهادات التي تقدمها النصوص الاخرى التي كتبت في جوّ الحرب. إنها مختارات» أدبية يمكن ان تُقرأ بمتعة، مع صرف النظر عن المناخ الذي جمعها في الكتاب.

ولم يخل الكتاب من الرسوم والتخطيطات بالألوان والأسود والأبيض لفنانين لبنانيين وبريطانيين من أمثال: حسين ماضي، محمد الرواس (مصمم الكتاب)، غريتا نوفل، ايتيل عدنان، مازن كرباج، منى حاطوم وسواهم.

الكتاب تطلقه مساء اليوم دار الساقي في احتفال فني، مسرحي وموسيقي، تتخلله قراءات يشارك فيها: دوريس ليسنغ، حنان الشيخ، مارغرت درابل، ايزابيل هيلتون وهيغو ويليامس وسواهم، بدءاً من السابعة مساء في نيو بليرز تياتر، لندن.


(منقول عن الحياة)
09-27-2006, 06:38 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ياريموثا غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,523
الانضمام: Dec 2005
مشاركة: #2
أدباء من العالم يكتبون نصوصاً من أجل أطفال لبنان
[CENTER]لن أبكي أبداً بعد الآن

دوريس ليسينغ **

كان الجميع يعمل بأقصى سرعة ممكنة، الا ان المياه بدأت تتدفق إلى وسط الغرفة غير الزجاجية المحطّمة. انتزع «دان» آخر الكتب التي كانت لا تزال جافة، وقفز خطوةً إلى الوراء ليتجنب دفقاً جديداً من المياه.

وصرخ «غرايوت»، «كفى أيها الجنرال، يجب أن نهرب».

وضع «دان» آخر مجموعة من الكتب التي كان يحملها. وكان الكتبة يحاولون فرزها بحسب اللغات التي يعرفون، ولكنها سرعان ما كانت تتفتت بسبب قدمها وهشاشتها. ففي كل مرة ُيفتح فيها كتاب، يبدأ بالتفتت والتدهور. وفي قمة الألم واليأس، راح «دان» يلتقط كتاباً تلو الآخر ويراه يتفتت بين يديه. كانت أشلاء الورق يدمس لونها ويسودّ، قبل ان تتناثر في الهواء.

وقال «دان»، «هكذا تتلاشى حكمة مئات الحضارات. انظر كيف تتناثر. تطير فتبتعد فتختفي.»

كان «دان» يتنقل من طاولة إلى أخرى على أمـل أن يجد على إحداها كتباً لا تزال كاملةً. كان يفتح برفق وتأنٍ الكتاب بعد الآخر ويشهد على موته، فيما تتطاير الكلمات أو سطور الكلمات لتلتهمها النيران. ثم ينتقل إلى كتاب آخر.

كان يبكي. وكان التلاميذ كلهم الذين يعملون في الصرح يائسين، بعضهم يبكي والبعض الآخر يحاول التقاط أشلاء الأوراق وهي تتطاير.

وقف «دان» متفرجاً وخلفه «تمار». وتصاعد صوت رنين آتٍ من الغرفة غير الزجاجية السرية وخيّم بعده الصمت. فالخلية لفظت أنفاسها الأخيرة. ومن الاتجاه عينه، سُمع صوت مياه تسيل.

قال غرايوت، «حان الوقت لكي نغادر جميعاً».

على طول رواق الصرح، كان الكتبة يدونون بسرعة الجمل القديمة والكلمات فيما تتحوّل الكتب غباراً بين أيديهم.

... الحقائق تثبت نفسها...

... مرجع قديم من الفخار...

... في إنجلترا...

... «روز» أنت مهووسة بالفن...

... المحيطات كلها ...

... تتغلّب على الموت لتعلن شروق الشمس...

...في يوم من فصل الصيف...

... «هيلين»...

عصفت الريح غربية، عندما...

تجمع النجوم...

... وأرقد هنا بمفردي...

... فكل الطرق تؤدي إلى...

قال غرايوت: «سيد «دان» ما كُتب يمكن أن يكتب مجدداً».

فأجاب «دان»، «مجدداً ومجدداً ومجدداً».

جلس إلى طاولته. وتأمل في الناس الذين يحاولون التقاط أشلاء الأوراق المسودة.

«الأمر يتكرر مجدداً ومجدداً يا «غرايوت». لا يمكن أن أفهم أبداً لماذا لا ترى ذلك».

جلس «غرايوت» بالقرب من «دان» وقال، «سيدي، انك تصعب الأمور على نفسك».

وجلست «تمار» أيضاً وفي يدها قطعة من الورق المتلاشي. كانت تذرف الدموع. وقالت، «عندما اصل إلى توندرا، لن أبكي أبداً بعد الآن. أبداً».


___________________________
** دوريس ليسنغ, روائية بريطانية ولدت في أوائل القرن الماضي في جنوب ايران و ترعرعت في زيمبابوي. روايتها '' العشب يغني'' كانت السبب في شهرتها.
09-27-2006, 06:42 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ياريموثا غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,523
الانضمام: Dec 2005
مشاركة: #3
أدباء من العالم يكتبون نصوصاً من أجل أطفال لبنان
[CENTER]كرة القدم الأميركية


هارولد بينتر**



هلّلويا

ها قد نجحنا

ونلنا منهم

انقلبت عليهم حثالتهم

حتى خرجت من آذانهم.

ها قد نجحنا

انقلبت عليهم حثالتهم

واختنقوا غارقين فيها!

هلّلويا!

مجّدوا الربّ على الأمور الحسنة

حوّلناهم حثالة

وها انّهم يأكلونها.

مجّدوا الربّ على الأمور الحسنة

لقد فجّرناهم وحوّلناهم غباراً

حوّلناهم غباراً لعيناً

لقد نجحنا.

والآن أريدكم أن تقتربوا وأن تقبّلوني على فمي




_____________________________-
** هارولد بنتر .. المسرحي البريطاني ذو الاصول اليهودية الشرق اوروبية, الحائز على جائزة نوبل للأدب, من المفكرين و الأدباء المعارضين للسياسة الأميركية و ترسانتها و دائم النقد لبوش و بلير بعد حرب العراق.

09-27-2006, 06:47 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ياريموثا غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,523
الانضمام: Dec 2005
مشاركة: #4
أدباء من العالم يكتبون نصوصاً من أجل أطفال لبنان
[CENTER]الثاكل والثكلى[/CENTER]



ف. إس. نايبول**


لوحة للرسام الأرجنتيني فابيو غوزمان
كانت شمس الظهيرة ساطعة فصعدت السلالم الخلفية لأصل إلى الشرفة البيضاء. ولم أجرؤ قط على دخول هذا المنزل من السلالم الأمامية. فالعلاقة بيننا لم تكن متينة وقد اعتدت احترام المنزل والعائلة.

يقبع المطبخ المبني بالآجر في الجهة اليمنى للشرفة ، أنيق ومجهز بكافة الأدوات الحديثة، وداخله فتاة هندية بشعة الملامح ذات جسد مترهل وقد علت وجهها البثور. كانت تقوم بغسل بعض الصحون مرتديةً ثوباً أحمر متّسخاً.

ما إن لمحتني حتى بادرت بإلقاء التحية بنبرة مرحة: «مرحباً روميش»، إلا أنها ما لبثت أن خفضتها لياقة منها.

فرددت التحية موجهاً إبهامي للغرفة المواجهة: «مرحباً، هل هي موجودة؟».

«نعم، أيها الشاب. هي تمضي النهار بالبكاء، لقد كان الطفل جميلاً». كانت الخادمة قد بدأت تتأقلم مع اللغة المعتمدة في المنزل.

«هل لي أن أدخل؟»

فأجابت همساً «نعم». ثم أرشدتني إلى الغرفة بعد أن جففت يديها بالثوب. نظرت إلى المطبخ، فوجدته نظيفاً ونقياً، وقد بدا لي أن الأوساخ انتقلت منه لتسكن ثوبها. وأشارت إلى باب الغرفة ثم دفعته قليلاً وألقت نظرة حذرة وقالت بصوت مرتفع قليلاً: «لقد أتى راميش يا سيدة شيلا».

وتنادى إلى مسامعي تنّهد من الداخل. ففتحت الفتاة لي الباب ثم عادت وأغلقته خلفي. دخلت إلى غرفةٍ أسدلت فيها جميع الستائر ولفها ظلام يشوبه الحر وسكنته رائحة الأمونياك والزيوت. وتسلل ضوء خفيف إلى ظلام الغرفة من خلال فتحات التهوية لتظهر ملامح شيلا مستلقية على كنبةٍ قرنفلية اللون وقد كانت ترتدي ثوباً أصفراً فضفاضاً.

مشيت على الأرض الملمّعة بخفرٍ وروية، ثم أشحت بنظري عن شيلا نحو الكنبة المجاورة. وساد صمت لم أدرِ كيف أخترقه.

فما كان من شيلا إلا أن كسرت هذا الصمت وتفحصتني بنظرة تلاها سؤال: « راميش، أنت تنضج يا عزيزي». ثم أكملت وقد ترقرق الدمع في عينيها: «كيف حالك؟ وكيف حال والدتك؟».

ولم تكن شيلا تحب والدتي. فأجبتها: «جميعنا في المنزل بخير، وأنت كيف حالك؟»

ولمحت على ثغرها ابتسامة هاربة تلاها الجواب: «ما زلنا على قيد الحياة. هيا أحضر كرسياً. كلا انتظر. اسمح لي أن أنظر إليك. يا إلهي أنت تغدو شاباً وسيماً».

أحضرت كرسياً وجلست مباعداً رجليْ. إلا أنني استدركت لاحقاً واستقمت. ثم نظرت إلى شيلا فبادرتني بابتسامة.

لكنها ما لبثت أن عادت لتبكي وحاولت الوصول إلى المنديل الرطب على الطاولة. فوقفت وسألتها أي واحد تفضل المنديل برائحة أملاح الشم أم الغار. فأومأت برأسها وأطلقت تنهداً ثم طلبت مني أن أجلس بصوت أشجته الدموع.

فجلست ساكناً، لا أدري كيف أتصرف.

ومسحت عينيها بمنديل، ثم تناولت منديلاً اكبر من ردائها وابتسمت لي قائلةً: «أعذرني إن انهرت بالبكاء».

وكنت على وشك أن أجيب «لا بأس». إلا أن هذه العبارة بدت غير ملائمة. فما كان مني إلا أن أصدرت صوتاً غريباً.

«أنت لم تعرف ابني، أليس كذلك يا روميش؟»

«لم ألتق به سوى مرة واحدة». لقد أجبت بكذبة وندمت. فكيف سيكون موقفي إن سألتني أين أو متى التقيت به. ففي الحقيقة أنني لم أكن أعلم أن ولد شيلا هو صبي إلى أن توفي وانتشر خبر وفاته.

وأدركت أنها لن تستجوبني. ثم قالت لي: «سأريك صوره» ونادت بصوت لطيف يشوبه التوتر: «سومنترا».

ففتحت الخادمة الباب: «كيف لي أن أخدمك سيدة شيلا؟».

فأجابت شيلا «نعم سومين،» (وأدركت أنها اختصرت اسم الفتاة، وهو أمر غير مألوف). «نعم، أحضري صور رافي». وما إن تلفظت بالاسم حتى كادت أن تجهش بالبكاء، إلا أنها تداركت ودفعت برأسها إلى الوراء وابتسمت.

وحين خرجت سومنترا من الغرفة، جلت بنظري على الجدران، فلمحت من خلال الضوء الخافت نقشاَ يصوّر قصة أمراء القلعة، وقد بدا فيها جدولاً متدفقاً في زرقةٍ أخاذة بين أحضان ضفتين تكللهما الأزهار. وكان النقش على الحائط مهرباً أتلافى به النظر إلى شيلا. إلا أن نظراتها كانت تتبع نظراتي إلى نقش أمراء القلعة.

فسألتني: «هل تعرف قصة هذا النقش؟».

«نعم».

«أنظر إليهم. هم سيموتون، هل تعلم ذلك؟ لم أدرك هذه الصورة سوى منذ يومين. أنظر إلى الصبية والكلب. رؤيتهم محزنة. هم لا يدركون شيئاً. لا يريدون سوى الهروب».

«إنه نقش حزين».

ثم مسحت دمعة ترقرقت في عينها وعادت لتبتسم. «أخبرني يا روميش عن مسار دراستك».

«الأمور كالمعتاد».

«هل سترحل».

«يعتمد الأمر على نجاحي في الامتحان».

«لا بدّ أن تنجح. فوالدك لا يستهان به».

جلبت سومنترا الصور وقد رتبت في ألبوم فاخر مصنوع من الجلد. وكانت العائلة تصور راف باستمرار منذ أن سمح له بالخروج وحتى الشهر الذي سبق وفاته. فتنوعت صور رافي بين ثوب السباحة، واللعب بالرمل على الساحل الشرقي، والساحل الشمالي، والساحل الجنوبي. ويضاف إليها صور له متأنقاً للكرنفال وللحفلات، وصوراً أخرى على الدراجة، وفي السيارات سواء كانت ألعاباً أم حقيقية. ومن بين هذه الصور صورة له برفقة مجموعة من الأشخاص أنا لا أعرفهم. كنت أقلب صفحات الألبوم بكلل وكانت شيلا تنحني أحياناً لتعلق على الصور: «ها هو رافي في ضيافة الطبيب الأميركي. طبيب رائع، ألا توافقني الرأي؟ وانظر إلى هذه الصورة، لطالما بدت ابتسامته جميلة أمام عدسة الكاميرا. كان يدرك ما كنا نفعل، لقد كان ولداً ذكياً».

وانتهينا أخيراً من رؤية الصور. وعادت شيلا إلى صمتها. وشعرت أنها تصفحت الألبوم مرات عديدة خلال اليومين الماضيين.

ضربت يديّ على ركبتيّ ونظرت إلى الساعة المعلقة على الحائط ونقش أمراء القلعة. فعادت شيلا لتكسر الصمت «أنا متأكدة أنك جائع».

فأومأت رأسي بتردد.

«ستحضر لك سومين طبقاً».

وقامت سومنترا بتحضير طبق شهي تناولته في المطبخ.و لطالما كان طعامهم شهياً. وبدأت أتحضر لرؤية دموع الوداع وابتساماته الحزينة، إلا أن الطبيب حضر. هو زوج شيلا والجميع يدعونه «الطبيب». هو طويل القامة، ملامحه وسيمة وشاحبة وقد تملكها التعب.

«مرحباً روميش».

«مرحباً حضرة الطبيب».

«كيف حالها؟».

«حزينة».

«ستستعيد عافيتها في غضون يومين. لم تتحمل الصدمة، لا سيما وأنها مرهفة الإحساس».

«أتمنى أن تتخطى محنتها سريعاً».

ثم ابتسم لي وربّت على كتفي وجذب الستارة ليحجب الشمس عن الشرفة ودعاني للجلوس.

«هل كنت تعرف ابني؟».

«بشكلٍ عابر».

«لقد كان ولدً صالحاً. أردنا، أو بالأحرى أردت أن أدخله مسابقة خاصة بالأطفال. إلا أن شيلا لم تكترث للفكرة».

وخلت جعبتي من الإجابات.

«حين كان في الرابعة من عمره كان يغني كافة أنواع الأغنيات، باللغتين الإنكليزية والهندية. هل تعرف أغنية أراك قريباً؟».

فأومأت برأسي إيجاباً.

«اعتاد أن يغنيها مراراً وتكراراً. أتى بكلماتها من حيث لا أدري. وأنا حتى هذه اللحظة لا أعرف معظمها. هكذا كان رافي، سريع البديهة. وهل تعلم ما كانت كلماته الأخيرة لي؟ أراك قريباً في أماكننا القديمة. وحين علمت شيلا أنه توفي نظرت إليّ وبدأت تبكي وتقول أراك قريباً».

لم أنظر إليه.

«ألا يجعلك هذا الأمر تسترسل في التفكير؟ ألا يجعلك تفكر في حكمة الحياة؟ أنت الآن حيّ وغداً تغيب عن الحياة. يجعلك تفكّر في الحياة والموت، أليس كذلك؟ ها أنا أعاود فلسفة الأمور». ثم سألني فجأةً: «لمَ لا تبدأ بإعطاء الدروس للأولاد؟ بإمكانك جني أموالاً طائلة. أعرف ولداً يجني خمسين دولاراً شهرياً من خلال إعطاء الدروس الخصوصية مرةً واحدة أسبوعياً».

«أنا أتحضّر للامتحانات»

لم يعرْ للأمر أهمية. ثم عاد ليسأل: «هل رأيت صور رافي خلال الكرنفال الأخير؟»

ولم تأتني الشجاعة الكافية لأقول نعم.

فما كان منه إلا أن نادى «سومين، أحضري ألبوم الصور».




___________________________________ _
** اسمه الحقيقي فيديادهور سوراج براساد نايبول.. الكاتب البريطاني ذو الاصول الهندوكاريبية ولد في تيرناداد و ترعرع في بريطانية و الحائز على جائزة نوبل للسلام و و قد منح لقب'' السيد '' بقرار ملكي.

09-27-2006, 06:52 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ياريموثا غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,523
الانضمام: Dec 2005
مشاركة: #5
أدباء من العالم يكتبون نصوصاً من أجل أطفال لبنان
[CENTER]فعل إيمان


بول أوستر**




اللانهاية

أمور صغيرة... التنفّس ولو لمرة

في ضوء اللانهاية

أمور صغيرة

تحيط بنا. أو لا مجال لهروب أيّ كان

في شرك الظلام،

تكتشف العين أننا لسنا أكثر

ممّا جعلنا أقلّ ممّا نحن عليه. لنقل:

إن حياتنا بحدّ ذاتها

مرتهنة به.




_________________________
** بول اوستر .. الناقد و الاديب الاميركي.

09-27-2006, 06:54 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
إبراهيم غير متصل
بين شجوٍ وحنين
*****

المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #6
أدباء من العالم يكتبون نصوصاً من أجل أطفال لبنان

ألف ألف شكر وأنا من المتابعين لكتابات نايبول وكلما رأيت له كتاب اشرأبت عنق الزرافة :saint: عندي وتطلعت للحصول عليه.
09-27-2006, 06:54 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ياريموثا غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,523
الانضمام: Dec 2005
مشاركة: #7
أدباء من العالم يكتبون نصوصاً من أجل أطفال لبنان
[CENTER]طروادة مرة أخرى


البرتو مانغويل**


عندما أفكر في بيروت, تتراءى لي ثلاث صور. الأولى هي الصورة التي وصفتها لي أمي بعد زيارة المدينة مطلع الخمسينات. وعلى رغم زيارتها باريس وروما والبندقية, كانت تعتقد انه ما من مدينة أجمل وأكثر أناقة وضيافة من بيروت. وكلما ساءت الأمور في بوينس أيرس (وهذا ما كان يحصل غالباً), كانت تتذمّر وتهز رأسها وبدلاً من تكرار «موسكو, موسكو!» كما كانت تردده إحدى الشقيقات الثلاث في مسرحية تشيخوف, كانت تتنهّد قائلة «بيروت, بيروت!», كما لو ان حياتها في هذه الجنة كانت لتختلف لو بقيت فيها. لربما كانت كذلك, إذ ان بيروت كانت في نظرها مدينة يقلّ نظيرها, والأمور المستحيلة تنزع عادة إلى الكمال.

أما الصورة الثانية التي تحضرني فهي صورة المدينة التي زرتها في العام 2004. عند عودتي إلى دياري, خلّفت لدي صداقة الناس ولطفهم الرائع والتبدل الدائم في الطابع الناتج عن تنوّع الإرث الثقافي والفخر والارتياح لدى رؤية إعادة إعمار المدينة عقب الحرب, وغياب الخجل في إظهار الندبات والإيمان الراسخ والمشترك في الأهمية الحيوية الكامنة في الشعر والموسيقى والطعام اللذيذ والحوار العاقل, حنيناً مفاجئاً لما اختبرته من حضارة.

والصورة الثالثة التي أتخيلها هي مشهد المدينة المدمرة بالقنابل الذي أراه الآن في الأخبار المسائية. وشأنها شأن كل مدينة منكوبة, أصبحت بيروت في الوقت عينه مكاناً للمعاناة الشخصية اليومية التي يتعذّر وصفها, وصورة كل مدينة ترزح تحت وطأة الحرب بصورة عامة. فباتت المكان الذي تداعت فيه الجدران التي استلزمت مدة طويلة لتشييدها وسقطت في الشوارع, وحيث أحدهم يحدق في سطح انهار على قاطني منزل، من شقيق وشقيقة وصديق وقريب وطفل. ومن هنا مرّ جنود.

وأعتقد ان ثمة بيروت رابعة. فهي ليست من حجارة مبنية أو مدمرة بقدر ما هي مجبولة بصمود الذاكرة. ففي أحد الكتب الأخيرة من ملحمة «الإلياذة», يطارد المحارب أخيل هكتور الذي قتل صديقه باتروكلس. الاثنان جنود تلطخت أيديهم بالدماء, وأحبا أشخاصاً قتلوا وكل منهما يعتقد ان قضيته محقة. الأول يوناني والثاني من مدينة طروادة, ولكن لا مكان لولائهما في هذه اللحظة بالذات. ليسا سوى رجلين يعتزم كل منهما قتل الآخر. مرّا أمام أسوار المدينة ونبعي نهر سكامندر. وفي هذه اللحظة أوقف هوميروس وصفه ليذكرنا:

وهنا بالقرب من النبعين, كأن أحواض الغسيل تملأ الصخور المجوّفة والعريضة والملساء حيث نساء طروادة وبناتهن الفاتنات كنّ يغسلن ثيابهن المتلألئة في الأيام الرغيدة, الأيام التي نعمت بالسلام قبل مجيء أخيل... مرا من هنا




__________________________________
** البيرتو مانغويل .. الروائي و الباحث و المفكر و المترجم الكندي - الارجنتيني المولد. فهو من ترجم رواية امين معلوف '' موانئ المشرق'' للإنكليزية.
09-27-2006, 06:57 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ياريموثا غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,523
الانضمام: Dec 2005
مشاركة: #8
أدباء من العالم يكتبون نصوصاً من أجل أطفال لبنان
[CENTER]الكلاب



حنيف قريشي **



أمطرت الدنيا ليلاً لكنها استطاعت التمسك بدرابزين واقع على جانب الأدراج الحجرية المنحدرة. وهي أمسكت معصم ابنها بيدها الطليقة وسحبته إليها كلّما تعثّر. وكان رفعه عن الأرض خطيراً بسبب ثقل وزنه بالنسبة إلى فتى في سنّ الخامسة.

وتناثرت على الدرجات أغصان مثقلة بأوراق الشجر اللزجة، وقد صدّت طريقهما أحياناً وحثّتهما على العبور فوقها أو تحتها. حتى الدرجات اتبعت مساراً حلزونياًً وكانت قديمة أو مكسورة في معظم الأحيان. لم يسبق أن مرت بوضع كهذا، لكن أحدهم أخبرها بأنه الطريق الوحيد وبأن الرجل سينتظرها عند الطرف الآخر من المنطقة.

عندما وصلا إلى أسفل الأدراج، تحسن مزاج ابنها وقال: «الحقي بي». كانت هذه لعبته المفضّلة وانطلق مسرعاً على العشب، فأصيبت بالهلع، مع أنها لم تشأ تنقل إليه خوفها. لحقت به في الممر الضيق المحاط بالأشجار أمامها، وأضاعته لهنيهة. حتى أنها اضطرت إلى مناداته مرّات عدّة حتى سمعته يجيبها في نهاية المطاف.

بقيت قدماهما تغرقان في الأرض الكثيرة النباتات، لكن سرعان ما ظهر طريق ووصلا إلى فسحة شاسعة، هي أشبه بالمتنزه، يتطلب اجتيازها 40 دقيقة تقريباً. وهذا ما قيل لها.

مع أن المسافة كانت لا تزال طويلة وهي لم تجتز إلا جزءاً ضئيلاً منها، لحظت الكلب على الفور. وبدا لها أكبر حجماً مما هو عليه، علماً أنه من النوع الصغير القصير القوائم. وعرفت أن الكلاب تنتمي إلى فصائل مختلفة: الدالماسي والشيواوا وإلى ما هنالك، لكنها لم تحفظ أسماءها يوماً. وفيما كان الكلب يقترب منها ومن ابنها، تساءلت حول ما إذا كان يبحث عن كرة مخبأة وسط الأعشاب. لكنها لم ترَ أي كرة، والكلب المسرع الذي أحيط عنقه بطوق مكسو بمسامير جاء من حيث لا تدري، وراح يقفز في الأفق كالظل، ثم اتجه إليهما. لم يكن صاحبه موجوداً وهي لم ترَ أيّ أثر لكائن بشري.

رأى الفتى الكلب وتوقف، ناظراً إليه بفضول أولاً، ثمّ بهلع. لم يسع أمه غير الصراخ والبدء بالركض... فالكلب أوقع ابنها أرضاً وبدأ يعضّه، بل وينهشه بشراسة.

كانت تنتعل حذاءً ثقيلاً لم تحكم ربطه وأمكنها ضرب الكلب بقوة على جانبه، ما بدّد تركيزه وبدا محتاراً. فسحبت الفتى إليها، لكن استحال عليها تفحص جراحه لأنها اضطرّت إلى رفعه بأعلى ما يمكن وهي تركض متعثرة، والكلب لا يزال إلى جانبها، نابحاً وقافزاً وملتوياً في الهواء.

وهي لم تفهم لماذا لم يصبها الكلب بأي ذهول.

وبدأت تصرخ وتنادي وتعرب عن هلعها، لأنها لن تعجز عن حمل ابنها الى هذه المسافة البعيدة. وشعرت بالتعب، فتوقفت وركلت الكلب مجدداً، لكنها أصابت فمه في هذه المرة، ما جعله يفقد الأمل.

وسرعان ما تحرك كلب كبير صوفه طويل من بين النباتات الأبعد مسافةً، وركض باتجاههما. وفيما باشر هجومه على الفتى، أدركت وجود كلاب كثيرة من حولها، من الألوان والأحجام كافةً، وهي خرجت من بين النباتات الأرضية المحيطة بها... من الذي ناداها؟ ولمَ كانت هناك؟

فقدت توازنـها بعد أن تعـرضت للدفع، ثم وقعت على الأرض، محـاولـةً تـغطيـة ابـنها. التـفـت الحيـوانات حولها ضاجّةّ على شكل دائري وكان على الكلاب تمزيقها للوصول إلى ابنها، وما كان ذلك ليستغرق وقتاً طويلاً، فعددها كان كبيراً. هي تتضوّر جوعاً.



____________________________
**حنيف قريشي .. كل ما اعرفه عنه انه كاتب بريطاني المولد باكستاني الجذور .. للأسف لم اقرأ له من قبل, هذه اول مرة.
09-27-2006, 07:03 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ياريموثا غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,523
الانضمام: Dec 2005
مشاركة: #9
أدباء من العالم يكتبون نصوصاً من أجل أطفال لبنان

المصدر ............... دار الحياة



ارجو من زوار الساحة ان يضعوا ما لديهم عن هؤلاء الادباء و غيرهم ممن اسهموا في إثراء الكتاب ''لبنان لبنان '' .
09-27-2006, 07:08 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أطفال منتصف الليل - سلمان رشدي ali alik 0 908 01-21-2012, 06:02 PM
آخر رد: ali alik
  كتاب العالم مستوي العالم مسطح ...توماس فريدمان " نسخة جديدة " ali alik 0 2,258 02-20-2010, 09:42 PM
آخر رد: ali alik

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS