كنوز الشيخ علي خليفة ...
كنوز الشيخ علي خليفة
لدي إحساس بأنني ساموت و أنا متعمشق بجهاز التحكم عن بعد التلفزيوني ,مرض مستعص لا استطيع منه فكاكا و كأن شيئا يبقيني ملتصقا بجهاز التلفزيون و عيوني مبحلقة على اقصى إتساع تلتقط بنهم كل الصور المعروضة,لا أعرف لماذا اجد كل البرامج ممتعة و كل الأقنية مشوقة ,أتابع حاليا بكل الشغف المطلوب مجلس تعزية متعدد الحلقات يقيمة الشيخ عبد الحميد المهاجر و يرافقة الرادود باسم الكربلائي على قناة الأنوار,أسلوب ساحر يملكة المهاجر و كأنه يحمل بيده جهاز تحكم عن بعد هو الآخر يقيم الحسينية المكتظة بالرواد عن آخرها و يقعدة بمجرد تغيير لكنة صوتة فيفجر الدموع و الآهات و "الونات" على مصرع الإمام الحسن,أجزم أن المهاجر قرأ قصة موت الحسن عشرات المرات و أجزم أن المستمع سمعها كذلك عشرات المرات و لكن المهاجر لا زال قادرا على إستخراج الدموع من محاجرها بذات القصة , الرادود الكربلائي هو الآخر "بلوه مصبره" يقف بثبات بقامته الدقيقة النحيلة و يضبط بيده اليمنى إيقاعات الحزن المنظم و يحمل بيده اليسرى ورقة فيها شعرا ملوعا يبكي الحسن و يسب مروان و هند, و كل ذلك بلكنة واثقة تتخذ من الحزن شعارا عريضا, الحزن لا يبقى حزنا و لكنة "يتطور" ليصبح نقمة تترد صداها مع مئات الأكف التي تلطم الصدور بتحدي .
قناة الأنوار واحدة من مئات القنوات المتنوعة التي يزخر بها قمر النايل سات, و هذه نعمة لأمثالي ممن أتخذوا "من التلفزيون وليا",يتيح النايل سات قنوات سياسية و إجتماعية و رياضية و مذهبية , و اصبح هناك تخصصات ضمن التخصصات , غناء قديم و غناء حديث , أفلام قديمة و أخرى حديثة , قنوات رياضية لكرة القدم فقط , و هناك أقنية لطيفة تتيح للمشاهد الذي يأس من الطب الحديث و أفلس معه الطب الشعبي و لم يتحسن على الأبر الصينية ,أن يجرب دواءا جديدا هو اي القرآن على يد "اطباء" شباب يتلون القرآن بنفس جديد و روح عصرية بدون تعقيدات الإعراب أو الإلتزام بالنحو , و حتى دون الإلتزام بترتيب آيات مصحف عثمان , و دونما إهتمام بقراءة ورش و لا قراءة عاصم , اقرب تلك القنوات الى نفسي قناة تدعى كنوز , و اشد "اطباء" قناة كنوز تأثيرا شخصا يدعى "الشيخ" علي خليفة.
من شدة تعلقي ببرنامج الشيخ علي اقطع متابعتي الباسمة لمسلسل "شو حكينا" لسامية جزائري و حسام تحسين بك على قناة فنون لألتحق بعلي خليفة "الشيخ" الشاب صاحب السوالف الطويلة و الملامح المتناسبة التي تشبه الى حد بعيد ملامح المطرب ملحم زين ,علي خليفة صاحب قدرات "خرافية" يخبرك بأوجاعك و مصائبك و يسمي لك الجن الذي يتلبسك و يحدد لك نوع السحر المعمول لك , و بعد أن يعطيك تشخصيا وافيا لمصائبك , يعطيك "روشتة" رشيقة , خفيفة تتلخص بقراءة ايات منتخبة من القرآن لا تتعدى الأربعة أو الخمسة و يطلب منك قرائتها و يخبرك بكل الثقة التي تليق به , بعدد الأيام اللازمة لك لتستعيد صحتك أو مالك أو زوجك أو زوجتك الهاربة مع جارك , و قد تكون بعض الحالات عويصة كإعراض الشبان عن الزواج من سيدة ما ,فعندها يجرد الشيخ صوته فيقرأ أدعية و تمائم و يلحقها بعزائم , على الهواء مباشرة , و ما أن تغلق السيدة طالبة الزواج الخط الهاتفي حتى يتدفق العرسان على ابوابها كالموج الهادر.
من شدة ثقة الشيخ علي بنفسه و قدرته على الشفاء , يطلب من مشاهدية معاودة الإتصال مرة ثانية ليبرهن للجميع مدى قدرة لمسته الشافية المعافية, لا أعرف لماذا اجدني في كل مرة اذهب كالمسلوب الى حيث برنامج الشيخ علي خليفة , رغم انني المح في وجهه علامات النصب و و امارات الكذب تتدفق من عباراته المتكررة ,و من الواضح أن علي خليفة يرتجل معظم تشخيصاتة و علاجاته تساعدة طريقته الواثقة في جعل المشاهد يصدق كل الكذب الذي يشاهده .
تتقاطع جلسات المهاجر العزائية مع برنامج علي خليفة ,أفضل عبد الحميد المهاجر , طريقته في القراءة و التعديد تحضر المشاهد جيدا لمرثيات الكربلائي الإيقاعية ,و لكن مازلت مستغربا إنشدادي لهذه البرامج رغم مادتها الفقيرة , ربما هو اسلوبها و كم الإنفعال التي تحتوية..ربما..
|