اكتشاف ضريح هيرودس قد يحسم الجدل حول المسيح
بعد سلسلة "الاكتشافات"والتكهنات الأخيرة:
ضريح هيرودس قد يحسم الجدل حول المسيح
منظر للحصن يظهر برك الحمامات التابعة له
أسامة العيسة من القدس : من المرجح ان يحسم اعلان اكتشاف ضريح الملك هيرودس، الحاكم الروماني لفلسطين الجدل الكبير الذي اثير مؤخرا حول المسيح من خلال الافلام الوثائقية او "الاكتشافات" الاخيرة حوله وحول"ابنه " .وقال البروفيسور ايهود نيتسر من الجامعة العبرية في القدس، انه تم اكتشاف ضريح هيرودس بالقرب من حصن الهيروديوم، شرق بيت لحم، في صحراء البحر الميت، التي يطلق عليها الإسرائيليون صحراء يهودا.
وكان معروفا للاثاريين والمؤرخين بان ضريح هيرودس موجود في الهيروديوم، ولكن لم يتم تحديد مكانه أبدا، رغم الحملات الأثرية التي لم تنته منذ سنوات طويلة.ومن المتوقع أن هذا الاكتشاف سيجد اهتماما كبيرا لدى علماء الآثار والمؤرخين في العالم، عن هيرودس الادومي العربي، الذي عرف بتشييده لقلاع وقصور ومدن ما زالت ماثلة في فلسطين والأردن وسوريا، واشهرها بالإضافة إلى حصن الهيروديوم، قلعة مسعدة ومدينة قيسارية على ساحل البحر المتوسط، وقلة مكارو قرب مادبا شرق الأردن.
وفي العام 1994، عندما بدأت السلطة الفلسطينية تتسلم بعض الصلاحيات السياحية من حكومة الاحتلال الإسرائيلي، احتفظت إسرائيل بحصن الهيروديوم الذي يقع في منطقة تسكنها عشائر التعامرة.وارتبط اسم هيرودوس في الميثولوجيا الدينية المسيحية بقصة قتل أطفال بيت لحم عشية مولد السيد المسيح فسجل اسمه في الذاكرة والكتب الدينية كسفاح ومجرم، وهو الرأي الذي لم يؤثر على معظم الباحثين الذين ما زالوا يعقدون مؤتمرات عالمية لدراسة عصره.
ومن بين هذه المؤتمرات، مثلا، ما عقد في المركز الثقافي في المتحف البريطاني ما بين 17-19 نيسان (أبريل) 2001، والذي تقدم فيه 37 باحثًاً بآخر ما توصلوا إليه من دراسات في ما يتعلق بتاريخ المشرق العربي، وساهم في نقاشات المؤتمر 500 باحث جاءوا من أميركا وأوروبا وإسرائيل، ولم يحضر من العرب سوى اثنين من الأردن.وتعتبر فترة حكم هيرودوس في ظل الإمبراطورية الرومانية ما يمكن تسميته بأول استقلال ذاتي للبلاد التي حكمها والتي شملت بالإضافة إلى فلسطين، شرق الأردن وجنوب سوريا، ويذكر أن التمثال الوحيد الذي وجد له كان في جنوب سوريا.
وأيضًًا اعتبر حكمه نوعًا من الحكم العلماني بمفاهيم هذا العصر، ففي فترة حكمه منع تطبيق الشرائع اليهودية في المسائل المدنية وحصرها في القضايا الدينية، وطبق القوانين الرومانية على رعاياه واختار معاونيه من الادوميين والفينيقيين والمصريين. وتعود علاقة هيرودوس مع الرومان إلى تعاون والده انتيباتر معهم عند وصولهم إلى بلاد الشام في عام 63 قبل الميلاد، ونظرًا لخدماته التي قدمها للرومان عين حاكماً على فلسطين.
وبعد مقتل يوليوس قيصر على سلم مجلس الشيوخ، إثر محاولته الفاشلة لجعل حكم الإمبراطورية وراثيا من بعده، دبت الفوضى في أنحاء الإمبراطورية، وحاولت عدة أقاليم الاستقلال عن الإمبراطورية الرومانية، وقدم إلى الشرق القائد الفذ مارك انتوني الذي خاض طوال ثلاث سنوات حروبًا ضد المتمردين، حتى عاد الاستقرار وعين هيرودوس الذي دعم ووالده انتيباتر مارك انتوني في حروبه، حاكمًا على فلسطين بعد موت والده.
ومن المعروف عمق العلاقة التي ربطت بين الرجلين: هيرودوس العسقلاني الادومي، ومارك انتوني الروماني، وبسبب هذه العلاقة على الأرجح غض هيرودس النظر عن خطة وضعها للتخلص من ملكة مصر كليوباترا، زوجة انتوني، التي كان يكرهها كثيرا، وكانت كليوباترا تزور فلسطين لوجود مزارع لها في مدية أريحا، وهي مدينة أعاد هيرودوس بناءها مثل مدن فلسطينية أخرى كسبسطية وقيسارية وغيرها.
حصن الهيروديوم
وبني هيروديون حصن الهيروديوم على تلة اصطناعية، ويطلق عليه السكان المحليون (جبل الفريديس) وله تسميه أخرى هي (جبل الإفرنج)، وهو مخروطي الشكل قطره 290 قدما، ويمكن منه رؤية مواقع في القدس وغور الأردن وجبال مؤاب الأردنية والبحر الميت ومناطق مختلفة من بيت لحم والمدن والقرى المجاورة لها بالإضافة إلى قرى وخرب عرب التعامرة.
وتوجد في الحصن بقايا غرف وحمامات وأبراج مراقبة، عملت سلطات الاحتلال على إغلاقها، وكان الصليبيون في القرون الوسطى حولوا هذا القصر إلى قلعة حصينة وحولوا قسما منه إلى كنيسة. وتقع المنطقة التي يوجد الهيروديوم فيها، على مخزون مائي كبير واحتياطي وافر من المياه الجوفية، وهذا أحد أسباب سيطرة حكومة الاحتلال على المنطقة وبناء المستوطنات وتوسيعها فيها.
وطوال السنوات الماضية، كان الاثاريون في العالم يراقبون ما يجريه الإسرائيليون في الهيروديوم، من حفريات، للاعتقاد، بان أي كشف عن ضريح هيرودس، سيساهم في الكشف أيضا عن حقيقة المسيح في مصادر أخرى غير الكتب الدينية التي ينظر إليها بأنها كتب غير تاريخية في النهاية.
ويقول جورج سمور، الذي تولى مسؤولية السياحة والآثار في الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية قبل إنشاء السلطة الفلسطينية، ان الإسرائيليين صرفوا مبالغ طائلة على هذا الموقع في محاولة للكشف عما يخبئه.
وحسب ما هو متواتر فان هيرودس، توفي بمرض السفلس في قصره الشتوي في أريحا، وحسب وصيته وضع في صندوق من الرصاص ومعه يومياته ومذكراته ثم نقل إلى قصره في برية القدس ودفن في مكان ما به، وكان حارسه الشخصي يقف أمام القبر ويستدعي الجنود الذي اشرفوا على الدفن واحدا اثر الأخر فيقتله لكي يبقى مكان الدفن سرا.
ويعتقد كثير من الباحثين أن العثور على قبر هيرودس ويومياته سيحدث ثورة في علم التاريخ والتراث وسيقدم معلومات عن حقبة يكتنفها الغموض في التاريخ الديني المسيحي.
وقال سمور لمراسلنا ان الإسرائيليين تعاونوا مع بعثات أثرية ألمانية، وتم إحضار معدات من ألمانيا لمسح منطقة القصر بالكامل لمعرفة أين توجد فراغات يمكن أن يكون القبر تحتها، ولكنها باءت بالفشل.
ويؤكد سمور الذي كان شاهدا على عمليات المسح هذه ان الإسرائيليين الذين عرفوا باهتمامهم بالآثار التي تخصهم فقط، صرفوا ملايين الدولارات من اجل فك لغز هيرودس والمسيح ولكنهم فشلوا انذاك.
والان يعلن باحث إسرائيلي كشفه عن ضريح هيرودس، ويبقى السؤال مطروحا؟ هل يؤدي هذا الكشف الأثري المذهل، إلى تقديم ما يساعد على تسليط الضوء على حقبة غيرت وجه العالم؟ عندما انطلقت رسالة المسيح.