احذروا المدرسات والمدرسين الإسلاميين لأنهم يحولون أبناءكم إلى انتحاريين

عارف علوان*

يعتبر التعليم من أهم العوامل تأثيراً في حياة التلميذ. وهو يسبق البيت من الناحية التربوية، إذ يشعر الصبي أو الصبية داخل المدرسة أنهما حرّان من توجيه الوالدين، ووسط مجموعة كبيرة من الأفكار والعادات والمظاهر الجديدة، يبدأا معها أولى تجاربهما الشخصية الانطباعية عندما تلاقي تركيبتهما النفسية المؤثر المناسب فتستجيب له قبل غيره.

ويواجه التلاميذ داخل المدرسة والفصل التفاعلات الأولى مع شرائح متنوعة من المحيط الاجتماعي، كما يعيشون التجاذبات الصعبة لخياراتهما الأخلاقية والنفسية. وفي هذه الفترة أيضاً تنمو الأحاسيس العاطفية البكر لهم في صداقاتهم وتجاه معلميهم، من حب أو كره أو خوف. وغالباً ما يتصيد المدرسون والمدرسات الحالة النفسية المبكرة للتلاميذ من ميل إلى الدرس والاجتهاد لرعايته وتطويره فينشأ المتفوقون، بينما يتصيد آخرون الجوانب الهشة والسريعة لدى التلميذ لتدمير نفسيته، أو إجباره على الانصياع لوجهات نظرهم في الحياة، أو، وهذا الأخطر، توجيهه نحو الأفكار الدينية المتشددة.
ومن التجارب المختلفة التي عاشتها المنطقة العربية مع الإرهاب، بدءاً بالجماعات الإسلامية في مصر إلى بن لادن وما تفرخ منهما من خلايا انتحارية، ظهر أن قادة الحركات الإسلامية اعتمدوا مهنة التربية في زرع التشدد الديني في عقول وعواطف الناشئة منذ الابتدائية إلى الجامعة. وكان مؤسس جماعة الأخوان المصرية حسن البنا قد ركز على المدرسة أكثر من الجامع في نشر دعايته التكفيرية، وأحاط المدرسين باهتمام خاص، أولاً: لأنهم يقدمون للجماعة عناصر هيئت نفسياً وعقلياً على قبول ما يقال لها بعدئذ أو يطلب منها. ثانياً: لأن المدارس الابتدائية والثانوية كانت بعيدة عن أنظار السلطة أكثر مما هو الحال مع الجامع بسبب طابعه الحشدي.
وبقيت المدرسة والجامعة أهم أماكن تخصيب وإعداد الملتزمين بفكر الجماعة وطريقة عملها، الذي يستدعي الطاعة العمياء والسرية التامة. وما زال المفكرون العرب الذين اهتموا بدراسة الإرهاب الديني ينظرون باستغراب إلى تخرج الطلبة الأصوليين من جامعات علمية في مجال الفلك الحديث والطب والرياضيات والفيزياء، مع ذلك يحتفظون بأفكارهم السلفية والظلامية التي زرعتها في عقولهم الجماعات الإسلامية، كما لو أن العلم، وهو الأكثر خضوعاً للتجريب ويعتمد البراهين المحسوسة، لم يؤثر بأي حال على أفكار الجماعات الأصولية المعتمدة أساساً على الغيبيات والأحاديث القائمة على أقاويل متضاربة واجتهادات تحمل معاني وتفسيرات متنوعة لا يمكن القطع بأي منها.

وفي الحقيقة أن ما يقوم به المدرسون والمدرسات الإسلاميات هو عملية غسيل دماغ طويلة، تبدأ بمرحلة الطراوة العقلية للتلاميذ، حيث يبقى التأثير راسخاً إلى مرحلة الجامعة، التي تضاف للطالب الإخواني فيها الأفكار والتعاليم الأيديولوجية الدينية، من استعلاء على بقية المسلمين وتكفيرهم، إلى مبادئ عمل الجماعة وحججها ضد معارضيها، وإخضاع العنصر الجديد لقراءة كتب دينية معينة من دون أن يترك بعيداً عن قبضة المؤثرات السلفية حتى لدى دراسته في بلدان أجنبية.
وبهذا تكون عملية غسيل الدماغ متكاملة، يصعب التيقظ منها إلا بصدمة قوية. وبالنسبة لهذا النموذج من الطلبة تعتمد الجماعات الإسلامية على البعض منهم ليكونوا قادة أيديولوجيين في المستقبل. أما بعض خريجي الإعدادية والثانوية الذين يرسلون للقيام بأعمال انتحارية، فتكفي الواحد منهم صدمة خفيفة ليصحو من عملية غسيل الدماغ ويعود إلى رشده الطبيعي.

كان الأوربيون والأمريكان أول من انتبه في بداية التسعينات إلى أن انتشار أفكار التعصب الديني في بعض البلدان العربية، خاصة في مصر، سيكون عامل عدم استقرار في المنطقة، وقد يمتد إلى بقية العالم. وفي عهد الرئيس كلينتون وجهت الإدارة الأمريكية تحذيرات، ثم ضغوطاً على عدد من الحكومات العربية لتعديل مناهج التعليم، لأنها المصدر الرئيسي لنشر الأفكار الإرهابية.
وقتها لم تتعامل تلك الحكومات بجدية مع التحذيرات والضغوط، وبعد أحداث 11 سبتمبر أصبح تعديل مناهج التعليم العربية موضوعاً يشغل الشرق والغرب على حد سواء، وبالفعل استجابت دوائر التعليم العربية إلى طلب إعادة النظر في المناهج القديمة وتعديل بعضها، أو حذف بعضها الآخر، خاصة إثر انتقال العمليات الإرهابية إلى المنطقة العربية بعد نجاح أمريكا في منع "القاعدة" من اختراق أمنها.

إلا أن الأمر الذي لم تنتبه إليه الحكومات، أو لم تأخذه على محمل الجد بما يكفي هو دور المدرسات والمدرسين الإسلاميين في نشر وترسيخ أفكار التشدد الديني. فقد عرفت دول الخليج في فترة نموها الاقتصادي والتعليمي الحاجة إلى المدرسات والمدرسين العرب لتدعيم جهازها التربوي الناشئ، فتوجهت أعداد كبيرة من الخريجين إلى الخليج، حملوا معهم أفكار التعصب والتكفير، مثلما حمل قسم آخر الأفكار المعتدلة والتركيز على المنهج الدراسي البحت، مما يسمح للتلاميذ بالاطلاع والتفتح على كل الأفكار من دون نبذ نوع معين منها لصالح نوع آخر.

كان من بين المدرسات والمدرسين المصريين والفلسطينيين والسوريين، حيث تنشط جماعات الإخوان في بلدانهم، أعداد هائلة من المتشبعين بالفكر الأصولي المتشدد، المنغلق على أيديولوجية الإخوان المعروفة بتزمتها ولجوئها إلى الإرهاب بهدف إشاعة الفوضى الأمنية والقتل والاغتيالات لاستلام السلطة بقوة العمل الانقلابي.

ثم ذهبت الموجات الأكبر من المدرسات والمدرسين الإسلاميين إلى الجزائر لتنفيذ مشروع التعريب الذي خططت له الحكومة الجزائرية ودعمته، مالياً، بعض الدول العربية الغنية. وحمل ذهابها معه عدم أمانة هؤلاء المدرسين والمدرسات للمهنة التي يعيشون من ورائها، وحرصهم، بدلاً من ذلك، على نشر الأفكار السلفية المتطرفة التي جمدت تفكيرهم وعقولهم عند حدود ضيقة من الاطلاع والتعلم، فنشروها بين أبناء سكان القرى والمدن الجبلية في الجزائر، وحولوا ثلاثة أجيال منهم إلى أصوليين لا يعرفون عن الحياة غير التشدد الديني والتعصب ضد الشعوب الأوربية على الجانب الشمالي من البحر المتوسط. وقد ظهر لاحقاً الأثر السيئ لهذا النوع من التربية المشوهة عندما شكل عدد من الجزائريين جماعات سلفية صغيرة، تحولت بمرور الأيام إلى أحزاب كبيرة مهنتها الوحيدة العنف الذي لم يسبق للعالم أن شهد أكثر وحشية منه. وكانت عمليات قطع رقاب الأطفال أبرز سماته!

أما في مصر ودول الخليج، فقد انتشرت نفس الأفكار بين ملايين التلاميذ وطلبة الجامعات، ومنهم زودت الحركات الإسلامية ميادين عملها الإرهابي الجهادي بآلاف الانتحاريين، ظهروا في أفغانستان وفلسطين ثم العراق بعد الاحتلال الأمريكي، وانكفأ عدد كبير منهم ضد بلدانهم لقتل الأبرياء من أبناء أوطانهم من أجل إثبات وجودهم وممارسة العنف المبثوث في نفوسهم وعقولهم، ذلك أن العنف مثل الجذام، إذا غزا ألياف الجلد يحتاج بعدئذ الحك الدائم لإخراج الصديد المخزون فيها!

وتعود ظاهرة استمرار تفريخ العنف والإرهاب في المنطقة العربية إلى عاملين، الأول: إن النشاط السلفي ما زال يعمل بحرية في جميع البلدان العربية عبر أحزاب وجماعات علنية أو سرية. والثاني: إن عملية تحديث وتعديل مناهج التعليم لم تصبح مؤثرة مع وجود مدرسات ومدرسين ينشرون نفس أفكار التشدد والجهاد بين صفوف التلاميذ بعد أن رفعت من المناهج.

آخر حديث سمعته في هذا المجال جاء على لسان تلميذ شجاع من العراق (محمد) كان يجادل مذيعاً لهيئة الإذاعة البريطانية في برنامج قدم في الحادي عشر من أبريل الجاري، ويشكو من مدّرسة قال إنها تأخذ سطراً من حديث أو آية وتتحول من خلاله إلى موضوع آخر لا علاقة له بالموضوع الأساسي، لتبث أفكاراً ضد التسامح، وتحاول تغليب فكر طائفي معين على فكر طائفي آخر!

وتستغل المدرسات والمدرسين الإسلاميين خوف التلاميذ من نقل شكاواهم إلى مدير المدرسة، أو آبائهم، لمعالجة استغلال التدريس لنشر الفكر السلفي داخل الفصل. وفي هذا المجال شهدت دول الخليج قصصاً كثيرة عن تسلط بعض المدرسات والمدرسين المصريين والفلسطينيين والسوريين ممن ينتمون إلى الإخوان المسلمين على التلاميذ، أبرزها فضيحة تدمير حياة تلميذة (م) في إمارة رأس الخيمة ظلت إحدى المدّرسات (أ. المصري) تطاردها بأفكار غريبة، مثل أن الحيض يحدث لأن الشيطان يتسلل إلى جسد الفتاة ويقطع الأوردة الدموية دون أن تشعر، ولمنع عمل الشيطان هذا عليها أن تكثف الصلوات وتردد الأدعية في فترة العادة الشهرية. وقد انتهت المطاردة بإصابة تلك الفتاة بحالة مرضية من القنوط والنكوص النفسي نقلت على أثرها إلى المستشفى، مما حمل والديها على إقامة شكوى على المدرسة تابعتها صحف الخليج يومئذ، فنشرت إحداها بيت أحمد شوقي المعروف عن المعلم بالشكل المستهجن التالي:

قم للمعلم وأعطه البرسيما كاد المعلم أن يكون بهيما

في تلك الحالة-الفضيحة قرر القضاء فصل المدّرسة، إلا أن الجماعات السلفية التي كانت تسيطر على جهاز التعليم في الإمارة المذكورة ردت على قرار المحكمة بتكريم المدّرسة في تحد صلف، والسماح لها بإلقاء محاضرات وخطب دينية من على منابر جامعات الإمارة! لكن، عندما يصادف وجود مدراء سلفيين، تصبح حياة التلاميذ والمدرسين المعتدلين جحيماً في تلك المدرسة. وهذا ما حدث أيضاً لمدرسة وجدوها في فترة الاستراحة تقرأ كتاب المفكر محمد أركون "نقد العقل الإسلامي" فأحالتها المديرة (م. الـ. ظ) إلى لجنة شكلتها وزارة التربية اقتصر التحقيق فيها على قبول المدرسة فكرة الكاتب عن محاكمة العقل الإسلامي، كون العقل الإسلامي هو الذي يحاكم ولا يجوز لأحد محاكمته! وجاء القرار النهائي لصالح تشدد المديرة عندما نقلت المدرسة (ف.ف) إلى قرية نائية عقاباً على قراءة مثل هذا الكتاب.

ونحن إذ نتحفظ الآن عن ذكر الأسماء الكاملة في هذه الحوادث، إلا أن ما تشهده المدارس والجامعات من نشاط إسلامي لنشر الأفكار المتشددة بين الناشئة يفوق إحاطتنا به كاملاً، ويستدعي من الأهل مراقبة ما يحدث لأبنائهم من تغيّرات في السلوك أو القول لتلافي وقوعهم في مصيدة المدرسات والمدرسين الإسلاميين، الذين يعتبرون مهمتهم الأولى منع الناشئ من الاطلاع على الأفكار المتنوعة، وحشر عقله وأحاسيسه في اتجاه واحد، متشدد، ويقوم في أغلبه على الخرافات والغيبيات الدينية التي يختارها السلفيون عمداً، لينضم مستقبلاً إلى صفوف الانتحاريين!

* كاتب وروائي عراقي يقيم في إنكلترا


:Asmurf:

يحكى انَ : قروي من الكواجر (وهم رعاة الغنم والبقر الاكراد ويشبهون البدو في التراحل والتناقل بين المراعي) كان جالس يستمع الى محاضرة شيخ الذي كان يتكلم عن الصرط .. الصراط الذي يفصل بين الجنة والنار وكيف ان الصراط هذا بحدة موس الحلاقة وضيق مثل الشعرة .. وان انتَ تباءطت وقعت في الجحيم وان اسرعت ايضاً سوف تسقط في الجحيم (يعني مش خالص مش خالص ).

فرد علية الكوجري بكل سذاجة :شخينا الكوجري دوماً يجد جسراُ يوصلة إلى حيث يريد !!!.


هذا الكوجري الساذج والبسيط وجد الحل ونحن في عصر العلم والفضاء نجد من العقول ما يصغي إلى هولاء البقر ويأكل الحصرم والبرسيم وقشور البطيخ ويصيح اح طيب ؟.


صباح الخير

(f)

محارب النور