الزملاء المحترمون .(f):73:
أرى ان أفضل ما نفعله في دوائر الحوار هو أن نتحاور مباشرة بدون مقدمات طويلة ، و لهذا اسمحوا لي أن أذهب مباشرة إلى هذا الهدف .. فقط بعد تحية رقيقة و تمنيات مخلصة لكم جميعا بالحرية و العدل و الرفاهية.
في هذا الشريط سوف أطرح للحوار مجموعة من الأفكار عن الحرية قدمها الفيلسوف الليبرالي الأشهر جون استيوارت مل ، هذه الأفكار أقدمها لكم بشكل نقاط موجزة معتمدا على كتاب مل الشهير بنفس العنوان ، فما من مفكر غربي عرض للحرية عن اقتناع و إيمان كما فعل جون ستيوارت مل في كتابه هذا ( عن الحرية ) ، وما من كتاب أصبح من أمهات الكتب مثل هذا الكتاب الذي دافع فيه صاحبه عن قيم الحرية بشكل عقلاني بالغ الإقناع . هذه الأفكار كلها خاضعة للمناقشة ، راجيا أن يعتير كل زميل أن الشريط هو مائدة مستديرة و أنه مشارك في هذا الشريط على قدم المساوة و ما دوري سوى التنسيق و التعليق على بعض النقاط كأي مشارك آخر ، فلست بالضرورة موافق تماما على كل أفكار جون ستيوارت مل ، فقط أود التنويه أن أفكاري الخاصة أثناء العرض ستكون بين قوسين .
يقسم مل كتابه إلى خمسة فصول ، فالأول تمهيد لفكرة الحرية و الثاني لحرية الفكر و المناقشة ثم فصل ثالث عن الفردية ،و أما الرابع فعن سلطة المجتمع و الفرد و الخامس تطبيقات لمبادئه و آرائه ،وسوف استعرض الفصول الأربع الأول بشكل سريع و لكن كما أعتقد مكثف .
فكرة الحرية .
1- نشأ مفهوم الحرية نتيجة التقدم الذي أحرزته فصائل متطورة من بني الإنسان ( و ليس بشكل طبيعي ،و ليس لكل البشر ) ، و انبثق هذا المفهوم في البداية من أجل تقييد سلطة الحاكم من قبل المحكومين ، و ظهرت بعد ذلك الأنظمة الديمقراطية ، فأصبح القائمون على السلطة وكلاء عن الشعب ،و تتمثل إرادتهم إرادة الأمة مدة إنابتهم عنها .
2- لا تمثل السلطة الإرادة العامة و لكن إرادة الأغلبية ، مما قد يمثل ضيما على الأقلية ، لذا يجب تقييد سلطة الحاكم على المحكومين حتى لو كانت ديمقراطية .
3- إن اخطر ما يتعرض له الفرد هو استبداد المجتمع ، الذي يسعى لإخضاع أفراده إلى تقاليد و عادات ، قد يسندها العقل أو تقوم على الأهواء ،وأظهر ما يكون ذلك في العقيدة الدينية . أدت الصراعات التاريخية إلى تقرير الحريات الدينية ، فالصراعات الدينية تعكر على المجتمع صفوه .و لكن هذا الحق ما زال مقيدا ، فلا يسمح المجتمع عادة بنقد العقيدة و إن أجاز نقد المؤسسة الدينية ، و هذا يعوق حرية الفكر و الضمير .
4- لا يجوز التعرض لحرية الفرد إلا لحماية الغير منه أو لإجباره على القيام بعمل ينفع به الآخرين مثل الدفاع عن الوطن أو أداء الشهادة في المحاكم ، ولا يجوز إجبار الفرد انتهاج سلوك معين حتى لحمايته من الإضرار بنفسه و ماله . و لكن هذا لا ينطبق على الأطفال و المراهقين ،و أيضا لا ينطبق على الشعوب المتخلفة ، فهي أشبه بالقاصر الذي يحتاج إلى الرعاية و التوجيه .
5- لا يجوز منح الحرية قبل أن يصبح الشعب ناضجا و مدركا لصالحه ، يعي حرية المناقشة و يعرف معنى المساواة ،و إلا وجبت عليه الطاعة المطلقة لحاكمه .
6- لا يجوز التدخل فيما يتصل بسلوك الفرد ولا يؤثر في سلوك الغير سوى طوعا ، فهي المنطقة الحرام في حرية الإنسان و تشمل : حرية الضمير و العقيدة ، حرية الفرد في اختيار ما يوافق ذوقه و مزاجه ، حرية الاجتماع للراشدين دون إكراه ولا تدليس .
7- يرى مل أن الناس نزاعين إلى فرض آرائهم وميولهم على الغير ، مستخدمين في ذلك عناصر القوة ،وهي في تزايد مستمر ،ولن يردعها سوى الضمير .
سوف اتوقف عند هذه المرحلة و أطرحها للنقاش على من يشاء ،وسوف أستكمل الباقي تباعا ،و لكن بعد تعليقات محددة على هذه نقاط .

[font=System]
اسمحوا لي أن أشارك في هذا الموضوع مباشرة منتظرا مشاركاتكم لو كان هذا ملائما ، و سوف أتناول مجموعة من النقاط بشكل منفصل .
النقطة الأولى :هل مفهوم الحرية هو منتج طبيعي للجميع أم خاص بمجتمع دون آخر ؟.
حسنا .. مبدئيا أود أن أقول أننا لفرط حماسنا لأنفسنا ننسى أن الحرية بمفهومها الليبرالي المعاصر نشأ نتيجة التقدم الذي أحرزته بعض و ليس كل المجتمعات البشرية . فقط هناك فصائل محددة من بني الإنسان عرفت و طورت الحرية التي نعرفها في عالم اليوم ، فلم يظهر مفهوم الحرية بشكل طبيعي و لم يظهر لكل البشر ! .
انبثق هذا المفهوم في البداية في روما القديمة ثم حديثا في أوروبا الغربية من أجل تقييد سلطة الحاكم من قبل المحكومين ، و ظهرت بعد ذلك الأنظمة الديمقراطية ، فأصبح القائمون على السلطة وكلاء عن الشعب ،و تتمثل إرادتهم إرادة الأمة مدة إنابتهم عنها ، و نظرا للتفوق المادي و الحربي للغرب أخذت بقية شعوب العالم في تبني الديمقراطية و الحريات الليبرالية ، ونادرا ما كان ذلك يتوافق مع الموروث الثقافي الإستبدادي الذي يضرب بجذوره عميقا في تلك المجتمعات .
هذا المفهوم دخيل أيضا على ثقافة العرب والمسلمين ، و بالرغم من تبنيهم غالبا الأنظمة الديمقراطية شكليا فإن نفوسهم لم تتشرب روح الحرية الليبرالية بعد . بالطبع سننكر جميعا هذا ، فلا أعتقد أن البشر يختلفون حول القيم العليا مثل الحرية و العدل و الأخلاق ،و لكن بمجرد أن نترك حيز المبادئ العامة للتفاصيل تبدأ الخلافات التي ربما تصل لحد التناقض و العداء ، و تجرد الحرية من مفاهيمها بحيث تصبح حرية الإنسان في العبودية !.
إن المفهوم التراثي للحرية هي عكس العبودية ، بمعنى أن الإنسان الحر هو الذي لم يجر عليه رق فلا يباع ولا يشترى ، هذا هو غاية الحرية كما فهمها السلف ، وهذا بالطبع لا علاقة له بمفهوم الحرية كما يفهمه الإنسان المعاصر و الذي يعبر عنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، بل و إلى اليوم مازال المسلمون يدعون الحاكم بولي الأمر واجب الطاعة ،و لا يتعاملون معه كموظف عام ، و لكن كمنصب ديني إلهي المصدر ، وهم يعتقدون أن دينهم يوجب طاعة الحاكم طاعة مطلقة إلا إذا كفر بالله أو خالف أوامره ، دون أن يسألوا أنفسهم وما دخل الدين و الله في تأدية الموظف لواجبات وظيفته ؟!.نتيجة لذلك المفهوم التراثي و غيره لم يتحمس العرب كثيرا للديمقراطية ، فخلال السنوات الثلاثين الأخيرة مثلا ثار المصريون بشدة من أجل كل شيء .. إرتفاع أسعار اللحوم و البوتاجاز في السبعينات، و شائعة زيادة فترة خدمة مجندي الأمن المركزي في الثمانينات و بسبب كتاب لم يقرأه أحد في التسعينات ،و افتتحوا الألفية الجديدة في عمرهم المديد بمظاهرات صاخبة من أجل مسرحية مشكوك فيها داخل كنيسة صغيرة و رسوم كاريكاتيرية في الدانيمارك ،ولكنهم خلال تلك الفترة لم يذهبوا أبدا إلى صناديق الإنتخاب بشكل حقيقي فعال ، إني أضرب مثلا بمصر لأنها وطني و حتى لا أزعج أحدا و لكن هل الحال في باقي الشعوب العربية مختلف كثيرا ؟.[/font]

سأستمر في وضع التعليقات على مبادئ الحرية التي وضعها جون ستيوارت مل لعل و عسى يشاركنا أحد الزملاء في البحث عن أسس الحرية و روحها كما يفهمها الرجال و النساء في المجتمعات المتحضرة حقا .

ثانيا : فكرة تقييد سلطة الحاكم على المحكومين حتى لو كانت ديمقراطية .
الفكرة الأساسية في ذلك هي أن سلطة الحاكم في أفضل الحالات لا تمثل الإرادة العامة و لكن إرادة الأغلبية ، و بالتالي سلطات الحاكم المطلقة ستمثل ضيما على الأقلية ، كما أن الأسبقية في تفاضل الحريات هي للحريات الفردية و لهذا لا يجب تقييدها سوى في أضيق الحدود و لأغراض محددة واضحة و محل توافق من الجميع و ليس فقط من الأغلبية ، هذا المفهوم يتناقض مع الشعارات التي يطلقها فقهاء السلطة في الشرق الأوسط ، فهم يرون أن الحصول على الأغلبية و لنفترض أنها نتيجة إنتخابات نزيهة ، تبيح للحاكم أن يتوسع في سلطاته بغير حدود طالما يبتغي مصالح الشعب ، هذه الأفكار كلها هي تحايل على الحرية ، فكل مساحة للسلطة تعني انتفاص مساحة مقابلة من الحريات التي هي أغلى ما يمتلك الإنسان ، لهذا يجب ألا تكون هناك سلطات إلا لضرورة قصوى و أيضا تحت مراقبة دائمة فعالة من الشعب نفسه كمصدر كل السلطات . هذه الفكرة ترفض بشكل تام السلطات الإستثنائية ختى لو كانت من أجل تحقيق مصلحة عامة ، كذلك ترفض السلطات الدينية المطلقة بدعوى خدمة الآلهة حتى لو ارتضتها الأغلبية .
أوضح مثال تطبيقي هو محاولة بعض من الأغلبية المسلمة في مصر تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على المسيحيين و العلمانيين المصريين بدعوى أن تلك هي إرادة الأغلبية ، مثل هذا الرأي لا يستوعب روح الحريات الليبرالية التي أفرزت فكرة الديمقراطية و حكم الأغلبية ، فسلطة الحاكم لا تشمل فرض عقيدته الدينية و أحكامها على المحكومين حتى لو كان مدعوما بتفويض الأغلبية ، إن القضايا الأساسية التي تمس الحريات العامة و تكبلها لا تفرض بل تجرى بالتراضي و الإتفاق العام بين جميع عناصر الأمة خلال قواعد وضعية يتشارك فيها الجميع .

ثالثا : لا يجوز منح الحرية للشعوب غير الناضجة .

هذا الرأي يبدوا شاذا كونه يصدر عن أكبر فيلسوف مناصر للحريات الليبرالية ، فهل هناك شعوب معاصرة غير ناضجة كفاية كي تمارس الحرية الكاملة ؟، وهل يمكن إدراج الشعوب العربية أو بعضها ضمن تلك الشعوب ؟. وما هي المعايير التي يمكن أن نقيس بها نضج الشعوب و قدرتها على تبني الحريات الحديثة خاصة الديمقراطية الليبرالية ، أليست تلك المقولات المشككة في أهلية الشعوب هي ما يردده الطغاة كي يبرروا استئثارهم بالسلطة ؟، ثم أيضا ما هو البديل ولم يعد هناك آليات مقبولة لتداول السلطة سوى تلك الليبرالية ، حتى أن مختلف الأنظمة غير الليبرالية كالصين و إيران تحاول التوافق مع المعايير الليبرالية في الحكم ، و لكن ألا نشاهد أيضا كيف تفشل شعوب كثيرة في التعاطي مع الحريات ،و كيف تستغل صناديق |لإنتخاب في إضفاء نوعا من الشرعية على أنظمة قمعية سافرة ، ألا نعاين تخبط شعوب كثيرة في ممارسة الحريات السياسية فتأتي بلصوص و تجار المخدرات و الأميين أو بجماعات إرهابية و دينية فاشية إلى قمة السلطة ، ألا نشاهد كيف تخضع الجماهير للرشوة و الإبتزاز باسم الدين فتتحول لديهم صناديق الإنتخاب إلى شحنات متفجرة تدمرهم و تبعثر أشلائهم ، و تحيل حياتهم إلى نوع من الفوضى المهلكة . ألا يدعونا ذلك كله للتوقف طويلا و التفكير عميقا عن إجابة لسؤال حائر .
ما العمل ؟.

3- إن اخطر ما يتعرض له الفرد هو استبداد المجتمع



أوهام المجتمع هي العائق أمام النمو والرشد السياسي
لا البيضة سبقت الدجاجة ولا يحق للدجاجة أن تسبقها :Asmurf:


سأعود

أنتول فرانس قال
يصبح للوهم المتواصل سمات الحقيقة

ومن باب الهدايا قال إبسن
وهم ينعش أفضل من حقيقة تقتل



:Asmurf:

Array
ثالثا : لا يجوز منح الحرية للشعوب غير الناضجة .

هذا الرأي يبدوا شاذا كونه يصدر عن أكبر فيلسوف مناصر للحريات الليبرالية ، فهل هناك شعوب معاصرة غير ناضجة كفاية كي تمارس الحرية الكاملة ؟، وهل يمكن إدراج الشعوب العربية أو بعضها ضمن تلك الشعوب ؟. وما هي المعايير التي يمكن أن نقيس بها نضج الشعوب و قدرتها على تبني الحريات الحديثة خاصة الديمقراطية الليبرالية ، أليست تلك المقولات المشككة في أهلية الشعوب هي ما يردده الطغاة كي يبرروا استئثارهم بالسلطة ؟، ثم أيضا ما هو البديل ولم يعد هناك آليات مقبولة لتداول السلطة سوى تلك الليبرالية ، حتى أن مختلف الأنظمة غير الليبرالية كالصين و إيران تحاول التوافق مع المعايير الليبرالية في الحكم ، و لكن ألا نشاهد أيضا كيف تفشل شعوب كثيرة في التعاطي مع الحريات ،و كيف تستغل صناديق |لإنتخاب في إضفاء نوعا من الشرعية على أنظمة قمعية سافرة ، ألا نعاين تخبط شعوب كثيرة في ممارسة الحريات السياسية فتأتي بلصوص و تجار المخدرات و الأميين أو بجماعات إرهابية و دينية فاشية إلى قمة السلطة ، ألا نشاهد كيف تخضع الجماهير للرشوة و الإبتزاز باسم الدين فتتحول لديهم صناديق الإنتخاب إلى شحنات متفجرة تدمرهم و تبعثر أشلائهم ، و تحيل حياتهم إلى نوع من الفوضى المهلكة . ألا يدعونا ذلك كله للتوقف طويلا و التفكير عميقا عن إجابة لسؤال حائر .
ما العمل ؟.
[/quote]

الزميل المحترم / بهجت (f)

أتفق معك في أن الرأي أعلاه يبدوا شاذا - لكن لخطأ في أسلوب تقرير الجملة و ليس في النتيجة.
فبغض النظر عما قد تحتويه الجملة من تعالي "لا يجوز منح الحرية للشعوب غير الناضجة" فقد يبدوا منها أن الحرية هي هبة تمنح للشعوب و المجتمعات من سلطة تملك هذا الحق أو تستطيع منعه. و هو غير صحيح جملة و لا تفصيلا. و لو كان هذا صحيحا فمن منح الحرية للشعوب المتقدمة الآن؟
فالحرية - بمفهومها العالمي الحالي - لا تمنح و لكن تكتسب. و هي نتيجة كم من التراكمات المعرفية و تباعا الأخلاقية و الإجتماعية - أكثر مما هي هدف أو غاية يجب السعي للوصول إليه.
لكن و للإنصاف - و للأسف أيضا - فقد تبدوا الجملة صحيحة لو فسرناها بما هو قريب من حالتنا الآن - فلن يصح أن تتدخل الدول الغربية بدعاوى نشر الحرية في الشرق الأوسط و هذا بإفتراض النية السليمة لتلك الدعاوى - فالنتيجة نرى جزء منها في العراق.

Arrayفهل هناك شعوب معاصرة غير ناضجة كفاية كي تمارس الحرية الكاملة ؟[/quote]
أرى أن هذا واقعا و إن خالف أمانينا. و الواقع أكبر من أن يفسر بعواطفنا حتى و لو سمت. فالحريات الفردية و حرية الرأي و التعبير و الإعتقاد لا تمثل أي مطلب لمجتمعات الشرق الأوسط أو أفريقيا على سبيل المثال - بل و تتعارض مع قيمها الدينية و مجتمعاتها القبلية. بل و للمفارقة فقد تكون أنظمة حكمها الديكتاتورية أكثر قربا للعالم المعاصر مما قد تسفر عنه تجربة ديموقراطية واحدة - تنتهي بمجرد ظهور نتائجها - و هذا ليس لإنسانية تلك الأنظمة المستبدة الفاسدة - بل لتعلق مصالحها نوعا ما بهذا العالم. و رضوخها لبعضا من شروطه.

Arrayوما هي المعايير التي يمكن أن نقيس بها نضج الشعوب و قدرتها على تبني الحريات الحديثة خاصة الديمقراطية الليبرالية ، أليست تلك المقولات المشككة في أهلية الشعوب هي ما يردده الطغاة كي يبرروا استئثارهم بالسلطة ؟، [/quote]
في الواقع فنحن لسنا بحاجة لتحديد معايير نقيس بها قدرة الشعوب على تبني الحريات و الديموقراطية - لأنه بمجرد وصول الشعوب لوضع نقطة الإنقلاب التي تسمح له بتبني تلك الأنظمة - فسوف تصبح الحرية و الديموقراطية نتيجة حتمية لهذا الوضع.
و يجب ألا ننخدع بمطالبة بعض الشعوب في بعض المناطق - مثل الشرق الأوسط - بالديموقراطية - فمطالبة أغلب فئات المجتمع بالحرية و الديموقراطية زائفة - ففئة الإسلاميين كمثال الإخوان المسلمين بمصر - لا تطالب بالديموقراطية لتطبيق الحريات الفردية و حرية الإعتقاد و التعبير مثلا - بل كسلم للوصول للحكم فقط. و عامة الشعب قد يطالب بالديموقراطية كنوع من المقارنة بينه و بين شعوب الغرب أو تمثلا بقيادات إسلامية أو إعلامية - لكنه يفتقد أبسط مقومات الحوار و الحرية و الديموقراطية حتى على مستوى الأسرة و الشارع. و لا يمكنه إستيعاب أبسط الأمور مثل المواطنة.

Arrayألا يدعونا ذلك كله للتوقف طويلا و التفكير عميقا عن إجابة لسؤال حائر .
ما العمل ؟.[/quote]

السؤال قد يبدو بسيطا لكن قد تستعصي مجرد المحاولة عن الإجابة. أستأذنك في وقت لتجميع الأفكار و محاولة المساهمة في الرد.

خالص إحترامي و تقديري ,,,

احييك استاذنا الكبير بهجت


أظن سيوارت ميل على صواب وهذا ما يثبته الشعب العراقي مثلا ولن أدخل في تفاصيل


اعتقد ان أحد معايير نضوج الشعوب هو انتفاعها قيم الطبقة الوسطى على مختلف الأصعدة وخاصة الثقافية ومن ثم الوجدانية وتبني "البارادايم" التقدمي


يجب اللا ننسى ان الحاكم العربي وعلى سبيل المثال سوريا والعراق كان ذكيا ليلحظ مدى اهمية النخبة المثقفة الليبرالية وكوادر الطبقة الوسطى فقام باضطهادها وحتى تحطيمها واستعانته حتى بالبورجوازية الدينية التقليدية لمحاربة القوى الليبرالية لم يكتف بذلك في بلدانه فقام باضطهادهم ومحاربتهم في بلدان مجاورة.

النخبة الليبرالية هي العدو الطبيعي للدكتاتورية لانها تملك القدرة على تسمية التحديات والتعامل معها

باختصار تم التخلص وبدرجة كبيرة من الرافعة الثقافبة والحضارية والتي لا بد منها لنهوض المجتمع ومن ثم لما يسمى ب"الشعب الناضج"

لقد سبقنا الحاكم خطوات فهو قد اعتمد ويعتمد على شريحة من المثقفيين الانتهازيين والمنتفعين وارباب الدين وتحقق من صدقية مفهوم ستيوارت ميل عن الشعوب بالفطرة وبالتجربة اليومية ووضعنا وجها لوجه امام الحقيقة التي ساهم وازلامه في صنعها
:

اما انا

اول الطوفان

تحياتي لك وللزميل وليد

الأعزاء :97:
البشري .. :97:
تقديري و شكري على مساهمتك .


وليد .:97:
مساهمة تبحر بعيدا إلى حيث العالم جاد و مختلف .. كالعادة .
عاش جون ستيوارت مل ( 1806 – 1873 ) أوج ازدهار الإمبراطورية ، لهذا فهو ربما و لا شعوريا يرى نفسه مسؤولا عن مصير العالم كإنجليزي و أيضا كعضو برلمان ، فهو يقرر من يستحق الحرية ومن لا يستحقها ، رغم هذا الموقف الإستفزازي لا يجب التعامل مع هذه القضية بشكل دوجمائي حماسي كما يفعل البعض الذين قادوا شعوبهم بالشعارات و إلى الهلاك .
إن أعظم ما في الكتابات التأسيسية مثل كتابات جون لوك و جون ستيوارت مل و فولتير و راسل هي أنها تعيد طرح العالم من منظور فريد بسيط و بكر و تدفعنا إلى التفكير و التأمل و إعادة طرح المسلمات كأن العالم يصنع من جديد على أعيننا ، إن فكرة مثل مدى أهلية بعض الشعوب للحرية ما كانت لتخطر ببالي بمثل هذا الوضوح لولا أن أعدت قراءة كتاب مل ( عن الحرية ) منذ سنوات قريبة نوعا وعلى ضوء خبرة لا بأس بها في حياتنا الفكرية و السياسية ،.
من النادر أن تجد أحدا خارج النخب الحاكمة لا يغرد ضمن المعزوفة الديمقراطية ، إنني مثل الجميع كنت أرى أن الديمقراطية الشاملة الناجزة هي استحقاق عصري و ليست خيارا لأحد ،و لكني في الوقت ذاته لا أنكر أن هذا الرأي يتنحى لدي الآن لرؤية مختلفة تقترب من رؤيتك ، المأزق هو أننا لو رفضنا الديمقراطية الآن لأنها ستكون مسدسا في يد طفل أول ما يفعله هو أن يقتل نفسه كما يحدث في العراق و فلسطين ، فلن يكون لدينا أي بديل آخر ، فلا يمكن لأحد تجميد التاريخ طويلا ، وقد جمدناه بلا تبصر حتى أننا نخشى يوما يتوقف التجميد فتمتلأ أنوفنا برائحة التعفن .
انتظارا لمداخلتك القادمة سوف يكون لي عودة.

كامل .:97:
نفتقدك فلا تغب كثيرا .
للحكام دور معوق و لكن إلى أي مدى ؟ .
أشعر أنك تنطلق من تجربة لبنان حيث هناك للحرية عصفور مكبل في معتقلات طغاة الشرق الأوسط ، و لكن هل لكل الشعوب الأخرى ذلك العصفور الحبيس ؟، مداخلتك القصيرة و لكن الموحية تجعلنا نشعر بأن لدينا نفس الأزمة و لكن لأسباب مختلفة ، الرحبانية كانوا يصرخون متوجعين للحرية الزهرة البرية ،و لكن ليس لدينا زهور برية في صحرائنا العربية ، لدينا بترول و جراد و شعوب حبيسة اللحى و النقاب .. شعوب تعشق السوط و النطع و تكره الحرية .. لأن السياط مؤمنة و الحرية كافرة .
يا سيدي..الشعب المصري و ليس الحكومة هو الذي يقوم بالرقابة على الكتب و يتظاهر مطالبا بحرقها ، شعبنا العظيم هو الذي يشي إلى السلطات عن كل نسمة تحاول أن تتسرب متخفية خلال كلمات شاردة ولو في مطبوع نادر يباع على أسوار المراحيض العمومية ، لا شيء يجمع شعوبنا العظيمة مثل العداء للفكر و تكفير الفنون الجادة ، المسلمون ثاروا بعنف بالغ ضد كتاب لم يقرأه أحد ربما لأنه كتاب ، فيكفي بذلك ذنبا ، و سرعان ما لحق بهم إخوانهم في العشوائيات الأقباط فذهبوا إلى القضاء ليس طلبا لحقوقهم السليبة و لكن لمنع فيلم سينمائي لأنهم لا يحبون السيما !، و لما فرغنا من هزيمة الكلمات المعاصرة ، تقدمنا بكل عزيمة خلف الأيدي المتوضئة بالدماء فغزونا ألف ليلة و ليلة و الأغاني و الفتوحات المكية ،و .. معركة حتى النصر .. و إنا لمنتصرون !..
نحن نعيش حالة عقلية متخلفة بحوالي 300-400 سنة عن عصرنا الحالي ، فنحن نطرح الدين كسياسة أمام شعوب تضربها الأمية و الفقر و الأمراض و الطغيان ، فهل تتوقع أن تحسن الاختيار بل حتى أن تعرف ماذا تفعل ؟. المشكلة ليست عيوبا في المذاهب السياسية و الاقتصادية و لكنها في العقول التي لا تميز بين حلقات الذكر و الأحزاب السياسية ، و في الأنظمة التي تسمح بوضع اسم الله في تذاكر الانتخاب كما لو كان مرشحا للرئاسة.
نعم .. ربما كان بشار الأسد هو الذي يكتم أنفاس لبنان ،و لكن المصريين هم الذين يكتمون أنفاس مصر ، يضغطون على حلوقهم و يشكون لأنهم لا يتنفسون !.