اقتباس:هذا صحيح على الصعيد الفردي..
أما على صعيد الأمة فرأينا الفردي محدود في حنايا الرأي الأوسع...
وماذا يعني إجماع الناس على شيء ما؟ ألا ترى في المجتمع العربي بوجه عام نموذج لسيكولوجية هستيريا الجماهير؟ يكفي أن واحد يقول: حرامي! ويصيح الجميع وراءه حرامي! أيضا، ومن جهة أخرى، التفكير الشمولي الذي يسعى لفرض رأي المجموع على الفرد هو أمر مخيف حيث رأينا الشيوعية ومخاطرها وفيها تضيع هويتي كفرد.
اقتباس:وهو هو ما تقوله القاعدة الديمقراطية:
رأي الأكثرية أحق بالتقدير من رأي الفرد
ليس هذا صحيح يا أخ إسماعيل فما هكذا تكون الديموقراطية. الديموقراطية تأخذ بجميع الأراء ويتم التصويت ويتم سماع الجميع ودون رهبة أو خوف أو قمع أو بلطجة. في الديموقراطية رأي إسماعيل أحمد كفرد له قيمته ولا يقل أهمية عن رأي رئيس الجمهورية شخصياً. أخشى أن المجموع يمكن أن يصل في يوم من الأيام ويهدد كينونتي كفرد ويلغيها وكأنها لا تساوي جناح بعوضة.
اقتباس:وهو هو ما دعا له الدين أزلا، حين دعا لامتثال رأي الأمة: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً}النساء115
أوافقك أن الإسلام في جوهره يضع مصلحة الأمة فوق مصلحة الفرد. من جهة الآية الكريمة أحب أن أسألك: كيف يشاقق فرج فودة الله والرسول بتعبيره عن رأيه؟ بالعكس، بإسكاتك فرج فودة تخلق مليون فرج فودة. عندما خرجت من مصر كان أول شيء في بالي أن أبحث عنه في مطار باريس هو أن أجد مجلة جنسية وأشاهدها لأننا تعودنا على الكبح والحرمان. الآن الأمر يختلف ولا أريد أن أرى أي صورة مبتذلة احتراماً لنفسي أولاً وأخيراً. الأمر اختلف لأني هنا أختار دون أن أخشى إله أو نبي ولكن كاقتناع شخصي وترفع شخصي كذلك.
اقتباس:قد يكون لي رأي في أن فلانا أفضل من فلان، والمثل الفلاني أعلى مقاما من سواه، غير أنني أخضع كفرد من المجموع لما تقوله الأمة...
ولماذا تخضع لما تقوله الأمة يا أخ إسماعيل؟ هل الأمة بمعصومة؟ أليس كلنا بشر نصيب ونخطيء؟ ألم يحدث أن تجمع الأمة حتى في عقائدياتها على ضلالة؟ هذا مجرد مثال...
اقتباس:وتقديس النكرات الخارجين على مجتمعاتهم
ومن الذي دفع بالنكرات للخروج على المجتمع يا أخ إسماعيل؟ هل كان خروجهم من فراغ أم أن هناك مهازل ومآسي استدعت خروج النكرات لتتحدث ويكون لها صوت يسمعه عابرو السبيل؟
اقتباس:أنا يا صاح لم أبرر القتل للقتل، ولا أدافع عن القتلة، سواء أولئك الذين يسفكون دماء الإنسان أو شرفه أو كرامته...
كنت أتمنى منك أن تقول شيء بسيط مثل أنك تدين القتل وأن قتل فرج فودة ليس من الإسلام في شيء وأن الإسلام يقدس آدمية النفس البشرية إلخ إلخ. نعم، أنت لم تدافع عن القتل يا إسماعيل ولكنك تفعل ما فعله بيلاطس البلطي حينما صبوا على يده ماء من إناء أو إبريق ثم قال متلمساً البراءة: اللهم إني أبرأ إليك من دم هذا الرجل! هل هذا يكفي يا إسماعيل؟ أيكفي أن تقول: اللهم إنا نبرأ إليك من دم فرج فودة ولكنه يستحق ما لاقى إلخ ؟
اقتباس:ومن يقتل الإنسان بوأد كرامته واستباحة عرضه
ومن يقتل الإنسان بتعبيده لإنسان مثله حتى ولو كان غربيا يملك من السطوة والتقنية ما لا يملكه الشرقي المستباح...
ومن يقتل الإنسان بتجريده من إنسانيته الدينية والحضارية والقومية
كلهم قاتل، وكلهم مدان..
نعم ...تعددت الأسباب والقتل واحد
نعم، القتل بشع، سواء كان قتل للجسد أو قتل للنفس مرة تلو المرة. لهذا أعتبر حافظ الأسد مجرم بحق ما فعل تجاه الإخوان في سوريا وأتأثر عندما أتذكر المذابح التي لحقت بهم في بتر جماعي. هنا لا أتضامن مع الإخوان ولكني أتضامن مع الإنسانية بما تحمله مع قناعات وأقف مع الحق.
اقتباس:وأنا لم أتعود عظة من هو على غير ديني يا أخي إبراهيم وأنت تعلم ذلك، لأنني أخاطب الناس بما يعقلون، ومحال أن أعظك بما لا تدين له، فلا تقمصني دورا ما فعلته يوما، وأرجو أنك تعلم عني ذلك حتى لا أفقد تواصلي معك، فأنا حتى الساعة أكن لك احتراما وتقديرا...
لم أقصد أن تعظني بالإسلام فأرفض الوعظ الإسلامي وأنا غير مسلم. لم أقصد هذا أبداً. كل ما قصدته هو تسمية الأشياء بإسمها في "كلمة ورد غطاها". يبدو أني أسأت استخدام التعبير وأعتذر لك. ودوماً أكن لك كل الاحترام والتقدير يا أخ إسماعيل.
اقتباس:1- مع احترامي لك ولما تنقله عن تولستوي غير أنني لست معك ولا معه، فأنا مع الحق ومع المسيح لأنني أعتقد بأن المسيح مع الحق، بل هو الحق..
لولا المسيح ما عرفت أنت ولا أنا الحق، ولولا الحق ما صدقنا بالمسيح عليه السلام، وعليه فلست في وارد المفاضلة بين المسيح والحق، هذا من جهة...
تضامنك هنا مع المسيح هو تضامن مبني على الإيمان بما لم تره ولم أره أنا كذلك. ما طلبته هو أن نأخذ موقف حازم أمام ما نراه بما أن كل شيء حوله يصيح بأنه على حق، على الأقل من وجهة نظري، وبهذا نتضامن مع ما نراه وندع جانباً قناعاتنا الإيمانية دون أن تتداخل وتغطي حدقة العين بفيلم شفاف من العاطفية الإيمانية الممزوجة بالحماس والغيرة الدينية.
اقتباس:ومن يدري فربما ألزمنا هذا بأن نقدس يهوذا الإسخريوطي وأبو جهل لأنهما قتلا أيضا!!
منطق عجيب والله.
تصور معي أننا نسمع الرواية من فم يهوذا الإسخريوطي لا من رواة الأناجيل............
وتصور معي أننا نسمع الرواية هذه المرة من هذا الرجل صاحب الوجه القبيح أحد الكفار المشركين كما يحرص أصحاب المسلسلات الدينية على عرضهم لنا شفقة بنا وبعقولنا الطفولية .. ذاك المدعو أبو جهل..
وتصور معي أننا نسمع الرواية هذه المرة من فرعون ويقوم فرعون هنا بمسك القلم وتدوين سفر الخروج من وجهة نظره!
ماذا يكون حال الدنيا عندما نسمع التاريخ من فم الطرف المغضوب عليه وربما كان في ما قال شيء من الصدق ونحن لم نسمع الرواية بأية حال إلى الآن إلا من طرف واحد.
اقتباس:3- لست في وارد الخطابة ولا العنتريات، بل حري أن توجه كلامك لأصحاب تلك الألقاب المزعومة من عيار شهيد التوير ومحراب الفكر إلى آخر ذلك العلك المصدي الذي نعرف بواعثه ومراميه، كل ما قلته هنا اليوم ومن قبل، أنني لا أرى لذلك القزم قامة إلا قامته الوضيعة، ولن يغير من الحقيقة شيئا أن يرى مجنون ليلى في سمرائه البدوية ملاكا فتانا لا يضاهيه مثال..
التنوير مش كلمة يا أخ إسماعيل. عندما حدث التنوير في أوروبا فكان فعلا هناك تنوير. التنوير ليس معناه الخروج على الدين أو الحط من قدره ولكن معناه أعظم وأسمى مما تراه في الدعوة إلى التنوير. يكفي أن تكتب على الانترنت شيء من قبيل
http://en.wikipedia.org/wiki/Age_of_Enlightenment
أنا شخصيا يسيل لعابي كلما قرأت مقالات ومواد من هذا النوع عن التنوير في أوروبا. هذه بلاد كان فيها عالم الرياضيات لايبنيتس Gottfried Leibniz بارع في السياسة والفلسفة والفيزياء وكل ما يخطر على بالك. نحن ماذا صدرنا كعرب إلى العالم الآن؟ هل يرانا العالم في المجتمع الدولي ويتبسم الثغر ويتهلل لسماع صوتنا أم أننا صرنا كدر العالم بأسره؟ على مسافة من بيتي يوجد محل للكتب المستعملة أذهب إليه وهناك رف للكتب المجانية وأذهب لجمع ما طابت لي نفسي من الروايات والكتب التي يستغنون عنها. فجأة رن جرس التلفون وردت صاحبة التلفون بالفرنسية وكانت تعمل في هذا المحل. كونها فتحت فمها وتكلمت بالفرنسية جميع الأنظار اتجهت لها بمن فيهم أنا وتمنيت لو أني أتقن الفرنسية بشكل أفضل مما أنا فيه من غباء الآن! وعندما عادت زوجتي حكيت لها قصة التفات الأنطار لمن تحدثت في التلفون ثم مازحت زوجتي وقلت لها: كانت تتكلم بالعربية وعندما سمع الناس الحاضرين في المحل اللغة العربية طربت آذانهم وقالوا ما هذا الصوت الملائكي فنحن نحب العربية ونحب سماع هذه الأصوات الموسيقية! طبعاً قلتها بحسرة لأني كنت أتمنى فعلا أنه عندما أفتح فمي للكلام بالعربية في أي محفل دولي يحدق الناس أنظارهم تجاهي بتقدير وحنان لا نظرات الخوف والارتباك التي صارت ماركة مسجلة ملازمة الآن لكينونتنا كعرب. ماذا فعلنا لجذب الناس إلينا كما تنجذب أنظار الناس تجاه هذا الصوت الأنثوي الناطق بالفرنسية كأنه كروان؟ سؤال سيجيب عنه كل واحد منا بطريقته الخاصة.
شكراً لك يا أخي إسماعيل على ردودك الجميلة وصبرك معي وتحية خالصة كذلك لأخي بهجت الذي أتاح لنا فرصة اللقاء في موضوعه هنا. لكما خالص حبي وتقديري.
:redrose::redrose: