الأخ العزيز وليد .:97:
كل تقدير .
نظرا لتباعد فترات العرض أخشى أن تكون المتابعة أكثر صعوبة ، لهذا أتمنى أن تطرح المادة على فترات متقاربة .
شرفني أن أخبرتك سابقا أن هذا الموضوع تحديدا ( الفوضى العالمية ) هو موضوع إهتمامي الرئيسي ، و لو كان ملائما لك يسعدني أن نحصر جهدنا في هذا الشريط دون تشتيته في أكثر من موضع ، و فقا لذلك سيكون لي تحفظ بسيط على اختيارك نموذجا ميكانيكيا لطرح فكرة الإتزان المرن في حياة الشعوب ، لأني أرى أن النماذج الميكانيكية لا تعبر جيدا عن التحولات الإجتماعية ، وربما ستكون هذه الفكرة مكررة و لكني أراها نافذة و حيوية ، هي .. إننا نميل بشكل يكاد يكون غريزيا إلى ما يسمى الإسقاط ،وهو يعني أن التاريخ ينهج منهجا عقلانيا و أن المستقبل سيعكس الماضي القريب ، ولكن هناك وجهات نظر أكثر تعقيدا عن المستقبل و أنه يسير في منحنيات تغير مسارها باستمرار و هذا رأي فيلسوف معروف هو ( فيتجنشتاين) ، سيكون لي أيضا بعض التعليقات المستقلة حول تأثير التطور التكنولوجي على حركة التاريخ بما يفوق كل الفلسفات مجتمعة و مضروبة في 4 أو 5 ، إن الإنجازات التكنولوجية و ليست أفكار النخب هي التي صنعت الحاضر ،و أعتقد ان المستقبل لن يكون مختلفا عن الحاضر في هذا الشأن ، إن المنقبة التي تقود سيارة مرسيدس في شارع عباس العقاد بالقاهرة سوف تشاهد غالبا نفس برامج التلفزيون و تتعامل مع نفس الأنظمة البنكية و ستحلم غالبا بنفس الرجال مثل زميلتها العارية التي تركب نفس السيارة في لاس فيجاس ، فالسيارة و البنوك و التلفزيون هي التي تفكر خلال الناس حتى لو تصورنا العكس ، إن البشرية كلها تركب نفس القطار ، و الفارق بين الشعوب الأوروبية المتقدمة و الإسلامية المتخلفة هو أن الشعوب المتقدمة تعرف اتجاه حركة القطار و تسير فيه بينما المتخلفة لا تعرف ذلك و تسير عكس حركته حتى تتصدم بنهاية القطار و سيكون عليها إما القفز منه إلى الهلاك أو محاولة إيقافه بنطح الجدران ، أو القبول في النهاية بالتحرك في الإتجاه الصحيح و لكن في مؤخرة البشرية كتابع ذليل .
.....................................................
أعتقد أنه سيكون ملائما أن أضع هنا مداخلة سابقة لي في شريط عودة المقدس ردا على مداخلة لك .
..........................................................
إن نموذج العالم الذي صنعه الإنسان خلال القرون الثلاث الأخيرة تبخر معظمه خلال العقود الثلاث الأخيرة ، يمكننا بلا عناء رصد إنهيار اليسار بمعناه الواسع .. الماركسي و الإشتراكي الديمقراطي ، و سقوط وفشل الأنظمة التي أنتجتها حركات التحرر الوطني و تبخر أمل أو وهم الطريق الثالث ، بل حتى هناك شكوك قوية تحيط بمستقبل الليبرالية المنتصرة في الغرب ،و التي بشرنا فرانسيس فوكوياما يوما قريبا بأنها نهاية التاريخ ، بينما يدلل الآن مفكر كبير بحجم إيمانويل فاليرشتاين على سقوطها الوشيك أيضا .
هناك إجماع كبير بين أفضل العقليات الذين يتم إقتباسهم على نطاق واسع أن العالم الذي نعرفه في طريقه للإختفاء خلال الخمسين عاما الأولى من القرن 21 ، و ستكون تلك الحقبة الإنتقالية من أصعب حقب التاريخ و أبعدها عن الإستقرار ، نعم ربما يغادر العالم نظامه القديم إلى مستقبل مشكوك فيه و يكتنفه الغموض ، رغم هذا فالتغير حتمي والبقاء لا يكون أبدا في مكان .
إن النظام العالمي الحديث لم يكن نهاية التاريخ بل هو مجرد منظومة تاريخية مميزة كان لها بداية و تطور وهي الآن تدخل أزمة النهاية أو الإحتضار ، نحن نعاين بالفعل إرهاصات هذه التحولات الكبرى ، هناك تغيرات عديدة تطرأ على النظام العالمي على مختلف الأصعدة ، هذه التغيرات تفرض على الشعوب البت في خيارات متعددة و التنبؤ بتداعياتها ،وبهذا هي تطرح على البشرية تحديات غير مسبوقة ،و لن يكون مجديا تأطير الجدل حولها في نفس الصيغ العقلية القديمة ، فما بالك بمجتمعات تحولت عن العقلانية المحدودة التي عرفتها بالكاد إلى دوجما مضحكة من عينة ( الإسلام هو الحل ) ، هناك تعبير شهير أنه في اللحظات الفارقة من التاريخ فإن أي مدخلات صغيرة تكون لها مخرجات كبيرة ، و سوف يحصد المستقبل من يساهم بأكبر نصيب في إعادة تشكيل الحاضر ، إن الذي لا يساهم في صنع الكعكة لا يتوقع أن يأكل منها ، و لكننا للأسف لا نتوقف عن الهروب إلى الماضي كحالة غير مفهومة من التخلف العقلي الجماعي ، ولو ظللنا مختبئين في كهوفنا كما نفعل الآن فسوف يصنعون عالما لن يكون لنا مكانا فيه ،بل حتى التعفن داخل نفس الكهف لن يكون متاحا .

الزميل المحترم / بهجت (f)
Array
نظرا لتباعد فترات العرض أخشى أن تكون المتابعة أكثر صعوبة ، لهذا أتمنى أن تطرح المادة على فترات متقاربة .[/quote]
لك كل الحق في هذا. و أعدك أن أكثف وقتي لهذا الموضوع في هذه الفترة و حتى إنتهاء الشريط.
Arrayأخبرتك سابقا أن هذا الموضوع تحديدا ( الفوضى العالمية ) هو موضوع إهتمامي الرئيسي ، و لو كان ملائما لك يسعدني أن نحصر جهدنا في هذا الشريط دون تشتيته في أكثر من موضع ، [/quote]
يشرفني ذلك و بالتأكيد. (f)

و بداية فإن لي عدة تساؤلات قد تساهم في توحيد إطار البحث و هذا نظرا لأن إهتمامي قد إنصب على الفوضى المحلية تحديدا قبل إن تلفت نظري لأهمية موضوع الفوضى العالمية:
1- هل كلا من الفوضى على المستوى المحلي و الفوضى بالعالم هما نفس الأعراض لنفس الأسباب؟ أم أنها أعراض متشابهة كنتيجة لأسباب جد مختلفة. هذا مع إمكان تأثير كل منها على الآخر؟
و بصيغة أخرى لو كانت الفوضى في بنية ما هي فقدان المرجعية التي تستند إليها تلك البنية لعدم قدرتها مجددا على إستيعاب أو الإستجابة لمتطلبات و أسئلة إستجدت لظروف ما.. حينها فقد يتوجب علينا الحرص الشديد مخافة أن ننزلق في تعميم قد يقودنا لنتائج ليست دقيقة.
و لذا فقد يصبح السؤال "أين يقف الناقد" سؤالا شديد الحيوية في موقفنا هذا لو تم النظر للفوضى كحالة واحدة مما قد يسبب نتائج شديدة الضرر في ناحيتنا.
مما يذكرني بأمثلة من قبيل حين يتغير كامل باراديجم في علم ما لصالح آخر يستوعبه و يتخطاه (كالنسبية و الكم بعد قوانين الحركة أو الجينات الوراثية بعد التطور).
هنا فسقوط باراديجم مثل هذا لم يتم نهائيا لصالح آخر نمتلكه نحن - بل أنه و بالفعل قبل و بعد سقوطه - في مرحلة أعلى كثيرا على سلم التقدم و التطور مما نمتلكه نحن من تفاسير - و لذلك فعملية السقوط تلك يجب ألا تؤخذ بشكل مطلق و إلا سببت ضررا لا يمكن تلافيه.
فتلك الباراديجمات المنتهية الصلاحية - نسبة لأخرى أعلى و أكثر دقة قد إحتوتها و تعدتها - تعتبر بالنسبة لما نملك نحن أكثر رقيا و أعلى مرتبة. فنظريات نيوتن أو التطور هي بالتأكيد أكثر دقة من تفاسير الكتب المقدسة و نزول آدم. و تباعا فتلك النظريات لم تسقط نهائيا نسبة لموقعنا في قطار التطور - حيث وجب أن تسقط نظرياتنا من قبلها لكي نتحدث عن سقوطها. و الذي سيكون حتما لصالح الأكثر شمولا و ليس لصالح الأكثر تخلفا.

و عودة لموضوعنا .. هل يمكن دراسة الفوضى المحلية في نفس إطار دراسة الفوضى العالمية الآن - و هل معنى وجودنا في نفس الزمن متوازيين مع أصحاب الفوضى العالمية - يعني أننا على وشك أن نجتاز نفس الفوضى - أم أننا يجب أن نجتاز فوضى أخرى تخصنا نحن فقط - سبق و إجتازها الآخر منذ زمن ليس بالقريب قبل أن نجتاز معه ما يجتازه؟

2- في واقع قد يحدث فيه أنواع متعددة من الفوضى و على مستويات شديدة الإختلاف - لكن و لسوء الحظ فالأعراض قد تتزامن سويا - مع كامل الإحترام للفرق بين الزمن الفيزيقي المشترك بيننا و زمن آخر واقعي أيضا حيث يسبقنا فيه الآخر قرونا طويلة - و مما قد يزيد الأمور تعقيدا تشابه الكثير من الأعراض في هذه و تلك.
في واقع مثل هذا - شديد التعقيد - مكانيا أصبح كالقرية الصغيرة و زمانيا يعيش نفس الزمن الفيزيقي و إن كان مصابا بفصام حاد في زمن التطور بين طرفيه - كيف سيمكن تلاشي أو عزل النتائج السيئة - أو المدمرة - لأحد إرهاصات تلك الحالات من الفوضى على الأخرى؟

3- توجد عدة أسئلة أخرى تتمحور حول الطرف الأضعف - مجتمعات الدوجما بالشرق الأوسط - لكني أحببت أن أنتظر منكم ضوءا أكبر حول وجهة نظركم في الفوضى العالمية.
Arrayو فقا لذلك سيكون لي تحفظ بسيط على اختيارك نموذجا ميكانيكيا لطرح فكرة الإتزان المرن في حياة الشعوب ، لأني أرى أن النماذج الميكانيكية لا تعبر جيدا عن التحولات الإجتماعية ، وربما ستكون هذه الفكرة مكررة و لكني أراها نافذة و حيوية ، هي .. إننا نميل بشكل يكاد يكون غريزيا إلى ما يسمى الإسقاط ،وهو يعني أن التاريخ ينهج منهجا عقلانيا و أن المستقبل سيعكس الماضي القريب ، ولكن هناك وجهات نظر أكثر تعقيدا عن المستقبل و أنه يسير في منحنيات تغير مسارها باستمرار و هذا رأي فيلسوف معروف هو ( فيتجنشتاين) ، سيكون لي أيضا بعض التعليقات المستقلة حول تأثير التطور التكنولوجي على حركة التاريخ بما يفوق كل الفلسفات مجتمعة و مضروبة في 4 أو 5 ، إن الإنجازات التكنولوجية و ليست أفكار النخب هي التي صنعت الحاضر ،و أعتقد ان المستقبل لن يكون مختلفا عن الحاضر في هذا الشأن ، إن المنقبة التي تقود سيارة مرسيدس في شارع عباس العقاد بالقاهرة سوف تشاهد غالبا نفس برامج التلفزيون و تتعامل مع نفس الأنظمة البنكية و ستحلم غالبا بنفس الرجال مثل زميلتها العارية التي تركب نفس السيارة في لاس فيجاس ، فالسيارة و البنوك و التلفزيون هي التي تفكر خلال الناس حتى لو تصورنا العكس ، إن البشرية كلها تركب نفس القطار ، و الفارق بين الشعوب الأوروبية المتقدمة و الإسلامية المتخلفة هو أن الشعوب المتقدمة تعرف اتجاه حركة القطار و تسير فيه بينما المتخلفة لا تعرف ذلك و تسير عكس حركته حتى تتصدم بنهاية القطار و سيكون عليها إما القفز منه إلى الهلاك أو محاولة إيقافه بنطح الجدران ، أو القبول في النهاية بالتحرك في الإتجاه الصحيح و لكن في مؤخرة البشرية كتابع ذليل .[/quote]
لا أختلف معك نهائيا في هذا. و حتى و أنا صاحب المثال.
فمحاولات تكميم و تأطير و قياس الظواهر الإجتماعية و تباعا التنبؤ بأحداث ما - ليست بذات دقة و صرامة مثيلاتها في العلوم الفيزيائية. نظرا لشدة التعقيد و التداخل و الصعوبة البالغة في حصر أو تقدير كافة العوامل المؤثرة.
و لذلك فدائما ما تحتوي أية نظرية لتأطير الظواهر الإجتماعية على الكثير من الفروض الضمنية الصامتة - حتى و إن لم ينص عليها منطوق تلك النظريات - مثل:
- الفرض بأنه لا توجد عوامل أخرى مؤثرة غير تلك المعزولة في مادة البحث - أو أن تأثيرها يمكن إهماله.
- فرض ضمني بالثبات النسبي المعقول مع الزمن - و لذلك فكلما تحدثت التنبؤات عن واقع قريب كلما كانت نسبة الخطأ أقل.
- الفرض بإستمرارية نفس الظروف و العوامل التي تحدثت عنها النظرية - وصولا للنتائج التي تتنبأ بها. مع أنه من الممكن أن تكون تلك النظرية و تلك التنبؤات ذاتها هي السبب المباشر لإنحراف و فشل تلك التنبؤات - و هذا حال كون مادة بحث النظرية هي مادة واعية ذات إرادة و ردة فعل قد تدفعها للإنحراف عن الطريق الذي حذرت منه النظرية ذاتها.

و لذلك فقد كان دائما من الأنسب و الأفيد إلقاء الضوء على ذات الظواهر من وجهات نظر مختلفة و مغايرة قد تختلف في الكثير أو القليل - لكنها تساهم في تكوين صورة متعددة الأبعاد و لقطات ثابتة من زوايا مختلفة - إن صح التعبير - لجسم متحرك كان يقبع في الظلام الدامس.
Arrayإن نموذج العالم الذي صنعه الإنسان خلال القرون الثلاث الأخيرة تبخر معظمه خلال العقود الثلاث الأخيرة ، يمكننا بلا عناء رصد إنهيار اليسار بمعناه الواسع .. الماركسي و الإشتراكي الديمقراطي ، و سقوط وفشل الأنظمة التي أنتجتها حركات التحرر الوطني و تبخر أمل أو وهم الطريق الثالث ، بل حتى هناك شكوك قوية تحيط بمستقبل الليبرالية المنتصرة في الغرب ،و التي بشرنا فرانسيس فوكوياما يوما قريبا بأنها نهاية التاريخ ، بينما يدلل الآن مفكر كبير بحجم إيمانويل فاليرشتاين على سقوطها الوشيك أيضا .
هناك إجماع كبير بين أفضل العقليات الذين يتم إقتباسهم على نطاق واسع أن العالم الذي نعرفه في طريقه للإختفاء خلال الخمسين عاما الأولى من القرن 21 ، و ستكون تلك الحقبة الإنتقالية من أصعب حقب التاريخ و أبعدها عن الإستقرار ، نعم ربما يغادر العالم نظامه القديم إلى مستقبل مشكوك فيه و يكتنفه الغموض ، رغم هذا فالتغير حتمي والبقاء لا يكون أبدا في مكان .
إن النظام العالمي الحديث لم يكن نهاية التاريخ بل هو مجرد منظومة تاريخية مميزة كان لها بداية و تطور وهي الآن تدخل أزمة النهاية أو الإحتضار ، نحن نعاين بالفعل إرهاصات هذه التحولات الكبرى ، هناك تغيرات عديدة تطرأ على النظام العالمي على مختلف الأصعدة ، هذه التغيرات تفرض على الشعوب البت في خيارات متعددة و التنبؤ بتداعياتها ،وبهذا هي تطرح على البشرية تحديات غير مسبوقة ،و لن يكون مجديا تأطير الجدل حولها في نفس الصيغ العقلية القديمة ، فما بالك بمجتمعات تحولت عن العقلانية المحدودة التي عرفتها بالكاد إلى دوجما مضحكة من عينة ( الإسلام هو الحل ) ، هناك تعبير شهير أنه في اللحظات الفارقة من التاريخ فإن أي مدخلات صغيرة تكون لها مخرجات كبيرة ، و سوف يحصد المستقبل من يساهم بأكبر نصيب في إعادة تشكيل الحاضر ، إن الذي لا يساهم في صنع الكعكة لا يتوقع أن يأكل منها ، و لكننا للأسف لا نتوقف عن الهروب إلى الماضي كحالة غير مفهومة من التخلف العقلي الجماعي ، ولو ظللنا مختبئين في كهوفنا كما نفعل الآن فسوف يصنعون عالما لن يكون لنا مكانا فيه ،بل حتى التعفن داخل نفس الكهف لن يكون متاحا[/quote]

أستأذنك في أن تعرض لأفكار إيمانويل فاليرشتاين عن سقوط الليبرالية بوجه عام من حيث رأيه في أسباب ذلك و عن تنبؤه فيما بعد الليبرالية.

كل الشكر و التقدير ،،،

(f)

يستحق هذا الشريط وصاحبه ومناقشيه كل الاعجاب والمتابعة ولهم حديقة :97:

الزميل المحترم / jafar_ali60

(f)

شرفت الشريط

إلى "الأستاذ" وليد،

أشكرك جزيلاً على هذا الترحاب وأرجو أن أستحقه.

واعذرني لتباعد ردودي، فقد تناقضت النظريات فيّ و"ضاعت الطاسة" عندي حتى صرت ممن يؤثرون القراءة على الكتابة.

علّمت نفسي أن أختبر نظرية التناقض العقيم (بتاعتك) في شتى المشاهد، السياسية منها والثقافية والدينية، وأراني أرى فيها الكثير من الصواب، رغم أنها تعمِّم كثيراً وأنا أخالف التعميم.

ثمة رغبة في أعماق كل عربي لا زال يؤمن بعقله بأن يتخلص من كابوس إشارت الاستفهام العقيمة في تحليل الواقع العربي وتوصيف حلوله. وأعتقد بأنها مشكلة حضارة وليست أخطاءً تكتيكية أو مرحلية.

بالفعل إن...
* طغيان التوجهات السياسية اللاعربية على السياسة العربية وانصهار مصائر العرب في بوتقات صراعات غير العرب مع بعضهم البعض.
* في الداخل العربي - التناقض بين الأصولي الشمولي الروحاني اللاعقلاني من جهة والليبرالي العقلاني الخالص واللاأخلاقي من جهة أخرى في ظل غياب الأصولي الاجتهادي. هذا التناقض الذي يفضي إلى انهيار مرجعيات الثقافة والهوية دون الثقة باحتمالية نشوء مرجعيات أخرى.
* التناقض بين نظريات الانتماء العربي المبتكرة بعد انهيار الرابطة العربية الإسلامية بانهيار الدولة العثمانية من جهة والحلول المعلبة القادمة من بلاد الهمبرغر والكاتشب من جهة أخرى.
* استقطابات سياسية خطيرة بين المحاور المعارضة والموافقة لسياسات الولايات المتحدة قد تصل إلى حد اللاعودة.

هي الأسباب الرئيسية لـ...
* نشوء نظريات جديدة توحي بالاستقاء من الماركسية حيناً وبالعمل لصالح المحور الأمريكي حيناً آخر.
* ظهور توجهات ثقا- سياسية تتبنى مفاهيماً تأسيسية لمرحلة ما بعد الاحتدام الكبير في المنطقة العربية. تتجسد هذه التوجهات في أحزاب سلمية (حالياً) وجماعات ناشطة إعلامياً تؤسس لتوجهاتها سلفاً.
* زوال المناطق الوسطى واضمحلال اللون الرمادي من جميع التوجهات. فالليبرالي تأمرك لدرجة الصهينة، والديني تعصب لدرجة الإرهاب، والقومي تججر حواره وسياسته وبات يعادي الجميع بلا استثناء لدرجة أن عدون تحالف مع صديقه كي يخططون لكسره. وبات الجميع يصيح من موقعه بغض النظر عما إذا كان هناك من يسمعه أو لا.

نعم إنه نموذج لتناقض يصل إلى العقم. إنه مخيف التفاصيل، وحقيق بالاعتبار.

أسجل أني متابع.

Array
علّمت نفسي أن أختبر نظرية التناقض العقيم (بتاعتك) في شتى المشاهد، السياسية منها والثقافية والدينية، وأراني أرى فيها الكثير من الصواب، رغم أنها تعمِّم كثيراً وأنا أخالف التعميم.
[/quote]

الزميل العزيز / ماجد الدومري (f)

أولا وجب علي الإعتذار لك و للفاضل / بهجت حيث لم أتمكن من الوفاء بوعدي في عدم التأخير في متابعة الموضوع.

بالنسبة لموضوع التعميم فأنت على حق. و كما قد نوهت مسبقا (أنقر هنا) فالنظريات ذات المحتوى الإنساني حتى و إن كانت ذات خلفية علمية إلا أنها و للآن ذات مداخل و مناهج ليست علمية بوجه عام.
و إنه و إن كانت تلك النظريات ذات نبوءات يمكن التأكد من صحتها أو عدمه بتعريضها للواقع الخارجي و هذا مما يميزها عن الفكر الغث و الميتافيزيقا - و التي تتميز بعدم وجود صلة بالعالم الواقعي أو تنبؤات (نتائج) أو أي ما يمكن تجريبه من عدمه لإثبات أو نقض تلك الترهات - إلا أنه قد تنقصها عامل آخر شديد الأهمية لكي يمكن إعتبارها نظريات علمية تماما.
حيث تظل مشكلة القياس و التكميم سواء في النظرية ذاتها أو في نبوءاتها - أو بصيغة أخرى قياس نسب صحة العلاقات بين مقدمات النظرية و نتائجها - مثلا إلى أي حد من الدقة قد أدت مقدمات النظرية تلك إلى هذه النتائج؟
ففي مثال من الفيزياء يمكنك أن تقرر مطمئنا أنه بتعريض الجسم ذو الكتلة=كذا إلى قوة=كذا مع مراعاة عامل إحتكاك=كذا - إذا سيتحرك الجسم بعجلة تصاعدية=كذا.
و كما نلاحظ فكل عامل في العلوم الفيزيقية له وحدات قياس (تكميم) دقيقة يمكنك أن تعول عليها و تقيسها. و هو ما تفتقده العلوم الإنسانية عامة.

و هذا ناهيك عن إمكانية عزل العوامل الأخرى نهائيا (و التي لم تطرق لها النظرية)عن التداخل مع العوامل التي قد ركزت عليها النظرية لكي تشكل أخيرا النتيجة في الواقع.
و كمثال واضح على هذه المشكلة تجد نظريات التحليل النفسي قد ركزت كل منها على عامل ما لكي يسود بقية العوامل و كأنه لا يوجد غيره (مثل الجنس عند فرويد) و في النهاية فبرغم الصحة النسبية لكل منها على حده - إلا أنه قد يبدو من الأفضل تجميعها متراصة لتكوين وجهة نظر أكثر شمولية من إنفراد أحداها.

و بالتالي فنسبة دقة تلك النظريات الإجتماعية على مستوى علمي صارم هي نسبة قليلة و هذا مقارنة بالعلوم الفيزيقية المتطورة. و لذلك يمكن إطلاق لفظ "أشباه العلوم" على مجموعة العلوم الإنسانية بوجه عام أو العلوم الزائفة Pseudo science كما أطلق عليها كارل بوبر.

إلا أن الكثير من تلك العلوم قد بدأت تأخذ مداخل و مناهج أكثر علمية - و أكثر تكميما - مثل علوم النفس و التي نحت نحوا ماديا بتغيير المدخل من التحليل النفسي لعلوم كيمياء المخ و كهربة المخ بل و الجينوم ... إلخ و هي مداخل أكثر علمية و ذات وحدات قياس مادية و دقيقة. و كذا علوم الإجتماع بدرجات أقل.

و إن كان هذا التغيير في العلوم الإنسانية نحو درجات أكثر علمية و صرامة يحدث على نطاقات شديدة التخصص - و بالرغم من كونها في طريقها للتوسع و التكامل إلا أنها قد لا تتمكن في الوقت الحالي من إستيعاب نظرية إجتماعية أكثر عمومية لكي تفسر التاريخ أو تتنبأ بنتائج سياسية أو غيرها.
فالعلوم الفيزيقية و الصورية الأكثر نضجا قد توسعت و تكاملت بشكل كبير (مثل الفيزياء + الكيمياء + الميكانيكا + الفلك + الرياضيات ... إلخ) لكي تنتج في النهاية نظريات شديدة الضخامة و العمومية - شديدة الدقة في نفس الوقت مثل النسبية و نظرية الكم و نظرية الأوتار الفائقة - و التي على عموميتها الشديدة إلا أنها تتنبأ بنتائج يمكن قياسها و بدقة بواسطة أدوات قياس أي علم مما سبق و تقنياته.

و لهذا و في إنتظار ذلك التطور و التكامل ليس أمامنا سوى أن نكتفي و لحد ما بالنظريات الإنسانية على حالها و أن نرضى بميزة كونها ذات نتائج و تنبؤات يمكن إثباتها من عدمه - و التغاضي نسبيا عن عيوب التكميم و القياس مع التعويض عن ذلك القصور بتأكيدنا الدائم على أن كل نظرية هي وجهة نظر تلقي الضوء من ناحية واحدة على جسم مجهول في ظلام الجهل - قد تلقي أحدها مساحة واسعة من الضوء و قد تلقي الأخرى مساحة ضيقة - و لذلك فمن المفيد تجميع تلك الأضواء لكشف أكبر مساحة ممكنة من هذا المجهول.

فنتيجة تجميع نظريات التحليل النفسي بجانب نظريات علم النفس السلوكي هي نظرة عامة أكثر دقة و صحة ليس فقط من خطابات الميتافيزيقا و الأديان و كل ما قد خبره الإنسان قبلها - بل و أيضا أكثر صحة من كل منهم على حدة.
و لا ننسى أن علوم النفس و بخاصة التحليل النفسي و السلوكيات + النظريات الإقتصادية مثل الماركسية + النظريات الإجتماعية جنبا لجنب مع باقي العلوم و الفنون و الآداب قد غيرت وجه العالم و للأبد.

تقبل مني كل إحترام ,,,

هل من الممكن إستمرار وضع العقم هذا أم أن الضغوط الخارجية و الداخلية تحول دون ذلك و هي كفيلة بتفجير المرحلة التالية؟؟

لعل أسئلتنا بالمداخلة السابقة لا تنفي التدخل الغربي سواءا كان بغرض طيب أو خبيث - لكنها تنفي أن يكون ذلك التدخل المقصود (العوامل الخارجية الإيجابية) سبب رئيسي و مباشر في هذه التناقضات و الإنهيارات على مستوى جميع بنياتنا.

إن تصدع كيان ما لمجرد تعريته للعوامل الخارجية (عن قصد أو بدون - نتيجة لمؤامرة أو لمغامرة) يدل على حالة فساد و ضعف كامنة بداخل هذا الكيان - حيث أنه و بنفس التوقيت توجد كيانات موازية و على العكس تماما فهي تنتعش بتعرضها لنفس الظروف الخارجية.

هل كانت بنياتنا دائما هكذا حالها تتخذ العزلة شرطا للبقاء و الإستمرار مثل بعض أنواع الكائنات اللاهوائية مثلا و التي تموت فور تعرضها للهواء؟؟
أم أنه قد جد جديد على البيئة الخارجية تلك (الهواء) و تغيرت مكوناتها بحيث تصيب تلك البنيات في مقتل؟؟

واقع الأمر ينفي كون بنياتنا قد آثرت العزلة على مر التاريخ و إلى عهود قريبة. و حتى واقع إنتشار الإسلام بالعنف لا يؤكد عزلة مجتمعاتنا - حيث أنه لم يختلف عن السائد في هذا الزمان بدرجة أو بأخرى.
بل و في الكثير من الأحيان قد حدث إختلاط و تمازج بين الخطاب الإسلامي و بين الفكر الخارجي (يوناني - هندي - فارسي .. إلخ) و نتج عن هذا المزيج الكثير مما نطلق عليه الآن الحضارة الإسلامية و هذا على المستويات الفكرية و الأدبية و الفنية و خلافه. و حتى حقيقة أن الكثير من تلك الإختلاطات قد قوبلت بالعنف أحيانا لا يمنع حقيقة هذا التمازج و لا يؤكد بشكل مطلق فكرة العزلة.

يبدو في نهاية الأمر أنه و بالفعل قد جد جديد على البيئة الخارجية و تغيرت مكوناتها مما يصيب بنياتنا في مقتل بحيث تصبح العزلة هي الملجأ الأخير - و المستحيل - في محاولتها للبقاء.

مما يذكرنا بحقبة إنقراض الديناصورات حين تغيرت البيئة الخارجية نتيجة سقوط نيزك ضخم على القشرة الأرضية - إن ذلك التغيير لم تحتمله الديناصورات التي لم تستطع التكيف معه - و إحتملته كائنات أخرى إستمرت و تطورت لعصرنا الحالي.

لذا قد يكون من الأنسب التركيز على تلك البيئة الخارجية قبل و بعد أن أصبحت مؤثرا خطيرا على بنياتنا دافعة إيانا للعزلة و التقوقع - الإرادي المقصود و ليس العفوي.

و لنبدأ منذ البداية.

فمنذ بداية الحضارة الإسلامية حتى عهد قريب و بالرغم من التناحر الدموي - الطبيعي بمقاييس هذا العصر - لم يوجد أبدا و للإنصاف ما يهدد البنيات الفكرية الإسلامية حال تعرضها لأي فكر معاصر له.
فواقع الأمر كان فصل الكلام - حتى العقائدي منه - للسيف غالبا. و بعد ذلك أو قبله فلا تهديد يذكر من المسيحية أو اليهودية أو غيرها من الأديان السماوية و غير السماوية على الإسلام - و العكس صحيح أيضا.
فعلى المستوي الفكري لم - و لا - توجد أي ميزة فكرية مقنعة لأي من تلك الأديان على الأخرى - بل و لا توجد حتى أية أرضية مشتركة لحالة حوار حقيقية بين تلك البنيات على وجه الإطلاق.
فكل الأديان تنتمي لذات البيات الفكرية الميتافيزيقية غير القابلة للإثبات أو النفي بالتجريب أو المشاهدة بأدوات مشتركة بين البشر حتى يتم الفصل فيها لصالح هذا أو ذاك.
و أربعة عشر قرنا إضافيا من الزمان - بل و الدهر كله - لن يكون كافية لإنهاء اللغط أو الجدل السفسطائي بين إثنين فقط ينتميان لديانتين مختلفتين - نظرا لإنعدام وجود أية آداة مشتركة بينهما كفيلة بإنهاء تلك المناقشة العقيمة.

و لا يجب أن نظن أن العنف و الدماء في هذا الوقت كان تعبيرا عن ضعف هذه الثقافة أو تلك نسبة للأخريات - بل كان العرف السائد من مختلف الأطراف.

حسنا و ماذا عن الآن - بداية من الإنفتاح على الغرب بثقافته الحالية بعد فترة من الثبات - هل تغيرت تلك الثقافة؟ و تغيرت معها البيئة المحيطة للكوكب بالكامل؟

هل أصبح يوجد ما هو مشترك في الحوار - مما يهدد ثقافتنا بل و كامل بنياتنا بالتعرض له؟ و ما هي تلك الأدوات المشتركة في الحوار بيننا و بينهم و التي لم تكن موجودة من قبل لتهددنا؟

و تباعا هل إنطبقت نظريات الأطر الثقافية و إستحالة الحوار بيننا و بين الغرب قديما - ثم عادت و تخلت عن دورها حاليا؟ و لماذا؟

يتبع ,,,

ملحوظة:
إفتتح الزميل المحترم / بهجت موضوعا يتعلق بالأطر الثقافية بشكل موسع و قد يكون المفيد الرجوع له (أنقر هنا)

الزميل وليد,
تابعت الشريط الجميل منذ البداية, و اشكرك كثيرا علي هذه الشرائط الدسمة و ارجو الا تكون مشاركتي خروجا عن النص!


Array
هل من الممكن إستمرار وضع العقم هذا أم أن الضغوط الخارجية و الداخلية تحول دون ذلك و هي كفيلة بتفجير المرحلة التالية؟؟

[/quote]

نعم من الممكن ان تستمر هذه الحالة من العقم إذا تكييف المجتمع معها و اعتبرها امرا مسلما به "اتعود عليها", اما الضغوط الخارجية فهي قصة اخري.

علي الرغم من ان الشريط يركز هنا علي تناقضات البنية الجتماعية و الثقافية, لكن ربطه بتغيرات البيئة الخارجية يدفعنا للشق السياسي, و للاسف لا املك القدرة علي الفصل بينهم.

فالمحرك الخارجي هو قائم علي المصالح الاستراتيجية للدول القائدة في النظام الدولي تدفعها طبيعة منطقتنا المتكلسة التي ترفض اي عرض للحاق بالركب العالمي للضغط بالقوة علي الانظمة العربية و الاسلامية.
اما المشكلة فهي ان المحرك الخارجي متذبذب و تجاربة تدفعة للتراجع بل يبدو في مراحل معينة متكيفا مع فكرة خصوصية منطقتنا "مفيش فايدة" في سبيل الحفاظ علي مصالحة.

اما المحرك الخاجي الاخر المتمثل بحرية تداول المعلومات و الانفتاح علي العالم عن طريق شبكة الاتصالات الفريدة التي يتميز بها العصر الحديث, فمجتمعنا امتصها بشكل مذهل ليفرغها من محتواها بل و ربما يقلبها ليستخدم هذه التكنلوجيا ضد الثقافة و الفلسفة التي انتجتها.

ما اراه ليس مقدمات فوضي بقدر ما اري ملامح استمرار المرحلة الانتقالية الطويلة و القاسية التي لا تريد مجتمعاتنا الخروج منها, فهناك الكثير من الملفات التي تركتها المراحل السابقة مفتوحة و لم تلجأ للحسم فيها لكننا في المرحلة الحالية لا نملك الارادة و النخبة المؤهلة للتعامل معها فنلجأ لعملية التمييع و التحايل و هو ما يعمق هذه التناقضات و يجعلها امر طبيعي, المتناقضات التي اوردتها يتعامل معاها المجتمع كمسلمات لا كتناقضات و لا تثير في عقل الاغلبية اي درجة من الحيرة, ربما تدفعني انا و انت لهذه الحيرة لكن مجتمعاتنا تعتبر امثالنا من الضاليين.

سوف انتظر لاقرأ ما تخطه عن الحوار و المشترك الذي يمكن لثقافتنا ان تجده مع ثقافة الغرب.

اطيب تحياتي
:wr:

Array
نعم من الممكن ان تستمر هذه الحالة من العقم إذا تكييف المجتمع معها و اعتبرها امرا مسلما به "اتعود عليها", اما الضغوط الخارجية فهي قصة اخري.
..
..
فالمحرك الخارجي هو قائم علي المصالح الاستراتيجية للدول القائدة في النظام الدولي تدفعها طبيعة منطقتنا المتكلسة التي ترفض اي عرض للحاق بالركب العالمي للضغط بالقوة علي الانظمة العربية و الاسلامية.
اما المشكلة فهي ان المحرك الخارجي متذبذب و تجاربة تدفعة للتراجع بل يبدو في مراحل معينة متكيفا مع فكرة خصوصية منطقتنا "مفيش فايدة" في سبيل الحفاظ علي مصالحة.[/quote]

الزميل المحترم / morgen (f)

إفتقدناك و إفتقدك النادي فترة طويلة - مرحبا بك.

لا تكن متشائما - فنحن نتكلم عن فترة زمنية هي في عرف التاريخ قصيرة جدا.
و إن كنت أصدقك القول - لا أعلم أي منا هو المتشائم. فحالة الفوضى التي أظنها على الأعتاب قد تكون أقسى كثيرا من مجرد هذا الثبات العقيم.

و إن كان ما ذكرته من إستمرار هذا العقم هو سيناريو وارد - إلا أنني لا أعتقده كذلك لفترة طويلة. و هذا لأسباب بعضها داخلي ذاتي و الآخر خارجي ثم لعوامل أخرى لا دخل لنا بها.

فعلى المستوى الداخلي: فتلك الحالة من التناقضات في داخل العقل الإنساني (الفردي أو الجمعي) هي حالة غير طبيعية أو ضد الطبيعة - و لا أعتقد أنها قادرة على الإستمرار. و ما أرى محاولات العزلة و الردة الزمنية إلا هروبا من وطأة تلك المتناقضات التي لا يستطيع العقل البشري تحملها. و بالرغم من الإستخدام المكثف لآليات الكبت و التزوير و الهروب - إلا أنه تلاحظ في الفترة الأخيرة زيادة مكثفة في أزمات متفجرة (مثل أزمات الفتاوى و تغيير الأديان و الدستور و الشريعة و المواطنة ... ناهيك عن قضايا حقوق الإنسان و المرأة و الختان و غيرها). و بالرغم من الإحتواء السريع نسبيا لتلك الأزمات - إلا أنها تنتهي بدون أي حل نهائي. لكن لا نتخيل أنه بمجرد أن تتوارى عن الأنظار فقد إنتهت. إن هي إلا النار من تحت الرماد.
و لا ننسى وجود أطراف فاعلة بالمجتمع من مصلحتها إشعال تلك المتناقضات و عدم دفنها (مثل الأقلية المسيحية بمصر - بعض الليبراليين بل و على النقيض من هؤلاء سوف تجد الإخوان المسلمين بما لهم من ثقل من مصلحتهم أيضا إذكاء تلك النيران نكاية في النظام الحاكم).

و على المستوى الخارجي: و إذا إفترضنا نجاح آليات المحافظة على الوضع الحالي في إبقاء هذا العقم الذي نعيشه - فهل نستطيع أن نضمن حياد الآخر في تلك المعركة؟ و هذا حتى بغض النظر تماما عن مصالحه الإقتصادية - في الواقع لا أعتقد ذلك.
فلو فرضنا حياد الآخر من التدخل بشكل إيجابي (مقصود و مدروس) ماديا أو معنويا - فنحن لا نستطيع أبدا وقف تدخله السلبي (مجرد وجوده بمجتمعه و حريته و إعلامه و علمه و فكره و فلسفته و أدبه و فنه و أفلامه ... إلخ).

و أخيرا: يجب أن لا ننسى أن العالم الآن أصبحت تحكمه قوانين هي أكبر منا و منهم - إنه قطار سريع يتحرك في مسار محدد و الويل لمن يعترضه. فإقتصاديا مازلنا نمثل برميل الطاقة بالنسبة للعالم (على الأقل) و إن لم نندمج في العولمة بأنفسنا فسوف يسحقنا القطار و لا عزاء للأخلاق. و إنك لو نظرت عن قرب لوجدت إشارات على إستحياء تقود عمليات نزع الإنسانية عنا (Dehumanization) و إلصاق التوحش بنا (Demonization) و هذا في بدايات عملية إعلامية تغير الوعي الجمعي الغربي تمهيدا لسحقنا بصفتنا خطرا على الحضارة الإنسانية.
و بغض النظر عن مدى أخلاقية تلك العملية من عدمها - مدى صحتها من عدمه - يجب أن نعلم أن كافة القوى العالمية الآن و أولها الإقتصاد من مصلحته ألا نكون على ما نحن عليه.
Arrayاما المحرك الخاجي الاخر المتمثل بحرية تداول المعلومات و الانفتاح علي العالم عن طريق شبكة الاتصالات الفريدة التي يتميز بها العصر الحديث, فمجتمعنا امتصها بشكل مذهل ليفرغها من محتواها بل و ربما يقلبها ليستخدم هذه التكنلوجيا ضد الثقافة و الفلسفة التي انتجتها.[/quote]
بالرغم مما قد يبدو من إستيعابنا لأدوات التكنولوجيا جزئيا و إستخدامها لمصالحنا - إلا أننا يجب ألا ننسى أن تلك الأدوات و هذه التكنولوجيا تقف على بنية معرفية مخالفة بل و مناقضة لما نحن عليه - و سوف تظل تمثل شوكة في حلق من يستخدمها و لو في مصلحته مؤقتا.
فتلك البنية العرفية العلمية تحديدا هي حصان طرواده الذي إخترق العالم الإسلامي مسببا كل التفاعلات اللاحقة وصولا لما نحن عليه الآن.
لذلك و على مستوى شخصي أجدني أحترم شكري مصطفى مثلا بدعوته لهجرة الحداثة (و من قبله سيد قطب) أكثر من الإخوان المسلمين مثلا و غيرهم من أهل التقية. حيث أنه لكي تكون متوافقا مع نفسك و عقلك فإما العزلة التامة أو الإندماج (و لا أقصد الذوبان).و كما قال نزار قباني:
لا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة و النار.

في إنتظار مداخلات أخرى لك من كل إحترام و تقدير ,,,

برايي ان قناة الجزيرة كانت اول لبنة .. لخلق الفوضى الخلاقة في الوطن العربي... هذه القناة المشبوهة ... و الوسخة... دمرت مثقفي الوطن العربي.. و ارضخت مثقفيها لجهل غوغائها و خزعبلاته... حتى صار المثقف العربي يزايد على الجهلة الاميين في التعصب للرجعية و التخلف...
هذه القناة تقول الشيء و عكسه.. تتلاعب بالمصطلحات و الكلمات ... تمزج الحقيقة بالاكاذيب لتخلق جدلا... غير بناء و مدمر حقيقة... هدفها هو الجدل بذاته و ليس الحوار.. لا تريد التوصل الى حلول ...بل تريد اذكاء النيران بانواعها ...
اعتقد ان عمر خطة الفوضى الخلاقة ترجع الى على الاقل 10 سنيين ... او اكثر بقليل...ربما كانت ضمن خطط مرحلة ما بعد اسقاط الاتحاد السوفييتي... رغم انها برزت للاعلام... مع حرب العراق الاخيرة...