من اجل ثقافة بديلة ! لمَ لا ؟
من دون تمويل , ومن دون أي جهة دعم , أو توجه أيديولوجي أو عقائدي معيَّن و وحيد , اجتمعنا لنقول كلمتنا . مجموعة من الشباب الأحرار من مختلف أرجاء العالم العربي قررت أن ترفع في الميدان الثقافي العربي صوتا جديدا يطالب بثقافة بديلة.
لماذا الثقافة البديلة ؟
في هذا العصر حيث الكلمة سلعة , و الرأي عمل مأجور يباع لمن يدفع أكثر , حيث تقزمت القيم الثقافية القديمة و انهارت أو كادت , و ساد الدجل و الإسفاف الفكري و المعرفي في كل الميادين , في وسط مجتمعات غرقت في أزمتها الحضارية و وصلت إلى حائط مسدود في طريق تطورها , فغرقت وسط موجة من الأفكار الظلامية , وهللت لكل أشكال الردات الرجعية في ظاهرة غريبة من الانتحار الجماعي , بين كل هذه الظواهر اختنقت الكلمة الحرة حقا و صودرت القدرة على التعبير الثقافي الحر .
لقد أصبحت ظاهرة الإفلاس الفكري لدى معظم التوجهات الثقافية التي تدعي العقلانية و التحرر و الرغبة في نشر الفكر التنويري تنيخ بثقلها على الحياة الثقافية العربية (( المتنورة )) , ولم تعد الكتابة أداة للفعل الثقافي الحر و التأثير الاجتماعي بل مجرد نشاط روتيني لملء الفراغ أو محاولة لتحقيق أغراض سياسية و أيديولوجية ضيقة تصب في النهاية في خدمة خطاب و مشاريع القوى الظلامية ( الداخلية أو الخارجية ) المسيطرة , وغرق الجيل القديم من المثقفين بأزمته الخانقة فسلم نفسه لليأس أو انحنى أمام الموجة السائدة متخليا عن دوره الذي من المفترض أن يكون طليعيا , و بهذا ظهر بشكل واضح المصير الذي انتهت إليه مشاريع الحداثة الثقافية العربية التي سادت لفترة لا بأس بها في المرحلة التاريخية الماضية ( القرن العشرين ) , حيث أفسحت المجال بفشلها لسيادة التيارات الظلامية و اللاعقلانية في الحياة الفكرية - الاجتماعية العربية , و لم تترك أي قاعدة ثابتة وراسخة يمكن الانطلاق منها و الاعتماد عليها في القيام بأي مشروع ثقافي جديد يسعى للتأثير الاجتماعي الحقيقي .
برفضنا لكل أشكال الوصاية ( سياسية أو تمويلية أو معرفية أو فكرية أو دينية ... الخ ) قررنا أن نثور على الواقع الثقافي الراهن , ونؤسس لثقافة بديلة , و على اختلاف توجهاتنا و أفكارنا اتفقنا على التنوير كهدف وغاية لهذه الثقافة البديلة , التنوير بمعناه الإنساني و المعرفي المنفتح على الآخر و الذي لا مكان فيه للإلغاء و القمع و الرأي الأحادي , و بالطبع فأن نشر الفكر الحداثي و قيم الحرية و المساواة و العقلانية هي الأساس للتنوير الذي ندعو إليه .
مشروعنا يتخذ من الثقافة و الفكر ميدانا و لغة له , ولكن ليس الثقافة بمعناها النخبوي المجرد , بل الثقافة بمضمونها الاجتماعي الواسع , كأداة للتغير الاجتماعي و الفعل التنويري الجماهيري , التنوير بالنسبة لنا حاجة اجتماعية و ليس ترفا فكريا , ومكانه ليس أروقة الأكاديميات فقط بل يمكن و يجب أن يجد لنفسه مكانا في وسط حياة الناس العاديين .
نحن لا ندعي الكمال في عملنا , و مجهودنا بعيد عن الاحترافية بمعناها الجاف و الجامد , ولعل في هذا تكمن نقطة قوتنا , فمن خلال محاولاتنا المتعثرة أحيانا و الموفقة أحيانا أخرى للوصول إلى لغة ثقافية جديدة , قد نستطيع تدمير سلطة كل فكر مدرسي راكد يدور في حلقته المفرغة و يكرر إنتاج مقولاته و مستبقاته , محاولتنا إذن هي محاولة للهدم و البناء في نفس الوقت .
تجربتنا مشروعة كما نعتقد و مجلتنا فضاء مفتوح لجميع أصحاب الفكر الحر , لا تعرف الخطوط الحمر , و الأساس فيها هو حرية وتحرر كتابها , ومشروعها التنويري المفتوح لكل الآراء و التوجهات .
موقع المجله