يراودني دوما هذا السؤال وأنا أتابع أخيار تفجيرات العراق, والتي تحولت إلى أرقام تذكر في النشرة مثلها كمثل درجات الحرارة,
وألح علي مرة أخرى بعد التفجير الأبله في مكناس والذي ينضم, مع عمليات المقاهي الإنترنت إلى سلسلة عمليات عبثية هزت المغرب مؤخرا..
ثم لم يلبث أن سيطر على تفكيري بعد تفجيرات قرى اليزيديين..
لا أريد أن أدخل في أسباب هذه العمليات أو أهدافها.
خضنا طويلا في نقاشات عن من خلفها وما هي اليد الخفية التي تحرك المشهد وكونها نتيجة تفاعل بين أيادي خفية عدة..
أتناسى ذلك للحظات..
أتذكر أن هنالك دوما من ينفذ الإنفجار..
الإنتحاريي ,الإرهابي, المتفجر, المنتحر سمه ما شئت..
لأن ذلك لن ينفي أن هنالك من ضحى بوجوده من أجل ما يؤمن به..
قد أتفهم العمليات الإنتحارية ضد جيش العدو أو لاغتيال شخصية مهمة...
.لكن أتأمل في هذه العمليات على المستوى الشخصي...هذا الإنسان الذي يلف وسطه بحزام ناسف ليفجر نفسه في سوق خضار أو مدرسة أطفال فيهما أهله وناسه..
كيف يحل هذه المعضلة الأخلاقية وقبل ذلك كيف يضحي بنفسه, بحياته , أحلامه وأماله التي بها يقتات الانسان. ومن أجل قتل من؟
بعض الصبية الذين يعيشون حياة بائسة في بلاد يقتل فيها الفقر الطفولة في اليوم ألف مرة ونسوةء يتسوقن ليطعمن أولادهن بقروش تعرف السماء كم كان صعبا الحصول عليها وكم هو سريع صرفها.. ورجال ذاهبون إلى أعمالهم " ليطفحوا الكوته"طوال اليوم ليحتالوا على الدنيا ليربوا أطفالا هم غدهم وهمهم.
صديقي المتفجر.. كيف تفعلها؟؟

Array
كيف يحل هذه المعضلة الأخلاقية وقبل ذلك كيف يضحي بنفسه, بحياته , أحلامه وأماله التي بها يقتات الانسان. ومن أجل قتل من؟ [/quote]
أعتقد بأن أقصى أحلامه و جل آماله في الولوج إلى جنات النعيم و بكبسة زر بحزام ناسف ,يكون قد عبر الطريق الأسهل و الأقرب إلى جنات الخلد .

أعتقد ان الانتحاريين في العراق هم شباب تعرضوا لعمليات غسيل مخ ، و تم إفهامهم بان قتل أبناء الطائفة الفلانية أو عائلة المسؤول الفلاني او أبناء المنطقة (س) هو شكل من اشكال الجهاد المقدس ....

أتفهم ان يتم التضحية بالنفس دفاعا عن الوطن كما فعل الكاميكازي اليابانيون أو ردا على جرائم المحتل كما في فلسطين ... و لكني لا اتفهم دوافع المسؤولين عن العمليات الانتحارية في العراق.

تحياتي...
قد يبدو الامر مستعصيا على الفهم في الوهلة الاولى...فقد يمكن أن نجد تبريرا لمن يفجر ذاته ليقتل المحتل مثلا الذي اغتصب أرضه...لكن الغريب جداا هو ان ينفجر الشخص وسط اولاد بلده و عشيرته...الذين هم منه و هو منهم...
كثرت محاولات التحليل و الفهم و التي اعتمدت في معظمها على الفقر و التهميش كعامل رئيسي دافع الى الفكر الانتحاري كحل للخلاص...لكن حالة المهندس الذي فجر نفسه مؤخرا في مكناس الغت هذه الفرضية من أساسها....فالانتحاري مهندس دولة و مدخوله كاف لحياة ناعمة و هادئة بعيدا عن شبح الفاقة...
مما قد يعزز فرضية أزمة الهوية و الوجود المتأزم كدافع أساسي....
فالشباب العربي و الاسلامي يرى مصيره و حياته و وجوده مرتبطا بيد غيره...و الفاعل في حركة العالم و التطور حضارة أخرى و فكر أخر...و لا يجد له مكانا او دورا رياديا في قطار العالم المتسارع...و تعزز ذلك السياسة الاستبدادية و القمع على المستوى الداخلي الذي من أساسياته تحريم التعبير الحر و المشاركة الفعالة...
فيلجأ البعض الى المخدرات او الجنس او العنف كوسيلة للتعبير عن الاحتقان الذاتي و الوجودي الذي يعاني منه...كما يهرب البعض الى الماضي و الثراث للبحث عن هوية مفتقدة او مجد الاجداد الغابر في محاولة للتعويض عبر التماهي بهم....
و الصورة المطروحة حاليا لهذا الثراث هي أسوا النسخ في الفكر الاسلامي قاطبة....الوهابية بشقها المغرق في التطرف و الاقصاء و التي لا توازيها و تساويها الا نفس عانت من الاقصاء أيضا فعادت تبحث عنه لتفرضه على غيرها في نوع من العقاب المماثل لكل المجتمع....و هنا يتدخل شيوخ التكفير كفاعلين أساسيين في الاستقطاب و القولبة لهذا النوع من الشباب الذي يكون جاهزا نفسيا لمثل هذا الطرح...و يتم اللعب بهم كدمى لاهداف سياسية و دنوية بالأساس و ان لبست لبوس الدين و المقدس...
هذه فكرتي باختصار شديد..
احترامي للجميع..
:redrose: