د) صعوبة التعرّف على علاقة ختان الإناث باللذّة
يظهر من إستطلاع تم في دولة مالي وساحل العاج بأن عدد الباردات جنسيّاً بين المختونات ليس أعلى من عدد الباردات جنسيّاً بين غير المختونات. ويشير البحث بأن الجدل العام حول هذا الموضوع أوجد كبحاً عند بعض النساء المختونات اللواتي يتساءلن بعد قراءاتهن عمّا إذا كانت علاقاتهن الجنسيّة طبيعيّة أم لا 60.
كما جاء في بحث لماري أسعد من أن مناقشة مع 135 ممرّضة في مصر أوضحت عدم وجود علاقة بين اللذّة الجنسيّة والختان. فقد ذكرت 90% منهن أنهن يتمتّعن بالجنس. ولكنّها أضافت بأن هذه الأرقام يجب أخذها بتحرّز بسبب حساسيّة الموضوع 61.
وتقول الكاتبة الأمريكيّة "لايتفوت كلاين" إن 90% من النساء السودانيّات اللواتي قابلتهن أخبرنها بأنهن كن يصلن إلى الشبك الجنسي بصورة منتظمة أو في بعض الأحيان. وقد يكون ذلك مبالغ فيه ليظهرن بمظهر الزوجات الجيّدات. ولكنّها تضيف أنه لا يوجد عندها شك في أن الإرتواء الجنسي موجود حتّى عند النساء اللواتي قطعن بصورة قاسيّة 62.
وتذكر الطبيبة السودانيّة "أسما الضرير" في دراستها حول 2375 إمرأة سودانيّة مختونة منهن 2006 مختونة فرعونيا بأن 50% من النساء لم يشعرن أبداً باللذّة الجنسيّة وأنهن يمارسن الجنس كواجب، وأن 23.3% منهن لا فرق عندهن، والباقيات إمّا أنهن يعتبرن العلاقة لذيذة بصورة عامّة أو في بعض الأحيان. وأشارت أن ما تبيّن لها خلال الإستجوابات حول ما إذا كن يتمتّعن باللذّة الجنسيّة أم لا هو أن ما يشعرن به لا أهمّية له وأن المهم هو إرضاء أزواجهن 63.
هناك عدّة عوامل تفسّر صعوبة معرفة مدى تأثير ختان الإناث على الشهوة واللذّة الجنسيّة :
- تجهل بعض النساء تعريف اللذّة والإرتواء. فهناك من تعيش في توتّر جنسي وتظن أن ذلك هو الإرتواء خاصّة إذا لم تختبره وليس لديها وسيلة للمقارنة. فالمرأة التي لم تحمل أبداً ساعة في حياتها لا تستطيع أن تتكلّم بصورة واضحة حول مدّة اللذّة. فهي لم تتعامل أبداً مع الثواني والدقائق. فإن قالت سيّدة إن اللذّة طالت دقيقتين أو ثلاثة. فهذا قد يعني أن اللذّة دامت وقتاً قصيراً 64.
- بعض النساء المختونات تنكر عدم وصولها للذّة خوفاً من أن يطلّقها زوجها إذا ما إكتشف بأن غيرها أكثر لذّة منها، فتقنع بمصيرها 65.
- تختلف النظرة إلى اللذّة حسب الشعوب والخلفيّات الثقافيّة. ففي المجتمعات حيث يتم ختان الإناث على الطريقة الفرعونيّة، يمكن إعتبار أن أكثر الرجال قد تكيّفوا مع فرج ضيّق لسيّدة تأخذ موقفاً سلبيّاً أو تتألّم. ولكن هذا الوضع سيختلف مع إنفتاح المجتمع واكتشاف أن ختان الإناث ليس منتشراً في كل العالم. وقد يؤدّي ذلك إلى وضع غير مريح. فبعض النساء التي إكتشفت وضعاً مخالفاً في بلاد أخرى بسبب قراءاتها قد يتحوّل رضاهن عن وضعهن إلى كآبة ويصبن بصدمة عصبيّة تتطلّب العلاج 66. ويرى البعض أن الجدل حول علاقة الختان باللذّة من نتاج الفكر الغربي ونظرته الخاصّة بالجنس. ممّا جعل البعض يرون فيه نوعاً من العنصريّة والإهانة وكثيراً من المبالغات 67.
- تختلف اللذّة الجنسيّة من إمرأة إلى أخرى. فهناك من يصلن إلى الإرتواء الجنسي بمجرّد القُبلات، وبعضهن قد يصلن من خلال مداعبة الثدي، وبعضهن من خلال مداعبة البظر والشفرين، والبعض الآخر من خلال الإيلاج الشديد للقضيب في الفرج. ومن بتر لها عضو يمكنها أن تطوّر شعوراً باللذّة من خلال عضو بديل. فاللذّة الجنسيّة لا تكمن فقط في نطاق البظر. وعندما تسأل المرأة المختونة ما هو الجزء الأكثر حساسيّة عندها تقول البعض بأنه الثدي أو الرقبة أو البطن أو الفخذين، وقليلاً ما تشير إلى الأعضاء الجنسيّة بصورة عفويّة. ولا يعرف ما إذا كان هذا سببه التحفّظ في الكلام عن هذه الأعضاء أو تحوّل الحساسيّة من الأعضاء المبتورة إلى أعضاء أخرى 68.
- تحيط باللذّة محرّمات تجعل من الصعب الإباحة بها بصورة مباشرة. فقد كانت الكاتبة الأمريكيّة "لايتفوت كلاين" تسأل مخاطباتها إذا كانت تطلب من زوجها إجراء العلاقة الجنسيّة معها. فأشارت عليها مترجمتها السودانيّة بأنها عليها أن تسأل بدلاً من ذلك ما إذا كانت المرأة تلجأ إلى التبخير. ففي السودان تقوم المرأة التي ترغب في العلاقة الجنسيّة بتبخير نفسها، فيفهم زوجها رغبتها عند شمّه رائحة البخور. ومن عادة النساء السودانيّات عدم إشعار الزوج بأنهن يتفاعلن مع العلاقة الجنسيّة، لأنه ينظر إلى ذلك نظرة سيّئة وقد يؤدّي إلى الطلاق 69.
ويشار هنا إلى أنه يتم إعادة رتق الفرج بعد الولادة مع إبقاء فتحة صغيرة. والمرأة هي التي تطالب بإجراء هذه العمليّة لها رغم أن زوجها قد يفضّل أن تكون فتحة الفرج أكبر. وإن إعترض زوجها على ذلك، فإنها تذكّره بأن هذا أمر يخص النساء ولا يحق له التدخّل فيه. والهدف من تلك العمليّة هو منع الفرج من التهدّل. وهناك بعض النساء اللواتي يقمن بطلب خياطة فرجهن من جديد حتّى دون ولادة، معتبرة ذلك هديّة منهن لأزواجهن. فالزوجات المتهدّلات الفرج لا يشعرن باللذّة إذ ليس هناك أعضاء يحتك بها القضيب. ممّا يعني أن الهدف من العمليّة ليست فقط لصالح أزواجهن بل لصالحهن. وهذا ما يخلق التقوّلات : "عجوز تبحث عن لذّة جنسيّة". ممّا يدفع بعض النساء إلى التوقّف عن طلب خياطة فرجهن مكتفيات بدورهن كجدّات 70.
وقد توصّلت دراسة نشرتها منظّمة الصحّة العالميّة إلى النتيجة التالية بعد إستعراضها للآراء المتناقضة : "جميع أنواع ختان الإناث تؤثّر إلى درجة ما على التجاوب الجنسي للنساء، ولكنّها لا تلغي بالضرورة إمكانيّة حصول اللذّة والإرتواء [...]. فبعض الأنسجة الحسّاسة وجذر البظر مدفونة في عمق العانة ولا تُزال عند بتر الأعضاء الظاهرة. وحتّى النساء المختونات على الطريقة الفرعونيّة يحتفظن بأجزاء سليمة من الأنسجة الحسّاسة من البظر والشفرين. وبعض الدراسات تبيّن أنه بالإضافة إلى الأعضاء التناسليّة الخارجيّة، هناك أعضاء أخرى مهيّجة في جسم الإنسان قد تصبح أكثر إحساساً في حالة ختان الإناث، خاصّة عندما تتم التجربة الجنسيّة بصورة جيّدة مع شريك حريص على مشاعر شريكته. كما أن المكوّنات النفسيّة والدماغيّة للتجربة الجنسيّة تتأثّر بعوامل شتّى لا يمكن دائماً التنبؤ بها. وهناك حاجة إلى دراسات أكثر دقّة قَبل إلقاء الضوء على الآثار الجنسيّة لبتر الأعضاء التناسليّة عند الإناث" 71.
هـ) رضى الرجال عن ختان الإناث
تختلف نظرة الرجال إلى الأعضاء الجنسيّة الأنثويّة حسب إعتقاداتهم. فمؤيّدو الختان "السُنّي" يرون فيه وسيلة للوصول إلى لذّة الرجل. وقد ذكرنا أن الشيخ محمود شلتوت يرى في إزالة "الزوائد" مَكرُمَة للمرأة والرجل. ويتساءل الدكتور حامد الغوّابي "كيف لرجل أن يختلط بزوجة وهي لها عضو كعضوه ينتصب كانتصابه. أليس ذلك أدعى إلى إستئصال جزء من هذا العضو كما جاء في حديث رسول الله (ص)؟" 72.
هذا وقد إعتبر الشيخ النفزاوي (توفّى عام 1324) ضيق الفرج وسيلة لزيادة لذّة الرجل. وللوصول إلى ذلك ينصح بما يلي : "ولتضييقه، تحل الشب في الماء وتستنجى به مع ماء السواك فإنه يضيق. ولرد الرحم البارز : يطبخ الخرّوب طبخاً ناعماً بعد إزالة نوائه وقشور الرمان بالماء، وتجلس المرأة عليه دائماً بقدر الإحتمال. فإذا برد تسخّنه وتعيد الجلوس عليه. تفعل ذلك مراراً وتبخّر بروث البقر، فإنه يرجع إن شاء الله تعالى" 73. وتضييق الفرج لإعادته إلى شكله الطبيعي إذا ما تم شق العجّان عند الولادة أمر معروف في الغرب والقصد منه هو أيضاً زيادة لذّة الرجل والمرأة 74.
وفي كلمتها أمام مؤتمر أديس أبابا لعام 1987 ذكرت ممثّلة الصومال أن هناك إعتقاد في بلدها أن الرجال لا يتزوّجون البنت إلاّ إذا كانت مشبوكة الفرج. وهذا الرأي ناتج من فكرة أن الرجل يجني لذّة أكبر إذا كانت فتحة فرج المرأة ضيّقة من خلال عمليّة الختان. ولكنّها تقول بأن الأشكال المختلفة لختان الإناث تزيد من ألم المرأة وتنقص من اللذّة الجنسيّة. وقد يؤدّي ذلك إلى إحساس بعدم القدرة عند الرجل 75.
ويذكر كتاب الممارسات التقليديّة أن "البحوث التي أجريت في السودان على300 زوج سوداني لكل واحد منهم أكثر من زوجة بعضهن مختتنات وبعضهن غير مختتنات. فأجاب 266 منهم بأنهم يفضّلون العلاقة الجنسيّة مع الزوجة غير المختتنة" 76.
وتقول كاتبة إفريقيّة أن أحد حجج مؤيّدي ختان الإناث هو الإعتقاد بأنه يحسّن القوّة الجنسيّة للذكور لأن البظر يتهيّج مثل القضيب ويؤدّي إلى سرعة القذف. وفي كثير من الجماعات الذكوريّة، يعتبر إنهاء العلاقة الجنسيّة بسرعة إهانة تؤدّي إلى خصومات في العلاقة الزوجيّة. فالرجل يعتقد بأنه هو الذي عليه أن يتحكّم بالعلاقة الجنسيّة للمدّة التي يرغب فيها. ولذلك فإن ختان الإناث يساعد في عدم تدخّل المرأة في تلك المُهمّة 77.
وإن كان البعض يرون في بتر الأعضاء الجنسيّة للأنثى وتضييق الفرج زيادة في اللذّة، فإن آخرين يرون العكس. فبعض القبائل تلجأ إلى شد البظر والشفرين حتّى تطولان، كما أنها توسّع فتحة الفرج. والرجال في تلك القبائل يقدّرون هذه الظاهرة ويبحثون عن النساء التي أجريت لهن هذه العمليّة 78.
هناك إذاً تضارب في الآراء حول علاقة ختان الإناث بلذّة الرجل. ولكن يجب الإشارة إلى أن الختان الفرعوني قد يؤدّي إلى علاقة جنسيّة مؤلمة جدّاً في بادئ الأمر لكل من الرجل والمرأة. ولا يمكن تصوّر حدوث لذّة في هذه العلاقة إلاّ إذا إعتبرنا أن الرجل والمرأة مصابان بمرض السادومازوشيّة. وهي حالة مرضيّة معروفة سوف نعود إليها في الجدل الإجتماعي. ففتح المرأة المختونة فرعونياً بقضيب الرجل قد يأخذ من أسبوع إلى عدّة أشهر. وقد يلجأ الزوج إلى شق فرج المرأة بسكّين، أو قد يطلب مساعدة الداية في فتح الزوجة مقابل مبلغ من المال على أن لا تبوح بالسر. وفي بعض الأحيان يحدث قناة جانبيّة يمارس الجنس من خلالها دون علم أن ذلك ليس الفرج. وقد كسر طبيب ثلاث شفرات جراحيّة دون أن يتمكّن من شق فرج المرأة، ثم نجح في مهمّته بمقص قوي. والزوج الذي لا يتمكّن من فتح فرج زوجته يمارس اللواط معها ممّا يؤدّي إلى تشقّق في الشرج 79. ونشير هنا إلى أن فرج المرأة بعد الولادة يتم تخييطه من جديد ممّا يعني مواجهة مشكلة فتح المرأة من جديد بعد مرور أربعين يوماً من الولادة. وخياطة الفرج بعد الولادة بدعة جديدة ظهرت في المدن السودانيّة منذ 50 سنة 80.
وتذكر "لايتفوت كلاين" كيف أنها سمعت في الفندق الذي تنام فيه صراخاً وعويلاً شديدين وكأنه نتيجة تعذيب. وعندما سألت صاحب الفندق ماذا جرى وإن كان ممكناً التدخّل للحد من هذا الصراخ والعويل، أجابها بأنه فندق لقضاء شهر العسل ولا يمكن فعل أي شيء. وعندها فهمت لماذا يتواجد فندق شهر العسل قرب المستشفى. وعندما تتم ليلة الدخلة في البيت، فإن الزوجين يدخلان إلى غرفة بينما ينتظر الضيوف خروج الزوجين وقد إنتهيا من مهمّتهما وهم يسمعون صراخهما وعويلهما. وبعد الإنتهاء من المُهمّة يخرج الزوج ومعه زوجته إلى المستشفى لعلاجها وعلاج نفسه بسبب تجرّح قضيبه. وبعض الرجال يلجأون إلى السكر الشديد حتّى لا يحسّوا بالألم الذي يعانون منه وتعاني منه زوجاتهم ليلة الدخلة 81.
3) الختان وتعاطي المخدّرات
هناك جدل حول علاقة ختان الذكور والإناث بتعاطي المخدّرات. ولكن ما زالت تنقصنا الدراسات الجدّية في هذا المجال، ربّما لحساسيّة الموضوع. ولتشجيع الباحثين، نقدّم هنا عرضاً للآراء التي عثرنا عليها.
أ) ختان الذكور وتعاطي المخدّرات
كتب القليل عن علاقة ختان الذكور بتعاطي المخدّرات. يقول "جولدمان"، وهو معارض لختان الذكور، أنه إذا ما عرف الذكور المختونون أن الغلفة هي جزء من أعضائهم، فإنهم سوف ينظرون لأنفسهم نظرة سلبيّة ممّا يحط من تقديرهم لأنفسهم، خاصّة أن العلاقة الجنسيّة لها صلة قويّة بتقدير الذات. وإذا قَبلنا بأن الختان ينقص اللذّة الجنسيّة، فيجب أن نعتبر أن الختان ينقص تقدير الذات. وهذا له أثر شخصي واجتماعي. فالذي لا يقدّر نفسه لا يقدّر الآخرين. ويؤدّي ذلك إلى الإنعزاليّة، والإحباط واستعمال المخدّرات 82.
وقد نشرنا في المحلق 24 نصّاً للشيخ محمود محمّد خضر يقول عكس ذلك. فهو يرى أن عدم الختان يؤدّي إلى شدّة الهيجان الجنسي أو سرعته ومن ثم إلى سرعة القذف التي تعتبر من أخطر أمراض العصر. وغالباً ما يلجأ الرجل إلى المخدّرات لتبريد هذا الهيجان وإطالة أمد العمليّة الجنسيّة، وبعض الناس يستعين بالغطاء الذكري لإطالة العمليّة ولو لم يكن بحاجة إليه لمنع الحمل من الجماع 83.
ب) ختان الإناث وتعاطي المخدّرات
تشير كتابات مصريّة كثيرة إلى علاقة تعاطي المخدّرات بختان الإناث. فقد كتب أحمد أمين : "في هذه الأيّام من حياتي، أعني في سنة 1950 وما بعدها، نادى بعض الناس بقصر الختان على الذكور دون الإناث، وحجّتهم في ذلك أن ختان البنات قد سبّب إنتشار عادة تعاطي الحشيش والمنزول والأفيون ونحو ذلك0 وذلك بسبب أن البنت إذا إختتنت ثم كبرت فختانها يقلّل من لذّتها الجنسيّة، فيضطر الرجل إلى إستعمال المخدّرات التي ذكرناها لغيابه عند مضاجعتها. فنادوا بعدم ختانها حتّى لا يضطر الرجل إلى مثل هذه المخدّرات ؛ ولم تلقى هذه الدعوة في أوّل أمرها كثيراً من الإهتمام" 84.
ويقول الدكتور محمّد سعيد الحديدي : "إن المخدّرات والمغيّبات بكافّة أنواعها قد إنتشرت في بلادنا إنتشاراً مخيفاً قد تعدّى كل الإحصائيّات في أي بلد آخر [...] رغم العقوبات الشديدة والقوانين الصارمة التي يؤخذ بها كل من يتجرأ ويتعاطى هذه المخدّرات. ما السر في هذا يا حضرات السادة. لو إهتدينا لهذا السر لوفّرنا على أنفسنا وعلى أمّتنا المال الكثير الذي يبذل لمكافحة هذه الأشياء ولجنينا فوائد أعظم. فكم من أشخاص زجّوا في السجون وكم ضحّوا بأموالهم وعقولهم وأسرهم لتعاطي هذه السموم. ما السر في ذلك إذاً ؟
إني أسلّم معكم بأن كثيراً ممّن يتعاطون هذه المواد المخدّرة يتعاطونها لنقص في إدراكهم وتكوينهم العقلي. ولكن ما رأيكم فيمن يتعاطون هذه المواد من أناس يشهد لهم نجاحهم في حياتهم العمليّة والعلميّة والأدبيّة والمادّية بقسط أوفر من رجحان العقل بل النبوغ ؟ الجواب بسيط. وهو الرغبة في تخدير الحساسيّة لدى هؤلاء الرجال ليحصل التكافؤ بينهم وبين من يلامسون من نساء مختتنات" 85.
ويقول الدكتور رشدي عمّار : "في 62 حالة كان الأزواج يتعاطون المخدّرات أو المشروبات الكحوليّة للمساعدة على الإتّصال الجنسي ولإطالة مدّة العمليّة الجنسيّة رغبة في إشباع الأزواج والزوجات. وبسؤالهن عن النتائج كانت الإجابة أنه أفاد في بعض الحالات وأنه يأتي بنتيجة عكسيّة في حالات أخرى. ونحن جميعاً نعلم أن من أسباب إدمان بعض الرجال على المخدّرات أو المشروبات الكحوليّة هو الرغبة في إشباع الزوجات بإطالة العمليّة الجنسيّة نظراً لزيادة نسبة البرود الجنسي كنتيجة للطهارة" 86.
ويلاحظ علاقة بين ختان الإناث وآفة ورق "القات" التي تعاني منها اليمن. فعندما حاولت السلطات البريطانيّة منع إستعمال "القات" في إبريل 1957 في مستعمرة عدن كادت تندلع ثورة شعبيّة. فقد إعتبر اليمنيون ذلك المنع إنتهاكاً لحق من حقوقهم الأساسيّة. وقد إستنكرت النساء هذا المنع لأن ذلك يؤثّر على حياتهن الزوجيّة. وقد أجبرت السلطات البريطانيّة إلغاء قرارها في 24 يونيو 1958 87.
وقد رد مؤيّدو ختان الإناث على هذا الإتّهام معتبرين أن عدم ختان الإناث هو الذي يؤدّي إلى الإدمان على المخدّرات وليس العكس. فهم يرون أن المرأة إذا لم تختن تبقى شديدة الميل جنسيّاً مع تقدّم العمر على العكس من الرجل الذي يفتر. وحتّى يستطيع مضاهاتها، فإنه سوف يلجأ إلى إستعمال المخدّرات. لكن "في الحالة التي تختتن فيها المرأة نصف إختتان، يكون إحساسها معقولاً، والزوج والزوجة في حالة متساوية" 88.
ويقول مجدي فتحي السيّد متسائلاً : "ألم تختن النساء على ممر القرون الطوال، فلم يحدث أي تعكير للرجال، ولم يصدر في يوم من الأيّام أيّة علاقة تربط بين ختان النساء والمخدّرات". ويضيف : "كيف بعد دعوة الرسول (ص) إلى ختان النساء يقول لنا هؤلاء بأنه سبب رواج المخدّرات ؟! ولكن إذا لم تستح فقل ما شئت، وأصنع ما شئت". ولكن صاحبنا بعد أن إستنكر الختان كما يجرى في السودان وأعتبره حراماً في دين الله وعملاً جاهليّاً، قال إن عواقبه وخيمة ويحرم الرجل والمرأة من اللذّة ويؤدّي أحياناً لشرب المسكرات والمخدّرات من جانب الرجال 89.
4) الختان والشذوذ الجنسي
أ) تعريف الشذوذ الجنسي
الشذوذ الجنسي يعني ميل الرجل للعلاقة الجنسيّة مع رجل آخر، وميل المرأة للعلاقة الجنسيّة مع إمرأة أخرى. وممارسة الشذوذ الجنسي يمكن أن يكون بموافقة الطرفين أو مفروضاً من طرف على الآخر. وفي العلاقة بين رجلين هناك الداخل والمدخول، وقد يكون هناك تبادل للأدوار. ويمكن التفريق بين نوعين من الشذوذ الجنسي :
- الشذوذ الجنسي العضوي : إذا ما زادت هرمونات الأنوثة على هرمونات الذكورة عند الرجل، فإن هذا الرجل سيجد نفسه أكثر ميلاً للرجال. وإذا ما زادت هرمونات الذكورة على هرمونات الأنوثة عند المرأة، فإن هذه المرأة ستجد نفسها أكثر ميلاً للنساء.
- الشذوذ الجنسي الوضعي : هذا الشذوذ ناتج ليس عن تكوين عضوي، بل بسبب أوضاع خاصّة. فمثلاً إذا سجن رجال في غرفة واحدة لمدّة طويلة ولم يكن هناك منفذ للوصول إلى المرأة، فإن هؤلاء الرجال قد يلجأون إلى العلاقة الجنسيّة بينهم لسد حاجتهم. ونفس الأمر إذا ما حبست نساء في غرفة واحدة دون منفذ إلى الرجل، فإن هذه النساء قد يلجأن إلى العلاقة الجنسيّة بينهن.
والذي يهمّنا هنا هو الشذوذ الوضعي لمعرفة ما إذا كان الختان يجر الرجل أو المرأة إلى ممارسة علاقة جنسيّة شاذّة.
ب) ختان الذكور والشذوذ الجنسي
ليس هناك دراسة شاملة حول علاقة ختان الذكور بالشذوذ الجنسي بسبب حساسيّة الموضوع. وسوف نشير هنا إلى ما وجدناه في هذا المجال ضمن الكتابات العامّة.
يشار أوّلاً أن الغرب قد لجأ إلى الختان لمكافحة العادة السرّية التي تقود، في نظر مؤيّديه، إلى الشذوذ الجنسي 90.
وقد نشرت مجلّة "نيويورك تايمز" في 2 أكتوبر لعام 1977 أن وكالة المخابرات الأمريكيّة أجرت الختان عام 1961 على 15 طفل بين عمر 5 و7 سنين من عائلات فقيرة لمعرفة ما إذا كان للختان صلة بالخوف من الخصي وما إذا كان هذا الأخير له علاقة بالشذوذ الجنسي. وقد دمّرت هذه الوكالة نتائج بحثها ولم تنكر هذا الحدث 91.
وتقول "رومبيرغ" بأن أكثر الشاذّين جنسيّاً في الولايات المتّحدة هم من المختونين، وأن هؤلاء الشاذّين يفضّلون العلاقة الجنسيّة الشاذّة مع رجال مختونين. فمنشوراتهم تظهر دائماً صوراً لعراة مختونين رغم أنه بإمكانهم الحصول على صور لغير مختونين من خارج الولايات المتّحدة. وتذكر دراسة للدكتور "فولي" تبيّن أن 32% من المقبولين في مستشفى تابع للبحرّية الأمريكيّة كانوا مختونين، وأن 100% من الذين يعلنون عن أنفسهم شاذّين جنسيّاً بصورة صريحة كانوا مختونين. وتضيف المؤلّفة أن الشذوذ الجنسي موجود أيضاً في أوروبا وفي أجزاء أخرى من العالم حيث لا يمارس الختان بصورة واسعة مثل الولايات المتّحدة. وهذا يعني أن الختان ليس العامل الوحيد للشذوذ الجنسي. ورغم هذا التحفّظ، فإن هذه المؤلّفة تعطي تفسيرين للشذوذ الجنسي عند المختونين :
- الختان قد يورث الخوف من الخصي عندهم. فبعد ختان شخص، أصبح هذا غير قادر على العلاقة الجنسيّة مع النساء. وكلّما حاول دخول إمرأة، أحس بألم كبير. وفي هذه الحالة، أدّى الختان إلى مضاعفات نفسيّة قادته فعلاً إلى الشذوذ الجنسي.
- الإحساس الجنسي عند الطفل يبدأ منذ الساعات الأولى من ولادته. فالطفل يتحسّس جسده بيديه في الدقائق الأولى من حياته. ومنهم من يعتاد على لمس أعضائه الجنسيّة، ومنهم من يلمس فمه ومنهم من يلمس أذنيه، متحسّساً الأعضاء التي يشعر أنها أكثر عذوبة له. وإذا ما إعتبرنا أن الطفل الأمريكي يبتر في الأيّام الأولى من ولادته، فماذا يمكن أن تكون ردّة فعله إذا إكتشف أن أعضاءه الجنسيّة تسبّب له ألماً، لا لذّة؟ 92
ويقول "جولدمان" أن الشذوذ الجنسي عند الرجل هو بسبب عدم الرضى من العلاقة الجنسيّة مع المرأة. وقد يكون سبب عدم الرضى شعور الرجل بالخجل أو ضعف في تقدير الذات، ممّا يؤدّي إلى صعوبة في التفاعل في مرحلة الإعداد للعلاقة الجنسيّة أو إلى عجز جنسي. وهذا بدوره يؤدّي إلى بحث للذّة إمّا من خلال علاقة مع إمرأة غير زوجته أو في علاقة شاذّة 93. ويضيف هذا المؤلّف أن الختان يفقد الحشفة غلافها وحساسيّتها ويجعلها جافّة وخشنة ويحرمها من المادّة المرطّبة التي تساعد على إيلاج القضيب في الرحم. وقد يكون هذا هو السبب الذي يجعل ظاهرة ممارسة الجنس بالفم للحصول على اللذّة الجنسيّة أكثر إنتشاراً في الولايات المتّحدة ممّا في الدول الأخرى 94.
وتشير دراسة أن بقاء الغلفة ضروري للتصرّف الجنسي الطبيعي. فقد تبيّن أن حذفها عند الثدييات وعند الإنسان يؤدّي إلى تشويش في العلاقة الجنسيّة نتيجة تلف الخلايا الناقلة للحس واللذّة. وقد نشبّه ذلك بقطع بعض أسلاك الراديو الداخليّة ممّا يؤدّي إلى تشويش في إستلام المحطّات الإذاعيّة. وهذا ما جعل البعض يربط بين الختان والعادة السرّية والعلاقة الجنسيّة الشاذّة ومص القضيب. فبالختان يحاول الإنسان (والحيوان) التعويض عمّا خسره من خلايا ولذّة بالبحث عن اللذّة خارج مجراها الطبيعي 95.
ونحن نقدّم تفسيراً للعلاقة بين الختان والشذوذ الجنسي. فالختان قد يخلق وضعاً عند الرجل يشبه وضع السجين. فبالختان يتم قطع جزء من جلد القضيب. وإذا كان القطع كبيراً، فإن جلد القضيب لن يكون كافياً لتغطيته عند إنتصابه، فيحدث شد على الجلد الذي يغطّي الخصيتين. وقد يؤدّي الختان إلى تشويه في القضيب. وهذا يعني تعطيل الوظيفة الطبيعيّة للقضيب، ممّا قد ينتج عنه فقدان اللذّة في العلاقة الجنسيّة مع إمرأة. وهنا يصبح الرجل سجين وضع غير مريح قد يجرّه إلى البحث عن اللذّة بوسائل أخرى، وذلك بأن يسمح لرجل أن يدخله. وقد إستلمت عدّة رسائل من شاب سويسري يقول فيها بأن ختانه قد أدّى به إلى الشذوذ الجنسي، إذ إن العلاقة الجنسيّة مع النساء لم تعد لها أيّة لذّة في عينيه.
هذا ويستبعد طبيب النفس "فافاتزا" أن يؤدّي الختان إلى شذوذ جنسي. فهذه النظريّة تنبع حسب رأيه من تجارب بين أوساط الشاذّين الذين يعطون فقدان غلفتهم أهمّية كبرى تصل إلى التعصّب فيحاولون شدّها 96. ويرد "بيجلو" بأنه إن كان هناك بعض الشاذّين بين الذين يلجأون لشد غلفتهم، إلاّ أن هذا لا ينطبق على جميعهم، فهناك أيضاً نساء تطلب معلومات عن سبل إسترجاع غلفة أزواجهن 97.
ويعتبر "بويد" القول بأن الختان قد يؤدّي إلى الشذوذ الجنسي هو نوع من العنصريّة 98. وهذا المؤلّف معادي لختان الذكور. ويشير إلى أن معاداة ختان الذكور يتواجد بصورة أكبر بين الشاذّين بين الرجال ممّا بين غير الشاذّين. ويرجع السبب في ذلك أنهم إستطاعوا أن يقارنوا بين أعضائهم المبتورة وأعضاء شريكهم في العلاقة الجنسيّة، فيكتشفون الضرر الذي لحق بهم ويعون لما جرى بهم. بينما الرجال العاديين الذين يكتفون بعلاقة مع النساء فلا وسيلة لهم للمقارنة 99.
ج) ختان الإناث والشذوذ الجنسي
ليس هناك كتابات حول علاقة ختان الإناث بالشذوذ الجنسي. وعلى العكس هناك بعض التلميحات إلى أن عدم ختان الإناث قد يؤدّي إلى الشذوذ الجنسي عندهن.
سنرى لاحقاً أن الغرب لجأ لختان الإناث للحد من العادة السرّية التي تقود إلى الشذوذ الجنسي في نظره. وفي عام 1975، نشر الطبيب الأمريكي "جيمس بورت" كتاباً عنوانه "جراحة الحب" تأييداً لختان الإناث. وقد علّل تأييده لهذه العمليّة بأنها تحد من الشذوذ الجنسي عند النساء 100.
وتشير مقابلات مع بعض نساء مصريّات أنهن يعتقدن بأن عدم ختانهن يؤدّي بهن إلى العلاقة الجنسيّة الشاذّة والجري وراء الجنس 101. ونجد هذا الفكر في كتاب "المنتخب من السُنّة" الذي نشره المجلس الأعلى للشئون الإسلاميّة في مصر. ففي هذا الكتاب تعليق على الحديث الذي رواه الحجّاج بن أرطأة "الختان سُنّة في الرجال، مَكرُمَة في النساء" : "مهما قيل في هذا الحديث، فإنه يجب الأخذ به بالنسبة لختان الإناث. فقد دلّت الحوادث على أن ترك ختانهن يؤدّي بهن إلى أخطر العادات، حيث تشيع فيهن عادة السحاق. وقد ثبت من الإحصائيّات أنه لا وجود لهذه العادة إلاّ في البلاد التي لا تختتن فيها الإناث" 102. ولم يذكر لنا هذا الكتاب أي مصدر لهذه الإحصائيّات للتحقّق منها.
وهذا القول يعني أن المرأة ستشعر أن عندها قضيب صغير، فتمارس دوراً شبيهاً بدور الذكر مع المرأة وتعاشر المرأة مثلها. ويرد الدكتور محمّد رمضان على هذا القول : "الواقع يكذّب هذا، والشذوذ الجنسي هذا، هو إنحراف في النفس والسلوك، وليس مرتبطاً بأي عضو من الأعضاء سواء كان العضو صغيراً أم كبيراً. ألا نرى أن عضو الرجل كبير وأنه وسيلته الأساسيّة في المعاشرة ؟! فهل وجوده بهذا الحجم أدّى إلى إنحرافه وممارسته الشذوذ ؟ وكأنهم بهذا يلقون الذنب والخطأ على هذا العضو!! وهل العلاج أن تكون الوقاية قطع هذا العضو لكل النساء، وتقصيره لكل الرجال مثلاً ؟! إن هذا لا يقرّه شرع أو دين، بل لم يرد أن الرجل إذا مارس الشذوذ الجنسي، قمنا بقطع عضوه حتّى لا يعود إلى ذلك" 103.
5) تأثير الختان على الزواج
العلاقة الزوجيّة مبنيّة على التفاهم وتلبية المصالح بين الزوجين، ومن بينها اللذّة الجنسيّة. وإذا ما أصاب العلاقة الجنسيّة ضرر، فإن ذلك ينعكس سلبيّاً على الحياة الزوجيّة. وهذا ما جعل البعض يرى أن الختان، خاصّة ختان الإناث، يؤدّي إلى الطلاق وتعدّد الزوجات.
أ) تأثير ختان الذكور على الزواج
يرى باحث أمريكي أن ختان الذكور سبباً لتعدّد الزوجات وعلاقات جنسيّة خارج الرابطة الزوجيّة بحثاً عن اللذّة المفقودة. كما أنه قد يؤدّي إلى تفكّك العلاقة الزوجيّة والى الطلاق.
ففد بيّنت دراسة أجريت على 4500 إمرأة أن 80% منهن غير راضيات عن علاقتهن بأزواجهن، وأن 90% من النساء اللواتي طلّقن بناء على طلبهن كان سبب ذلك الوحدة وفقدان المشاعر داخل الزواج، وأنهن كن يتمنّين لو أن زوجهن أكثر كلاماً معهن وأكثر إنفعالاً شعوريّاً. ويظهر ضعف الإنفعال الشعوري بدرجة أكبر عند الرجال من النساء. وسبب ذلك أن الذكور يلقون حناناً أقل من الإناث في صغرهم في الحياة العائليّة. وأحد مؤثّرات إنخفاض الإنفعال الشعوري هو حدوث صدمة. وكلّما كانت الصدمة في عمر أصغر، كلّما كان أثرها أكبر على صحّته النفسيّة. وهنا نرى دور ختان الذكور كصدمة تؤدّي إلى خلق مشاكل داخل الحياة الزوجيّة وتؤدّي إلى الطلاق. وقد بين البعض أن هناك علاقة بين نسبة الختان ونسبة الطلاق في الولايات المتّحدة، كما هناك علاقة بين إرتفاع نسبة الختان وارتفاع عدد غير المتزوّجين 104.
هذا وقد بيّنت دراسة بأن الشراكة الجنسيّة بين المرأة وغير المختونين تدوم مدّة أطول من الشراكة مع المختونين بسبب الإلفة التي يحس بها الشريكين في العلاقة الجنسيّة. وهذا يبيّن صدق مقولة إبن ميمون بأن المرأة التي تمارس الجنس مع غير المختون يصعب فصلها عنه 105.
وقد تنبّه مؤيّدو ختان الذكور لهذه النظريّة فحاولوا إثبات العكس. فقد ذكرت دراسة نشرت عام 1998 أن الختان مثل بتر أي جزء من الإنسان يؤثّر على الخلايا العصبيّة في المخ، خاصّة إذا تم ذلك البتر في سن مبكّرة. وهذا بدوره يؤثّر على التصرّف الجنسي للفرد، فلا يلغي الرغبة في الجنس ولكن يخفّفها. ونفس الأثر ينتج عن تخشّن الحشفة. فيكون الختان نوعاً من الخصي العصبي الضعيف. وتستشهد هذه الدراسة بقول إبن ميمون السابق الذكر في هذا المجال 106. ولكن هذه الدراسة ترى في ختان الذكور فائدة تساعد في بقاء الجماعة اليهوديّة :
1- إضعاف الشهوة الجنسيّة يقلّل من عنف الشباب وتنافسهم على النساء ممّا يمثّل خطراً على بقاء الجماعة.
2- إضعاف الشهوة الجنسيّة تجعل الرجل في مستوى المرأة التي هي أقل إندفاعاً من الرجل في العلاقة الجنسيّة.
3- هذا التساوي يساعد في الحفاظ على متانة الزواج ويقلّل من حالات الخيانة الزوجيّة 107.
وتطرح هذه الدراسة السؤال لماذا إذاً لا تمارس كل الجماعات البشريّة الختان إذا كان في الختان فائدة جماعيّة ؟ وتجيب بأن بعض الجماعات البشريّة تتّبع نظاماً بديلاً للختان لتهدئة الشباب، وهو إختلاط الذكور والإناث، بالإضافة إلى أن مناطق الشمال الباردة أقل إندفاعاً للجنس 108.
وهذه الدراسة قد تأثّرت في النقطتين الثانية والثالثة بالفكر الإسلامي الذي ذَكَرْته في مقال لي وضع في مراجع تلك الدراسة 109. فقد عَرَضْت في ذلك المقال ما سنراه في النقطة السابقة بأن المسلمين يرون أن ختان الإناث يضعف الغريزة الجنسيّة عند النساء ويساوي بينها وبين غريزة الرجل. وهذه الدراسة قامت فقط بقلب تلك النظريّة لصالح ختان الذكور.
ب) تأثير ختان الإناث على الزواج
يرى عامّة مؤيّدو ختان الإناث، أن الغاية منه منع إنحراف البنت وتهذيب ميولها الجنسيّة. ويعتقدون أن الختان يؤثّر أيضاً إيجابيّاً على العلاقة الزوجيّة. يقول الدكتور حامد الغوّابي : "إن الرجل دائماً هو أكبر من زوجته في السن. وقد يكون الفارق بينهما عشر سنين أو خمس عشرة أو عشرين سنة أو أكثر كما نرى في بلادنا. فما بال هذا الرجل إذا بلغ سن الخمسين أو أكثر، وقد فتر نشاطه وضعفت حيويّته، وكانت زوجته لا تزال في سن الثلاثين أو أقل بأعضائها السليمة الحسّاسة ؟! كيف لمثل هذا الرجل أن يحتفظ بصحّته وهو يجد أمامه زوجة لا تزال في عنفوان الشباب، قويّة الإحساس، وهو قد فتر إحساسه، شديدة الميل وهو قد قل ميله. فماذا تكون النتيجة ؟ هنا يضطر الرجل إلى تناول المكيّفات كالحشيش، ولكن في الحالة الأولى التي تختتن فيها المرأة نصف إختتان، يكون إحساسها معقولاً، والزوج والزوجة في حالة متساوية" 110.
ولكن يرى المعارضون أن العكس هو الذي يحدث. يقول الدكتور ماهر مهران : "إن نسبة الضعف في التجاوب في التي أجريت لهن عمليّة الختان تصل إلى 54%. ويرجع هذا إلى إستئصال المناطق الحسّاسة اللازمة للتفاعل الجنسي. وممّا لا شك فيه أن عدم تجاوب المرأة في اللقاء الجنسي يؤدّي إلى مشاكل عديدة أوّلها عدم تواصل التعاون الجنسي بين الزوج والزوجة، ممّا يؤدّي إلى إحتقان مزمن في الحوض والألم وإفرازات مهبليّة بجانب التوتّر العصبي والنفسي. وقد أدّى ذلك في كثير من الحالات إلى مشاكل أسريّة عنيفة قد تنتهي بالطلاق. كما أن ذلك سبب من الأسباب الهامّة التي أدّت إلى إنتشار المخدّرات بين الأزواج متصوّرين أن في ذلك حلاً للمشكلة"
ويضيف : "لا شك أن المشاكل الجنسيّة والنفسيّة الناتجة عن طهارة الإناث تنعكس على الزوج. وقد وجد أن 10% من الأزواج يشكون من ضعف أو قذف سريع كما أن 18% من الأزواج يستعملون المخدّرات ولا سيما الحشيش تدخيناً، كما أن 3% من الأزواج متزوّجون من زوجة أخرى حلاً للمشاكل الجنسيّة والأسريّة" 111.
وتقول الدكتورة سهام عبد السلام أنه في حالة الإحباط الجنسي المتكرّر قد يحدث إكتئاب لدى بعض السيّدات، أو قد يدفع ببعضهن للعصبيّة وإثارة النكد بلا مبرّر. وقد تنحرف من لم تحظ بتنشئة إجتماعيّة قويمة وتبحث عن أكثر من شريك لمحاولة الوصول إلى الإشباع الجنسي الذي ينقصها 112.
وتقول طبيبة من "سيراليون" أن ختان الإناث يؤدّي إلى مشاكل زوجيّة، خاصّة في المجتمعات التي تمارس تعدّد الزوجات. فالختان يضعف التجاوب الجنسي مع ما يصاحبه من إضطرابات عقليّة. وهذا يصل إلى فقدان الرغبة في الحياة عندما ترى أن زوجها يتركها عاطفياً ليذهب إلى أخرى لعدم تجاوبها معه جنسيّاً 113. وتشير هذه الطبيبة أنها قامت بمقابلات مع 50 سيّدة مارست الجنس قَبل ختانها. وقد تبيّن بأن لا أحد منهن قد وصلت بعد الختان إلى مستوى اللذّة التي كانت تشعر به قَبل الختان. ولم تكن هذه السيّدات تعي أن سبب ذلك هو الختان. وقد حاولت بعضهن البحث عن الزوج المثالي متنقّلة من رجل إلى آخر ممّا أدّى إلى فقدان زوجها وخراب بيتها. وهكذا بدلاً من أن يكون ختان الإناث وسيلة لمنع العلاقة الجنسيّة خارج الزواج، أدّى ذلك الختان إلى نتيجة عكسيّة تماماً 114.
هذا وقد ذكرنا أن الختان الفرعوني كما في السودان يخلق صعوبة لفتح فرج المرأة. والرجل الذي لا يتمكّن من فتح فرج زوجته في ليلة الزواج قد يصاب بشعور بعدم القدرة الجنسيّة. وهناك حالات إنتحار نتيجة لهذا. ويقدّر أن 20% من السودانيين الذين تزوّجوا إمرأة ثانية كان سببه عدم تحمّلهم فتح زوجتهم التي يخاط فرجها بعد كل ولادة بصورة أضيق 115. والمشكلة في هذا البلد هي أنه إذا وجد الرجل إمرأته غير مختونة، فإنه يفرض عليها الختان. وإذا إستطاع فتحها بسهولة، ظن أنها ليست بكراً فيقوم بتطليقها 116. وهناك إعتقاد بأنه إذا لم تكن المرأة مختونة، فإن زوجها سوف يسارع إلى إتّخاذ زوجة أخرى أو إلى التردّد على العاهرات 117.
ويبيّن الدكتور محمّد سعيد الحديدي كيف أن ختان الإناث يؤثّر على تصرّفات النساء في المجتمع المصري وظاهرة الزار. يقول هذا المؤلّف : "ما أثر ذلك الحرمان [من اللذّة الناتج عن ختان الإناث] في نفسيّة المرأة ؟ [...] إن المرأة التي فقدت أغلب حساسيّتها الجنسيّة والتي يصعب إمتاعها وقلّما يمكن إمتاعها لطول المدّة التي تحتاجها إلى ذلك، تصبح في ثورة نفسيّة كامنة وتزداد حدّة في طبعها وعصبيّة في مزاجها. [...] ومسكينة تلك المرأة البائسة التي تعبّر عن هذه الثورة بما نعرفه يا حضرات السادة، ونشاهده في بعض الأسر المصريّة، ألا وهو الزار. فالزار يا حضرات السادة نتيجة مباشرة لختان المرأة. وإلاّ فأجيبوني يا حضرات السادة، لما لم يعرف الزار إلاّ في بلادنا ؟ ألا تسكن العفاريت إلاّ في مصر جنّة الله في أرضه ؟ ما علمت من إمرأة عليها زار إلاّ وكانت مصريّة أو متمصّرة ومختتنة. حري بكم وبنا أن نوجد علاجاً لهذا النقص الإجتماعي في بيئتنا. وقد عرفتم السبب فعليكم بالعلاج" 118.
وكما طرح موضوع أثر ختان الإناث على العلاقة الجنسيّة، طرح كذلك موضوع مط البظر والشفرين كما تمارسه بعض القبائل. وقد ذكر كاتب إفريقي أن هذه العادة لا تترك أي أثر نفسي أو إجتماعي سلبي، لا بل إنها تساعد على زيادة اللذّة عند كل من الرجل والمرأة وتحمي المرأة من البرود الجنسي. كما أنها تجنّب المرأة خطر تحويلها إلى آلة إنجاب فقط. وعليه فإن هذه العادة هي عامل إتّزان نفسي وجنسي للمرأة وعامل تماسك بين الزوجين 119. لكن ممّا لا شك فيه هو أن هذه العادة إذا فرضت في الصغر تعتبر تدخّلاً في الحرّية الشخصيّة وخرقاً للحق في تقرير المصير الجنسي.
هوامش :
1- Philon : De specialibus legibus, I-II, p. 17
2- Philon : Questiones et solutiones in Genesim, III-VI, p. 107
3- الملحق 25 في آخر الكتاب.
4- Barth (editor) : Berit Mila, p. 124-125
5- إبن العسّال، جزء 2، ص 418-421.
6- Thomas d’Aquin, vol. 4, p. 524 et 525
7- أنظر الملحق 1 في آخر الكتاب.
8- المنّاوي : فيض القدير، جزء 3، ص 503.
9- Sorrells, p. 336
10- Fleiss : Where is my foreskin ?, p. 41; Cold; Taylor : The prepuce, p.1 and 37-38; Laumann, p. 1052-1057
11- Ritter, p. 12-4, 15-1; Romberg : Circumcision, p. 173; Warren : Norm UK, p. 89; Zwang : Functional and erotic consequences, p. 71; O’Hara; O’Hara, p. 79-84; Hammond : A preliminary poll, p. 87
12- Ritter, p. 15-1
13- Hammond : A preliminary poll, p. 85, 88; Ritter, p. 17-1
14- Romberg : Circumcision, p. 171
15- Ritter, p. 27-1
16- Hammond : A preliminary poll, p. 86, 88
17- Money; Davison, p. 291
18- Goldman : Circumcision the hidden trauma, p. 39-40; Boyd, p. 111-112; Romberg : Circumcision, p. 172-173
19- Zoossmann-Diskin; Blustein : p. 344; أنظر أيضاً Hecht : The cutting edge, p. 14-15
20- رمضان، ص 67.
21- مقدّمة كتاب إبن عساكر : تبيين الإمتنان، ص 12.
22- Wallerstein : Circumcision : an American health fallacy, p. 115-116
23- Vatsyayana : Kamasutra, p. 37
24- Wallerstein : Circumcision : an American health fallacy, p. 116-118; Ritter, p. 30-1
25- Wallerstein : Circumcision : an American health fallacy, p. 118-121
26- Zwang : Functional and erotic consequences, p. 74
27- O’Hara; O’Hara, p. 79-84
28- intact-l@cirp.orgMessage from lbisque@atlantic.net, 16. June 1999, sent to
29- أنظر الجزء الثاني، القسم الثالث، الفصل السابع، الرقم 5).
30- Wallerstein : Circumcision : an American health fallacy, p. 59-60
31- Romberg : Circumcision, p. 174-175
32- Kenyatta, p. 127
33- أنظر الجزء الثاني، القسم الثالث، الفصل الثاني، الرقم 2)، حرف ط).
34- الجاحظ : كتاب الحيوان، جزء 7، ص 27-29.
35- أنظر مثلاً النزوي : المصنّف، مجلّد 1، ص 40.
36- إبن تيمية : فقه الطهارة، ص 69.
37- إبن تيمية : فتاوى النساء، ص 17.
38- أنظر الملحق 1 في آخر الكتاب. ويعيد علينا مؤلّف حديث هذا الكلام. الجمل، ص 15.
39- الباجي : كتاب المنتقى، جـ 7، ص 232.
40- السعداوي : المرأة والجنس، ص 29-30.
41- مهران، ص 63.
42- الحديدي، ص 68. أنظر أيضاً عمّار، ص 51-52.
43- Zwang : Functional and erotic consequences, p. 70-71
44- Zwang : Les mutilations sexuelles féminines, p. 25
45- أنظر الملحق 7 في آخر الكتاب.
46- السكّري ص 36. أنظر أيضاً السيّد، مقدّمة كتاب إبن عساكر : تبيين الإمتنان، ص 31؛ السيّد : حكم ختان النساء، ص 34-35.
47- Wallerstein : Circumcision : an American health fallacy, p. 186-187
48- Wallerstein : Circumcision : an American health fallacy, p. 177-178
49- Rathmann : Female circumcision, p. 115-120
50- Wollman : Female Circumcision
51- Burt : Surgery of Love
52- Wallerstein : Circumcision : an American health fallacy, p. 188-190; Hodges : A short history, p. 32
53- Kellison : Circumcision for women
54- Kellison : 100$ Surgery
55- Walden : Letter to the Editor
56- Isenberg; Elting : A guide to sexual surgery أنظر للتفاصيل Wallerstein : Circumcision : an American health fallacy, p. 183-184
57- Wallerstein : Circumcision : an American health fallacy, p. 183-185
58-
www.circlist.org/canatomyfemale.html
59-
60- Kamara
61- Assaad : Female circumcision in Egypt, p. 24; أنظر أيضاً Giorgis, p. 31-33
62- Lightfoot-Klein : Prisoners, p. 80-81
63- El-Dareer, p. 48
64- Lightfoot-Klein : Prisoners, p. 83-87
65- Couchard, p. 147-148
66- Kamara
67- Couchard, p. 145
68- Lightfoot-Klein : Prisoners, p. 91-93
69- Lightfoot-Klein : Prisoners, p. 23, 87-90. أنظر كذلك في الصومال Gallo; Viviani : Il ruolo dell’olfatto
70- Lightfoot-Klein : Prisoners, p. 8, 78, 119-121
71- Female genital mutilation : an overview, p. 35
72- الغوّابي، ص 55.
73- النفزاوي، ص 167.
74- Sanderson, p. 52
75- Rapport du séminaire régional sur les pratiques traditionnelles, Addis Abeba, 1987, p. 101
76- الممارسات التقليديّة، ص 23.
77- Koso-Thomas : The circumcision, p. 8-9, 11
78- Ombolo, p. 101-102
79- Lightfoot-Klein : Prisoners, p. 58-59
80- Lightfoot-Klein : Prisoners, p. 60, 98
81- Lightfoot-Klein : Prisoners, p. 104-105, 125
82- Goldman : Circumcision the hidden trauma, p. 142
83- أنظر الملحق 24 في آخر الكتاب.
84- أمين : قاموس العادات، ص 188.
85- الحديدي، ص 69-70.
86- عمّار، ص 52. أنظر أيضاً مهران، ص 63؛ الفنجري، ص 16 و21-22؛ El-Masry, p. 56-59
87- El-Masry, p. 31
88- الغوّابي، ص 56-57.
89- السيّد : حكم ختان النساء، ص 48 و68 و70.
90- Wallerstein : Circumcision : an American health fallacy, p. 33
91- Wallerstein : Circumcision : an American health fallacy, p. 195-196
92- Romberg : Circumcision, p. 175-177
93- Goldman : Circumcision the hidden trauma, p. 144
94- Goldman : Circumcision the hidden trauma, p. 39
95- Cold; Taylor : The prepuce, p. 1; Laumann, p. 1052-1057; O’Hara; O’Hara, p. 79-84
96- Favazza, p. 219
97- Bigelow, p. 52-53
98- Boyd, p. 90
99- Boyd, p. 141
100- Wallerstein : Circumcision : an American health fallacy, p. 190
101- Abd-el-Salam : Female sexuality, p. 75
102- المنتخب من السُنّة، مجلّد 3، ص 97، هامش 1.
103- رمضان، ص 53.
104- Goldman : Circumcision the hidden trauma, p. 144-148
105- O’Hara; O’Hara, p. 82
106- Immerman; Mackey : A proposed relationship, p. 369-373
107- Immerman; Mackey : A proposed relationship, p. 371-372
108- Immerman; Mackey : A proposed relationship, p. 374; see also Immerman; Mackey : A biocultural analysis, p. 265-275
109- Aldeeb Abu-Sahlieh : To mutilate, p. 593
110- الغوّابي، ص 56-57.
111- مهران، ص 63.
112- عبد السلام : التشويه، ص 17-18؛ عبد السلام ؛ حلمي : مفاهيم جديدة، ص 79. أنظر أيضاً رزق، ص 34؛ الفنجري، ص 15-16 و23-24.
113- Koso-Thomas : Aperçu, p. 120
114- Koso-Thomas : The circumcision, p. 11
115- Lightfoot-Klein : Prisoners, p. 95-96, 101
116- Rapport du séminaire régional sur les pratiques traditionnelles, Addis Abeba, 1987, p. 108; Female genital mutilation : an overview, p. 8
117- Lightfoot-Klein : Prisoners, p. 7
118- الحديدي، ص 68-69.
119- Ombolo, p. 153