Array
الجزيرة كانت بمثابة حجر ضخم ألقى فى بحيرة راكدة ومتعفنة ونقطة تحول فى الإعلام العربى[/quote]
neutral (f)
نعم. ما أسلفته في الإقتباس عاليه صحيح تماما. و تشترك في ذلك أحجارا أخرى منها الأكبر و الأصغر - من الإنترنت للفضائيات وصولا للكتب المدرسية.
بداية و حتى نتأكد من توحيد مفاهيم و مصطلحات الحوار أحب أن أوضح بعض النقاط:
(*) مصطلح "الفوضى" تم إستخدامه في هذا الحديث فارغا من أي مدح أو قدح. فالفوضى هي حالة السيولة و إنعدام إتزان قديم - لم يعد من الممكن إستمراره - لصالح إعادة ترتيب لوضع جديد. فالحالة من فقدان بنيات المجتمع المعرفية و الأخلاقية القديمة غير القابلة للإستمرار حتى تبني بنيات أخرى هي ما عنيته بالفوضى. و هذا بغض النظر عن مظاهر تلك الفوضى - دموية كانت أم سلمية و بغض النظر كذلك عن إنطباعنا الذهني على المصطلح (و هو سئ غالبا).
تباعا فما عنيته ب "الفوضى" في هذا الموضوع يساوي تماما ما عنيته أنت "بتحريك الماء في بحريرة راكدة و متعفنة" فتلك البحيرة تمثل بنيات المجتمع المهترئة و ذلك العفن هو نتيجة قرون من الركود.
و تباعا أيضا - فالجزيرة - شاءت أم أبت - هي من أدوات و محركات الفوضى إن لم تكن من أكبرها و هذا لطبيعة إنتشارها. و هذا بغض النظر تماما عن تعمدها ذلك من عدمه كونها متآمرة من عدمه - حيث لن يحدث ذلك أي فرق في موضوع حديثنا - بل و لن نبالغ إن قررنا أن غرض وأو هدف أي من اللاعبين في وضع السيولة الحالي قد يكون جد مخيب لآماله. فالكل قد يستخدم تكتيكات من شأنها تدمير أهدافه النهائية.
و الجزيرة في ذلك ليست اللاعب الوحيد - أو الحجر الوحيد الذي ينهمر على تلك البحيرة الأسنة - فمن باقي الفضائيات و منها ما قد تفضلتم بذكره إلى الإنترنت إلى الحكومات المحلية و صولا للولايات المتحدة بل و حتى كتب الفيزياء و العلوم الإجتماعية وصولا للأداب و الفنون.
و كما قد تلاحظ فمن اللاعبين من هو مغرض علني - يلعب بنية معلنة من دفع أو تعجيل الفوضى - مثل الولايات المتحدة و بعضا من منابرها الإعلامية - و منه من ليس له هدف محدد و لكنه يساهم بنفس القدر - و منه المحايد التام مثل كتب العلوم و الإنسانيات - بل و الأغرب منهم من يأتي هدفه النهائي معاكسا تماما - و لكنه و للغرابة يساهم بنفس القدر إن لم يكن أكثر في تعجيل الفوضى و منها إن لم أكن مخطئا - مجموعة الجزيرة.
-
فعلى مستوى مباشر (السياسي): تعمل الجزيرة بكل جهد - كما تفضلتم بذكره - على فضح أغلب الأنظمة العربية الديكتاتورية و تعرية ممارساتها القمعية في سبيل أهداف - حتى بالنسبة للعلمانيين - هي سامية مثل الديموقراطية و الحرية و الشفافية و حقوق الإنسان .. إلخ. إلا أنه و للمفارقة الغريبة فذلك الجهد التكتيكي المنظم لخلخلة تلك الأنظمة الفاسدة - و فاقدة الشرعية أصلا - لن يصل بالمنطقة سوى لتقويض الأهداف النهائية لنفس القناة.
و هو ما يعود بنا لمفارقة أخلاقية غير محلولة. فلا يوجد بعد تلك الأنظمة الفاسدة فاقدة الشرعية سوى الحكم الثيوقراطي. و لك أن تتخيل إنتخابات جد حرة و نزيهة تجري بمصر غدا صباحا = حكم الإخوان = تدمير كافة القوى الديمقراطية و العلمانية و التنويرية.
و هذا بالإضافة لما قد تلاحظونه فمجموعة الجزيرة ليست ضد أي من التنظيمات الدينية الأصولية الإسلامية - بل و ربما بما فيها القاعدة نفسها. و هو عود لنفس المأزق الأخلاقي و المفصل في مقدمة هذا الشريط (
أنقر هنا).
-
أما على المستوى غير المباشر: فنشر و العمل على تثبيت قيم مثل الديموقراطية و حقوق الإنسان في ناهيك عن التنوير العلمي كما في الوثائقية يعود في نهاية الأمر ليصطدم بشدة - و على المدى الأبعد بكافة بنيات المجتمع المتعمدة.
(*) أما "التناقض" في آداء مجموعة الجزيرة فواضح على عدة مستويات:
- التناقض على المستوى السياسي الأخلاقي: و هو كما سبق ذكره في الدعوى لكل من قيم مثل حقوق الإنسان و الديموقراطية - جنبا لجنب مع إتجاهات إسلامية واضحة. و بالرغم مما قد يبدوا من توافق ظاهري إلا أنه لابد أن يفضي لموقف (أن أتبع تكتيكات من شأنها تدمير هدفي - أو على العكس - أتبنى تكتيكات لا أؤمن بها لتحقيق هدفي).
- و على مستوى أعمق: فلو قارنت قناة مثل الجزيرة الوثائقية مع أخرى مثل Discovery فالأخيرة ذات خط علمي ثابت و واضح - على عكس ما سوف تلاحظه في الثانية - فبجانب البرامج ذات الطابع العلمي الصرف (المستوردة من الأولى و أخواتها) ستجد أخرى ذات صبغة إسلامية (كمثال نحو النور عن نساء غربيات أسلمت) و الأمثلة كثيرة.
و في النهاية أتفق معك تماما - الجزيرة على المستويات التقنية و المهنية - هي نقلة هائلة إعلاميا. لكن و للأسباب عاليه فهي على مستوى المحتوى مرآة لما يعيشه واقعنا من تناقض و فوضى - مظهر من مظاهره أكثر منه آداة. و كما قد أسلفت للزميل القرامطي:
Arrayأتفق معك في كل ما قد أسلفته عن قناة الجزيرة. فهي مثال حي على التناقض و العقم و الفوضى.
لكن هل قناة الجزيرة هي أداة لخلق الفوضى أم هي نتيجة و مظهر متقدم من مظاهر الفوضى الموجودة فعلا؟
هل هي مدفوعة و مقادة بواسطة قوى لغرض خلق أو التعجيل بوضع الفوضى أم هي مجرد مثال صارخ على التناقض الذي هو منتج أولي للفوضى؟
أم أنها يمكن أن تكون جميع الإحتمالات السابقة متحدة في دائرة لا متناهية من الفعل و رد الفعل - و هو ما أرجحه شخصيا. فهي فاعل و نتيجة بنفس الوقت.[/quote]
نحن لسنا بصدد توجيه الإتهام للجزيرة أو الدفاع عنها. فواقع الأمر أن الفوضى هي حالة نحن على أعتابها مرغمين و ليست شيئا ما يمكن توليده أو حتى تفاديه. قوى طبيعية مثل زمن الإنتقال من حالة مادية لأخرى - لا نستطيع إيقافها و جل ما نرجوه أن نستطيع التعامل مع نتائجها و ليس معها.
كل التقدير و الإحترام ,,,