لاأخلاقية العقوبات الدينية
العقوبة هي فعل بالإرتباط مع جريمة يهدف الى الردع او الاصلاح او الثأر والانتقام. والعقوبات الشرعية هي العقوبات التي اقترحها الله شخصياً لردع القيام بجريمة محددة او لردع تكرار القيام بها. والجريمة هي الفعل الذي يخرق اعراف وتقاليد او ثوابت وقواعد وضعها المجتمع، في حين الجريمة الشرعية هي التي تخرق الحدود التي وضعها الله او وكلائه. تنقسم العقوبة في الشريعة الى الحد والتعزير، فالحد عقوبة انزلها الله شخصيا لخرق قاعدة إلهية ثابتة، في حين التعزير يترك امره لوكيل الله. وتتميز عقوبات الحد الالهية بأنها تهدف الى الردع والانتقام وليس الاصلاح، وهي وان كان من الممكن فهم وظيفتها في عصر بدايات الدعوة لبث الرعب والخضوع فهي لم يعد لها معنى اليوم، كما انها من الشدة والوحشية الى درجة يتحرج منها اصحابها أنفسهم.
![[صورة: Tehran-stoning.jpg]](http://www.thereligionofpeace.com/index_files/Tehran-stoning.jpg)
رجم امرأة بتهمة الزنى في ايران
العقوبات ليست سمة من سمات الانظمة الاسلامية وحدها، بل هي سمة من سمات جميع الانظمة السياسية، بغض النظر عن مضمونها: ديمقراطي علماني، ام شمولي علماني ام ديكتاتوري او ديكتاتورية دينية، وقد عرف الانسان العقوبات منذ نشوء الملكية والبنية الهرمية للمجتمعات. حتى اليوم لازال بإمكاننا النظر الى المجتمعات البدائية التي لايوجد فيها ملكية لنرى انها تفتقد الى الجريمة وبالتالي الى القوانين، فبدون ملكية وتمييز في الحقوق والواجبات لاتنشأ المفاهيم الاخلاقية وبالتالي لاتوجد الحاجة الى خرقها، الحاجة الى العقوبات كانت لغرض فرض ملكية الارض وقمع فطرة المشاعية. ونظام العقوبات تطور مع تطور مفهوم الدولة ونظرتها الى الانسان والجريمة. ففي المجتمعات القديمة كانت العقوبة للردع او الثأر والانتقام في المجتمعات الحديثة المتطورة تهدف العقوبة لتكون وسيلة للردع والاصلاح، على اساس قواعد علم النفس الاجتماعي والسلوكي.
![[صورة: islam.jpg]](http://mj.barczyk.se/blog/wp-content/islam.jpg)
جلد فتاة تبلغ 22 سنة بتهمة الزنى في ايران
العقوبات يمكن ان يكون لها العديد من الاشكال والمستويات، مثلا الحكم بتفريق الزوجين لعدم تناسب الانساب، او رفض التوظيف بسبب عدم حفظ القرآن او القيام بالصلاة او إطالة اللحية بل وحتى بسبب ممارسة الكيمياء، او الحكم بجلد الشباب بسبب التحرش او التشبه بالنساء، او الحكم بقطع الكف والقدم عن خلاف، بسبب نشر الفساد وهو مفهوم واسع يمكن لكل قاضي ان يضع فيه مايرغب، او الرجم بسبب الزنى بمافيه حتى الموت او الشنق بسبب ممارسة المثلية. وبالرغم من ان جميع هذه لعقوبات تجري بإسم الدين ومن اجله وفي اطار الدولة الدينية، فأن العقوبات ليست جميعها صادرة مباشرة عن الله.
![[صورة: a243~s192x384.jpg]](http://www.iran-press-service.com/ips/bm~pix/a243~s192x384.jpg)
شنق فتاة عمرها 16 سنة بتهمة الزنى، في ايران
العقوبات الدينية تمس دائما علاقةالانسان بدينه من خلال تقديرات نخبة تفرض نفسها وصية ومركز للتقيم وفوق الانسان. وتختلف العقوبات الالهية والدينية عن العقوبات المدنية. تتميز العقوبات الالهية عن العقوبات المدنية في كون الاولى تنطلق من مصلحة السماء، وتهتم بالانتقام ولايهمها الاصلاح، كما ان العقوبة لاتتناسب مع الجريمة بالضرورة، إضافة الى انه من الصعب الطعن بالحكم او المطالبة بالاستئناف او الرحمة، فهي قطعية وغير قابلة للمراجعة، فمرجعيتها ممثلي السماء على الارض وهم ناطقين بالنيابة عن الله. ان لاتعير قوانين السماء اي اهتمام بإصلاح الفرد امر طبيعي اذا نظرنا اليه من زاوية المهمات التي كانت امام محمد، فهو كان يحتاج الى بناء "كتلة" جديدة ولم يكن لديه الوقت والمعرفة والامكانيات للاهتمام بالفرد على حدة . نجد ان اهم العقوبات الالهية التي يقرها القرآن هي الجلد وقطع الاطراف والقتل، حسب الايات التالية :
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ( المائدة 33)
ويقول: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى (البقرة 178).
وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس (المائدة 45)
"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة" النور الآية "2" "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبد"
والرجم الذي يعتبر جزء لايتجزء من ممارسة الانظمة الدينية، ليس مذكورا في القرآن الراهن، ولكن يتفق الفقهاء على انه آية نسخت قراءتها وبقيت ممارستها، وهو بذاته امر يثير الريب والشك.
![[صورة: Taliban%20Execution%20in%20Herat.jpg]](http://www.michaeltotten.com/archives/images/Taliban%20Execution%20in%20Herat.jpg)
تعليق المقتولين على الاعمدة في حكومة طالبان
في ايران والسعودية والسودان ودولة طالبان، تستخدم العقوبات الشرعية بشكلها الفج حتى اليوم، بالرغم من ان هذه الحكومات تتحرج من تطبيقها بحذافيرها، فأيران تقوم بقطع الاصبع عوضا عن قطع الكف، ولاتطبق قطع الكف والقدم عن خلاف، مع انها تقوم بشنق المثليين الجنسيين وترجم الزانية والزاني حتى ولو كانوا غير متزوجين وقاصرين.
![[صورة: Gays%20Executed%20in%20Iran.jpg]](http://www.michaeltotten.com/archives/images/Gays%20Executed%20in%20Iran.jpg)
شنق المثليين جنسيا في ايران
السعودية توقفت عن تنفيذ حد الرجم وقطع الكف والقدم عن خلاف، او حتى قطع الكف، ولكنها لازالت تقيم حد القتل والجلد بما فيه الجلد تعزيرا عدد من الجلدات يتجاوز عدد جلدات الحدود. في دولة طالبان البائدة كانوا يتجرؤن على تنفيذ الحدود بكاملها بمافيها قطع الاطراف من خلاف وقتل النساء بالرصاص بتهمة الزنى، على الاغلب لحاجتهم الماسة الى بث الذعر والخوف في القلوب لفرض سيطرتهم وقطع دابر المعارضة. اضافة الى ذلك، نجد ان عقوبة التعذير تكون قاسية لاتنسجم حتى مع شدة الحدود ناهيك عن الجريمة، فأيران تقوم بشنق المثليين الجنسيين، في حين تصل العقوبة في السعودية الى الجلد 7000 جلدة (على مراحل) والى السجن حتى انتهاء عقوبة الجلد، في حين ان حد الزنى لايتجاوز المئة جلدة، ومع شدة هذه العقوبات الى درجة السعار الوحشي نجد ان هذه الانظمة نجحت فقط في اخفاء حجم المشكلة لاغير، وهذا بالذات مايتطابق مع الايديولوجية الاسلامية التي تقول انما الاسلام ماظهر، فهذه القوانين لاتسعى إلا الى تجميل المظهر، ليتمكن احمد نجادي وامثاله من المعتوهين من الادعاء علنا والابتسامة الباهتة على شفتيه بأنه لايوجد مثليين في ايران فهو لم يلتقي بهم، حسب قوله..
![[صورة: hands-cut-280X375.jpg]](http://www.sedmoykanal.com/data/pics/hands-cut-280X375.jpg)
قطع الكف والقدم عن خلاف في دولة طالبان البائدة.
العقوبات الالهية على شدتها لم تقضي على الجريمة وليس هناك مايدل على ان معدلات الجريمة في دول الشريعة اخفض مما في الدول الاخرى. وحتى عندما يتعلق الامر بالجرائم الاخلاقية نجد ان معدلاتها اعلى من بقية الدول التي لاتتبع تشريعا إلهياً. وبالرغم من ان دول علمانية مثل الصين وديمقراطية .مثل الولايات المتحدة الامريكية هي التي لديها اعلى الارقام في تطبيق عقوبات الاعدام، الامر الذي يدينه العالم ويعتبره قتل غير مبرر، فيجب الانتباه الى ان هذه الدول لاتنفذ عملية الاعدام بإسم الله وبإعتبارها من تعاليمه، وانما تقوم بها ضمن قوانين بشرية قابلة للخطأ والصواب ولاتدعي الكمال. هذا الامر لاتحظى به تطبيقات الشريعة، فهي تجري بإسم الله، وهو الذي يتحمل مسؤوليتها ومسؤولية حصول الخطأ فيها.
![[صورة: female_beheaded.jpg]](http://www.homelandsecurityus.net/female_beheaded.jpg)
قطع الرأس لفتاة شابة
كما دول " الشريعة" لاتملك اي فكرة عن مقدار تأثير العقوبات القاسية على حجم انتشار الشذوذ الجنسي ونكاح المحارم والاعتداء الجنسي على الاطفال، إضافة الى ذلك فأن مثل هذه العقوبات تخلق مشاكل اضافية للمجتمع في شكل ضخ معوقين اليه، ولاتعير الاصلاح النفسي والتربوي والاجتماعي اي اهمية. انها عقوبات ممتلئة بالثأر والانتقام الامر الذي يطعن في مصداقية الذات الالهية واخلاقها، وبالتالي اهليتها لخلق قوانين، كما يجعلها عبء على الانظمة التي تقوم بتطبيقها وتفقد الشريعة الاسلامية رونقها.