{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
لبعض الناس أكثر من إله واحد
Gkhawam غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 331
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #1
لبعض الناس أكثر من إله واحد
د. كامل النجار


في عام 1959 وَضعت بنت عمرها خمسة عشر عاماً، في تكساس بالولايات المتحدة، صبياً أسمته ديفيد. وكان هذا الصبي يعاني من عاهة ذهنية تُعرف ب "ديسليكسيا" Dyslexia تجعل من الصعب عليه قراءة الكلمة المكتوبة، فلم ينجح في دراسته وترك المدرسة عندما كان عمره خمسة عشر عاماً دون أن يتعلم الكثير. ولم يتسن لهذا الصبي معرفة والده، فسمى نفسه ديفيد كوريش David Koresh. و"كوريش" هي الكلمة العبرية لاسم الملك "سيرص" Cyrus مؤسس الإمبراطورية الفارسية، تيمناً بسيرص العظيم. وانضم هذا الصبي شبه الأمي في عام 1981 إلى مجموعة دينية تُعرف بالداوديين Davidians وأصبح رئيسهم المطاع. واستطاع أن يُقنع مجموعة كبيرة من رجال الأعمال وطالبات الجامعات بالانخراط في مجموعته وأصبحوا من أتباعه المخلصين الذين كانوا يقفون على نواصي الشوارع يجمعون التبرعات له. وقد استطاع هذا الرجل أن يقنع أتباعه بأنه ظل الله في الأرض، وصدقوه لدرجة أنهم كانوا يُحضرون فتاة قاصرة إلى غرفته كل ليلة ليجامعها ويصب في روحها البركة الإلهية. ووصلت بهم الحال لأن تتنافس النساء على قضاء الليلة معه بمباركة أزواجهن وآبائهن. وأخيراً أقنعهم بأن يحملوا السلاح في وجه الحكومة الأمريكية حتى يتمكنوا من دخول الجنة، ففعلوا ذلك في يوم 28 فبراير 1993 وتصدى لهم ال FBI فاحترق معسكرهم أثناء المعركة وماتوا جميعاً رجالاً وأطفالاً ونساء.
فما الذي جعل طالبات الجامعة ورجال الأعمال يتبعوا شاباً شبه أمي ويألهوه ويصدقوا كل كلمة قالها لهم رغم أنهم كانوا مسيحيين يعتقدون بالمسيح ابن الله الذي وهب نفسه لخلاصهم؟ إنها قوة الإيحاء عند القلة من الناس وقابلية تقّبل الإيحاء عند الأكثرية من الناس. وهذا هو سر نجاح الأنبياء. فجميع الأنبياء كانوا أميين لأن الكتابة لم تكن منتشرة وقت مجيئهم، واستطاعوا بقوة شخصياتهم وملكة الإيحاء أن يقنعوا الناس برسالاتهم.
ولم يقتصر مدعو النبوة في العصر الحديث على الأمريكان، فقد ظهر في موسكو مدعي النبوة غريغوري غرابوفوي، وكان قد ادعى القدرة على «إحياء الموتى» وشفاء المصابين أيّا كانت أمراضهم وعرض على أمهات أطفال مدرسة بيسان الذين قُتلوا عندما أخذهم إرهابيو الشيشان رهائن عندما احتلوا مدرستهم، إحياء أطفالهن. وقد ساعدت المخابرات الروسية أمهات بيسان في لقاء مدعى النبوة الذي كان قد حضر إلى موسكو ليعرض مساعدته عليهن لقاء 1000 يورو لإعادة موتاهم في كارثة المدرسة. وقد رشح غريغوري نفسه لرئاسة الدولة واشارت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الصادرة في مدينة سامارا الى ان غرابوفوي وعد ناخبيه في حال فوزه بالرئاسة بـ«تحريم الموت وحظر الانتقال الى العالم الآخر والعمل من اجل إعادة الحياة للموتى! (الشرق الأوسط، 25 سبتمبر 2005). ورغم سذاجة الادعاء فقد استطاع غريغوري أن يكوّن لنفسه عدداً كبيراً من الأتباع الذين آمنوا به.
وفي معرة النعمان بسوريا ادعى هيثم الأحمد النبوة وأصبح لديه أتباع يأتمرون بأوامره. وقد اعتقلت السلطات بعض أتباعه وأودعتهم السجن فاحتجزوا العميد مدير السجن وعددا من أفراد الشرطة بعد استيلائهم على بعض الأسلحة من الحرس، وقامت السلطات السورية بقطع الطرق المؤدية إلى مبنى السجن في المحافظة. والموقوفون متهمون بجرائم جنائية ، وقد تم إيقافهم نتيجة قيامهم بالعديد من المشاكل والصراعات والمشاجرات أسفرت عن 5 قتلى والعديد من الجرحى ، وأوضحت المصادر أنهم ُيطلق عليهم في أدلب "أتباع النبي هيثم" ، ويعرف عن هؤلاء الأتباع بأنهم يلتزمون بتوجيهاته ويقومون بكل ما يأمرهم به إلى درجة القتل ، وأضافت المصادر أن هيثم مسجون بتهمة التحريض على القتل لأنه دفع أتباعه مرارا إلى القيام بجرائم. وأكد الدكتور العريان أن حالة مدعي النبوة تثير الدهشة والقلق لان اتباعه يلتزمون بما يقوله إلى درجة القتل وارتكاب الجرائم وله تابعات من النساء أيضا يلتزمن بتعليماته (إيلاف 5 يوليو 2005). وهذا طبعاً ينطبق على كل أتباع الأنبياء، خاصة اليهودية والإسلام.
وفي عام 2002 ادعى سيد طلبة النبوة في مصر وكان موظفاً بهيئة الطاقة الذرية، وكان يعقد جلسات يدعي فيها تمتعه بقدرات خاصة تمكنه من شفاء المرضى، وطالب خلالها بنقل الكعبة إلى مصر. وكان مواظباً على الصلاة في مسجد قريب ودائم الاستماع للدروس الدينية، وفي أحد تلك الدروس قال الخطيب أن الإنسان المصاب بمرض معين في جسده عليه أن يغلق كفيه ويقرأ سورتي «الفلق» و«الناس» ويمسح على مكان الألم ليتم الشفاء. وشيئاً فشيئاً بدأ سيد طلبة يثق في قدراته أكثر وأكثر ويقتنع بأنه شخص اختصه الله بعطايا خاصة، وبدأ الناس من حوله يؤمنون بكراماته، لكن طلبة كان أكثر إيماناً منهم فبدأ يصارح من حوله أن الله أعطاه معجزة الشفاء بحق كلمة «كن فيكون» وأنه النبي الجديد لشفاء الناس بسر هذه الكلمة. وبدأ بالفعل في عقد الجلسات الروحانية لمريديه الذين كانوا يعتبرونه «شيخا صالحا». وعندما صارحهم بحكاية النبوة جادله البعض على اعتبار أن الرسول عليه الصلاة والسلام هو آخر الأنبياء، لكنه رد عليهم بالقول انه نبي أيضاً وان الله أرسله ليثبت رسالة محمد ويعيد أمة الإسلام إلى رشدها ويخلصها من الضلالة. (الشرق الأوسط 1 يوليو 2002)
وطلبة ليس مدعي النبوة الأول الذي يظهر في مصر، ففي كل فترة يظهر من يدعي النبوة في مصر وآخرهم كان خياطة بمنطقة التبين جنوب القاهرة العام الماضي، اسمها الشيخة منال. ولكن الأغرب من ادعاء النبوة هم المريدون الذين يقتنعون بهؤلاء الأنبياء، ففي العام قبل الماضي وصل عدد اتباع الشيخة منال إلى 250 شخصا وهي ادعت أن منزلها كعبة ومن دخله كمن أدى فريضة الحج، وادعت قدرتها على علاج الأمراض وقالت أن السيدة زينب تتجلى لها (الشرق الأوسط 1 يوليو 2002).
فإذا حدث هذا في القرن العشرين وما بعده في العالم الإسلامي، نستطيع أن نفهم كيف أوجد الأنبياء في القرون الماضية أتباعهم الذين قتلوا باسمهم وباسم الله. ولكن قبل أن تأتي فترة الأنبياء كان الناس يعبدون الأصنام لأنها شيء محسوس يستطيعون أن يروه ويلمسوه ويمكن له، كما تخيلوا أن يوصل دعواتهم إلى رب السماء. والمثل يقول "طائر بالكف خير من ألف طائر على الشجرة" فالشيء المحسوس أو المريء يعطي الإنسان طمأنينة أكثر مما تعطيه الغيبيات. وعندما جاء الإسلام وحطم النبي محمد أصنام القبائل العربية، كان يعلم أنها ما زالت في مخيلتهم الجماعية رمزاً للطمأنينة، وخاف أن يرجعوا إليها فحرّم عليهم التماثيل وزيارة القبور التي ما هي إلا نوع من عبادة الأسلاف التي سبقت ظهور الأصنام. ثم مات محمد وارتد العرب فأجبرهم أبو بكر على دخول حظيرة الإسلام بالقوة. ولكنهم دخلوا بأجسادهم وظلت قلوبهم تعبد الأصنام الجديدة في هيئة الحكام الذين نظموا فيهم الشعر وألهوهم:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار **** أحكم فأنت الواحد القهار
وظهرت مذاهب الصوفية والدراويش الذين اعتبروا ضرائح أوليائهم بمثابة الكعبة أو بيوت الله فصاروا يتجمهرون حولها في حلقات الذكر وضرب الدفوف والرقص إلى أن يرتفعوا بأنفسهم إلى حالة من الهستيريا لا تختلف كثيراً عن هستيريا الزار عند النساء العربيات. ومع مرور الزمن ازداد الارتباط الروحي بقبور الأولياء فبنوا عليها القباب وزينوها بالأعلام وطلوها بالذهب وراحوا يحجون إليها ويقبلون الجدار والأبواب، تماماً كما كانت القبائل العربية قبل الإسلام تحج إلى اللات والعزة وتقبلها وتتبرك بها وترمي العملات وقطع الذهب عند أقدامها إما تيمناً وإما لسداد نذر قد نذروه. وأصبح الله في ملكوته الأعلى بعيداً في عالم الغيبيات يصلون له خمس مرات في اليوم وهم شاردو الأذهان، في انتظار زيارة قبور الأولياء ليطلبوا منهم الشفاء من السقم أو نجاح الأولاد في الامتحانات أو لتتضرع لهم النساء إما لحدوث حمل أو لحدوث مكروه ما لضراتهن. وبالاختصار أصبحت قبور الأولياء هي المعبود الأول والنبي المعبود الثاني والله المعبود الثالث. فالقبور محسوسة ويستطيعون أن يروها ويلمسوها بينما النبي قد مات والله ما زال بعيداً
وقد برعت المذاهب الشيعية في تبجيل ورونقة قبور أئمتهم حتى أصبحت تضاهي الكعبة وصاروا يدعون الحسين وعلي أكثر مما يدعون الله. وقد أحزنني منظر رجلٍ وقور وملتحي وهو يجهش بالبكاء أمام بقايا ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري.والذي تهدم هو قبة الضريح أما القبور فلا أظنها قد أصابها مكروه، وعلى كلٍ فهي الآن قبور معنوية أكثر منها فعلية إذ أنها لا تحتوي إلا على بعض العظام أو لا شيء على الإطلاق "يحيي العظام وهي رميم." ولا بد أن الجهد الإنساني الذي بنى الضريح المنكوب يستطيع أن يبني أحسن منه في مكانه. فهل يستحق هذا المبني قتل أكثر من مائة وثلاثين مسلم سني لا دخل لهم في تفجير الضريح؟ وأين القرآن الذي يقول "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون" (الأنعام 151)؟ وماذا جنت مساجد السنة التي كان يعمرها المسلمون السنة "إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله" (التوبة 18). ويبدو أن الولاء الشيعي للأضرحة والأئمة أولاً ثم لرسول الله ثم لله أخيراً، فلا مانع من تدمير بيوته مقابل ضرائح الأئمة. فهل يختلف هذا البكاء على الأضرحة عن بكاء الشعراء الجاهليين على الأطلال التي كان الحبيب قد سكنها؟ أم يختلف عن ممارسات سكان جزيرة هيتي في المحيط الهادي حيث يمارس السكان سحر الفودو Voodoo ويغرزون الإبر في أجسام الدمي ويزعمون أن عدوك سوف يحس وخز الإبر في جسمه كلما وخزوا الدمية. فهؤلاء السكان البدائيون لديهم احتفال ديني يسمونه "يوم الموتى" يلبسون فيه أزهى ملابسهم ويسيرون في الكرنفالات ويغنون لموتاهم ويطلبون منهم المغفرة. فهل مسلمو اليوم أحسن حالاً من أهل هيتي؟

والشيعة لم ينفردوا بوضع الله في المرتبة الثالثة ففي مصر لو فجر أحدهم ضريح السيدة زينب لما بقيت كنيسة في البلاد، كأنما الكنائس لا تهم الله من قريب أو بعيد، ولما بقي مسجد شيعي. وسوف يحدث نفس الشيء لو فجر أحدهم أي ضريح في السودان أو المغرب أو كما حدث في إسلام أباد عندما فجر انتحاري قبر الإمام الشيعي سيد عبد اللطيف المعروف باسم باري إمام فنشبت الفتنة بين الأقلية الشيعية والأكثرية السنية ومات فيها الكثيرون ثمناً للقبر.
وإذا تركنا العالم الإسلامي وزرنا العالم الغربي حيث أصبح الدين أندر من اللحم الضاني في القاهرة، أصبح نجوم السينما والغناء هم المعبود الأول وربما عيسى المعبود الثاني وقت الأزمات الروحية أو الخوف ثم الله الذي لا يُذكر اسمه إلا وقت الاستغراب فنسمع Oh my God!. ولذلك عندما ماتت الأميرة ديانا رأينا الشبان والشابات ينتحبون بالطرقات العامة وأقدم بعضهم على الانتحار إذ لا معنى لحياتهم بدون معبودتهم ديانا. وفي أمريكا يحج آلاف الأشخاص من عدة أقطار غربية إلى منزل المغني المشهور الفس برسلي الذي مات من قبل سنوات عديدة، وما زال المعجبون يبكون عند زيارة منزله الذي أصبح متحفاً. وهم قطعاً لا يذكرون عيسى أو الله في أيام حجهم إلى متحف معبودهم الفس برسلي.

فهل يختلف العالم الإسلامي، خاصة الشيعي منه والصوفي عن الغرب في عبادة الأصنام الحديثة؟ وهل كان المسلمون صادقين مع ضمائرهم ومع الله عندما تظاهروا وحرقوا الكنائس في العراق وباكستان كتعبير عن غضبهم على الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد؟ وكيف كانت ستكون ردة الفعل في إيران والعراق وباكستان والبحرين واليمن والكويت لو كانت الصحيفة الدنماركية قد نشرت كاريكاتوراً يسيء إلى أحد الأئمة الشيعة. لا بد أن الملالي كانوا سوف يتسابقون على الإفتاء بهدر دم الرسام وتجنيد الانتحاريين الذين سوف يرسلونهم على وجه السرعة إلى الدنمارك لدكها وجعل عاليها سافلها.
إن الأمة الإسلامية حتماً أمة ما زالت تعبد الأصنام ولكن بأسماء تختلف عن اللات والعزة.

10-15-2007, 06:04 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أكثر من اعتذار لشعب البحرين, سارة عيسي الاعصار 4 796 10-07-2006, 03:49 PM
آخر رد: الاعصار

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS