10 على 10 في الإنشاء والتعبير
هذا المقال منقول عن موقع ما يسمى بالتجمع القومي في المشرق العربي
التابع لرفعت الأسد
شخصيا احتقر الجوز رفعت وخدام على حد سواء ، لكن لغة المقال وتعبيراته البلاغية والتشبيهات والاستعارة التي تتضمنها اعجبتني كثيرا بصرف النظر عن المضمون الذي لا يعنيني كثيرا ، ما يعنيني هنا هو لغة المقال و الكاتب الذي يستحق عشرة على عشرة في مادة الإنشاء والتعبير
كتب الدكتور : على عبد الفتاح أحمد
( المتحدث الرسمي باسم التجمع القومي في المشرق العربي )
بقدر ما قد تبدو شخصية السيد عبد الحليم خدام, واضحة, بقدر ما هي في حقيقتها معتمة, وبقدر ما قد تبدو سلسة, بقدر ما هي في حقيقتها متناقضة, ولهذا بقدر تحايلها لكي تكتسب ملامحها قبولا عند الرأي العام, هنا وهناك, بقدر ما تنتهي في عيون الآخرين ، مزيجا فريدا من القبح والازدواج والتناقض.
حتى لتكاد تسأل نفسك وكأنك بين الحلم واليقظة, كيف قدر لهذا المركب المدهش من الدمامة, أن يجتمع ظاهرا وباطنا, في اهاب شخصية واحدة. ليس عند عبد الحليم خدام سوي قدرة واحدة, قد تخرج منها مظاهر عدة لها, فهو موهبة عالية في الادعاء, وربما التمثيل, ولو أن مخرجا عبقريا اكتشفه مبكراً, لربما كان المنافس الأكبر لكوكبة النجوم السوريين الذين فرضوا حضورهم الأسر في الدراما العربية.
فهذا رجل لا تعرف في اللحظة ذاتها, إذا كان يمشي إلي الأمام أو إلي الوراء, وهذا رجل لا تدرك للوهلة الأولي ، ما إذا كان ينعس في سكونه, أو يسكن في نعاسه ، لكنك سرعان ما تكتشف أنك أمام مسحة زائفة من الكبرياء, استعان صاحبها بها, لتضفي علي دنوه, رفعة لا يدركها, وعلي سطحيته, عمقا لا يتوفر لها, وعلي جهله علما لا يدركه, رغم أنه يرش رزاز المعرفة, كما ترش مساحيق الألوان الاصطناعية, علي جلد اعتصره الجفاف, كي تخفي الأخاديد ، التي حفرتها معاول الزمن.
تستطيع أن تكتشف دالة الاصطناع, الذي هو صنعة الزيف والادعاء, عندما يتكلم, في رعشة خفيفة في زاوية فمه, وفي نبضة متسارعة تحت عينيه, وفي المسافة المعقودة بين حاجبيه, حيث يصعد أيسرهما إلي أعلي, وينزل أيمنهما إلي أدني, وكأن كلاً منهما قد ملٌ الأخر, أو كأنهما ملا معا, الجلوس علي مستوي واحد ، في وجه ينتفخ بالأكاذيب.
وإذا ما قدر لك بعد طول تأمل وحوار, أن تستخلص عصير الشخصية الخدامية في النهاية, فسوف يصدمك أن ما تساقط منها في داخلك, هو جهل يدعي العلم, وغباء يدعي الذكاء, ودنو يدعي الرفعة, وانحطاط يدعي الكرامة, وفقر روحي ونفسي يدعي الغني.
وربما تذهب بك الدهشة إلي حدود لا ضفاف لها, وأنت تتساءل مكروبا ومحزونا, كيف لهذه الشخصية, التي تقدم حالة سريريه تشريحية, لأهم العلل النفسية المعروفة في علم النفس الحديث, أن تجلس اقرب ما تكون إلي قمة السلطة في سوريا, علي امتداد كل هذه السنوات, وربما لن تجد في النهاية سوي إجابة واحدة ، لا سبيل إلي دحضها, وهو أن قدرته النابغة في الادعاء, هي التي أجلسته حيث كان, فقد كان ولاؤه الظاهر, يخطف الأبصار, بينما ولاؤه الحقيقي, لا يخرج عن حدود جسده, وبقدر ما كان يبدو في الصور التذكارية, منتفخ البدن, مشدود القامة, بقدر ما كانت قامته, علي امتداد هذه السنين الطوال, لا ترتفع كثيرا عن مستوي السجاجيد الحمراء, في أركان القصر الجمهوري.
تستطيع أن تطبق الدروس السابقة تطبيقا عمليا بعد ذلك, في تحليل الشخصية الخدامية, سواء من واقع كلماته, أو من واقع سلوكه, أو بالمقارنة المباشرة بين الكلمات والسلوك. وسوف تكتشف دون جهد كبير, أن التناقض هو الصفة الأساسية ، الدالة علي الادعاء والكذب والجهل, تناقض بين الكلمات وبعضها, في حدود الموقف الواحد, والخطاب الواحد, بل والجملة الواحدة, وتناقض واسع بين الكلمات والسلوك, عبارة عن هوة واسعة, تطبع السلوك بالشذوذ, وتحول الكلمات إلي حقل واسع من الأكاذيب, وتلخص الطبيعة الأصلية لجوهر الشخصية ، في تعبير واحد محدد هو: المؤامرة.
لا يتطلب التأكيد ضرب أمثلة, فهي شائعة ومكررة ومعروفة للقاصي والداني, ومع ذلك فإن المسافة بين كلمة المؤامرة, وبين كلمة الخيانة ليست بعيدة , فغالبا ما تلد أحداهما الأخرى. وحين يقدم خدام لمجلة الشراع اللبنانية، تقريرا مفصلا يصف
_ دون تكرار ما لا ينبغي تكراره _ حالة الحرب , وكيف يتصرف قائد الجيش الوطني عند وقوعها, فإن المشكلة ليست في حالة الحرب, فهي واقعة, ولا في لحظة الحرب, فهي قائمة, ولا في نية العدوان, فهي شاخصة, كما أن المشكلة ليست في أن تصرف قائد الجيش, في الحالة المماثلة, مكتمل الصحة والسلامة, أوليس كذلك, وبالضرورة ليس في قائد الجيش ذاته, ولكن في المؤامرة, أو قل في العقل الخدامي التآمري, الذي يعطي مع حالة الحرب, وفي لحظة الحرب, وفي مواجهة نية موفورة للعدوان, تقريرا تفصيليا ، عن نمط التصرف العسكري علي جبهة الدفاع السوري, أي أنه يطعم نية العدوان, خبز معرفة ساخن, يعينها علي أن تتحول إلي فعل.
إذا لم يكن هذا هو فعل الخيانة فماذا يكون, ألا يقطع ذلك الشك باليقين, في أن المسافة بين كلمة المؤامرة والخيانة, ليست بعيدة, وان أحداهما قابلة لأن تلد الأخرى. هل نحتاج إلي مزيد من الأمثلة الدالة, علي ازدواجية السلوك, وازدواجية القول والفعل, مع أنها جميعها تأتي تنويعات إيقاعية مختلفة علي لحن خدامي واحد, هو المؤامرة.
عندما يقول خدام أنه ظل طوال سنوات وجوده في السلطة, مقطوع الصلة بالسياسة الداخلية, موصول الدور بالسياسية الخارجية, فهل يمكن أن يصدقه احد, ويتوهم حتى بالتحليل النظري المجرد الذي لا تتوفر لديه الوقائع والمعلومات, إن هناك جبلا شاهقا, أو سورا عاليا, يفصل الحدود والتخوم, بين السياسة الخارجية والداخلية. إننا نستطيع أن نضرب عشرات الأمثلة, وان نقدم مئات الوقائع الدامغة, التي تنطق دون مواربة, بأن أكثر الأدوار سواء في قضايا الداخل السوري, كما في قضايا الخارج, حتى اليوم السابق لمغادرته سوريا, غير مأسوف عليه, كانت من صنع عقله المأزوم, وفكره المتآمر, ونزعة الخيانة المتأصلة فيه..
أمرا آخر يمكن أن يعكس كالعدسة اللامة, كل خصال النفاق والكذب والتآمر, والخداع والتطاول والعور الفكري, في نطفة عقله المريضة اللقيطة. إنه ارتداده إلي جاهلية أولي, لا علاقة لها بتعبير الحداثة الذي أصبح يزين به كالوردة, خرابة روحه, واعتلال نفسه. لقد تحدث عن العائلة, حديث الجاهلية الأولي, نتحدث نحن عن الشعب, وعن الأمة, فيوقف حديثه عن العائلة, ينفي العائلة عن نفسها, تنوعا وتعددا, وينفيها عن الشعب, تجانسا واندماجا.
ما هذه العودة الجاهلية إلي مكون العائلة, وكأنها نسيج واحد لا يختلف من شخص إلي آخر, ومن فرد إلي سواه.
لا مجال للاختلاف حول سوء خدام, ولكن هل يمكن أن تسقط سوءه الشخصي, علي عائلته, فتقول أنها عائلة سيئة, ليس فيها فرع جيد, أو صالح, أو نفر صادق, أو صالح, إذا قلنا ذلك, فإننا نتجاوز علي العلم والأخلاق والقيم, وعلي قاموس الخالق جل وعلا ، ولا نتجاوز أيضا علي الحقوق والواجبات فحسب ، وإنما نقدم دعوة علنية للنحر أو الانتحار, دعوة علنية, للذبح والنفي, تحت أسم الثأر من العائلة.
إن العائلة في تراثنا العربي, كما هي في التراث الإسلامي, مفردة أصيلة قائمة, بل هي في التاريخ الإنساني كله, علي النحو ذاته, فهي تمتد إلي أدم عليه السلام, وهي مفردة لم يتخلَ عنها النبي العربي, ولذلك ظلت جسرا موصولا بأرواح المؤمنين, وقيمهم النبيلة. ماذا يعرف هذا الخدام عن العلويين ليقذفهم بأحجار من سجيل؟! كيف يصنفهم في مجري النضال العربي الإسلامي, وقد كانوا جزءا قويا من ضفتي المجري, الذي حمي وزاد عن نهر العقيدة الإسلامية.
هل يعرف أن منهم سنة وشيعة, وأن بينهم أحنافا وحنابلة, هل يدرك جانبا من تراثهم الذي يعبر عن حقيقة نزوعهم ، إلي الخير وإلي المحبة والسلام. هؤلاء الذين قالوا وسيوف الظلم والاستبداد تقطر دما, لمن كان يلعب بشفتي الحسين مستخدماً حذاءه النجس: ويلك أتلعب بشفتين ، قبلهما رسول الله. كلمة العائلة ومفردة العائلة في حديث خدام, ليست سوي كلمة الجاهلية, بقدر كونها كلمة المؤامرة, التي يراد لها أن تلد انقساما, وصداما ودما . ماذا يقال لهذا الخدام في الختام أبدع من قول الله عز وجل:
" قل يا أيها الكافرون ، لا اعبد ما تعبدون ، ولا انتم عابدون ما أعبد ، ولا أنا عابد ما عبدتم ، ولا أنتم عابدون ما أعبد ، لكم دينكم ولي دين ".
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 10-18-2007, 02:40 PM بواسطة thunder75.)
|